بطولتنا
حبر مبعثر على ورق
نحتفظ به بين ملابسنا
كما تحتفظ العروس بقماش ليلة دخلتها
نعتز كثيرا بها و نمجدها و نحفظ شريط تاريخها
مند دخولنا للمدارس فقد كانت أولى مادة ندرسها
و حين كبرنا و أتعبنا الزمان و رأينا عروبتنا تتمزق
عدنا مسرعين نفتش على ما كتبه التاريخ عن بطولاتنا
فلم نجد سوى حرب يقال عنها أننا خدعنا فيها و لم تكن هزيمة
سنة 1967م و عن حرب قالوا أننا انتصرنا فيها سنة 1973 م
فالحرب التي هزمنا فيها أخدوا منا نصف أرض العرب
و الحرب التي انتصرنا فيها بنينا سفارات تحمل اسم اسرائيل على تلك الأرض
بطولتنا حبر مبعثر على ورق
نعود نبحث عنه عند كل مجزرة ترتكب في حق أطفالنا و نسائنا و رجالنا
نبحث مطولا عن خالد يأتي على فرسه يفتح بلادنا من جديد
و ينشر الاسلام في أرضنا من جديد
لاكن خالد لا يسمع صراخنا و لا يرى نزيف دمائنا
فقد رفض العودة لأرض حررت عند الفجر و باعوه في المساء
بطولتنا موسيقى راوية جميلة
يتغنى بها كل مسؤول يحلم أن يجلس على جثثنا
فيعزف لنا مقاطع من حروب صلاح الدين و يسكرنا
على عصر عمر بن عبد العزيز
و يقطع لنا وعود كأنه يتكلم بلسان هارون الرشيد
و نحن نصفق و نرقص بلا و عي سكارى بلا شرب
بطولتنا رغيف نقطع به جوعنا كل يوم
فان رأينا جثث على شاشة التلفزة نحن لدالك الرغيف
و نزعم أننا أول الفاتحين و أخر الفاتيح
و نضرب على وجوهنا و نقول سوف يأتي وقت الحساب
ثم نعود مجددا لنرقص و نصفق و ننسى مأساتنا
كأنها أخر مأساة نعيشها
بطولتنا مسلسل درامي نعيش حلاقته كل يوم
و مند طفولتنا و نحن ننتظر الحلقة الأخيرة
لاكن ككل مرة ينقطع الكهرباء ان جاء موعدها
بطولتنا لوحة زيتية نسبح مع صاحبها في خياله
نبكي ما يبكيه و نفرح لما يفرحه
و في الأخير يحملها و يرحل عنا
و يتركنا نتخبط ما بين الحقيقة و الخيال
بطولتنا عقد مزور مند ألاف السنين
و نعيش معها تحت سقف واحد
و فراش واحد نضاجعها كل يوم
و لا نعرف أسماء أبنائنا
بطولتنا حبر مبعثر على ورق
يحتاج لعودة أصحابه
لنعيد كتابتها من جديد
فلا مسؤول على جثثنا يجلس بفضلها
و لا غزاة يغزون أرضنا باسمها
بطولتنا كدبة كبيرة عشنا على ايقاعها
يصعب علينا التعود على العيش بدونها
و لمادا نبحث عنها ان كنا عاجزين
عن كتابة بطولات جديدة.