حذر أطباء، تجار ومختصون من انتشار غير مسبوق لألبسة العيد المصنوعة من الألياف الصناعية والألوان الكيميائية، والتي من شأنها أن تتسبب في مضاعفات صحية خطيرة للأطفال، خاصة وأن مصنعي هذه الملابس يعتمدون على مواد أولية "رخيصة" سريعة التلف والتحلل، ويعمدون إلى تزيينها بألوان براقة لاستمالة الزبائن، حيث تستورد هذه الملابس من دول آسيوية على غرار الهند.. الصين وتايوان.
كشف الدكتور مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك أن 90 بالمائة من ألبسة العيد المعروضة في الأسواق خارج مجال الرقابة، وتحتوي على أضرار صحية بالغة، لاحتوائها على مواد كيميائية على شكل ألوان براقة وألياف صناعية سريعة التحلل، وهو ما أكده أيضا طبيب الأطفال البروفسور مصطفى خياطي الذي دعا الأولياء إلى ضرورة اختيار الألبسة المصنوعة من الألياف الطبيعية، والابتعاد قدر الإمكان عن الألبسة المصنوعة من الألياف الصناعية والألوان الكيميائية لأنها قد تتسبب في أضرار صحية على الأطفال على غرار الحساسية وأمراض جلدية، خاصة في فصل الصيف أين يتعرق الأطفال بكثرة وتتحلل هذه الألوان على الجسد.
دعا المختصون الأولياء إلى ضرورة الابتعاد نهائيا عن الألبسة التي لا تحمل قائمة المواد المصنعة ومجهولة جهة التصنيع، لأنها مصنوعة من طرف شركات "عشوائية" تعتمد على مواد أولية سريعة التلف ومصنوعة من المخلفات الكيميائية والبلاستيكية..
في هذا السياق، أكد صالح صويلح الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، في اتصال مع الشروق، أن أغلب السلع المستوردة من النوع الرفيع سوّقت في بداية شهر رمضان، وأن ما يعرض على الأرصفة من ملابس فهي رديئة هربت من طرف أصحاب"الشنطة" أو تم شراءها بدون فواتير من بارونات الحاويات، وهي مجهولة المصدر والتصنيع.
ومن جهته، قال الناطق باسم الاتحاد الحاج بولنوار إن فوضى عرض الملابس في الشارع وعلى الأرصفة أدى لإخراج التجار الشرعيين ملابسهم من المحلات وتعليقها أمام المدخل، حيث أرجع سبب التهاب أسعار الملابس، لتزامن شهر رمضان مع الصيف وما يليه من أعراس ومناسبات نجاح الأطفال، وعيد الفطر ثم الدخول المدرسي، وهذا أدى حسبه لارتفاع الطلب عن العرض، وأشار إلى أن نسبة الزيادة في أسعار الملابس مقارنة بالسنة الماضية وصلت لـ5بالمائة، خاصة وأن 80 بالمائة من الملابس مستوردة من الخارج ولا يوجد أي مخبر لتحليلها، مايجعلها تشكل خطرا.
ارتفاع الأسعار يدفع الأولياء إلى اختيار الألوان على حساب النوعية
من خلال الجولة الاستطلاعية التي قادت الشروق بعد الإفطار لبعض المحلات الخاصة ببيع الألبسة والمراكز التجارية والأسواق المغطاة، رصدنا التهافت الكبير من طرف الجزائريين أيام قبل العيد لاقتناء ملابس العيد، رغم أن أغلبهم قاموا بشرائها قبل حلول شهر رمضان، وهو ما أحدث عدم توازن بين العرض والطلب.
يقول أحد التجار بسوق الملابس المغطاة في حسين داي، إن أغلب الزبائن الذين يدخلون عنده لشراء ملابس العيد، لم يجدوا هذه الأيام ما يليق بهم وما يرغبون في شرائه، وهذا حسبه راجع لتسويق 60 بالمائة من الملابس الصنف الأول قبل بداية رمضان.
عبّرت سيدة كانت برفقة أبنائها الأربعة، عن تذمرها من التهاب أسعار ملابس الأطفال وعدم توفر مجالات الاختيار لقلة السلع في السوق، بعد أن تهافت عليها العائلات حتى قبل شهر رمضان.
قالت"لم أجد ما أبحث عنه من ملابس حسب ذوقي وذوق أبنائي وحسب المقاييس والألوان المطلوبة، الناس خطفوا كل ما هو من نوعية جيدة وأسعار معقولة، ولم يتركوا لنا إلا الرديء".
من جهته، أكد المدعو سليم موظف في شركة بالصحراء، أنه أخطأ في حسابه، فقد ألحت عليه زوجته قبل حلول شهر رمضان، بأن يشتري كسوة العيد لأبنائه، لكنه عارضها ورفض ظنا منه أن الأسعار ستنخفض في العشر الأواخر من الشهر وسيجد ما يبحث عنه من ألبسة، غير أنه تفاجأ بالتهاب أسعار ملابس الأطفال "لا يعقل أن تنورة بحجم الكف تباع بـ 5000 دج!".
اشتكى الكثيرون مثله من التهاب أسعار الملابس مع اقتراب العيد، حيث باتت كسوة الأطفال تتراوح بين 3000 دج ومليون سنتيم، في حين تتراوح أسعار ملابس الكبار في المحلات بين 2000 دج ومليون ونصف مليون سنتيم، وهي سلع لا تلبي طلبات وأذواق الزبائن.
تجار"الشنطة" يحتلون الأرصفة .. والزوالية أكثر زبائنهم
أمام هذا الارتفاع الرهيب في أسعار المنتوجات النسيجية، فضّل أصحاب الدخل الضعيف مسك العصا من النصف، من خلال إرضاء أبنائهم وعدم تفويت فرصة الفرحة بالعيد واقتناء ما يتناسب مع ما يتوفر لهم من مال، حيث غزى الباعة الفوضويين الأرصفة واحتلوا الجدران بملابس أغلبها من صنع صيني أو تركي، ومن نوعية رديئة حسب أغلب التجار الذين تقرّبت منهم الشروق خلال جولتها الليلية.
أسعار هذه الملابس تتراوح بين 1000دج و2500 دج.
قال لنا أحد الباعة إن الملابس التي بحوزته اشتراها من صاحب حاوية لاستيراد الملابس من الصين، وهي الصنف الثاني من خلال النوعية، وحسبه فإن سلعته لقيت رواجا وتمكن رفقة أصدقاء له من تسويق أطنان من هذه الملابس على الأرصفة.
ترى سيدة كانت تسأل عن أسعار ملابس الأطفال، أنه لا خيار للبسطاء من الجزائريين إلا اللجوء لمثل هذه السلع، تنهدت وأردفت قائلة "لم نعد قادرين على مواجهة مصاريف أبنائنا.. رمضان والعيد والأعراس والدخول المدرسي.. بزاف.. بزاف!".
منقــول