في حكم إجارة الثياب والحُلِيِّ للمناسبات
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإجارةُ الثيابِ المُباحةِ جائزةٌ، ويجوز ـ أيضًا ـ إجارةُ الحُلِيِّ مِنَ الذهب والفضَّة للنساء بأحَدِ النقدَيْنِ أو غيرِهما إذا كانَتِ المدَّةُ معلومةً والأجرُ معلومًا، وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ وأصحابِ الرأي وروايةٌ عن أحمد، والمشهورُ عن مالكٍ، اختارَهُ ابنُ القاسم(١)؛ عملًا بالأصل المقرَّرِ في الأشياءِ والأعيانِ المُنْتفَعِ بها بعد ورودِ الشرع وهو الإباحةُ والجواز، ولأنَّ الحُلِيَّ والثيابَ زينةٌ معدودةٌ مِنْ جملةِ المَقاصِدِ الأصليَّةِ التي أباحَها اللهُ للنساء؛ فهي أعيانٌ يُنْتفَعُ بها منفعةً مُباحةً مقصودةً مع بقاء أعيانها؛ فأَشْبَهَتْ سائرَ الإجاراتِ المُباحة.
قال ابنُ قدامة ـ رحمه الله ـ: «تجوز إجارةُ كُلِّ عَيْنٍ يمكن أَنْ يُنْتفَعَ بها مَنْفَعةً مُباحةً مع بقائها بحكمِ الأصل، كالأرض والدار، والعبدِ والبهيمة، والثيابِ والفساطيط(٢) والحبالِ والخيام والمَحامِلِ، والسَّرْجِ واللِّجام، والسَّيفِ والرُّمح، وأشباهِ ذلك، وقد ذَكَرْنا كثيرًا ممَّا تجوز إجارتُه في مَواضِعِه، وتجوز إجارةُ الحُلِيِّ، نصَّ عليه أحمدُ في روايةِ ابنه عبدِ الله، وبهذا قال الثوريُّ والشافعيُّ وإسحاقُ وأبو ثورٍ وأصحابُ الرأي»(٣).
هذا، وتَرِدُ شبهةُ المُخالِفِين لحكم جوازِ إجارة الحُلِيِّ مِنَ الذهب والفضَّة والثياب مِنْ زاويتين:
الأولى: أنَّ إجارة الحُلِيِّ بأجرةِ جِنْسِه كالذهب مع الذهب أو الفضَّةِ مع الفضَّة يُفْضي إلى الرِّبَا، إمَّا بالتأجيل وإمَّا بالنقص الحاصلِ بالاحتكاك حالَ الاستعمال؛ «فيذهبُ منها أجزاءٌ وإِنْ كانَتْ يسيرةً؛ فيحصلُ الأجرُ في مُقابَلتِها ومُقابَلةِ الانتفاعِ بها؛ فيُفْضي إلى بيعِ ذهبٍ بذهبٍ وشيءٍ آخَرَ»(٤).
قال النوويُّ ـ رحمه الله ـ: «ذَكَرَ الصَّيْمَرِيُّ ثمَّ الماورديُّ ومُتابِعوهما هنا أنَّ الأفضل إذا أَكْرَى حُلِيَّ ذهبٍ أو فضَّةٍ أَنْ لا يُكْرِيَهُ بجنسه، بل يُكْرِي الذهبَ بالفضَّةِ والفضَّةَ بالذهب، فلو أَكْرَى الذهبَ بالذهبِ أو الفضَّةَ بالفضَّةِ فوجهان: أحَدُهما: بطلانُه حَذَرًا مِنَ الرِّبَا، والصحيحُ: الجوازُ كسائر الإجارات، قال الماورديُّ: وقولُ الأوَّلِ باطلٌ؛ لأنَّ عَقْدَ الإجارةِ لا يدخله الرِّبَا؛ ولهذا يجوز إجارةُ حُلِيِّ الذهب بدَراهِمَ مُؤجَّلةٍ بإجماع المسلمين، ولو كان الرِّبا هنا مَدْخَلٌ لم يَجُزْ هذا»(٥).
وقال ابنُ قدامة ـ رحمه الله ـ: «وما ذَكَروهُ مِنْ نَقْصِها بالاحتكاك لا يصحُّ؛ لأنَّ ذلك يسيرٌ لا يُقابَلُ بعِوَضٍ، ولا يكاد يظهر في وزنٍ، ولو ظَهَرَ فالأجرُ في مُقابَلةِ الانتفاع لا في مُقابَلةِ الأجزاء؛ لأنَّ الأجر في الإجارة إنما هو عِوَضُ المنفعة كما في سائر المواضع، ولو كان في مُقابَلةِ الجزء الذاهب لَمَا جازَ إجارةُ أحَدِ النقدَيْنِ بالآخَر؛ لإفضائه إلى الفَرْقِ في مُعاوَضةِ أحَدِهما بالآخَرِ قبل القبض»(٦).
الثانية: كَرِهَ مالكٌ رحمه الله ـ في الرواية الثانية ـ أَخْذَ الأجرةِ على إجارةِ الحُلِيِّ والثيابِ؛ لأنهما بمَثابةِ الدلو والفأس وسائرِ الماعون الذي يَسْتخدمُهُ الناسُ ويمتهنونه؛ لذلك رأى مالكٌ ـ رحمه الله ـ أنَّه ليس مِنْ مَكارِمِ الأخلاق أَنْ يمنع مَنْ يحتاج إليهما؛ حذرًا مِنَ الوقوع في وعيدِ قوله تعالى: ﴿وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ ٧﴾ [الماعون]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَأَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرْجًا مَعْلُومًا»(٧).
لذلك قال مالكٌ ـ رحمه الله ـ: «لَسْتُ أراهُ بالحرام البيِّنِ، وليس كِراءُ الحُلِيِّ مِنْ أخلاق الناس، وأنا لا أرى به بأسًا»(٨).
ومِنْ مُنْطَلَقِ هذا النظرِ فإنَّ الظاهر أنَّ مالكًا ـ رحمه الله ـ لا يرى حُرْمةَ إجارةِ الثياب والحُلِيِّ، وإنَّما يَتحقَّقُ المعروفُ في إعارتهما لا في إجارتهما؛ لأنَّهم كانوا يَرَوْنَ زكاتَه أَنْ يُعارَ؛ ولذلك كَرِهَ أَنْ يُكْتَرَى(٩).
هذا، ولا تَعارُضَ بين حُكمِ جوازِ إجارةِ الحُلِيِّ والثيابِ مع حديثِ: «المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»(١٠)؛ لأنَّ الحديث يدلُّ على تحريمِ الكذبِ بادِّعاءِ ما ليس له مِنَ الفضائل، سواءٌ بالفعل أو بالقول؛ ذلك لأنَّ المُظْهِرَ للشِّبَعِ وهو جائعٌ كالمُزوِّرِ الكاذبِ المُتلبِّسِ بالباطل؛ فهو يكذب على نَفْسِه بأنه أُعْطِيَ ولم يُعْطَ، ويكذبُ على غيره بأنه أُعْطِيَ ما لم يُعْطَ؛ فثُنِّيَ الثوبانِ في تمثيله(١١).
ويدلُّ على حَمْلِه على التحذيرِ مِنَ الكذبِ وتحريمِه: سببُ ورودِ حديثِ عائشةَ رضي الله عنها: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: «يا رَسُولَ اللهِ، أَقُولُ: إِنَّ زَوْجِي أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِنِي؟»، فذَكَرَتِ الحديثَ، وفي حديثِ أسماءَ رضي الله عنها: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ مِنْ مَالِ زَوْجِي بِمَا لَمْ يُعْطِنِي؟»، فذَكَرَتِ الحديثَ، وهو كَذِبٌ.
ولا خلافَ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ في جوازِ إعارةِ الحُلِيِّ والثيابِ وغيرِهما مِنْ أنواع الزينة(١٢)؛ فلو كان الحديثُ يُعارِضُه لَامْتَنَعَتِ الإعارةُ أيضًا، و«اللَّازِمُ بَاطِلٌ وَالمَلْزُومُ مِثْلُهُ»؛ لذلك كانَتْ إجارةُ الحُلِيِّ والثيابِ جائزةً مِنْ غيرِ ادِّعاءِ مِلْكِيَّتِها؛ حذرًا مِنَ الكذب والتلبيس.
هذا، وإِنْ تَقَرَّرَ ـ أخيرًا ـ جوازُ استئجارِ الثياب والحُلِيِّ للمُناسَباتِ والأفراح والأعراس وغيرِها، إلَّا أنَّ الجديرَ التنبيهُ إلى وجوبِ مُراعاةِ الضوابطِ الشرعية للزينة بالثياب والحُلِيِّ وغيرِها، واستعمالُها في الأعراس والمُناسَباتِ الخاليةِ مِنَ المُخالَفاتِ الشرعية.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٥ شعبان ١٤٣٦ﻫ
المـوافق ﻟ: ٢٣ مـاي ٢٠١٥م
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإجارةُ الثيابِ المُباحةِ جائزةٌ، ويجوز ـ أيضًا ـ إجارةُ الحُلِيِّ مِنَ الذهب والفضَّة للنساء بأحَدِ النقدَيْنِ أو غيرِهما إذا كانَتِ المدَّةُ معلومةً والأجرُ معلومًا، وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ وأصحابِ الرأي وروايةٌ عن أحمد، والمشهورُ عن مالكٍ، اختارَهُ ابنُ القاسم(١)؛ عملًا بالأصل المقرَّرِ في الأشياءِ والأعيانِ المُنْتفَعِ بها بعد ورودِ الشرع وهو الإباحةُ والجواز، ولأنَّ الحُلِيَّ والثيابَ زينةٌ معدودةٌ مِنْ جملةِ المَقاصِدِ الأصليَّةِ التي أباحَها اللهُ للنساء؛ فهي أعيانٌ يُنْتفَعُ بها منفعةً مُباحةً مقصودةً مع بقاء أعيانها؛ فأَشْبَهَتْ سائرَ الإجاراتِ المُباحة.
قال ابنُ قدامة ـ رحمه الله ـ: «تجوز إجارةُ كُلِّ عَيْنٍ يمكن أَنْ يُنْتفَعَ بها مَنْفَعةً مُباحةً مع بقائها بحكمِ الأصل، كالأرض والدار، والعبدِ والبهيمة، والثيابِ والفساطيط(٢) والحبالِ والخيام والمَحامِلِ، والسَّرْجِ واللِّجام، والسَّيفِ والرُّمح، وأشباهِ ذلك، وقد ذَكَرْنا كثيرًا ممَّا تجوز إجارتُه في مَواضِعِه، وتجوز إجارةُ الحُلِيِّ، نصَّ عليه أحمدُ في روايةِ ابنه عبدِ الله، وبهذا قال الثوريُّ والشافعيُّ وإسحاقُ وأبو ثورٍ وأصحابُ الرأي»(٣).
هذا، وتَرِدُ شبهةُ المُخالِفِين لحكم جوازِ إجارة الحُلِيِّ مِنَ الذهب والفضَّة والثياب مِنْ زاويتين:
الأولى: أنَّ إجارة الحُلِيِّ بأجرةِ جِنْسِه كالذهب مع الذهب أو الفضَّةِ مع الفضَّة يُفْضي إلى الرِّبَا، إمَّا بالتأجيل وإمَّا بالنقص الحاصلِ بالاحتكاك حالَ الاستعمال؛ «فيذهبُ منها أجزاءٌ وإِنْ كانَتْ يسيرةً؛ فيحصلُ الأجرُ في مُقابَلتِها ومُقابَلةِ الانتفاعِ بها؛ فيُفْضي إلى بيعِ ذهبٍ بذهبٍ وشيءٍ آخَرَ»(٤).
قال النوويُّ ـ رحمه الله ـ: «ذَكَرَ الصَّيْمَرِيُّ ثمَّ الماورديُّ ومُتابِعوهما هنا أنَّ الأفضل إذا أَكْرَى حُلِيَّ ذهبٍ أو فضَّةٍ أَنْ لا يُكْرِيَهُ بجنسه، بل يُكْرِي الذهبَ بالفضَّةِ والفضَّةَ بالذهب، فلو أَكْرَى الذهبَ بالذهبِ أو الفضَّةَ بالفضَّةِ فوجهان: أحَدُهما: بطلانُه حَذَرًا مِنَ الرِّبَا، والصحيحُ: الجوازُ كسائر الإجارات، قال الماورديُّ: وقولُ الأوَّلِ باطلٌ؛ لأنَّ عَقْدَ الإجارةِ لا يدخله الرِّبَا؛ ولهذا يجوز إجارةُ حُلِيِّ الذهب بدَراهِمَ مُؤجَّلةٍ بإجماع المسلمين، ولو كان الرِّبا هنا مَدْخَلٌ لم يَجُزْ هذا»(٥).
وقال ابنُ قدامة ـ رحمه الله ـ: «وما ذَكَروهُ مِنْ نَقْصِها بالاحتكاك لا يصحُّ؛ لأنَّ ذلك يسيرٌ لا يُقابَلُ بعِوَضٍ، ولا يكاد يظهر في وزنٍ، ولو ظَهَرَ فالأجرُ في مُقابَلةِ الانتفاع لا في مُقابَلةِ الأجزاء؛ لأنَّ الأجر في الإجارة إنما هو عِوَضُ المنفعة كما في سائر المواضع، ولو كان في مُقابَلةِ الجزء الذاهب لَمَا جازَ إجارةُ أحَدِ النقدَيْنِ بالآخَر؛ لإفضائه إلى الفَرْقِ في مُعاوَضةِ أحَدِهما بالآخَرِ قبل القبض»(٦).
الثانية: كَرِهَ مالكٌ رحمه الله ـ في الرواية الثانية ـ أَخْذَ الأجرةِ على إجارةِ الحُلِيِّ والثيابِ؛ لأنهما بمَثابةِ الدلو والفأس وسائرِ الماعون الذي يَسْتخدمُهُ الناسُ ويمتهنونه؛ لذلك رأى مالكٌ ـ رحمه الله ـ أنَّه ليس مِنْ مَكارِمِ الأخلاق أَنْ يمنع مَنْ يحتاج إليهما؛ حذرًا مِنَ الوقوع في وعيدِ قوله تعالى: ﴿وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ ٧﴾ [الماعون]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَأَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرْجًا مَعْلُومًا»(٧).
لذلك قال مالكٌ ـ رحمه الله ـ: «لَسْتُ أراهُ بالحرام البيِّنِ، وليس كِراءُ الحُلِيِّ مِنْ أخلاق الناس، وأنا لا أرى به بأسًا»(٨).
ومِنْ مُنْطَلَقِ هذا النظرِ فإنَّ الظاهر أنَّ مالكًا ـ رحمه الله ـ لا يرى حُرْمةَ إجارةِ الثياب والحُلِيِّ، وإنَّما يَتحقَّقُ المعروفُ في إعارتهما لا في إجارتهما؛ لأنَّهم كانوا يَرَوْنَ زكاتَه أَنْ يُعارَ؛ ولذلك كَرِهَ أَنْ يُكْتَرَى(٩).
هذا، ولا تَعارُضَ بين حُكمِ جوازِ إجارةِ الحُلِيِّ والثيابِ مع حديثِ: «المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»(١٠)؛ لأنَّ الحديث يدلُّ على تحريمِ الكذبِ بادِّعاءِ ما ليس له مِنَ الفضائل، سواءٌ بالفعل أو بالقول؛ ذلك لأنَّ المُظْهِرَ للشِّبَعِ وهو جائعٌ كالمُزوِّرِ الكاذبِ المُتلبِّسِ بالباطل؛ فهو يكذب على نَفْسِه بأنه أُعْطِيَ ولم يُعْطَ، ويكذبُ على غيره بأنه أُعْطِيَ ما لم يُعْطَ؛ فثُنِّيَ الثوبانِ في تمثيله(١١).
ويدلُّ على حَمْلِه على التحذيرِ مِنَ الكذبِ وتحريمِه: سببُ ورودِ حديثِ عائشةَ رضي الله عنها: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: «يا رَسُولَ اللهِ، أَقُولُ: إِنَّ زَوْجِي أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِنِي؟»، فذَكَرَتِ الحديثَ، وفي حديثِ أسماءَ رضي الله عنها: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ مِنْ مَالِ زَوْجِي بِمَا لَمْ يُعْطِنِي؟»، فذَكَرَتِ الحديثَ، وهو كَذِبٌ.
ولا خلافَ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ في جوازِ إعارةِ الحُلِيِّ والثيابِ وغيرِهما مِنْ أنواع الزينة(١٢)؛ فلو كان الحديثُ يُعارِضُه لَامْتَنَعَتِ الإعارةُ أيضًا، و«اللَّازِمُ بَاطِلٌ وَالمَلْزُومُ مِثْلُهُ»؛ لذلك كانَتْ إجارةُ الحُلِيِّ والثيابِ جائزةً مِنْ غيرِ ادِّعاءِ مِلْكِيَّتِها؛ حذرًا مِنَ الكذب والتلبيس.
هذا، وإِنْ تَقَرَّرَ ـ أخيرًا ـ جوازُ استئجارِ الثياب والحُلِيِّ للمُناسَباتِ والأفراح والأعراس وغيرِها، إلَّا أنَّ الجديرَ التنبيهُ إلى وجوبِ مُراعاةِ الضوابطِ الشرعية للزينة بالثياب والحُلِيِّ وغيرِها، واستعمالُها في الأعراس والمُناسَباتِ الخاليةِ مِنَ المُخالَفاتِ الشرعية.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٥ شعبان ١٤٣٦ﻫ
المـوافق ﻟ: ٢٣ مـاي ٢٠١٥م