التفاعل
10.3K
الجوائز
2.5K
- تاريخ التسجيل
- 8 جانفي 2010
- المشاركات
- 10,646
- آخر نشاط
- الوظيفة
- تاجر
1/2

بسم الله الرحمن الرّحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾،
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً﴾،
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ .
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسنَ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أمّا بعد :
فهذه قصيدتي الألفية المسماة بـ" الشّهب الطّوالع على قلاع أهل الشّرك وأصحاب البدائع " في بيان حال بعض المناهج والفرق المخالفة ، أرجو من إخواننا أن يشاركوا في تصحيحها وتنقيحها حتى تكون بقدر القصد والأمل فيها ، فقد نظمت في شهر من الزمن أو ما يقاربه ، وهو وقت قليل لكتابة الفيه مع تشعب مواضيعها وكثرة فصولها، نسال الله التوفيق والقبول .
المقدمة
يَا مُجْرِيَ الأفْكَارِ مِنْ صُلْبِ الحِجَا ---- وَمُصَرِّفَ الخَطَرَاتِ بِالأذْهَانِ
وَمُسَيِّرَ الأَقْلامِ فِي أَيْدِي الوَرَى ---- تَصِفُ الخَفِيَّ بِأَحْسَنِ التِّبْيَانِ
أَنْتَ الّذِي أَنْطَقْتَ شِعْرِي بِالهُدَى ---- وَجَعَلْتَ نَظْمِي مُحْكَمَ البُنْيَانِ
وَحَبَسْتَ حِبْرِيَ فِي الهِدَايَةِ وَالتُّقَى ---- وَعَصَمْتَ كَفِّيَ عَنْ خُطَى الشَّيْطَانِ
أَمَّرْتَ نَفْسِيَ دُونَ خَلْقِكَ بِالّذِي ---- أَخْزَى جُنُودَ الغَيِّ وَالبُهْتَانِ
وَرَضَيْتَ سَيْفِي طَاعِنًا فِي مَنْ بَغَى ---- وَقَضَيْتَ حُكْمِيَ بَالِغَ البُرْهَانِ
وَسَتَرْتَ عَيْبِي عَنْ لَوَاحِظِ عَاذِلِي ---- وَ أَنَا المُسِيءُ صُوَيْحِبُ العِصْيَانِ
وَمَدَدْتَ مِنْ كَنَفِ العِنَايَةِ نَاصِرًا ---- وَجَمَعْتَ عِنْدِيَ أَنْفُسَ الإخْوَانِ
وَأَرَيْتَنِي سُبُلَ الغُوَاةِ وَدَرْبَهُمْ ---- وَجَعَلْتَ سَيْرِي فِي طَرِيقٍ ثَانِ
أَمَّنْتَنِي خَوْفَ العِبَادِ وَبَطْشَهُمْ ---- وَوَهَبْتَ قَلْبِيَ سَطْوَةَ الشُّجْعَانِ
وَبَعَثْتَ مِنْ نَفْسِي مَخَافَةَ خَالِقِي ---- وَرَجَاءَ قَلْبِي فِي حِمَى الرَّحمَنِ
آوَيْتَنِي دَارَ الهُدَى وَرَزَقْتَنِي ---- وَحَبَيْتَنِي بِالعِلْمِ وَالفُرْقَانِ
وَكَسَوْتَنِي حُلَلَ الحَيَاءِ وَمِثْلهَا ---- حُلَلاً مِنَ التَّوْحِيدِ بِالأشْجَانِ
أَلْهَمْتَنِي تَقْوَى الهَوَى وَمَنَحْتَنِي ---- خيْرًا يَقُومُ بِظَاهِرِ الأبْدَانِ
عَلَّمْتَنِي خَيْرَ العُلُومِ وَزِدْتَنِي ---- حُسْنَ العِبَارَةِ مِنْ فَصِيحِ لِسَانِي
أَوْكَلْتَنِي قَلَمًا يُحَبِّرُ مَا يَرَى ---- وَيُعَوِّضُ الأَنْوَارَ بِالعُمْيَانِ
وَيُفَقِّهُ الجُهَّالَ مِنْ بَعْدِ الغَوَى ---- وَيُقَرِّبُ الأصْوَاتَ بِالطُّرْشَانِ
أَوْعَيْتَنِي عَقْلا يُمَيِّزُ مَا خَفِي ---- وَفَطَرْتَنِي بِجِبِلَّةِ الإيمَانِ
وَهَدَيْتَنِي بِالحِسِّ أَشْهَدُ مَا جَرَى ---- مِنْ صَنْعَةِ الرَّحْمَنِ بِالأكْوَانِ
فَلَكَ المَدَائِحُ بِاللّسَانِ وَمِعْصَمِي ---- وَالحَمْدُ يُقْصَدُ مِنْ صَمِيمِ جَنَانِي
وَلَكَ الثَّنَاءُ مَتَى جَرَيْتَ بِخَاطِرِي ---- وَالشُّكْرُ يَحْمِلُ سِيرَةَ الأَرْكَانِ
حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا أُفْضِي بِهِ ---- للهِ رَبِّيَ خَالِصِ الإِحْسَانِ
حَمْدًا كَمَا يَرْضَى الإلَهُ وَيَبْتَغِي ---- وَأَزِيدُ حَمْدًا لِلرِّضَى بِبَنَانِي
حَمْدًا بِعَدِّ سَوَابِقِ الإنْعَامِ مِنْ ---- رَبِّ العِبَادِ مُسَيِّرِ الأكْوَانِ
وَبِقَدْرِ ظُلْمِ العَالَمِينَ لِرَبِّهِمْ ---- وَبِقَدْرِ عَفْوِ الرَّبِّ ذِي الغُفْرَانِ
وَبِعَدِّ خَلْقِ اللهِ أَحْسَنِ خَالِقٍ ---- مَلِكِ المُلوكِ مُدَبِّرِ الحَدَثَانِ
مَنْ صَوَّرَ الأَكْوَانَ فِي حُسْنٍ لَهَا ---- وَأَضَافَ حُسْنَ العَقْلِ بِالإنْسَانِ
فَلَكَمْ تَعَرَّفَ مِنْ فَتًى رَبَّ الدُّنَا ---- بِجَمِيلِ صُنْع الوَاحِدِ الدَّيَّانِ
رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ مَا عَمَدٍ تُرَى ---- وَدَحَى لَنَا الأَرَضِينَ مِنْ أَزْمَانِ
وَأسَالَ مِنْ مُزَنِ الفَضَاءِ مِيَاهَهَا ---- فَسَقَى بِهَا العَطْشَى بِكُلِّ مَكَانِ
وَأَبَانَ مِنْ جَدْبِ الحُقُولِ زُرُوعَهَا ---- وَأَثَارَ خَيْرَ الثَّمْرِ بِالأفْنَانِ
وَالرِّيحُ تَجْرِي بِالغَيُومِ تَسُوقُهَا ---- وَالرَّعْدُ يُنْذِرُ صَوْلَةَ الطُّوفَانِ
وَأَنَارَ بِالشَّمْسِ المُضِيئَةِ يَوْمَهَا ---- وَأَمَدَّ حِينَ البَرْدِ بِالنِّيرَانِ
وَأَحَلَّ مِنْ سُودِ اللَّيَالِي مَسْكَنًا ---- لِذَوِي الخُطُوبِ وَرَاحَةِ الحَيَوَانِ
وَبَنَى لَنَا مِنْ كُلِّ بَيْتٍ قَدْ حَوَى ---- بَرُّ الخَلاءِ وَحَاضِرُ العُمْرَانِ
وَطَوَى لَنَا بَيْنَ الجِبَالِ مَسَالِكًا ---- وَأَذَلَّ تِلْكَ العِيرَ لِلرُّكْبَانِ
وَلَقَدْ أَذَلَّ لِوَطْءِ آدَمَ مَا ابْتَغَى --- خُضْرَ المُرُوجِ وَأَصْفَرُ الكُثْبَانِ
فَلَهُ المَحَامِدُ وَالمَدَائِحُ وَالرِّضَى ---- وَلَهُ الثّنَا وَالشُّكْرُ كُلَّ أَوَانِ
هَذَا وَمِنْ إِحْسَانِ رَبِّي أَنْ بَرَا ---- مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ بِهَا زَوْجَانِ
وَبَرَا حِبَالَ الوُدِّ تَسْرِي فِي الوَرَى ---- لِتَشَاكُلِ الأَرْوَاحِ وَالأبْدَانِ
فَمَتَى تَشَابَهَتِ النُّفُوسُ تَآلَفَتْ ---- وَبَدَتْ ثِمَارُ الوُدِّ لِلأعْيَانِ
وَمَتَى تَخَالَفَتِ الطّبَاَعُ تَنَافَرَتْ ---- وَتَبَاغَضَتْ لِتَبَاعُدِ الأدْيَانِ
وَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّ قَلْبِي قَدْ أَبَى ---- حُبَّ المُخَالِفِ سُنَّةَ العَدْنَانِي
واللهُ يَعْلَمُ أَنَّ حِبِيَ فِي الدُّنَا ---- أَهْلُ الحَدِيثِ وَعَسْكَرُ القُرْآنِ
وَلَئِنْ نَظَمْتُ مِنَ القَصِيدَ فَضَائِحا ---- وَجَرَى الهِجَاءُ لأمَّةِ البُهْتَانِ
فَلَقَدْ تَبِعْتُ طَرَائِقَ الأَسْلافِ مِنْ ---- أَهْلِ الهُدَى وَمَشَايِخِ العِرْفَانِ
مِمَّنْ رَمَى الأَشْعَارَ فِي نَحْرِ العِدَى ---- رَمْيَ الرِّمَاحِ إِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ
فَارْصُدْ لِمَعْرَكَةِ القَوَافِي عَسْكَرًا ---- مِنْ خِيرَةِ الأَجْنَادْ وَالفُرْسَانِ
وَعُيُونَ أَهْلِ الحَقِّ فِي طَلَبِ العِدَا ---- عِنْدَ الثُّغُورِ وَفِطْنَةَ السَّجَّانِ
وَفَرَاسَةَ الأَعْرَابِ فِي زَمَنٍ مَضَى ---- وَ فُهُومَ أَهْلِ العِلْمِ وَالإيمَانِ
وَعُقُولَ مَنْ خَبِرَ الحَيَاةَ وَبَطْشَهَا ---- وَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ عِفَّةَ الرُّهْبَانِ
وَاسْمَعْ مَوَاعِظَ مَنْ أَبَانَ الزُّهْدَ عَنْ ---- دُنْيَا العِبَادِ وَكَانَ ذَا إِمْكَانِ
وَاهْجُرْ إلَى بَلَدِ السَّلامَةِ وَاجْتَنِبْ ---- دَارَ العَدُوِّ وخَلْطَةَ البُلْدَانِ
وَتَوَقَّ مِنْ شِعْرِ الغُوَاةِ فَإِنَّهُ ---- سُمُّ النُّفُوسِ وَعِلَّةُ الأبْدَانِ
فَلَقَدْ أَتَاكَ الشِّعْرُ طِبًّا بَلْسَمًا ---- فِي حُلُةِ طُرِزَتْ عَلَى الإتْقَانِ
نُونِيَّةٌ تَهْدِي طَرِيقَ الحَقِّ مِنْ ---- طُرُقِ الغُوَاةِ وَمَسْلَكِ الشَّيْطَانِ
فَاحْفَظْ وَلا تَرْكَنْ لِعَجْزِكَ إِنَّمَا ---- تُجْزَى عَلَى صَبْرِ الدُّنَا بِجِنَانِ
فصل
في مصدر الابتداع
يا أُمَّةَ الإرْجَافِ يَا أَهْلَ الهَوَى ---- يَا مِحْنَةَ الأوْطَانِ وَالأَدْيَانِ
جَاوَزْتُمُ هَدْيَ الرَّسُولِ وَسِرْتُمُ ---- بِخِلافِ شِرْعَةِ أَحْمَدَ العَدْنَانِي
وَرَضَيْتُمُ الآرَاءَ وَانْقَدْتُمْ لَهَا ---- وَنَبَذْتُمُ لأوَامِرِ القُرْآنِ
قَلَّدْتُمُ زَيْدًا وَعَمْرًا فِي الوَرَى ---- وَتَبِعْتمُ لِفُلانَةٍ وَفُلانِ
مِنْ كُلِّ نَذْلٍ قَدْ أَرَاكُمْ سِيرَةً ---- مِنْ زِبْلَةِ الأفْكَارِ بِالأَذْهَانِ
شَرَّقْتُمُ يَوْمًا وَغَرَّبْتُمْ غَدًا ---- سَيْرَ المُكِبِّ يُقَادُ للعُمْيَانِ
أَصْغَيْتُمُ نَعْقَ الغُرَابِ فَكُنْتُمُ ---- تَبَعَ الغُرَابِ لِجِيفَةِ الحَيَوَانِ
مَا بَالُكُمْ تَشْرُونَ بَخْسًا بِالّذِي ---- قُطِعَتْ لَهُ الأنْفَاسُ بِالإنْسَانِ
كَمْ ذَا تَقَوَّلْتُمْ عَلَى اللهِ افْتِرًا ---- وَجَرَاءَةً لَكُمُ عَلَى الرَّحْمَنِ
وَنَسَبْتُمُ لِلدِّينِ مَالَمْ يَرْتَضِي ---- وَرَضَيْتُمُ مَا بَاءَ بِالنُّكْرَانِ
سَفَّهْتُمُ قَوْلَ الرَّسُولِ وَهَدْيَهُ ---- وَنَكِرْتُمُ لِحَقَائِقِ الفُرْقَانِ
خَالفْتُمُوهُ لِشَرْعِهِ فَعَبَثْتُمُ ---- فِي دِينِهِ كَتَلاعُبِ الصِّبْيَانِ
كَمْ زِدْتُمُ عَنْ قَوْلِهِ وَرَمَيْتُمُ ---- لِطَرِيقِهِ بِالعَجْزِ وَالنُّقْصَانِ
كَيَّفْتُمُ سُنَنَ الهُدَى بِهَوَاكُمُ ---- وَطَمَسْتُمُ لِمَعَالِمِ البُرْهَانِ
أَوَّلْتُمُ تِلْكَ النُّصُوصَ بِرَأْيِكُمْ ---- وَعَمَدْتُمُ التَّحْرِيفَ بِالبُهْتَانِ
وَرَدَدْتُمُ مَا لَمْ تُطِقْ أَقْلاَمُكُمْ ---- تَخْرِيبَهُ لصَرَاحَةِ التِّبْيَانِ
أَعْرَضْتمُ عَنْ دِينِكُمْ فَهَوَاكُمُ ---- مِنْهَا قَبِيحُ الرَّأْيِ بِالأذْهَانِ
وَاللهِ قَدْ نُكِسَتْ بِكُمْ أَحْلامُكُمْ ---- وَتَشَرَّبَتْ لِلزُّورِ بِالإدَمَانِ
حَتَّى رَأَيْتُمْ كُلَّ حُسْنٍ سَيِّئًا ---- وَطَلَبْتُمُ لِمَسَاوِئِ الأَدْيَانِ
فصل
في كون البدع سببا للفرقة والاختلاف والضعف
شَتَّتْتُمُ دِينَ الإلَهِ وَكُنْتُمُ ---- سَبَبًا لِقَطْعِ أَوَاصِرِ الإخْوَانِ
وَجَعَلْتُمُ الإسْلامَ أَكْثَرَ فُرْقَةً ---- مِنْ مِلَّةِ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ
أَضْعَفْتُمُ هَذِي الدِّيَارَ بِخُلْفِكُمْ ---- وَطَعَنْتُمُ لِلأمْنِ بِالأوْطَانِ
نَفَّرْتُمُ الكُفَّارَ عَنْ دِينِ الهُدَى ---- وَنَشَرْتُمُ الإرْجَافَ بِالبُلْدَانِ
حَارَبْتُمُ تَبَعَ الرَّسُولِ وَحِزْبَهُ ---- أَهْلَ الحَدِيثِ وَعَسْكَرَ الإيمَانِ
وَرَمَيْتُمُ الأخْيَارَ عَنْ كَفٍّ بِمَا ---- أَنْشَأْتُمُ مِنْ بَاطِلِ البُهْتَانِ
زُورًا وَظُلْمًا قَدْ بَنَيْتُمْ أَمْرَكُمْ ---- وَخَضَعْتُمُ لأَوَامِرِ الشَّيْطَانِ
مَا هَمّكُمْ غَيْرُ انْتِقَادِ مُوَفَّقٍ ---- سَلَكَ الطّرِيقَ الحَقَّ بِالإحْسَانِ
حَسَدَا لِذِي فَضْلٍ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ ---- وَنَفَاذَ غِلٍّ ضَاقَ بِالوِجْدَانِ
فَلَكُمْ بِكُلِّ مَحَلَّةٍ قَدْحٌ بِمَنْ ---- عَرَفَ السَّبِيلَ لِخَالِقِ الأكْوَانِ
وَلَكُمْ بِكُلِّ الوَقْتِ شُغْلٌ دَائِمٌ ---- بِالغَدْرِ أَوْ بِدَسَائِسِ النُّكْرَانِ
وَحَلِيفُكُمْ فِيهَا فَكُلُّ فُوَيْسِقٍ ---- رَكبَ البَلاءَ وَجَارَ بِالعِصْيَانِ
أَوْ كَافِرٍ طَلَبَ الفَنَاءَ لِدِينِنَا ---- أَوْ طَامِعٍ بِالمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ
أَوْ طَالِبٍ دُنْيًا وَلَيْسَ بِوَاصِلٍ ---- إلاّ بِخَرْقِ شَرَائِعِ الرَّحْمَنِ
فصل
في عواقب الابتداع
وَلَئِنْ تَبَصَّرْتُمْ عَوَاقِبَ أَمْرِكُمْ ---- وَنَظَرْتُمُ التَّارِيخَ بِالإمْعَانِ
فَلَتَعْلَمُنَّ إِذًا عَظِيمَ خَسَارِكُمْ ---- وَعَوَاقِبَ الإسْرَافِ وَالطُّغْيَانِ
إِنَّ البَدَائِعَ دَرْبُ كُلِّ كَبِيرَةٍ ---- وَسَبِيلُكُمْ لِلشِّرْكِ وَالكُفْرَانِ
فَلَكَمْ بَدَتْ مِنْ بِدْعَةٍ فِي مَهْدِهَا ---- وَلَهَا بِشَوْبِ الحَقِّ شِبْهُ دَانِ
ثُمَّ ارْتَقَتْ فِي سُلَّمٍ مِنْ أَهْلِهَا ---- حَتَّى أَتَتْ لِلكُفْرِ بِالدَيَّانِ
وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَبِّيَ قَدْ أَبَى ---- أَعْمَالَكُمْ فِي السِرِّ وَالإعْلاَنِ
فَجُهُودُكُمْ رَدٌّ وَأَجْرُكُمُ هَبًا ---- وَمَصِيرُ أُخْرَاكُمْ إِلَى النِّيرَانِ
وَعَوَاقِبُ الدُّنْيَا لَكُمْ مِنْ سُوئِهَا ---- مَا قَدْ عَلِمْتُمْ سَائِرَ الأزْمَانِ
خِزْيٌ وَعَارٌ سَوْفَ يُدْرْكُكُمْ بِهَا ---- وَسَبِيلُكُمْ لِمَوَاطِئِ الأَحْزَانِ
كَمْ فِتْنَةً فِي الخَلْقِ قُدْتُمْ شَرَّهَا ---- فَكَوَتْكُمُ قَبْلَ العَدُوِّ الثَّانِي
وَشَريْتُمُ وَقْعَ البِلا بِرُؤُوسِكُمْ ---- وَرَضَيْتُمُ بَعْدَ العُلا بِهَوَانِ
لا يَرْتَضِي عَدْلٌ مَقَالَتَكُمْ كَمَا ---- لاَ تُسْمِعُ الأبْوَاقُ للطُّرْشَانِ
رُدَّتْ شَهَادَتُكُمْ لِقُبْحِ فِعَالِكُمْ ---- وَأَبَى الرُّوَاةُ حَدِيثَكُمْ بِبَيَانِ
وَلَقَدْ جَمَعْتُمْ مَا هَوَى بِظُهُورِكُمْ ---- وَشَرَيْتُمُ الآثَامَ بِالهَذَيَانِ
لِلذَّمِّ قَدْ سُخِّرْتُمُ بِفِعَالِكُمْ ---- وَبَذَلْتُمُ الأَعْرَاضَ لِللَّعَّانِ
وَأَجَزْتُمُ لِلنَّاسِ غَيْبَتَكُمْ وَذَا ---- عَيْنُ الضَّلالِ وَغَايَةُ الخُسْرَانِ
وَحُرِمْتُمُ حَوْضَ الرَّسُولِ بِجُرْمِكُمْ ---- وَخَسِرْتُمُ لِشَفَاعَةِ العَدْنَانِي
وَلَقَيْتُمُ الإعْرَاضَ مِنْ رَبِّ الوَرَى ---- وَجَمَعْتُمُ الآثَامَ بِالمِيزَانِ
فَلَكُمْ مَدَى الأَيَّامِ إِثْمٌ قَدْ جَرَى ---- مَا سَارَ قَوْلُكُمُ مَعَ الرُّكْبَانِ
فصل
في الحكم على المعيّن
هَذَا وَفِي كُلِّ المَذَاهِبِ فُرْقَةٌ ---- وَخِلافُ رَأْيٍ ظَاهِر بِعَيَانِ
إِذْ لَيْسَ يُجْمَعُ رَأْيُ مَنْ تَبِعَ الهَوَى ---- إِلاَّ بِتَقْلِيدٍ مِنَ العُمْيَانِ
لَكِنَّنِي قَرَّبْتُ ظَاهِرَ أَمْرِهِمْ ---- وَمَقَالَةَ الرُّؤَسَاءِ فِي ذَا الشَّانِ
وَتَرَكْتُ قَوْلَ سِوَاهُمُ إِذْ قَارَبُوا ---- عَدَّ الرِّمَالِ بِشَاسِعِ الكٌثْبَانِ
وَلِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمُ رَأْيٌ وَذَا ---- خَيْرُ الدَّلِيلِ لِطَالِبِ البُطْلانِ
فَاللهُ قَدْ أَلْقَى إِلَيْنَا حِكْمَةً ---- فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ وَالفُرْقَانِ
أَنَّ الخِلافَ مَتَى سَرَى فِي قَوْلَةٍ ---- فَلِبُعْدِهَا عَنْ شِرْعَةِ الرَّحْمَانِ
إِذْ لاَ اخْتِلافَ بِمَا أَتَى عَنْ رَبِّنَا ---- فِي كُلِّ وَقْتٍ بَلْ بِكُلِّ مَكَانِ
وَعُمُومُ مَا أَجْرَيْتُ مِنْ أَحْكَامَ فِي ---- ذَا النَّظْمِ مِنْ فِسْقٍ وَمِنْ كُفْرَانِ
أَوْ بِدْعَةٍ فَتُرَدُّ لِلأقْوَالِ لاَ ---- أَبْغِي بِهَا حُكْمًا عَلَى الأعْيَانِ
إِلاَّ قَلِيلاً قَدْ أَتَى تَعْيِنُهُمْ ---- فِي نَصِّ أَهْلِ العِلْمِ وَالعِرْفَانِ
مِنْ كُلِّ ذِي تَقْوًى وَذِي وَرَعٍ وَذِي ---- فِقْهٍ وَذِي عَدْلٍ عَلَى المِيزَانِ
مُتَثَبِّتٍ فِي مَا يَرَى مِنْ قَوْلِهِمْ ---- مُتَمَيِّزٍ بِالضَّبْطِ وَالإتْقَانِ
مُسْتَوْثِقٍ عِلْمَ الرّْجَالِ وَضَالِعٍ ---- بِقَوَاعِدِ التَّمْيِيزِ وَالرُّجْحَانِ
يَدْرِي دَلالاتِ الكَلاَمِ وَحُكْمَهُ ---- وَمُرَادَ أَهْلِهِ مِنْهُ كُلَّ أَوَانِ
وَيُفَرِّقُ الغَالِي عَنِ الأَدْنَى وَمَنْ ---- يَدْعُو لِدِينِهِ فِي بَنِي الإنْسَانِ
وَيَمِيزُ بَيْنَ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا ---- وَيَمِيزُ بَيْنَ حَقَائِقِ الإيمَانِ
وَلَهُ بِعُذْرِ النَّاسِ أَوْسَعُ حُجَّةٍ ---- بِالجَهْلِ أَوْ بِالغَصْبِ وَالنِّسْيَانِ
أَوْ بِانْتِفَاءِ العَقْلِ حَالَ وُرُودِهَا ---- والقَصْدِ أو كَمَقُولَةِ السَّكْرَانِ
فَالنَّاسُ أَغْلَبُهُمْ كَعِيرٍ أَتْبَعَتْ ---- سَيْرَ الرُّعَاةِ وَمَوْثِقَ السَجَّانِ
وَلِبَعْضِهِمْ شُبَهٌ عَمَتْ أَبْصَارَهُمْ ---- عَنْ مَنْظَرِ الآيَاتِ بِالقُرْآنِ
وَلَهُمْ مِنَ التَّأْوِيلِ فَرْعٌ سَائِغٌ ---- فِي المَنْطِقِ العَرَبِيِّ خَيْرِ لِسَانِ
فِي غَيْرِ مَعْلُومٍ مِنَ الأدْيَانِ بَلْ ---- مِنْ غَامِضٍ عَنْ رُؤْيَةِ العُمْيَانِ
وَبِغَيْرِ قَصْدٍ لِلْخِلافِ وَدُونَمَا ---- عَصَبِيَّةٍ تَدْعُو إِلَى الطُّغْيَانِ
أَوْ مِنْ بَعِيدٍ عَنْ دِيَارِ الحَقِّ فِي ---- بَلَدِ الجُحُودِ وَشَاسِعِ الأَوْطَانِ
وَكَذَاكَ مَنْ يَرْوِي فَيَجْدُرُ أَنْ يَرَى ---- حَالَ الّذِي يَرْمِيهِ بِالنُّكْرَانِ
فَلَعَلَّهَا قَوْلٌ جَرَتْ بِمُخَالِفٍ ---- مِمَّنْ بَغَى لِتَنَاقُضِ الأدْيَانِ
فَلِبَعْضِهِمْ ظُلْمٌ عَلَى بَعْضٍ وَذَا ---- بَيْنَ الخَلائِقِ شَاهِدٌ بِعَيَانِ
وَمَقالَةُ الأدْنَى تُقَرِّبُ مَنْ نَأَى ---- عَنْ مَنْزِلِ المَوْسُومِ بِالعِصْيَانِ
وَكَلامُ أَهْلِ البَيْتِ أَنْفَذُ بِالفَتَى ---- مِنْ جُرْحِ قَاصيهَا عَنِ البُلْدَانِ
وَمُعَاصِرٌ أَوْلَى بِقَوْلٍ مِنْ أَخٍ ---- مُتَأَخِّرٍ بِتَعَاقُبِ الأزْمَانِ
وَجَمِيعُ مَا اثْبَتُّهُ مِنْ لازِمٍ ---- للقَوْلِ فِي شَيْءٍ عَلَى البُرْهَانِ
فَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَى التّنَاقُضِ وَالهَوَى ---- لاَ أنَّهُ بِمُرَادِهِمْ ذُو شَانِ
فَلَوَازِمُ الأقْوَالِ لَيْسَتْ مَذْهَبًا ---- إِلاّ مَعَ الإقْرَارِ وَالإذْعَانِ
فصل
في جهاد المبتدع وغيبته وهجره
وَجِهَادُ أَهْلِ الفِسْقِ فِي أَهْوَائِهِمْ ---- مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ للرَّحْمَنِ
حِفْظًا لِشَرْعِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ مِنْ ---- شَرِّ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ
وَبَيَانُ حَالِ المُبْطِلِينَ وَفَضْحُهُمْ ---- مِمَّا أُبِيحَ بِغَيْبَةِ الإِنْسَانِ
مُتَظَلِّمًا وَمُعَرِّفًا وَمُحَذِّرًا ---- لِلخَلْقِ مِنْ آفَاتِ كُلِّ بَنَانِ
وَالهَجْرُ أَيْضًا لِلمُخَالِفِ قَدْ أَتَى ---- فِي السُّنُّةِ الغَرَّاءِ وَالقُرْآنِ
صَوْنًا لِدِينِكَ أَنْ تُلابِسَ شُبْهَةً ---- تُرْدِيكَ فِي شَرَكٍ لِذِي بُطْلانِ
أَوْ أَنَّهَا لِلرَّدْعِ تَزْجُرُ مَنْ بَغَى ---- حَتَّى يُرَدَّ لِصَالِحِ الأدْيَانِ
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾،
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً﴾،
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ .
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسنَ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أمّا بعد :
فهذه قصيدتي الألفية المسماة بـ" الشّهب الطّوالع على قلاع أهل الشّرك وأصحاب البدائع " في بيان حال بعض المناهج والفرق المخالفة ، أرجو من إخواننا أن يشاركوا في تصحيحها وتنقيحها حتى تكون بقدر القصد والأمل فيها ، فقد نظمت في شهر من الزمن أو ما يقاربه ، وهو وقت قليل لكتابة الفيه مع تشعب مواضيعها وكثرة فصولها، نسال الله التوفيق والقبول .
المقدمة
يَا مُجْرِيَ الأفْكَارِ مِنْ صُلْبِ الحِجَا ---- وَمُصَرِّفَ الخَطَرَاتِ بِالأذْهَانِ
وَمُسَيِّرَ الأَقْلامِ فِي أَيْدِي الوَرَى ---- تَصِفُ الخَفِيَّ بِأَحْسَنِ التِّبْيَانِ
أَنْتَ الّذِي أَنْطَقْتَ شِعْرِي بِالهُدَى ---- وَجَعَلْتَ نَظْمِي مُحْكَمَ البُنْيَانِ
وَحَبَسْتَ حِبْرِيَ فِي الهِدَايَةِ وَالتُّقَى ---- وَعَصَمْتَ كَفِّيَ عَنْ خُطَى الشَّيْطَانِ
أَمَّرْتَ نَفْسِيَ دُونَ خَلْقِكَ بِالّذِي ---- أَخْزَى جُنُودَ الغَيِّ وَالبُهْتَانِ
وَرَضَيْتَ سَيْفِي طَاعِنًا فِي مَنْ بَغَى ---- وَقَضَيْتَ حُكْمِيَ بَالِغَ البُرْهَانِ
وَسَتَرْتَ عَيْبِي عَنْ لَوَاحِظِ عَاذِلِي ---- وَ أَنَا المُسِيءُ صُوَيْحِبُ العِصْيَانِ
وَمَدَدْتَ مِنْ كَنَفِ العِنَايَةِ نَاصِرًا ---- وَجَمَعْتَ عِنْدِيَ أَنْفُسَ الإخْوَانِ
وَأَرَيْتَنِي سُبُلَ الغُوَاةِ وَدَرْبَهُمْ ---- وَجَعَلْتَ سَيْرِي فِي طَرِيقٍ ثَانِ
أَمَّنْتَنِي خَوْفَ العِبَادِ وَبَطْشَهُمْ ---- وَوَهَبْتَ قَلْبِيَ سَطْوَةَ الشُّجْعَانِ
وَبَعَثْتَ مِنْ نَفْسِي مَخَافَةَ خَالِقِي ---- وَرَجَاءَ قَلْبِي فِي حِمَى الرَّحمَنِ
آوَيْتَنِي دَارَ الهُدَى وَرَزَقْتَنِي ---- وَحَبَيْتَنِي بِالعِلْمِ وَالفُرْقَانِ
وَكَسَوْتَنِي حُلَلَ الحَيَاءِ وَمِثْلهَا ---- حُلَلاً مِنَ التَّوْحِيدِ بِالأشْجَانِ
أَلْهَمْتَنِي تَقْوَى الهَوَى وَمَنَحْتَنِي ---- خيْرًا يَقُومُ بِظَاهِرِ الأبْدَانِ
عَلَّمْتَنِي خَيْرَ العُلُومِ وَزِدْتَنِي ---- حُسْنَ العِبَارَةِ مِنْ فَصِيحِ لِسَانِي
أَوْكَلْتَنِي قَلَمًا يُحَبِّرُ مَا يَرَى ---- وَيُعَوِّضُ الأَنْوَارَ بِالعُمْيَانِ
وَيُفَقِّهُ الجُهَّالَ مِنْ بَعْدِ الغَوَى ---- وَيُقَرِّبُ الأصْوَاتَ بِالطُّرْشَانِ
أَوْعَيْتَنِي عَقْلا يُمَيِّزُ مَا خَفِي ---- وَفَطَرْتَنِي بِجِبِلَّةِ الإيمَانِ
وَهَدَيْتَنِي بِالحِسِّ أَشْهَدُ مَا جَرَى ---- مِنْ صَنْعَةِ الرَّحْمَنِ بِالأكْوَانِ
فَلَكَ المَدَائِحُ بِاللّسَانِ وَمِعْصَمِي ---- وَالحَمْدُ يُقْصَدُ مِنْ صَمِيمِ جَنَانِي
وَلَكَ الثَّنَاءُ مَتَى جَرَيْتَ بِخَاطِرِي ---- وَالشُّكْرُ يَحْمِلُ سِيرَةَ الأَرْكَانِ
حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا أُفْضِي بِهِ ---- للهِ رَبِّيَ خَالِصِ الإِحْسَانِ
حَمْدًا كَمَا يَرْضَى الإلَهُ وَيَبْتَغِي ---- وَأَزِيدُ حَمْدًا لِلرِّضَى بِبَنَانِي
حَمْدًا بِعَدِّ سَوَابِقِ الإنْعَامِ مِنْ ---- رَبِّ العِبَادِ مُسَيِّرِ الأكْوَانِ
وَبِقَدْرِ ظُلْمِ العَالَمِينَ لِرَبِّهِمْ ---- وَبِقَدْرِ عَفْوِ الرَّبِّ ذِي الغُفْرَانِ
وَبِعَدِّ خَلْقِ اللهِ أَحْسَنِ خَالِقٍ ---- مَلِكِ المُلوكِ مُدَبِّرِ الحَدَثَانِ
مَنْ صَوَّرَ الأَكْوَانَ فِي حُسْنٍ لَهَا ---- وَأَضَافَ حُسْنَ العَقْلِ بِالإنْسَانِ
فَلَكَمْ تَعَرَّفَ مِنْ فَتًى رَبَّ الدُّنَا ---- بِجَمِيلِ صُنْع الوَاحِدِ الدَّيَّانِ
رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ مَا عَمَدٍ تُرَى ---- وَدَحَى لَنَا الأَرَضِينَ مِنْ أَزْمَانِ
وَأسَالَ مِنْ مُزَنِ الفَضَاءِ مِيَاهَهَا ---- فَسَقَى بِهَا العَطْشَى بِكُلِّ مَكَانِ
وَأَبَانَ مِنْ جَدْبِ الحُقُولِ زُرُوعَهَا ---- وَأَثَارَ خَيْرَ الثَّمْرِ بِالأفْنَانِ
وَالرِّيحُ تَجْرِي بِالغَيُومِ تَسُوقُهَا ---- وَالرَّعْدُ يُنْذِرُ صَوْلَةَ الطُّوفَانِ
وَأَنَارَ بِالشَّمْسِ المُضِيئَةِ يَوْمَهَا ---- وَأَمَدَّ حِينَ البَرْدِ بِالنِّيرَانِ
وَأَحَلَّ مِنْ سُودِ اللَّيَالِي مَسْكَنًا ---- لِذَوِي الخُطُوبِ وَرَاحَةِ الحَيَوَانِ
وَبَنَى لَنَا مِنْ كُلِّ بَيْتٍ قَدْ حَوَى ---- بَرُّ الخَلاءِ وَحَاضِرُ العُمْرَانِ
وَطَوَى لَنَا بَيْنَ الجِبَالِ مَسَالِكًا ---- وَأَذَلَّ تِلْكَ العِيرَ لِلرُّكْبَانِ
وَلَقَدْ أَذَلَّ لِوَطْءِ آدَمَ مَا ابْتَغَى --- خُضْرَ المُرُوجِ وَأَصْفَرُ الكُثْبَانِ
فَلَهُ المَحَامِدُ وَالمَدَائِحُ وَالرِّضَى ---- وَلَهُ الثّنَا وَالشُّكْرُ كُلَّ أَوَانِ
هَذَا وَمِنْ إِحْسَانِ رَبِّي أَنْ بَرَا ---- مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ بِهَا زَوْجَانِ
وَبَرَا حِبَالَ الوُدِّ تَسْرِي فِي الوَرَى ---- لِتَشَاكُلِ الأَرْوَاحِ وَالأبْدَانِ
فَمَتَى تَشَابَهَتِ النُّفُوسُ تَآلَفَتْ ---- وَبَدَتْ ثِمَارُ الوُدِّ لِلأعْيَانِ
وَمَتَى تَخَالَفَتِ الطّبَاَعُ تَنَافَرَتْ ---- وَتَبَاغَضَتْ لِتَبَاعُدِ الأدْيَانِ
وَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّ قَلْبِي قَدْ أَبَى ---- حُبَّ المُخَالِفِ سُنَّةَ العَدْنَانِي
واللهُ يَعْلَمُ أَنَّ حِبِيَ فِي الدُّنَا ---- أَهْلُ الحَدِيثِ وَعَسْكَرُ القُرْآنِ
وَلَئِنْ نَظَمْتُ مِنَ القَصِيدَ فَضَائِحا ---- وَجَرَى الهِجَاءُ لأمَّةِ البُهْتَانِ
فَلَقَدْ تَبِعْتُ طَرَائِقَ الأَسْلافِ مِنْ ---- أَهْلِ الهُدَى وَمَشَايِخِ العِرْفَانِ
مِمَّنْ رَمَى الأَشْعَارَ فِي نَحْرِ العِدَى ---- رَمْيَ الرِّمَاحِ إِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ
فَارْصُدْ لِمَعْرَكَةِ القَوَافِي عَسْكَرًا ---- مِنْ خِيرَةِ الأَجْنَادْ وَالفُرْسَانِ
وَعُيُونَ أَهْلِ الحَقِّ فِي طَلَبِ العِدَا ---- عِنْدَ الثُّغُورِ وَفِطْنَةَ السَّجَّانِ
وَفَرَاسَةَ الأَعْرَابِ فِي زَمَنٍ مَضَى ---- وَ فُهُومَ أَهْلِ العِلْمِ وَالإيمَانِ
وَعُقُولَ مَنْ خَبِرَ الحَيَاةَ وَبَطْشَهَا ---- وَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ عِفَّةَ الرُّهْبَانِ
وَاسْمَعْ مَوَاعِظَ مَنْ أَبَانَ الزُّهْدَ عَنْ ---- دُنْيَا العِبَادِ وَكَانَ ذَا إِمْكَانِ
وَاهْجُرْ إلَى بَلَدِ السَّلامَةِ وَاجْتَنِبْ ---- دَارَ العَدُوِّ وخَلْطَةَ البُلْدَانِ
وَتَوَقَّ مِنْ شِعْرِ الغُوَاةِ فَإِنَّهُ ---- سُمُّ النُّفُوسِ وَعِلَّةُ الأبْدَانِ
فَلَقَدْ أَتَاكَ الشِّعْرُ طِبًّا بَلْسَمًا ---- فِي حُلُةِ طُرِزَتْ عَلَى الإتْقَانِ
نُونِيَّةٌ تَهْدِي طَرِيقَ الحَقِّ مِنْ ---- طُرُقِ الغُوَاةِ وَمَسْلَكِ الشَّيْطَانِ
فَاحْفَظْ وَلا تَرْكَنْ لِعَجْزِكَ إِنَّمَا ---- تُجْزَى عَلَى صَبْرِ الدُّنَا بِجِنَانِ
فصل
في مصدر الابتداع
يا أُمَّةَ الإرْجَافِ يَا أَهْلَ الهَوَى ---- يَا مِحْنَةَ الأوْطَانِ وَالأَدْيَانِ
جَاوَزْتُمُ هَدْيَ الرَّسُولِ وَسِرْتُمُ ---- بِخِلافِ شِرْعَةِ أَحْمَدَ العَدْنَانِي
وَرَضَيْتُمُ الآرَاءَ وَانْقَدْتُمْ لَهَا ---- وَنَبَذْتُمُ لأوَامِرِ القُرْآنِ
قَلَّدْتُمُ زَيْدًا وَعَمْرًا فِي الوَرَى ---- وَتَبِعْتمُ لِفُلانَةٍ وَفُلانِ
مِنْ كُلِّ نَذْلٍ قَدْ أَرَاكُمْ سِيرَةً ---- مِنْ زِبْلَةِ الأفْكَارِ بِالأَذْهَانِ
شَرَّقْتُمُ يَوْمًا وَغَرَّبْتُمْ غَدًا ---- سَيْرَ المُكِبِّ يُقَادُ للعُمْيَانِ
أَصْغَيْتُمُ نَعْقَ الغُرَابِ فَكُنْتُمُ ---- تَبَعَ الغُرَابِ لِجِيفَةِ الحَيَوَانِ
مَا بَالُكُمْ تَشْرُونَ بَخْسًا بِالّذِي ---- قُطِعَتْ لَهُ الأنْفَاسُ بِالإنْسَانِ
كَمْ ذَا تَقَوَّلْتُمْ عَلَى اللهِ افْتِرًا ---- وَجَرَاءَةً لَكُمُ عَلَى الرَّحْمَنِ
وَنَسَبْتُمُ لِلدِّينِ مَالَمْ يَرْتَضِي ---- وَرَضَيْتُمُ مَا بَاءَ بِالنُّكْرَانِ
سَفَّهْتُمُ قَوْلَ الرَّسُولِ وَهَدْيَهُ ---- وَنَكِرْتُمُ لِحَقَائِقِ الفُرْقَانِ
خَالفْتُمُوهُ لِشَرْعِهِ فَعَبَثْتُمُ ---- فِي دِينِهِ كَتَلاعُبِ الصِّبْيَانِ
كَمْ زِدْتُمُ عَنْ قَوْلِهِ وَرَمَيْتُمُ ---- لِطَرِيقِهِ بِالعَجْزِ وَالنُّقْصَانِ
كَيَّفْتُمُ سُنَنَ الهُدَى بِهَوَاكُمُ ---- وَطَمَسْتُمُ لِمَعَالِمِ البُرْهَانِ
أَوَّلْتُمُ تِلْكَ النُّصُوصَ بِرَأْيِكُمْ ---- وَعَمَدْتُمُ التَّحْرِيفَ بِالبُهْتَانِ
وَرَدَدْتُمُ مَا لَمْ تُطِقْ أَقْلاَمُكُمْ ---- تَخْرِيبَهُ لصَرَاحَةِ التِّبْيَانِ
أَعْرَضْتمُ عَنْ دِينِكُمْ فَهَوَاكُمُ ---- مِنْهَا قَبِيحُ الرَّأْيِ بِالأذْهَانِ
وَاللهِ قَدْ نُكِسَتْ بِكُمْ أَحْلامُكُمْ ---- وَتَشَرَّبَتْ لِلزُّورِ بِالإدَمَانِ
حَتَّى رَأَيْتُمْ كُلَّ حُسْنٍ سَيِّئًا ---- وَطَلَبْتُمُ لِمَسَاوِئِ الأَدْيَانِ
فصل
في كون البدع سببا للفرقة والاختلاف والضعف
شَتَّتْتُمُ دِينَ الإلَهِ وَكُنْتُمُ ---- سَبَبًا لِقَطْعِ أَوَاصِرِ الإخْوَانِ
وَجَعَلْتُمُ الإسْلامَ أَكْثَرَ فُرْقَةً ---- مِنْ مِلَّةِ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ
أَضْعَفْتُمُ هَذِي الدِّيَارَ بِخُلْفِكُمْ ---- وَطَعَنْتُمُ لِلأمْنِ بِالأوْطَانِ
نَفَّرْتُمُ الكُفَّارَ عَنْ دِينِ الهُدَى ---- وَنَشَرْتُمُ الإرْجَافَ بِالبُلْدَانِ
حَارَبْتُمُ تَبَعَ الرَّسُولِ وَحِزْبَهُ ---- أَهْلَ الحَدِيثِ وَعَسْكَرَ الإيمَانِ
وَرَمَيْتُمُ الأخْيَارَ عَنْ كَفٍّ بِمَا ---- أَنْشَأْتُمُ مِنْ بَاطِلِ البُهْتَانِ
زُورًا وَظُلْمًا قَدْ بَنَيْتُمْ أَمْرَكُمْ ---- وَخَضَعْتُمُ لأَوَامِرِ الشَّيْطَانِ
مَا هَمّكُمْ غَيْرُ انْتِقَادِ مُوَفَّقٍ ---- سَلَكَ الطّرِيقَ الحَقَّ بِالإحْسَانِ
حَسَدَا لِذِي فَضْلٍ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ ---- وَنَفَاذَ غِلٍّ ضَاقَ بِالوِجْدَانِ
فَلَكُمْ بِكُلِّ مَحَلَّةٍ قَدْحٌ بِمَنْ ---- عَرَفَ السَّبِيلَ لِخَالِقِ الأكْوَانِ
وَلَكُمْ بِكُلِّ الوَقْتِ شُغْلٌ دَائِمٌ ---- بِالغَدْرِ أَوْ بِدَسَائِسِ النُّكْرَانِ
وَحَلِيفُكُمْ فِيهَا فَكُلُّ فُوَيْسِقٍ ---- رَكبَ البَلاءَ وَجَارَ بِالعِصْيَانِ
أَوْ كَافِرٍ طَلَبَ الفَنَاءَ لِدِينِنَا ---- أَوْ طَامِعٍ بِالمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ
أَوْ طَالِبٍ دُنْيًا وَلَيْسَ بِوَاصِلٍ ---- إلاّ بِخَرْقِ شَرَائِعِ الرَّحْمَنِ
فصل
في عواقب الابتداع
وَلَئِنْ تَبَصَّرْتُمْ عَوَاقِبَ أَمْرِكُمْ ---- وَنَظَرْتُمُ التَّارِيخَ بِالإمْعَانِ
فَلَتَعْلَمُنَّ إِذًا عَظِيمَ خَسَارِكُمْ ---- وَعَوَاقِبَ الإسْرَافِ وَالطُّغْيَانِ
إِنَّ البَدَائِعَ دَرْبُ كُلِّ كَبِيرَةٍ ---- وَسَبِيلُكُمْ لِلشِّرْكِ وَالكُفْرَانِ
فَلَكَمْ بَدَتْ مِنْ بِدْعَةٍ فِي مَهْدِهَا ---- وَلَهَا بِشَوْبِ الحَقِّ شِبْهُ دَانِ
ثُمَّ ارْتَقَتْ فِي سُلَّمٍ مِنْ أَهْلِهَا ---- حَتَّى أَتَتْ لِلكُفْرِ بِالدَيَّانِ
وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَبِّيَ قَدْ أَبَى ---- أَعْمَالَكُمْ فِي السِرِّ وَالإعْلاَنِ
فَجُهُودُكُمْ رَدٌّ وَأَجْرُكُمُ هَبًا ---- وَمَصِيرُ أُخْرَاكُمْ إِلَى النِّيرَانِ
وَعَوَاقِبُ الدُّنْيَا لَكُمْ مِنْ سُوئِهَا ---- مَا قَدْ عَلِمْتُمْ سَائِرَ الأزْمَانِ
خِزْيٌ وَعَارٌ سَوْفَ يُدْرْكُكُمْ بِهَا ---- وَسَبِيلُكُمْ لِمَوَاطِئِ الأَحْزَانِ
كَمْ فِتْنَةً فِي الخَلْقِ قُدْتُمْ شَرَّهَا ---- فَكَوَتْكُمُ قَبْلَ العَدُوِّ الثَّانِي
وَشَريْتُمُ وَقْعَ البِلا بِرُؤُوسِكُمْ ---- وَرَضَيْتُمُ بَعْدَ العُلا بِهَوَانِ
لا يَرْتَضِي عَدْلٌ مَقَالَتَكُمْ كَمَا ---- لاَ تُسْمِعُ الأبْوَاقُ للطُّرْشَانِ
رُدَّتْ شَهَادَتُكُمْ لِقُبْحِ فِعَالِكُمْ ---- وَأَبَى الرُّوَاةُ حَدِيثَكُمْ بِبَيَانِ
وَلَقَدْ جَمَعْتُمْ مَا هَوَى بِظُهُورِكُمْ ---- وَشَرَيْتُمُ الآثَامَ بِالهَذَيَانِ
لِلذَّمِّ قَدْ سُخِّرْتُمُ بِفِعَالِكُمْ ---- وَبَذَلْتُمُ الأَعْرَاضَ لِللَّعَّانِ
وَأَجَزْتُمُ لِلنَّاسِ غَيْبَتَكُمْ وَذَا ---- عَيْنُ الضَّلالِ وَغَايَةُ الخُسْرَانِ
وَحُرِمْتُمُ حَوْضَ الرَّسُولِ بِجُرْمِكُمْ ---- وَخَسِرْتُمُ لِشَفَاعَةِ العَدْنَانِي
وَلَقَيْتُمُ الإعْرَاضَ مِنْ رَبِّ الوَرَى ---- وَجَمَعْتُمُ الآثَامَ بِالمِيزَانِ
فَلَكُمْ مَدَى الأَيَّامِ إِثْمٌ قَدْ جَرَى ---- مَا سَارَ قَوْلُكُمُ مَعَ الرُّكْبَانِ
فصل
في الحكم على المعيّن
هَذَا وَفِي كُلِّ المَذَاهِبِ فُرْقَةٌ ---- وَخِلافُ رَأْيٍ ظَاهِر بِعَيَانِ
إِذْ لَيْسَ يُجْمَعُ رَأْيُ مَنْ تَبِعَ الهَوَى ---- إِلاَّ بِتَقْلِيدٍ مِنَ العُمْيَانِ
لَكِنَّنِي قَرَّبْتُ ظَاهِرَ أَمْرِهِمْ ---- وَمَقَالَةَ الرُّؤَسَاءِ فِي ذَا الشَّانِ
وَتَرَكْتُ قَوْلَ سِوَاهُمُ إِذْ قَارَبُوا ---- عَدَّ الرِّمَالِ بِشَاسِعِ الكٌثْبَانِ
وَلِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمُ رَأْيٌ وَذَا ---- خَيْرُ الدَّلِيلِ لِطَالِبِ البُطْلانِ
فَاللهُ قَدْ أَلْقَى إِلَيْنَا حِكْمَةً ---- فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ وَالفُرْقَانِ
أَنَّ الخِلافَ مَتَى سَرَى فِي قَوْلَةٍ ---- فَلِبُعْدِهَا عَنْ شِرْعَةِ الرَّحْمَانِ
إِذْ لاَ اخْتِلافَ بِمَا أَتَى عَنْ رَبِّنَا ---- فِي كُلِّ وَقْتٍ بَلْ بِكُلِّ مَكَانِ
وَعُمُومُ مَا أَجْرَيْتُ مِنْ أَحْكَامَ فِي ---- ذَا النَّظْمِ مِنْ فِسْقٍ وَمِنْ كُفْرَانِ
أَوْ بِدْعَةٍ فَتُرَدُّ لِلأقْوَالِ لاَ ---- أَبْغِي بِهَا حُكْمًا عَلَى الأعْيَانِ
إِلاَّ قَلِيلاً قَدْ أَتَى تَعْيِنُهُمْ ---- فِي نَصِّ أَهْلِ العِلْمِ وَالعِرْفَانِ
مِنْ كُلِّ ذِي تَقْوًى وَذِي وَرَعٍ وَذِي ---- فِقْهٍ وَذِي عَدْلٍ عَلَى المِيزَانِ
مُتَثَبِّتٍ فِي مَا يَرَى مِنْ قَوْلِهِمْ ---- مُتَمَيِّزٍ بِالضَّبْطِ وَالإتْقَانِ
مُسْتَوْثِقٍ عِلْمَ الرّْجَالِ وَضَالِعٍ ---- بِقَوَاعِدِ التَّمْيِيزِ وَالرُّجْحَانِ
يَدْرِي دَلالاتِ الكَلاَمِ وَحُكْمَهُ ---- وَمُرَادَ أَهْلِهِ مِنْهُ كُلَّ أَوَانِ
وَيُفَرِّقُ الغَالِي عَنِ الأَدْنَى وَمَنْ ---- يَدْعُو لِدِينِهِ فِي بَنِي الإنْسَانِ
وَيَمِيزُ بَيْنَ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا ---- وَيَمِيزُ بَيْنَ حَقَائِقِ الإيمَانِ
وَلَهُ بِعُذْرِ النَّاسِ أَوْسَعُ حُجَّةٍ ---- بِالجَهْلِ أَوْ بِالغَصْبِ وَالنِّسْيَانِ
أَوْ بِانْتِفَاءِ العَقْلِ حَالَ وُرُودِهَا ---- والقَصْدِ أو كَمَقُولَةِ السَّكْرَانِ
فَالنَّاسُ أَغْلَبُهُمْ كَعِيرٍ أَتْبَعَتْ ---- سَيْرَ الرُّعَاةِ وَمَوْثِقَ السَجَّانِ
وَلِبَعْضِهِمْ شُبَهٌ عَمَتْ أَبْصَارَهُمْ ---- عَنْ مَنْظَرِ الآيَاتِ بِالقُرْآنِ
وَلَهُمْ مِنَ التَّأْوِيلِ فَرْعٌ سَائِغٌ ---- فِي المَنْطِقِ العَرَبِيِّ خَيْرِ لِسَانِ
فِي غَيْرِ مَعْلُومٍ مِنَ الأدْيَانِ بَلْ ---- مِنْ غَامِضٍ عَنْ رُؤْيَةِ العُمْيَانِ
وَبِغَيْرِ قَصْدٍ لِلْخِلافِ وَدُونَمَا ---- عَصَبِيَّةٍ تَدْعُو إِلَى الطُّغْيَانِ
أَوْ مِنْ بَعِيدٍ عَنْ دِيَارِ الحَقِّ فِي ---- بَلَدِ الجُحُودِ وَشَاسِعِ الأَوْطَانِ
وَكَذَاكَ مَنْ يَرْوِي فَيَجْدُرُ أَنْ يَرَى ---- حَالَ الّذِي يَرْمِيهِ بِالنُّكْرَانِ
فَلَعَلَّهَا قَوْلٌ جَرَتْ بِمُخَالِفٍ ---- مِمَّنْ بَغَى لِتَنَاقُضِ الأدْيَانِ
فَلِبَعْضِهِمْ ظُلْمٌ عَلَى بَعْضٍ وَذَا ---- بَيْنَ الخَلائِقِ شَاهِدٌ بِعَيَانِ
وَمَقالَةُ الأدْنَى تُقَرِّبُ مَنْ نَأَى ---- عَنْ مَنْزِلِ المَوْسُومِ بِالعِصْيَانِ
وَكَلامُ أَهْلِ البَيْتِ أَنْفَذُ بِالفَتَى ---- مِنْ جُرْحِ قَاصيهَا عَنِ البُلْدَانِ
وَمُعَاصِرٌ أَوْلَى بِقَوْلٍ مِنْ أَخٍ ---- مُتَأَخِّرٍ بِتَعَاقُبِ الأزْمَانِ
وَجَمِيعُ مَا اثْبَتُّهُ مِنْ لازِمٍ ---- للقَوْلِ فِي شَيْءٍ عَلَى البُرْهَانِ
فَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَى التّنَاقُضِ وَالهَوَى ---- لاَ أنَّهُ بِمُرَادِهِمْ ذُو شَانِ
فَلَوَازِمُ الأقْوَالِ لَيْسَتْ مَذْهَبًا ---- إِلاّ مَعَ الإقْرَارِ وَالإذْعَانِ
فصل
في جهاد المبتدع وغيبته وهجره
وَجِهَادُ أَهْلِ الفِسْقِ فِي أَهْوَائِهِمْ ---- مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ للرَّحْمَنِ
حِفْظًا لِشَرْعِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ مِنْ ---- شَرِّ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ
وَبَيَانُ حَالِ المُبْطِلِينَ وَفَضْحُهُمْ ---- مِمَّا أُبِيحَ بِغَيْبَةِ الإِنْسَانِ
مُتَظَلِّمًا وَمُعَرِّفًا وَمُحَذِّرًا ---- لِلخَلْقِ مِنْ آفَاتِ كُلِّ بَنَانِ
وَالهَجْرُ أَيْضًا لِلمُخَالِفِ قَدْ أَتَى ---- فِي السُّنُّةِ الغَرَّاءِ وَالقُرْآنِ
صَوْنًا لِدِينِكَ أَنْ تُلابِسَ شُبْهَةً ---- تُرْدِيكَ فِي شَرَكٍ لِذِي بُطْلانِ
أَوْ أَنَّهَا لِلرَّدْعِ تَزْجُرُ مَنْ بَغَى ---- حَتَّى يُرَدَّ لِصَالِحِ الأدْيَانِ