الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهِ وأتباعهِ بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا السؤال من ليبيا الذي يسأل فيه صاحبهُ عن قضية سِرت وما جرى لهم من قتالٍ مع الدواعِش، أو هذه الطائفة المُسماة بزورًا وبهتانًا بالدولة الإسلامية في العراق والشام والتي أصبح المُختصر لها هذا النحت (داعش)، الدال من الدولة والألف من الإسلامية والعين من العراق والشين من الشأم.
هذا السؤال قد كثُر عليَّ في الجوال فإنهم يسألون أولًا عن قتال هذه الطائفة.
وثانيًا يسألون عن نجدة إخوانهم من مدن متعددة، يسألون عن نجدة إخوانهم في سرت.
وثالثًا: بعضهم يسأل مع من يُقاتِل؟
الجواب:
فأقول أولًا: إن هذه الطائفة طائفة داعش طائفةٌ خارجية مارِقة، لا أعلم في خوارِج هذا الزمان أضرّ على الإسلام والمسلمين منها، فهي طائفة خارجيةٌ مارِقة لا ينبغي لمسلم أن يغتّر بما يراهُ منهم -من مظهر الإسلام- فهم أبعد ما يكونون عن الإسلام، وأفعالهم يبرأ منها الإسلام، ولا يجوز أن تُنسب إلى الإسلام بل يجب على كل مُسلِمٍ أتاهُ الله علمًا ومعرفةً وتمييزًا لهذه الطائفة، ودراية بحالِها وخبرةً بها أن ينصح للمسلمين، وأن يُحذرهم منها، فإنها طائِفةٌ مفسِدةٌ مجرمةٌ أفسَدت في بلاد المسلمين، أفسَدَت في العراق، وأفسدت في الشام، وأفسدت في مصر، وأفسدت في ليبيا، وأفسدت في تونس، وأفسدت في مالي، وأفسدت في شمال شرق موريتانيا، وأفسدت في جنوبِ الجزائر، وفي جنوبِ شرق الجزائِر، وهكذا في بلاد اليمن تُفسِدُ إلى يومنا هذا، وهكذا عندنا نحن في المملكة العربية السعودية تُفسِد غاية الإفساد.
نسأل الله جلَّ وعلا أن يقطع دابرهم، وأن يستأصل شأفتهم، وأن يُظهر أهل الإسلام عليهم فيُذِلوهم ويُهينوهم، نسأل الله جلَّ وعلا أن يُقرَّ أعين المسلمين بهلاكهم وبإذلالهم، وإقصائِهِم عن أُمة الإسلام وإراحة أمة الإسلام منهم. هذا أولًا.
وثانيًا: فيما يسأل هؤلاء الإخوان، إخواننا أهل الإسلام في بلادِ ليبيا أو في غيرها:
أقول: إذا وردوا على ديارِكم فقاتلوهم، واجعلوا لكم راية تلتفون حولها فتقاتلونهم، فإنهم والله إن استولوا عليكم نكَّلوا بكم غاية التنكيل، هؤلاء لا يقيمون لأهل الإسلام حُرمةً ولا وزنا، والمسلِم عندهم أتفهَ من الذبابة والنملة، وقد رأيتموهم يُحرقون خصومهم بالنار نعوذ بالله من ذلك، نعوذ بالله من ذلك، نعوذ بالله من ذلك.
ولكن الذي يُهَّون ويُسلي أهل الإسلام والإيمان ما علموه من الأخبار النبوية الصحيحة التي وردت فيهم وفي أسلافِهِم (أنهم كِلابُ النَّارِ) وإنهم (شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ )، وأنه (طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ) يعني الجنة (أو قتلوه) يعني لمن قتلوه الجنة، وقولهِ عليهِ الصلاة والسلام (إنَّ لمن قتلهم لأجرا)، ولذلك كان عليّ -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- هو صاحب الراية في قتالهم يوم النهراوان، هؤلاء الخوارِج أكثرهم (قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ) كما قال صلوات ربي وسلامه عليه.
ويكفي أنك لا تجد فيهم أحدًا من علماء الإسلام، ولا تجدهم ينتمون إلى أحدٍ من أهل العلِم في أُمة الإسلام -ولله الحمد-.
كما كان أسلافهم في قولِ عبدالله بن عباس رضي الله عنهما لهم لمَّا جاءَ لِمُناظرتهم، قال (جئتكم من عند أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَما أَرَى فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدًا)، يعني طريقهم غير طريق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها (وسَتَفْتَرِقُ إِهَذِهِ الأُمَّةَ عَلَى ثلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ، وأصحابهم رضي الله عنهم الذين قال الله فيهم {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب 23].
الذي قضى نحبه مات على الإسلام والإيمان، والذي ينتظر شَهِد الله له أنهُ لم يُبدل في دينه، هؤلاء الصحابة لم يكن منهم أحدٌ من أصحابِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء المذكورين لم يكن منهم أحد في هؤلاء الخوارِج، فكفى بهذا دلالة على عظيم فساد مذهبهن الذي هم عليه، إذ لو كان خيرًا لكان معهم أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ((َأَصْحَابِي أَمَنَة لِأُمَّتِي)) يعني صمام أمان ((فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا تُوعَد))، لو كان في هؤلاء خير لكان معهم الصحابة رضي الله عنهم لكن لا خير فيهم، فلم يَكُن فيهم أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا معهم أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مع علي -رضي الله عنه وأرضاه- في قتالِهِم، والذي لم يشهد قتالهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأسَّف فيما بعد، وتَحَسَّرَ أنهُ فاتهُ قِتالُ هؤلاء الكِلاب كلاب النَّار، تأسف من لم يحضر قتالَهم من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله تعالى عنه.
فهؤلاء الآن ترونهم لا وجود لعالمٍ واحدٍ معهم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ليسوا معهم، فكفى بهذا دلالة على فسادِ ما هم عليه.
وهكذا قُل مثلهم في جميعِ الشظايا التي تشعبّت عن أم الخوارِج كلها، جماعة الإخوان المُسلمين.
فإنها القاعدة الأم لكل هؤلاء فمنهم خرجت هذه الشظايا، تنظيم سيد قطب عام 1965 بالتاريخ النصراني 1385 بالهجري، تنظيم سيد قُطب ومن معه.
منهم خرجت جماعة التكفير والهجرة، منهم خرجت جماعة التوقف والتبيُن، منهم خرجت جماعة الجهاد، منهم خرجت الجماعة الإسلامية، جماعة عمر عبد الرحمن ومن معه، منهم خرج هؤلاء جميعًا إلى أن جاءت الأم لهذه الشظايا الجديدة وهي جماعة القاعِدة فمنها خرجت داعِش، فداعش هي الإبن الأقوى والأكبر الآن على الساحة للقاعدة، ويليه جبهة النُصرَة، كُلُّهم من هذه القاعدة، القاعِدة عن الخير، الساعية المُسارعة في الشرّ.
فكلُّ هذه الشظايا تعود إلى تنظيم (حسن البنّا) الإخوان المسلمين، وهم كما قال وقلت لكم مراراً الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله رئيس جمعية أنصار السنة المحمَّديَّة في زمانه في مصر: "خوّان المسلمين، خانوا الله سبحانه وتعالى" خانوا أهل الإسلام والآن أنتم ترونَ ثمراتهم.
فهذه الطائفة لا أحد معها من أهل العلم، وهكذا هذه الشَّظايا التي ذكرتُها لكم ممن تشعَّبوا عنها، عن جماعة الإخوان المسلمين، فالإخوان المسلمون كلهم تكفيريّون، بلا استثناء، لكنهم يتفاوتون، وربما يغالط بعضهم في هذا الكلام أقول: بيني وبينك كتبُكُم أنتم موجود هذا الكلام فيها، فكُلُّهم أهل تكفير، لكن منهم من يرى المواجهة بالتَّكفير، ومنهم من يرى المواجهة بإضمار التكفير والاستبدال عنه عوضاً بالتَّكثير، تكثير الأتباع ليُضْغَطَ بهم على الحُكَّام، وهذا الذي نحن قريب عهد به، ما تعرفونه في مظاهرات خُوَّان المسلمين التي كانت في مصر من سنتين تقريباً، واتجاههم إلى ميدان التَّحرير، وإرهاب النَّاس بهذه القوة حتى يُظْهِروا أن القوة والكثرة معهم، فالخط البنّائي بدأ هكذا في آونته الثانية، في مرحلته الثانية بعد ما كُشِف وقُتِل حسن البنّا، وجاء كتاب (دُعاةٌ لا قُضاة) فصاروا ينْحَوْنَ منحى التَكْثير -يعني توسيع- القاعدة في المجتمع بتكثير الأتباع ليُضْغط به بعد ذلك على الحكومات ليَصِلوا إلى ما أرادوا.
أمّا القُطْبِيّون فلا، اتجهوا مباشرةً إلى التَّكفير باختصار، وابحثوا ما شئتم في كتب الإخوان المسلمين -خُوَّان المسلمين- لن تجدوا غير هذين المذهبين انطلقوا منهما.
وفي الآونة الأخيرة ظهر مذهب التكفير أكثر وأكثر وهو مذهب سيد قطب ولم يُكْتَب لهذا المذهب الخبيث من الانتشار في بلد كما كُتِب له في المملكة العربية السعودية وللأسف، وكانوا يستغلُّون من الناس هنا في هذه البلاد حبَّ التوحيد والكلام على الشِّرك، والتحذير من الشرك، فجاؤونا بتوحيد الحاكمية، وشرك الحاكميَّة الذي يقولونه، وجعلوه توحيداً مستقلاً، كانوا يدندنون على التوحيد التوحيد التوحيد ويقصدون به هذا الذي يريدونه وهو تكفير المسلمين- ووالله الذي لا إله غيره- لقد سمعت أذناي قبل ما يقارب الأربعين سنة ستة وثلاثين عام أو يزيد بل أكثر من ذلك وهم يقولون إنَّ كتاب (معالم في الطريق) هذا تلخيصٌ لكتاب (التوحيد) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، كُلُّهُ تكفير، وأنا أقول معالمٌ لي طريق التّكفير، ونُسختي أنا ونُسختي أنا الأولى التي قرأتُها موزَّعَة علينا من الرِّئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والختم الأزرق عليها! -يزعل من يزعل- أنا أعتذر لهم؛ ما يعرفون هذه الكتب ولا قرأوها ومشايخنا أنفسهم ذكروا هذا، لكن الذين تحتهم مسكوا هذه الكتب كانوا يغُشُّون أمَّةَ الإسلام، حرَكِيّون توظَّفوا في هذه المحلات ويشترون هذه الكتب ويُوَزِّعونها.
الشّاهد هذه الطائفة هي أم هذه الطوائف كلّها طائفة الإخوان المسلمين، وطائفة القاعدة هي أم هذه الشظايا الجديدة التي هي داعش والنُّصْرة وقل ما شئت.
نعود بعد ذلك إلى داعش فنقول إنَّ هذه الطائفة يكفي بياناً لظلالها أنه ليس معها أحدٌ من علماء الإسلام، وهذا في حدِّ ذاته كافٍ، لو كانوا على خير لكانوا في درب العلماء، ومع علماء السُّنة والتوحيد وعلماء الإسلام والسُّنة، ولما استقلوا بأنفُسِهم، بل كشفهم الله جلَّ وعلا في هذه الأحداث.
فهذه الطائفة المارقة أقول لإخواني وأبنائي أهل ليبيا من هنا، يجب عليكم أن تسعوْا إلى قتالهم بما استطعتم من قوة إذا وُجِدت القوة التي يلتف حولها والقيادة التي يُلْتَف حولها- والحمدلله- أنا أسمع الآن ومن مدة في ليبيا جيش نظامي للدولة باقي، فعليكم أن تلتحِقوا بهذا الجيش النِّظامي المعترف به والذي له راية وله حكومة وتدعوا الآن إلى مقاتلة الفُّجار انضموا إليهم، ولا تذهبوا من غير ما سلاح في مواجهتهم، رتِّبوا مع حكومتكم ومع جيشِكم وتدرَّبوا وتسلَّحوا ثم بعد ذلك امضوا لهؤلاء تحت راية هذا الجيش النِّظامي المعقود له لواء، المُعترف به، ووراءه قادة يقودونكم في هذا الجانب، لا تترددوا في قتال هؤلاء.
وَإِنْ قتلوا اليوم من أهل سِرْت فإن شاء الله لكم الدّالة غداً بإذن الله تبارك وتعالى، فكونوا مع هذا الجيش الذي يدعو الآن إلى قتالهم وانضموَّا إليه، وتدَّربوا على السلاح وأخلصوا النيّة.
وهكذا ادعوا قادة هذا الجيش أن يُخلصوا النية لله جلَّ وعلا وتكون هذه النية بقصد تخليص أُمة الإسلام من هؤلاء الخوارِج جميعًا، سواء كانوا داعِش أو غير داعِش، هؤلاء الذين يقتلون أُمة الإسلام، فعليكم أن تُنبّهوا قادة الجيش، وأنا أيضًا الآن أذكر هذا ولعلهُ يبلغهم عليهم أن يخلصوا النية لله تعالى فإن في قتالِ داعش وأمثالهم من الخوارِج الأجر العظيم ((طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ أوَقَتَلُوهُ))، ((إنَّ لِمَن قَتَلَهم عِنْدَ اللهِ لَأجْرا)).
فلا تتردوا في محاربة هؤلاء الخوارِج تحت قيادة الجيش النظامي المُهيأ المُرتَّب.
لكن أقول: هؤلاء قومٌ قد تمرَّدوا وتدَّربوا فلا تُسلِموا أنفسكم لهم، عليكم أنتم أن تتدربوا، وأن تستعدوا بالسِلاح.
وأسأل الله جلَّ وعلا أن يُعينكم وأن يوفقكم، كما أسأله جلَّ وعلا أن يأخذ بأيدي الجيش إلى القضاء عليهم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعينهم.
وأدعوا من استطاع من معاونتهم من أهل الإٍسلام أن لا يخذلوهم ويتركوهم، فإنك إن تركت إخوانك أهل الإسلام وخذلتهم في مقابل هؤلاء يوشك أن يتقووا ويعودوا عليك.
اليوم سمعت من بعض المحطات الإعلامية أنَّ حكومة ليبيا الشرعية، ومجلس رئاستها يدعو الدول الإسلامية إلى أن تقومَ بنصرتهم، وأن تضرب مواضع مُحددة لهؤلاء الخوارِج، وأنا أسأل الله جلَّ وعلا أن يوفق ولاة أمر المسلمين في أن يُعينوهم ويستجيبوا لهم، ويتحدّوا ضد هؤلاء الخوارِج، فوالله لئن لم يفعلوا ليرجعن القتل علينا طائفةً طائِفة.
لكن أسأل الله جلَّ وعلا أن يأخذ بأيدي ولاة أمور المسلمين لنُصرَة إخوانهم المسلمين في ليبيا في وجه هؤلاء المجرمين، كما أسأله جلَّ وعلا أن يقطع دابرهم وأن يستأصلَ شأفتهم، وأن يُظهِرَ عليهم وأن يكفي أهل الإسلام شرَّهم إنه جوادٌ كريم.
أما بعد:
فهذا السؤال من ليبيا الذي يسأل فيه صاحبهُ عن قضية سِرت وما جرى لهم من قتالٍ مع الدواعِش، أو هذه الطائفة المُسماة بزورًا وبهتانًا بالدولة الإسلامية في العراق والشام والتي أصبح المُختصر لها هذا النحت (داعش)، الدال من الدولة والألف من الإسلامية والعين من العراق والشين من الشأم.
هذا السؤال قد كثُر عليَّ في الجوال فإنهم يسألون أولًا عن قتال هذه الطائفة.
وثانيًا يسألون عن نجدة إخوانهم من مدن متعددة، يسألون عن نجدة إخوانهم في سرت.
وثالثًا: بعضهم يسأل مع من يُقاتِل؟
الجواب:
فأقول أولًا: إن هذه الطائفة طائفة داعش طائفةٌ خارجية مارِقة، لا أعلم في خوارِج هذا الزمان أضرّ على الإسلام والمسلمين منها، فهي طائفة خارجيةٌ مارِقة لا ينبغي لمسلم أن يغتّر بما يراهُ منهم -من مظهر الإسلام- فهم أبعد ما يكونون عن الإسلام، وأفعالهم يبرأ منها الإسلام، ولا يجوز أن تُنسب إلى الإسلام بل يجب على كل مُسلِمٍ أتاهُ الله علمًا ومعرفةً وتمييزًا لهذه الطائفة، ودراية بحالِها وخبرةً بها أن ينصح للمسلمين، وأن يُحذرهم منها، فإنها طائِفةٌ مفسِدةٌ مجرمةٌ أفسَدت في بلاد المسلمين، أفسَدَت في العراق، وأفسدت في الشام، وأفسدت في مصر، وأفسدت في ليبيا، وأفسدت في تونس، وأفسدت في مالي، وأفسدت في شمال شرق موريتانيا، وأفسدت في جنوبِ الجزائر، وفي جنوبِ شرق الجزائِر، وهكذا في بلاد اليمن تُفسِدُ إلى يومنا هذا، وهكذا عندنا نحن في المملكة العربية السعودية تُفسِد غاية الإفساد.
نسأل الله جلَّ وعلا أن يقطع دابرهم، وأن يستأصل شأفتهم، وأن يُظهر أهل الإسلام عليهم فيُذِلوهم ويُهينوهم، نسأل الله جلَّ وعلا أن يُقرَّ أعين المسلمين بهلاكهم وبإذلالهم، وإقصائِهِم عن أُمة الإسلام وإراحة أمة الإسلام منهم. هذا أولًا.
وثانيًا: فيما يسأل هؤلاء الإخوان، إخواننا أهل الإسلام في بلادِ ليبيا أو في غيرها:
أقول: إذا وردوا على ديارِكم فقاتلوهم، واجعلوا لكم راية تلتفون حولها فتقاتلونهم، فإنهم والله إن استولوا عليكم نكَّلوا بكم غاية التنكيل، هؤلاء لا يقيمون لأهل الإسلام حُرمةً ولا وزنا، والمسلِم عندهم أتفهَ من الذبابة والنملة، وقد رأيتموهم يُحرقون خصومهم بالنار نعوذ بالله من ذلك، نعوذ بالله من ذلك، نعوذ بالله من ذلك.
ولكن الذي يُهَّون ويُسلي أهل الإسلام والإيمان ما علموه من الأخبار النبوية الصحيحة التي وردت فيهم وفي أسلافِهِم (أنهم كِلابُ النَّارِ) وإنهم (شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ )، وأنه (طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ) يعني الجنة (أو قتلوه) يعني لمن قتلوه الجنة، وقولهِ عليهِ الصلاة والسلام (إنَّ لمن قتلهم لأجرا)، ولذلك كان عليّ -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- هو صاحب الراية في قتالهم يوم النهراوان، هؤلاء الخوارِج أكثرهم (قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ) كما قال صلوات ربي وسلامه عليه.
ويكفي أنك لا تجد فيهم أحدًا من علماء الإسلام، ولا تجدهم ينتمون إلى أحدٍ من أهل العلِم في أُمة الإسلام -ولله الحمد-.
كما كان أسلافهم في قولِ عبدالله بن عباس رضي الله عنهما لهم لمَّا جاءَ لِمُناظرتهم، قال (جئتكم من عند أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَما أَرَى فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدًا)، يعني طريقهم غير طريق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها (وسَتَفْتَرِقُ إِهَذِهِ الأُمَّةَ عَلَى ثلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ، وأصحابهم رضي الله عنهم الذين قال الله فيهم {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب 23].
الذي قضى نحبه مات على الإسلام والإيمان، والذي ينتظر شَهِد الله له أنهُ لم يُبدل في دينه، هؤلاء الصحابة لم يكن منهم أحدٌ من أصحابِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء المذكورين لم يكن منهم أحد في هؤلاء الخوارِج، فكفى بهذا دلالة على عظيم فساد مذهبهن الذي هم عليه، إذ لو كان خيرًا لكان معهم أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ((َأَصْحَابِي أَمَنَة لِأُمَّتِي)) يعني صمام أمان ((فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا تُوعَد))، لو كان في هؤلاء خير لكان معهم الصحابة رضي الله عنهم لكن لا خير فيهم، فلم يَكُن فيهم أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا معهم أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مع علي -رضي الله عنه وأرضاه- في قتالِهِم، والذي لم يشهد قتالهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأسَّف فيما بعد، وتَحَسَّرَ أنهُ فاتهُ قِتالُ هؤلاء الكِلاب كلاب النَّار، تأسف من لم يحضر قتالَهم من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله تعالى عنه.
فهؤلاء الآن ترونهم لا وجود لعالمٍ واحدٍ معهم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ليسوا معهم، فكفى بهذا دلالة على فسادِ ما هم عليه.
وهكذا قُل مثلهم في جميعِ الشظايا التي تشعبّت عن أم الخوارِج كلها، جماعة الإخوان المُسلمين.
فإنها القاعدة الأم لكل هؤلاء فمنهم خرجت هذه الشظايا، تنظيم سيد قطب عام 1965 بالتاريخ النصراني 1385 بالهجري، تنظيم سيد قُطب ومن معه.
منهم خرجت جماعة التكفير والهجرة، منهم خرجت جماعة التوقف والتبيُن، منهم خرجت جماعة الجهاد، منهم خرجت الجماعة الإسلامية، جماعة عمر عبد الرحمن ومن معه، منهم خرج هؤلاء جميعًا إلى أن جاءت الأم لهذه الشظايا الجديدة وهي جماعة القاعِدة فمنها خرجت داعِش، فداعش هي الإبن الأقوى والأكبر الآن على الساحة للقاعدة، ويليه جبهة النُصرَة، كُلُّهم من هذه القاعدة، القاعِدة عن الخير، الساعية المُسارعة في الشرّ.
فكلُّ هذه الشظايا تعود إلى تنظيم (حسن البنّا) الإخوان المسلمين، وهم كما قال وقلت لكم مراراً الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله رئيس جمعية أنصار السنة المحمَّديَّة في زمانه في مصر: "خوّان المسلمين، خانوا الله سبحانه وتعالى" خانوا أهل الإسلام والآن أنتم ترونَ ثمراتهم.
فهذه الطائفة لا أحد معها من أهل العلم، وهكذا هذه الشَّظايا التي ذكرتُها لكم ممن تشعَّبوا عنها، عن جماعة الإخوان المسلمين، فالإخوان المسلمون كلهم تكفيريّون، بلا استثناء، لكنهم يتفاوتون، وربما يغالط بعضهم في هذا الكلام أقول: بيني وبينك كتبُكُم أنتم موجود هذا الكلام فيها، فكُلُّهم أهل تكفير، لكن منهم من يرى المواجهة بالتَّكفير، ومنهم من يرى المواجهة بإضمار التكفير والاستبدال عنه عوضاً بالتَّكثير، تكثير الأتباع ليُضْغَطَ بهم على الحُكَّام، وهذا الذي نحن قريب عهد به، ما تعرفونه في مظاهرات خُوَّان المسلمين التي كانت في مصر من سنتين تقريباً، واتجاههم إلى ميدان التَّحرير، وإرهاب النَّاس بهذه القوة حتى يُظْهِروا أن القوة والكثرة معهم، فالخط البنّائي بدأ هكذا في آونته الثانية، في مرحلته الثانية بعد ما كُشِف وقُتِل حسن البنّا، وجاء كتاب (دُعاةٌ لا قُضاة) فصاروا ينْحَوْنَ منحى التَكْثير -يعني توسيع- القاعدة في المجتمع بتكثير الأتباع ليُضْغط به بعد ذلك على الحكومات ليَصِلوا إلى ما أرادوا.
أمّا القُطْبِيّون فلا، اتجهوا مباشرةً إلى التَّكفير باختصار، وابحثوا ما شئتم في كتب الإخوان المسلمين -خُوَّان المسلمين- لن تجدوا غير هذين المذهبين انطلقوا منهما.
وفي الآونة الأخيرة ظهر مذهب التكفير أكثر وأكثر وهو مذهب سيد قطب ولم يُكْتَب لهذا المذهب الخبيث من الانتشار في بلد كما كُتِب له في المملكة العربية السعودية وللأسف، وكانوا يستغلُّون من الناس هنا في هذه البلاد حبَّ التوحيد والكلام على الشِّرك، والتحذير من الشرك، فجاؤونا بتوحيد الحاكمية، وشرك الحاكميَّة الذي يقولونه، وجعلوه توحيداً مستقلاً، كانوا يدندنون على التوحيد التوحيد التوحيد ويقصدون به هذا الذي يريدونه وهو تكفير المسلمين- ووالله الذي لا إله غيره- لقد سمعت أذناي قبل ما يقارب الأربعين سنة ستة وثلاثين عام أو يزيد بل أكثر من ذلك وهم يقولون إنَّ كتاب (معالم في الطريق) هذا تلخيصٌ لكتاب (التوحيد) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، كُلُّهُ تكفير، وأنا أقول معالمٌ لي طريق التّكفير، ونُسختي أنا ونُسختي أنا الأولى التي قرأتُها موزَّعَة علينا من الرِّئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والختم الأزرق عليها! -يزعل من يزعل- أنا أعتذر لهم؛ ما يعرفون هذه الكتب ولا قرأوها ومشايخنا أنفسهم ذكروا هذا، لكن الذين تحتهم مسكوا هذه الكتب كانوا يغُشُّون أمَّةَ الإسلام، حرَكِيّون توظَّفوا في هذه المحلات ويشترون هذه الكتب ويُوَزِّعونها.
الشّاهد هذه الطائفة هي أم هذه الطوائف كلّها طائفة الإخوان المسلمين، وطائفة القاعدة هي أم هذه الشظايا الجديدة التي هي داعش والنُّصْرة وقل ما شئت.
نعود بعد ذلك إلى داعش فنقول إنَّ هذه الطائفة يكفي بياناً لظلالها أنه ليس معها أحدٌ من علماء الإسلام، وهذا في حدِّ ذاته كافٍ، لو كانوا على خير لكانوا في درب العلماء، ومع علماء السُّنة والتوحيد وعلماء الإسلام والسُّنة، ولما استقلوا بأنفُسِهم، بل كشفهم الله جلَّ وعلا في هذه الأحداث.
فهذه الطائفة المارقة أقول لإخواني وأبنائي أهل ليبيا من هنا، يجب عليكم أن تسعوْا إلى قتالهم بما استطعتم من قوة إذا وُجِدت القوة التي يلتف حولها والقيادة التي يُلْتَف حولها- والحمدلله- أنا أسمع الآن ومن مدة في ليبيا جيش نظامي للدولة باقي، فعليكم أن تلتحِقوا بهذا الجيش النِّظامي المعترف به والذي له راية وله حكومة وتدعوا الآن إلى مقاتلة الفُّجار انضموا إليهم، ولا تذهبوا من غير ما سلاح في مواجهتهم، رتِّبوا مع حكومتكم ومع جيشِكم وتدرَّبوا وتسلَّحوا ثم بعد ذلك امضوا لهؤلاء تحت راية هذا الجيش النِّظامي المعقود له لواء، المُعترف به، ووراءه قادة يقودونكم في هذا الجانب، لا تترددوا في قتال هؤلاء.
وَإِنْ قتلوا اليوم من أهل سِرْت فإن شاء الله لكم الدّالة غداً بإذن الله تبارك وتعالى، فكونوا مع هذا الجيش الذي يدعو الآن إلى قتالهم وانضموَّا إليه، وتدَّربوا على السلاح وأخلصوا النيّة.
وهكذا ادعوا قادة هذا الجيش أن يُخلصوا النية لله جلَّ وعلا وتكون هذه النية بقصد تخليص أُمة الإسلام من هؤلاء الخوارِج جميعًا، سواء كانوا داعِش أو غير داعِش، هؤلاء الذين يقتلون أُمة الإسلام، فعليكم أن تُنبّهوا قادة الجيش، وأنا أيضًا الآن أذكر هذا ولعلهُ يبلغهم عليهم أن يخلصوا النية لله تعالى فإن في قتالِ داعش وأمثالهم من الخوارِج الأجر العظيم ((طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ أوَقَتَلُوهُ))، ((إنَّ لِمَن قَتَلَهم عِنْدَ اللهِ لَأجْرا)).
فلا تتردوا في محاربة هؤلاء الخوارِج تحت قيادة الجيش النظامي المُهيأ المُرتَّب.
لكن أقول: هؤلاء قومٌ قد تمرَّدوا وتدَّربوا فلا تُسلِموا أنفسكم لهم، عليكم أنتم أن تتدربوا، وأن تستعدوا بالسِلاح.
وأسأل الله جلَّ وعلا أن يُعينكم وأن يوفقكم، كما أسأله جلَّ وعلا أن يأخذ بأيدي الجيش إلى القضاء عليهم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعينهم.
وأدعوا من استطاع من معاونتهم من أهل الإٍسلام أن لا يخذلوهم ويتركوهم، فإنك إن تركت إخوانك أهل الإسلام وخذلتهم في مقابل هؤلاء يوشك أن يتقووا ويعودوا عليك.
اليوم سمعت من بعض المحطات الإعلامية أنَّ حكومة ليبيا الشرعية، ومجلس رئاستها يدعو الدول الإسلامية إلى أن تقومَ بنصرتهم، وأن تضرب مواضع مُحددة لهؤلاء الخوارِج، وأنا أسأل الله جلَّ وعلا أن يوفق ولاة أمر المسلمين في أن يُعينوهم ويستجيبوا لهم، ويتحدّوا ضد هؤلاء الخوارِج، فوالله لئن لم يفعلوا ليرجعن القتل علينا طائفةً طائِفة.
لكن أسأل الله جلَّ وعلا أن يأخذ بأيدي ولاة أمور المسلمين لنُصرَة إخوانهم المسلمين في ليبيا في وجه هؤلاء المجرمين، كما أسأله جلَّ وعلا أن يقطع دابرهم وأن يستأصلَ شأفتهم، وأن يُظهِرَ عليهم وأن يكفي أهل الإسلام شرَّهم إنه جوادٌ كريم.
قال هذا القول
محمد بن هادي بن علي فقيه محمد المدخلي
في مساءِ يومِ السبتِ بعد صلاة العشاء
في جامِعِ التقوى بمدينة جازان، الثلاثين من شوال