* هناك ضابطان مهمان في قراءة التاريخ الذي وقع ما بين الصحابة:
- أن نعتقد أنهم خير البشرية بعد الأنبياء. - أن نعتقد أنهم غير معصومين.
* أهم كتاب في التاريخ الإسلامي:
كتاب «تاريخ الإمام الطبري» ويقدّم على غيره لعدة أسباب منها: - قرب عهده من الحوادث لأنه ولد عام 224هـ وتوفي عام 310هـ.
- يروي التاريخ بالأسانيد والعهدة على الراوي ومن أسند فقد برأت ذمته.
- أنه المرجع والأصل في كتب التاريخ.
* أكثر الأسانيد في كتاب الإمام الطبري:
- أبو مخنف لوط بن يحيى([1]) وقد قال عنه الدارقطني: «ضعيف» وقال ابن معين: «ليس بثقة» وقال أبو حاتم: «متروك الحديث».
- الواقدي([2]) وهو إمام في التاريخ وحافظ ولكن أجمع الحفّاظ على ضعفه ومتّهم بالكذب.
- سيف بن عمر التميمي([3]) وهو متروك الحديث ولكنه مؤرخ معروف.
- الكلبي([4]) وهو كذاب مشهور لا تثبت روايته.
* قال الإمام محمد بن سيرين رحمه الله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمّوا لنا رجالكم فينظر إن كان من أهل السنة أُخذ حديثه، وإن كان من أهل البدعة فلا يؤخذ حديثه».
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
مختصر خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه
بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، جُعلت الخلافة شورى في السِّتة وهم: «عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وابن عوف، وسعد بن أبي وقاص» فتنازل بعضهم لبعض واختاروا عثمان بن عفان وكانت خلافته من السنة 23هـ إلى السنة 35هـ. * من أهم الأحداث في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه:
[FONT="]- الفتوحات الإسلامية ونشر الإسلام في البلاد.[/FONT] [FONT="]- توسعة الحرمين.[/FONT] [FONT="]- نسخ القرآن وتوحيده في الأمصار.[/FONT]
* أسباب الفتنة التي وقعت في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه:
[FONT="]- إثارة الناس من طريق عبدالله بن سبأ اليهودي.[/FONT] [FONT="]- الرخاء والأمن الذي أصاب الأمة الإسلامية.[/FONT] [FONT="]- الاختلاف بين طبع عمر وطبع عثمان فكان عمر شديداً وكان عثمان حليماً رؤوفاً وتجرؤا عليه رضي الله عنهما.[/FONT] [FONT="]- استثقال بعض القبائل لرئاسة قريش.[/FONT]
* مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه:
خرج أُناس من مصر والبصرة والكوفة إلى المدينة في سنة 35هـ يريدون الخروج على عثمان ونزع الخلافة منه واستغلوا وقت خروج أهل المدينة إلى الحج وانتشار الصحابة في الأمصار بعد الفتوحات وكان هؤلاء الطغاة قرابة ستة آلاف رجل، وحاصروا عثمان في بيته وأمر عثمان أن لا يُقاتل هؤلاء حفاظاً على دماء الصحابة، حتى قال لعبيده: (من وضع السلاح فهو حُر لوجه الله) فحوصر أربعين ليلة حتى قتلوه والقرآن بين يديه ودفن في حديقة بيته وأُدخل قبره فيما بعد في مقبرة البقيع.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
مختصر خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بويع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مقتل عثمان بن عفان وكانت خلافته من السنة 35هـ إلى السنة 40هـ.
فظهرت الفتنة العظيمة ما بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في معركة الجمل في سنة 36هـ ما بين علي بن أبي طالب وجيشه القادم من المدينة إلى الكوفة بعد خروج عائشة والزبير وطلحة من مكة إلى الكوفة يريدون القصاص من قتلة عثمان وكان سبب المعركة السبئية لعنهم الله وأشعلوا فتيل النار بين الصحابة وقُتل منهم الكثير مثل: الزبير وطلحة رضي الله عنهما. وكذلك حدثت بعدها موقعة صفين في سنة 37هـ ما بين علي بن أبي طالب وجيشه وبين معاوية بن أبي سفيان والي الشام وجيشه فعندما رفض معاوية مبايعة علي بن أبي طالب والتقى الجيشان وكانت بينهم معركة صفين وقتل فيها بعض الصحابة مثل: «عمّار بن ياسر» حتى رُفعت المصاحف واصطلح الجيشان في تحكيم أبي موسى الأشعري من جيش علي بن أبي طالب، وعمرو بن العاص من جيش معاوية بن أبي سفيان، ورجع الجيشان إلى مقرهما واصطلحا وفي رجوع علي بن أبي طالب وجيشه للكوفة، خرج الخوارج إلى النهروان ودعاهم ورجع بعضهم وقتل الباقي في معركة النهروان سنة 38هـ.
* ملاحظة هامة في موقعة الجمل وموقعة صفين:
جميع الصحابة متفقون في القصاص من قتلة عثمان في الكوفة ومختلفون في الوقت. فكان علي بن أبي طالب يؤجّل القصاص حتى يتمكَّن من الخلافة ثم ينفذ ما يطلبون، ولكن معاوية ابن عم عثمان يريد القصاص ثم يبايع على الخلافة.
* مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
قتل علي بن أبي طالب ذاك الرجل الخارجي الذي يُسمى عبدالرحمن بن ملجم المرادي وهو خارج لصلاة الفجر في 17 من شهر رمضان في سنة 40هـ.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
مختصر خلافة أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب
رضي الله عنهما
بعد مقتل علي بن أبي طالب بايع أهل الكوفة الحسن ابنه لمدة ستة أشهر وتنازل عن الخلافة لمعاوية، فكان أول ملك للعرب وسمي ذلك العام بعام الجماعة وحاول السبئية لعنهم الله قتل الحسن أكثر من مرة حتى مات مسموماً في المدينة ودفن بجوار أمه فاطمة بالبقيع رضي الله عنهما في سنة 44هـ.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
مختصر خلافة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما
قال سفينة أبو عبدالرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله ملكه من يشاء) فكانت خلافة معاوية من السنة 41هـ إلى السنة 60هـ وأوصى قبل وفاته أن تكون الخلافة لابنه يزيد من بعده، وعندما توفي معاوية وأخذ الخلافة يزيد وظهر ابن عمر وعبدالله بن الزبير وابن عباس والحسين رضي الله عنهم أجمعين وهم يستحقون الخلافة وأصلها شورى وخالفهم معاوية بأن جعلها وراثة، ولم يبايعوا وأرسل يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة وقاتل أهل المدينة وسميت موقعة الحرة وخرج من المدينة ومات بسبب مرض الفالج برأسه بسبب دعوة المسلمين عليه فحدثت أحداث عظيمة.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
أهل العراق يراسلون الحسين بن علي رضي الله عنهما
بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية وهم لا يريدون يزيد بن معاوية، بل ولا يريدون معاوية ولا يريدون إلا علياً وأولاده رضي الله عنهم أجمعين فأرسلوا الكتب إلى الحسين وكلهم يقولون في كتبهم: «إنَّا بايعناك ولا نريد إلا أنت وليس في عنقنا بيعة ليزيد بل البيعة لك»، وتكاثرت الكتب على الحسين حتى بلغت أكثر من خمسمائة كتاب كلها جاءته من أهل الكوفة بدعوته إليهم فعند ذلك أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب لتقصّي الأمور هناك وليعرف حقيقة الأمر فلما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة صار يسأل حتى علم أن الناس هناك لا يريدون يزيد بن معاوية بل يريدون الحسين ونزل عند هانىء بن عروة وجاء الناس جماعات ووحدانا يبايعون مسلم بن عقيل على بيعة الحسين فتمت البيعة وكان النعمان بن بشير أميراً على الكوفة من قبل يزيد بن معاوية فلما بلغه الأمر أن مسلم بن عقيل بين ظهرانيهم وأنه يأتيه الناس ويبايعونه للحسين أظهر كأنه لم يسمع شيئاً ولم يعبأ بالأمر حتى خرج بعض الذين عنده إلى يزيد بن معاوية في الشام وأخبروه بالأمر وأن مسلم ابن عقيل يبايعه الناس وأن النعمان بن بشير غير مكترث بهذا الأمر فأمر يزيد بن معاوية بعزل النعمان بن بشير وأرسل عبيد الله بن زياد أميراً على الكوفة وكان أميراً على البصرة معها ليعالج هذا الأمر فوصل عبيد الله بن زياد ليلاً إلى الكوفة مُتلثماً فكان عندما يمر على الناس يُسلِّم عليهم ويقولون: «وعليك السلام يا ابن بنت رسول الله» يظنون أنه الحسين وأنه دخل متخفياً متلثماً ليلاً، فعلم عبيد الله بن زياد أن الأمر جِدّ وأن الناس ينتظرون الحسين، فعند ذلك دخل القصر ثم أرسل مولى له اسمه معقل ليتقصّى الأمر ويعرف من الرأس المدبِّر في هذه المسألة فذهب على أنه رجل من حمص وأنه جاء بثلاثة آلاف دينار لمساندة الحسين فصار يسأل حتى دُلَّ على دار هانىء بن عروة، فدخل ووجد مسلم بن عقيل وبايعه وأعطاه الثلاثة آلاف دينار وصار يتردد أياماً حتى عرف ما عندهم ورجع بعد ذلك إلى عبيد الله بن زياد وأخبره الخبر.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
خروج الحسين بن علي رضي الله عنهما من مكة إلى الكوفة
بعد أن استقرت الأمور وبايع كثير من الناس مسلم بن عقيل أرسل إلى الحسين أن أقدِم فإن الأمر قد تهيأ، فخرج الحسين في يوم التروية وكان عبيد الله بن زياد قد علم ما قام به مسلم بن عقيل فقال: عليَّ بهانىء بن عروة فجيء به فسأل: أين مسلم بن عقيل؟ قال: لا أدري. فنادى مولاه معقلاً فدخل عليه فقال: هل تعرفه؟ قال: نعم، فأُسقط في يده، وعرف أن المسألة كانت خدعة من عبيد الله بن زياد فقال له عند ذلك: أين مسلم بن عقيل؟ فقال: والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها، فضربه عبيد الله بن زياد ثم أمر بحبسه وبلغ الخبر مسلم ابن عقيل فخرج بأربعة آلاف وحاصر قصر عبيد الله بن زياد وخرج أهل الكوفة معه وكان عند عبيد الله بن زياد في ذلك الوقت أشراف الناس فقال لهم: خذِّلوا الناس عن مسلم بن عقيل وواعدهم بال****ا وخوّفهم بجيش الشام فصار الأمراء يُخذِّلون الناس عن مسلم بن عقيل، وكان قد خرج بأربعة آلاف وشعارهم يا منصور أمت، فما زالت المرأة تأتي وتأخذ ولدها ويأتي الرجل ويأخذ أخاه، ويأتي أمير القبيلة فينهى الناس، حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً من أربعة آلاف وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده وقد ذهب كل الناس عنه وبقي وحيداً يمشي في دروب الكوفة لا يدري أين يذهب، فطرق الباب على امرأة من كندة فقال لها: أريد ماءً فاستغربت منه ثم قالت له: من أنت؟ فقال: أنا مسلم بن عقيل وأخبرها الخبر وأن الناس خذلوه، وأن الحسين سيأتي لأنه أرسل إليه أن أقدم فأدخلته عندها في بيت مجاور، وأتته بالماء والطعام ولكن ولدها قام بإخبار عبيد الله بن زياد بمكان مسلم بن عقيل فأرسل إليه سبعين رجلاً فحاصروه فقاتلهم وفي النهاية استسلم لهم عندما أمَّنوه فأخذوه إلى قصر الإمارة الذي فيه عبيد الله بن زياد، فلما دخل سأله عبيد الله بن زياد عن سبب خروجه هذا فقال: بيعة في أعناقنا للحسين فقال له: إني قاتلك. قال : دعني أوصي قال: نعم أوصِ فالتفت فوجد عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال له: أنت أقرب الناس مني رحِماً تعال أوصيك، فأخذه في جانب من الدار وأوصاه بأن يرسل إلى الحسين بأن يرجع، فأرسل عمر بن سعد رجلاً إلى الحسين ليخبره بأن الأمر قد انقضى وأن أهل الكوفة قد خدعوه، وقال مسلم بن عقيل كلمته المشهورة: «ارجع بأهلك ولا يغُرنَّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي» وقُتِل عند ذلك مسلم بن عقيل في يوم عرفة وكان الحسين قد خرج من مكة في يوم التروية قبل مقتل مسلم بن عقيل بيوم واحد.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
وصول الحسين بن علي رضي الله عنهما إلى كربلاء
عند ذلك امتنع الحسين عن المسير ثم جاءت مؤخرة الجيش وكان عددهم أربعة آلاف بقيادة عمر بن سعد وكان الحسين في مكان يقال له: «كربلاء»، فسأل ما هذه؟ قالوا: كربلاء فقال: كربٌ وبلاء.
ولما وصل جيش عمر بن سعد كلَّم الحسين وأمره أن يذهب معه إلى العراق حيث عبيد الله بن زياد فأبى، ولما رأى أن الأمر جد قال لعمر بن سعد: إني أُخيرك بين ثلاثة أمور فاختر منها ما شئت، قال: وما هي؟ قال: أن تدعني أرجع، أو أذهب إلى ثغر من ثغور المسلمين، أو أذهب إلى يزيد حتى أضع يدي في يده بالشام. فقال عمر بن سعد: نعم أرسل أنت إلى يزيد وأرسل أنا إلى عبيد الله بن زياد وننظر ماذا يكون في الأمر، فلم يرسل الحسين إلى يزيد وأرسل عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد ، فلما جاء الرسول إلى عبيد الله بن زياد وأخبره الخبر وأن الحسين يقول أخبركم بين هذه الأمور الثلاثة، رضي عبيد الله بن زياد أي واحدة يختارها الحسين، وكان عند عبيد الله بن زياد رجل يقال له شمر بن ذي الجوشن وكان من المقربين من عبيد الله بن زياد فقال: لا والله حتى ينزل على حكمك فاغتر عبيد الله بن زياد بقوله فقال: نعم حتى ينزل على حكمي (يعني يأتي إلى الكوفة وأنا أُسيَّره إلى الشام أو الثغور أو أُرجعه إلى المدينة) فقام عبيد الله بن زياد بإرسال شمر بن ذي الجوشن وقال اذهب حتى ينزل على حكمي فإن رضي عمر بن سعد وإلا فأنت القائد مكانه. وكان عبيد الله بن زياد قد جهز عمر ابن سعد بأربعة آلاف يذهب بهم إلى الرَّي فقال له: اقض أمر الحسين ثم اذهب إلى الرَّي، وكان قد وعده بولاية الرَّي، فخرج شمر بن ذي الجوشن إلى حيث الحسين والحر بن يزيد وعمر بن سعد فلما جاء الخبر إلى الحسين وأنه لا بد أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد رفض وقال: لا والله لا أنزل على حكم عبيد الله بن زياد أبداً. وكان عدد الذين مع الحسين اثنين وسبعين فارساً وجيش الكوفة خمسة آلاف، ولما وقف الفريقان قال الحسين لجيش عبيد الله بن زياد: راجعوا أنفسكم وحاسبوها هل يصلح لكم قتلي؟ وأنا ابن بنت نبيكم وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ولأخي: «هذان سيدا شباب أهل الجنة» وصار يحثهم على ترك أمر عبيد الله بن زياد والانضمام إليه فانضم للحسين منهم ثلاثون، فيهم الحر بن يزيد التميمي الذي كان قائد مقدمة جيش عبيد الله بن زياد فقيل للحر ابن يزيد أنت جئت معنا أمير المقدمة والآن تذهب للحسين؟ قال: ويحكم والله إني أُخيِّر نفسي بين الجنة والنار والله لا أختار على الجنة ولو قُطّعت وأُحرقت.
بعد ذلك صلى الحسين الظهر والعصر من يوم الخميس، صلى بالفريقين بجيش عبيد الله بن زياد وبالذين معه، وكان قد قال لهم منكم إمام ومنّا إمام قالوا: لا بل نصلي خلفك، فصلوا خلف الحسين الظهر والعصر فلما قرب وقت المغرب تقدموا بخيولهم نحو الحسين وكان الحسين مُحتبياً بسيفه فلما رآهم وكان قد نام قليلاً قال: ما هذا؟ قالوا أنهم تقدموا قال: أذهبوا إليهم فكلموهم وقولوا لهم ماذا يريدون؟ فذهب عشرون فارساً منهم العباس بن علي بن أبي طالب أخو الحسين فكلموهم وسألوهم؟ قالوا: إما أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد وإما أن يقاتل. قالوا: حتى نخبر أبا عبدالله فرجعوا إلى الحسين فقال: أمهلونا هذه الليلة وغداً نخبركم حتى أصلي لربي فإني أحب أن أصلي لربي تبارك وتعالى، فبات ليلته تلك يصلي لله تبارك وتعالى ويستغفره ويدعو الله تبارك وتعالى هو ومن معه رضي الله عنهم أجمعين.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
وقعة الطف سنة 61هـ
في صباح يوم الجمعة شبّ القتال بين الفريقين لما رفض الحسين أن يستأسر لعبيد الله بن زياد وكانت الكفتان غير متكافئتين فرأى أصحاب الحسين أنهم لا طاقة لهم بهذا الجيش فصار همهم الوحيد الموت بين يدي الحسين فأصبحوا يموتون بين يدي الحسين الواحد تلو الآخر حتى فنوا جميعاً ولم يبق منهم أحد إلا الحسين وبقي بعد ذلك نهاراً طويلاً لا يتقدم عليه أحد حتى يرجع لا يريد أن يُبتلى بقتله واستمر هذا الأمر حتى جاء شمر بن ذي الجوشن فصاح بالناس ويحكم ثكلتكم أمهاتكم أحيطوا به واقتلوه فجاءوا وحاصروا الحسين فصار يجول بينهم بالسيف حتى قتل منهم من قتل وكان كالسبع ولكن الكثرة تغلب الشجاعة. وصاح بهم شمر بن ذي الجوشن ويحكم ماذا تنتظرون؟ أقدموا فتقدموا إلى الحسين فقتلوه، والذي باشر قتل الحسين هو سنان بن أنس النخعي وحزَّ رأسه وقيل إن الذي قتله شمر بن ذي الجوشن قبّحه الله وبعد أن قُتِل الحسين حُمل رأسه إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة فلما وصل الرأس إلى عبيد الله بن زياد جعل ينكث به (أي يضربه) ومعه قضيب يدخله في فم الحسين ويقول: إنه كان لحسن الثغر فكان أنس بن مالك رضي الله عنه جالساً فقام وقال: والله لأسُوأنَّك لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبِّل موضع قضيبك من فيه. قال إبراهيم النخعي رضي الله عنه: (لو كنت فيمن قتل الحسين فيمن أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
موقف الناس من قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما
الناس في قتل الحسين على ثلاث طوائف:
- الطائفة الأولى: يرون أن الحسين قتل بحق وأنه كان خارجاً على الإمام وأراد أن يشق عصى المسلمين وقالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه كائِناً من كان» والحسين أراد أن يفرق جماعة المسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم قال كائنا من كان اقتلوه فكان قتله صحيحاً وهذا قول الناصبة الذين يبغضون الحسين بن علي رضي الله تبارك وتعالى عنه وعن أبيه.
- الطائفة الثانية: قالوا هو الإمام الذي تجب طاعته وكان يجب أن يسلَّم إليه الأمر.
- الطائفة الثالثة: وهم أهل السُّنة والجماعة فقالوا قتل مظلوماً، ولم يكن متولياً للأمر أي لم يكن إماماً، ولا قُتل خارجياً رضي الله عنه بل قُتل مظلوماً شهيداً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» وذلك أن الحسين أراد الرجوع أو الذهاب إلى يزيد ابن معاوية في الشام ولكنهم منعوه حتى يستأسر لعبيد الله بن زياد.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
موقف يزيد بن معاوية بن أبي سفيان من قتل
الحسين بن علي رضي الله عنهما أجمعين
لم يكن ليزيد بن معاوية يد في قتل الحسين وليس هذا دفاعاً عن يزيد ولكنه دفاع عن الحق فقد أرسل يزيد عبيد الله بن زياد ليحول بين الحسين والوصول إلى الكوفة ولم يأمره بقتله، بل الحسين نفسه كان حسن الظن بيزيد حين قال: دعوني أذهب إلى يزيد فأضع يدي في يده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (إنّ يزيد ين معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك وظهر البكاء في داره ولم يسبِ لهم حريماً بل أكرم أهل بيته حتى ردهم إلى بلادهم، أما الروايات التي في كتب المبتدعة أنه أهين نساء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهنّ أُخذن إلى الشام مسبيَّات وأُهنّ هناك. هذا كله كلام باطل بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم، ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف فاطمة بنت عبدالله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا الأمر وأمر الحجاج أن يعتزلها ويطلقها، فهم كانوا يعظمون بني هاشم بل لم تُسبَ هاشمية قط).
وما ذكر أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد فهذا أيضاً ، لم يثبت، بل إن رأس الحسين بقي عند عبيد الله في الكوفة، ودفن الحسين ولا يعلم قبره ولكن المشهور أنه دفن في كربلاء حيث قتل رضي الله تبارك وتعالى عنه.
رد: مختصر سيرة الخلفاء الراشدين ومقتل الحسن والحسين
موقف أهل السُّنة والجماعة من يزيد بن معاوية
لعل من أهم الأمور التي وقعت في زمن يزيد وقعة الحرة، وقتال عبدالله بن الزبير وقتل الحسين بن علي وبسببها هناك من يُجوِّز لعن يزيد بن معاوية وهناك من يمنع والذي يُجوِّز لعن يزيد بن معاوية يحتاج أن يثبت ثلاثة أمور:
- الأمر الأول: أن يثبت أنه كان فاسقاً.
- الأمر الثاني: أن يثبـت أنه لم يتب من ذلك الفسق، فإن الكافر إذا تاب، تاب الله عليه فكيف الفاسق.
- الأمر الثالث: أن يثبت جواز لعن المعيَّن.
ولا يجوز لعن الميت المعين الذي لم يلعنه الله ورسوله، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما سُبَّ أبو جهل قال: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدّموا».
ودين الله لم يقم على السبّ وإنما قام على مكارم الأخلاق، فالسبّ ليس من دين الله تبارك وتعالى في شيء، بل قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».
فسباب المسلم فسوق ولم يقل أحد أن يزيد بن معاوية خارج من ملة الإسلام، بل أكثر ما قيل فيه أنه فاسق وهذا مبني على ثبوت ما ذكروه عنه من فسق، والعلم عند الله تبارك وتعالى، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم» وكان هذا الجيش بقيادة يزيد بن معاوية، ويذكر أن معه من سادات الصحابة كابن عمرو وابن الزبير وابن عباس وأبو أيوب وذلك في سنة 49هـ.
قال الحافظ ابن كثير: قد أخطأ يزيد خطأ فاحشاً في أمره لأميره مسلم بن عقبة في وقعة الحرة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم.
فخلاصة القول إن أمر يزيد بن معاوية إلى الله تبارك وتعالى وهو كما قال الذهبي عنه: «لا نسبَّه ولا نحبَّه».