طفل من الماضي
كنت جالسا على الأريكة وحدي في البيت أستمتع بهدوئه استمع الى حكايات جدران غرفتي القديمة ربما هذه الجدران اكبر مني سنا لها خبرة في الحياة فهي لا تنام تسمع اسرار الناس ولكن عيبها الوحيد أنها لا تكلمني أبدا ربما لاتحب كشف عيوب الأخرين. ومن هذا الطفل الذي يقترب مني يبدوا وسيما و جريئا ما هذا البريق الذي بعينيه يشبه بريق عيني الذي فقدته منذ سنوات انه يقترب شيئا فشيئا ليجلس بجانبي يضع يده على وجهي و يبتسم قائلا: هذا أنا مستحيل, لماذا قتلتني يا هذا؟ لماذا قتلت أحلامي البريئة؟ كنت احلم بأن أصبح عالما فيزياء. أكذب نظريات أنشتاين أمحوا إسم نيوتن. انسي العالم في تاريخ سليمان القانوني لأني سأوحد الامة العربية, أحرر فلسطين, سأصنع القنبلة النيتروجينية لأجعل كل العالم تحت امرتي. أملك بيت ضخما حوله جيش كبيرا من الحراس وسيارة فخمة مضادة للرصاص طبعا تكون من صنعي, أملك أكبر مصانع العالم أشتري فريق ريال مدريد لأكتب اسمي على قمصانه. نظرت اليه مبتسما: مأجمل أحلامك يا فتى ولكن كلها مستحيلة أنت تطلب المستحيل, من يملك تفكير نيوتن أو ذكاء أنشتاين؟ من يستطيع توحيد هذه الأمة التي أغرقت نفسها في الدماء اليوم؟ كيف تصنع القنبلة النيتروجينية و أغلى ما تملك هاتف و بضع دنانير؟ كيف ستملك البيت الضخم و السيارة و الجيش الذي تحدثت عنه و أنت تعيش في زمن الذئاب؟ زاد بريق عينيه ولكن هذه المرة بغضب لماذا أنت متشائم ألم تتعلم بعد أن الرجال تخرج من رحم الصعاب, ألا تعلم أنك في زمن اللا مستحيل. بماذا تميز أعلام هذا العالم اليوم ظروفهم كانت أصعب من ظروفك و امكنياتهم لا تقارن بإمكانياتك ماذا تنتظر لكي تتجاوز هاؤلاء. لقد حان الوقت تحرك أرجوك لا تقتلني مرة أخرى, اذا أردت أن تعيش سعيدا أترك الطفل الصغير الذي بداخلك حيا فهو الذي يصنع الابتسامة على وجهك هو الذي يفك الأغلال التي قيدتك بها هذه الحياة هو من يملك القبضة التي بإمكانها تدمير جبال الموعقات هو من......نعم كل انسان مهما كانت جنسيته أو ديانته أو ثقافته يملك بداخله هذا الطفل الشقي, الذي لا تتوقف أحلامه ولايعترف بالمستحيل هذا الطفل يقتل بالتشائم و الركود و القعود عن العمل و الاكتفاء بالمشاهدة و تحديد الوقت. نعم لا يوجد وقت أو سن يجعلنا نكتفي بالأحلام ولكن أحلامنا نحققها بالعمل و التفائل فمهما طال الليل حتما سيئتي الفجر ليعم النور من جديد, من حقنا أن نحلم ونحقق أحلامنا لأن بالاسرار و العزيمة حتما ستتحقق كل أحلامنا مهما كانت صعبة أو مستحيلة.