ايران تلوح بـ”حرب نفطية” ضد غريمتها السعودية.. فمن الخاسر ومن الرابح في هذه الحرب؟ وما هي انعكاساتها على مواجهات البلدين في سورية واليمن؟ وما هي “الاسلحة” المستخدمة وما مدى فاعليتها؟
يبدو ان غرق منطقة “الشرق الاوسط” في اكثر من حرب في العراق وليبيا وسورية واليمن لا يكفي لتدمير قدراتها الاقتصادية وبناها التحتية، وقتل مئات الآلاف، وتشريد الملايين منهم، فالمنطقة تقف حاليا على اعتاب حرب نفطية مدمرة طرفاها الخصمين المتحاربين بالوكالة، اي المملكة العربية السعودية وايران.
وزير النفط الايراني بجين زنكنة اكد الثلاثاء وبشكل حاسم ان ايران عازمة على زيادة انتاجها النفطي بحوالي مليون برميل فور رفع الحظر المفروض عليها، وبيعه في الاسواق العالمية بغض النظر عن السعر.
حصة ايران قبل فرض الحظر على صادراتها كانت 3.7 مليون برميل يوميا، انخفضت الى 2.7 مليون برميل، ويبدو ان قرارا استراتيجيا اتخذته قيادتها باستعادة حصتها النفطية كاملة، بما في ذلك 600 الف برميل كانت تصدرها الى اوروبا.
هذه الحرب النفطية بدأتها المملكة العربية السعودية، عندما اغرقت الاسواق النفطية العالمية بأكثر من مليون برميل، مما ادى الى خلق فائض بمعدل مليوني برميل، وانهيار اسعار النفط بالتالي، ضاربة عرض الحائط بكل الآراء في اوساط “اوبك” بضرورة تخفيض الانتاج لامتصاص هذا الفائض، وبما يؤدي الى استقرار اسعار النفط فوق مئة دولار على الاقل.
القرار السعودي كان قرارا سياسيا يهدف الى الحاق الضرر بالاقتصادين الايراني والروسي كنوع من الضغط على البلدين للتجاوب مع المطالب السعودية في اسقاط النظام السوري، ولكنه ما حدث هو العكس تماما، فقد انخفضت الاسعار الى النصف، وخسرت دول الخليج والسعودية، على وجه الخصوص، حوالي 250 مليار دولار سنويا بسبب هذا الانخفاض.
اسعار النفط تحوم حاليا حول سقف الاربعين دولارا للبرميل في المتوسط، وهناك توقعات بانخفاضها الى حوالي 35 دولارا مع نهاية هذا العام، ان لم يكن اقل، بعد تراجع معدلات النمو الاقتصادي في الصين، وحدوث انهيارات في الاسواق المالية العالمية نتيجة لذلك.
تهديد ايران بإغراق السوق يشكل تحديا للمملكة العربية السعودية، ومحاولة لالحاق مزيد من الضرر باقتصادها، وسلاح المال الذي تستخدمه لشراء ولاءات دول وعشائر وقبائل في اليمن وسورية والعراق وليبيا، وهي الدول التي فيها حروب شرسة، وكأن لسان حال ايران يقول انتم بدأتم هذه الحرب، وعليكم ان تكتووا بنارها ايضا.
هناك بعض المحللين الذين يقولون ان ايران لن تتمكن من زيادة انتاجها بمعدل مليون برميل يوميا قبل مرور عدة سنوات،لان آبارها النفطية بحاجة الى صيانة وتحديث لزيادة قدرتها على الانتاج، لكن هناك وجهة نظر اخرى تقول انها تستطيع زيادة انتاجها نصف مليون برميل يوميا فور الحظر، ثم ترتفع تدريجيا الى سقف المليون في غضون عام.
المملكة العربية السعودية ستكون المتضرر الاكبر من انهيار اسعار النفط لان اقتصادها يعتمد بنسبة 90 بالمئة على عائداته، على عكس الاقتصاد الايراني المتنوع الذي لا تشكل الصادرات النفطية غير 60 بالمئة من مجموعه، مضافا الى ذلك انها، اي ايران، تملك 18 بالمئة من احتياطات الغاز في العالم.
وعندما نقول ان السعودية ستكون المتضرر الاكبر رغم تسليمنا بأنها تملك احتياطات مالية في حدود 670 مليار دولار، فهذا عائد الى انفاقها الضخم في الداخل لرشوة الشعب السعودي، وسد العجز الكبير في ميزانيتها الذي يقدر بأكثر من 150 مليار دولار هذا العام، ويمكن ان يرتفع مع كل انخفاض لاسعار النفط حتى ان القيادة السعودية بدأت تقترض من البنوك المحلية والمودعين بطرح سندات بالريال، وتدرس فرض ضرائب على الدخل، ورفع الدعم عن المواد الاساسية، وخاصة المحروقات، وهو دعم يبلغ حجمه في حالة المحروقات فقط حوالي 50 مليار دولار سنويا.
السعودية لن تفلس بين ليلة وضحاها، لكن الامر المؤكد ان قدرتها على استخدام سلاح المال وتوظيفه في حروبها ضد خصومها ستتراجع بسرعة كبيرة، والشيء نفسه يقال عن احتياطاتها المالية الضخمة، التي تؤكد معظم التوقعات انها ستتبخر في غضون بضعة اعوام، اذا ما استمر الانفاق بمعدلاته الحالية، وتورطت اكثر في حروبها في سورية واليمن وضد “الدولة الاسلامية”، واستمرت في انفاق عشرات المليارات على صفقات اسلحة.
الايرانيون يدركون هذه الحقائق، ويعرفون نقاط ضعف خصمهم جيدا، وتلويحهم بإغراق الاسواق العالمية بنفط اضافي من قبلهم وحلفائهم في العراق وروسيا سيدفع بالاسعار الى مستويات متدنية جدا، وعلينا ان لا ننسى السعودية عندما تجاوزت ازمات سابقة خاصة في اواخر الثمانينات من القرن الماضي عندما انخفضت الاسعار الى دون العشرة دولارات، فإن ذلك جاء لان عدد سكانها كان اقل من نصف ما هو عليه الآن، ولانها استولت على حصة العراق بعد فرض حصار كامل على صادراته، اما الآن فالصورة مختلفة كليا، فعدد السكان تضاعف، والسخط الشعبي كبير، ووسائل التواصل الاجتماعي لا تخفي الحقائق، والاهدار المالي من بينها، ولا نبالغ اذا قلنا ان المستقبل ينبيء بسنوات عجاف، بل ربما عجاف جدا.
منقول عن رأي اليوم
التعليق
لكن اين مصلحة الجزائر في هذه الحرب
الكل يتذكر ذلك التناسق بين الموقفين لايراني و الجزائري
في كل مشاورات الدول المصدرة للنفط
لكن الحالة السياسية التي تمر بها المنطقة تغيرت
وقد لا تجد ايران حليفا لها للدفاع عن ثمن البترول
خصوصا ان مكانة ايران في البلدان العربية تقهقرت
لما قامت به في العراق و اليمن
الايام القادمة كفيلة بالاجابة
يبدو ان غرق منطقة “الشرق الاوسط” في اكثر من حرب في العراق وليبيا وسورية واليمن لا يكفي لتدمير قدراتها الاقتصادية وبناها التحتية، وقتل مئات الآلاف، وتشريد الملايين منهم، فالمنطقة تقف حاليا على اعتاب حرب نفطية مدمرة طرفاها الخصمين المتحاربين بالوكالة، اي المملكة العربية السعودية وايران.
وزير النفط الايراني بجين زنكنة اكد الثلاثاء وبشكل حاسم ان ايران عازمة على زيادة انتاجها النفطي بحوالي مليون برميل فور رفع الحظر المفروض عليها، وبيعه في الاسواق العالمية بغض النظر عن السعر.
حصة ايران قبل فرض الحظر على صادراتها كانت 3.7 مليون برميل يوميا، انخفضت الى 2.7 مليون برميل، ويبدو ان قرارا استراتيجيا اتخذته قيادتها باستعادة حصتها النفطية كاملة، بما في ذلك 600 الف برميل كانت تصدرها الى اوروبا.
هذه الحرب النفطية بدأتها المملكة العربية السعودية، عندما اغرقت الاسواق النفطية العالمية بأكثر من مليون برميل، مما ادى الى خلق فائض بمعدل مليوني برميل، وانهيار اسعار النفط بالتالي، ضاربة عرض الحائط بكل الآراء في اوساط “اوبك” بضرورة تخفيض الانتاج لامتصاص هذا الفائض، وبما يؤدي الى استقرار اسعار النفط فوق مئة دولار على الاقل.
القرار السعودي كان قرارا سياسيا يهدف الى الحاق الضرر بالاقتصادين الايراني والروسي كنوع من الضغط على البلدين للتجاوب مع المطالب السعودية في اسقاط النظام السوري، ولكنه ما حدث هو العكس تماما، فقد انخفضت الاسعار الى النصف، وخسرت دول الخليج والسعودية، على وجه الخصوص، حوالي 250 مليار دولار سنويا بسبب هذا الانخفاض.
اسعار النفط تحوم حاليا حول سقف الاربعين دولارا للبرميل في المتوسط، وهناك توقعات بانخفاضها الى حوالي 35 دولارا مع نهاية هذا العام، ان لم يكن اقل، بعد تراجع معدلات النمو الاقتصادي في الصين، وحدوث انهيارات في الاسواق المالية العالمية نتيجة لذلك.
تهديد ايران بإغراق السوق يشكل تحديا للمملكة العربية السعودية، ومحاولة لالحاق مزيد من الضرر باقتصادها، وسلاح المال الذي تستخدمه لشراء ولاءات دول وعشائر وقبائل في اليمن وسورية والعراق وليبيا، وهي الدول التي فيها حروب شرسة، وكأن لسان حال ايران يقول انتم بدأتم هذه الحرب، وعليكم ان تكتووا بنارها ايضا.
هناك بعض المحللين الذين يقولون ان ايران لن تتمكن من زيادة انتاجها بمعدل مليون برميل يوميا قبل مرور عدة سنوات،لان آبارها النفطية بحاجة الى صيانة وتحديث لزيادة قدرتها على الانتاج، لكن هناك وجهة نظر اخرى تقول انها تستطيع زيادة انتاجها نصف مليون برميل يوميا فور الحظر، ثم ترتفع تدريجيا الى سقف المليون في غضون عام.
المملكة العربية السعودية ستكون المتضرر الاكبر من انهيار اسعار النفط لان اقتصادها يعتمد بنسبة 90 بالمئة على عائداته، على عكس الاقتصاد الايراني المتنوع الذي لا تشكل الصادرات النفطية غير 60 بالمئة من مجموعه، مضافا الى ذلك انها، اي ايران، تملك 18 بالمئة من احتياطات الغاز في العالم.
وعندما نقول ان السعودية ستكون المتضرر الاكبر رغم تسليمنا بأنها تملك احتياطات مالية في حدود 670 مليار دولار، فهذا عائد الى انفاقها الضخم في الداخل لرشوة الشعب السعودي، وسد العجز الكبير في ميزانيتها الذي يقدر بأكثر من 150 مليار دولار هذا العام، ويمكن ان يرتفع مع كل انخفاض لاسعار النفط حتى ان القيادة السعودية بدأت تقترض من البنوك المحلية والمودعين بطرح سندات بالريال، وتدرس فرض ضرائب على الدخل، ورفع الدعم عن المواد الاساسية، وخاصة المحروقات، وهو دعم يبلغ حجمه في حالة المحروقات فقط حوالي 50 مليار دولار سنويا.
السعودية لن تفلس بين ليلة وضحاها، لكن الامر المؤكد ان قدرتها على استخدام سلاح المال وتوظيفه في حروبها ضد خصومها ستتراجع بسرعة كبيرة، والشيء نفسه يقال عن احتياطاتها المالية الضخمة، التي تؤكد معظم التوقعات انها ستتبخر في غضون بضعة اعوام، اذا ما استمر الانفاق بمعدلاته الحالية، وتورطت اكثر في حروبها في سورية واليمن وضد “الدولة الاسلامية”، واستمرت في انفاق عشرات المليارات على صفقات اسلحة.
الايرانيون يدركون هذه الحقائق، ويعرفون نقاط ضعف خصمهم جيدا، وتلويحهم بإغراق الاسواق العالمية بنفط اضافي من قبلهم وحلفائهم في العراق وروسيا سيدفع بالاسعار الى مستويات متدنية جدا، وعلينا ان لا ننسى السعودية عندما تجاوزت ازمات سابقة خاصة في اواخر الثمانينات من القرن الماضي عندما انخفضت الاسعار الى دون العشرة دولارات، فإن ذلك جاء لان عدد سكانها كان اقل من نصف ما هو عليه الآن، ولانها استولت على حصة العراق بعد فرض حصار كامل على صادراته، اما الآن فالصورة مختلفة كليا، فعدد السكان تضاعف، والسخط الشعبي كبير، ووسائل التواصل الاجتماعي لا تخفي الحقائق، والاهدار المالي من بينها، ولا نبالغ اذا قلنا ان المستقبل ينبيء بسنوات عجاف، بل ربما عجاف جدا.
منقول عن رأي اليوم
التعليق
لكن اين مصلحة الجزائر في هذه الحرب
الكل يتذكر ذلك التناسق بين الموقفين لايراني و الجزائري
في كل مشاورات الدول المصدرة للنفط
لكن الحالة السياسية التي تمر بها المنطقة تغيرت
وقد لا تجد ايران حليفا لها للدفاع عن ثمن البترول
خصوصا ان مكانة ايران في البلدان العربية تقهقرت
لما قامت به في العراق و اليمن
الايام القادمة كفيلة بالاجابة