بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد:
فهذه فتوى لشيخنا الكريم عبد الغني عوسات – حفظه الله- بخصوص ما يفعله بعض المسلمين في هذه الأيام من كل عام من تحريش بين الحيونات ،و إقامة دورات و منافسات في هذا الأمر ؛و أخص بالذكر منها أضاحي العيد من كباش و تيوس ممَّا يلحقها جراءَ ذلك من إيلام و جروح و كسور و غيرها من أنواع الأذى.
و هم بأفعالهم هذه قد خالفوا ما أمرنا به الشارع الحكيم من إحسانٍ إليها و رفقٍ بها ؛ و فعلوا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه و سلم.
وحتى لا أطيل أترككم مع هذه المادة الصوتية التي كانت بتاريخ 05 من ذي الحجة 1433 هـ
حكم التحريش بين الحيونات
أسأل الله أن يصلح حال المسلمين و أن ينفعهم بهذه الفتوى النافعة و أن يجزي الشيخ خير الجزاء إن ربّنا لسميع الدعاء.
[تفريغ المادة الصوتية]
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا - حفظكم الله - انتشر في هذه الأيام المباركة عندنا عادة سيئة تتكرر في كل سنة وهي عادة التحريش بين الحيوانات وخاصة منها الكباش والتيوس وبعض الأبقار، وعقد منافسات ودورات يسمونها "دورات تناطح" مما يسبب هذا الأمر إيلاماً وإيذاءً لهذه الحيوانات، وقد يصل الحد ببعضهم إلى المقامرة في ذلك.
فما نصيحتكم لهـــؤلاء؟ أبسطوا لنا الجواب زادكم الله علماً بالسنة والكتاب.
الشيخ عبد الغني عوسات حفظه الله تعالى:
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعـــــــــد:
باديء بدء نذكر الأخوان بما أمر به الله تعالى عباده، الله سبحانه وتعالى أمرهم بالرفق بالحيوان فضلاً عن الإنسان، حتى الدواب لهم أحكام، ليس لكل من هبَّ ودبَّ أن يتصرف مع دابته كما شاء وكما أراد! بل هذا التصرف ينبغي أن يكون مرتبطاً بأحكامه ومرتبطاً كذلك ب(..) وحاله كما تقتضيه شريعته، فلذلك عباد الله هذه العادة السيئة التي ذكرتها هي في الحقيقة نهى عنها الشارع الحكيم، وهذا ما يُسمى ومصطلح عليه بالتحريش بين الدواب وبين الحيوانات عموماً أي البهائم، كالتحريش بين - كما ذكرتَ- بين الثيران والبقر والكباش والديكة وغير ذلك من البهائم، هذا في الحقيقة مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث عن ابن عباس، وكذلك جابر كما هو في السنن قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم) وكذلك ذكره البخاري في الأدب المفرد له عن ابن عمر.
المهم السلف الصالح يعرفون هذه الحقائق، أنا الذي أريده فقط في هذه العجالة أن نقول بأنه ليس على الإنسان تكليفه دابته ما لا تطيق، فقد ثبتت آثار كما في السخاوي رسالة جزءٌ فيه جواب عن أسئلة ضرب الدواب، وذكر فيها وساق وأورد أثاراً وأحكاماً في بيان ذلك حتى أنه ذكر محل جواز ضرب الدابة وكيف يكون الضرب إلى غير ذلك من أحكام، يعني ليس هكذا فقط.
فلذلك ينبغي أن نعلم أولاً في أحاديث التي فيها الرحمة بالدواب، فمما ذكر الشارع الحكيم تذكرون قصة المرأة التي دخلت النار في هرة ربطتها لا هي أطعمتها ولا سقتها ولا هي تركتها كما جاء في الحديث تأكل من خشاش الأرض، إذاً ينبغي أن نعلم بأن الشارع قد جاء ما يدل و يحث و يرغب كذلك على الشفقة على هذه الدواب، بل حتى الوقوف على هذه الدواب في غير الحاجة فما ينبغي يعني يُكره! ولذلك نريد أن نقول إذا كانت هذه المسائل جاءت في الرفق بها، والتيسير عليها، وعدم تحميلها ما لا تطيق، وعدم تكليفها ما لا تتحمل، وعدم الركوب عليها يعني الركوب عليها بغير الحاجة، حتى إذا كان ممكن في منحدرات أو في أرض (..) أو شبه من هذا القبيل يعني ممكن الإنسان له أن ينزل عليها حتى لا يزيدها حرجاً ولا يزيدها أذىً ونحو ذلك.
فهذه المقدمات تدل على أن للحيوان حقوقاً، وأن للبهائم أحكاماً وحقوقاً، فمن أحكامها عدم تعذيبها فبالتالي هذا التحريش وهو تسليط بعض البهائم، بعض الحيوانات أو كما ذكرتَ بعض الكباش على بعضها والتحريش بينها، فهذا مما حرمته الشريعة الإسلامية، هي من عادات الكفار، لأنه كما تعلمون ما يفعله أولئك الذين أحدثوا ألعاباً ومباريات ومنافسات، ومن بين ذلك ما يصطلح عليه بمصارعة الثيران، فيصارعون تلك الثيران حتى إذا أتعبوها وأنهكوها يغرسون على ظهرها أدوات حادة كالسكاكين والسيوف ونحو ذلك فتتألم وتتوجع وتتأذى وتتأفف حتى تموت!
فهذا في الحقيقة حرام إطلاقاً، والعلماء أجمعوا في الحقيقة على تحريم التحريش بين البهائم، ويكفيك ما ذكرنا مما ذكره ابن عباس وغيره عن نهيه صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم، فلذلك عباد الله هذه الألعاب السيئة كما ذكرتَ وخاصة وأنها الآن من سنة إلى أخرى ومن عام إلى آخر تتطور، والناس تتأثر بذلك، ولعلها تهتم بهذا حتى أحدثوا مثل ما ذكرتَ أنت مباريات ومنافسات، ولعل يكون في ذلك مقامرة أو شيء من هذا القبيل!
فالذي يُنصح به أولاً: منع ذلك إطلاقاً ومعاقبة من وجدوه على ذلك ومن وجدوه يمارس ذلك، وينبغي كذلك على الوجهاء ومن لهم نفوذ وسلطان ولهم كذلك بيان يستطيعون أن يؤثروا في الناس أن ينهوهم عن ذلك و يزجروهم كذلك، وأن لا يمروا على هؤلاء من غير أن يبدو نهياً، يبدو إنكاراً، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر كما جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه: (من رأى منكم منكراً فليغيره - وهذا منكر- فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فإذا لم تستطع يا أخي أن تغير بيدك ولا بلسانك فلا تكن معهم ولا تشاهد ذلك، لأن هذا يدل على إقرارك ويدل على رضاك، أو لعله يدل على تعاونك معهم وتأييدك لهم.
فلذلك أيها الإخوان ينبغي أن نعلم بأن هذه البهائم قد يسبب وكم وكم سببت مثل هذه التحريشات ومثل هذه الأعمال وهذه التصرفات، كم سببت لهؤلاء عاهات وعيوباً، وممكن جعلت تلك البهيمة لا يصلح ذبحها ولا تجوز كذلك كأضحية العيد لأنه يُشترط في أضحية العيد شروطاً، ومن ضمن هذه الشروط براءتها من العيوب المؤثرة كما جاء من حديث البراء بن عازب: (أربعٌ لا تجزيء في الأضاحي) فقد يسبب لها ذلك عوراً، وقد يسبب لها عرجاً، وفقد يسبب لها مرضاً، وقد وقد ... وقد يسبب لها ذلك هلاكاً وموتاً.
فلذلك عباد الله فهذه العادة كما ذكرتَ للأسف لعل مثل هذا ناتج من تقليد المسلمين للكفار، وجاء بهم بما ثبت في هذه المسألة من الأخطار والآثار، وما ثبت كذلك من نهيه صلى الله عليه وسلم ونهي الشريعة الإسلامية عن هذه العادة، فلذلك ينبغي على هؤلاء أن يعلموا بأن هذه المسائل يعني إذا (..) في أن وسمها في وجهها منهيٌّ عنه هكذا صراحةً، دهنها كذلك، إلى غير ذلك من أحكامها سبحان الله العظيم!!
فمن باب أولى هذا التحريش لأنه يوم القيامة يكون ذلك يوم القصاص يُقتص لهذه الشاة الجماء من الشاة القرناء، فإذاً هؤلاء المتسببون في ذلك لهم قسط أو لهم حظ أو عليهم وزر، يعني لهم حظهم وقسطهم من الإثم والظلم والعدوان، فهم كذلك آثمون ويعتبرون كذلك معتدين، لأن المتسبب في الشيء كما يقولون كالمباشر له، فأنت إذا تسببت في إلحاق الأذى بها فإذاً أنت الذي أتعبتها، وأنت الذي ألحقت بها ذلك الأذى، وأنت الذي عذبتها، وأنت الذي أمتها.
لذلك يا أخي- هذه العجالة الذي أريد أن أُذكر به الناس في هذه المسألة: أنَّ هذه الدواب خلقها الله سبحانه وتعالى بهذه المنفعة الظاهرة، سخرها الله سبحانه وتعالى لنا لنأكلها وما سخّره لنا لنحمل عليه أثقالنا ولنتخذه دابةً ووسيلة، فينبغي أن نستعمله في الحدود الشرعية وبالضوابط الشرعية وبالصورة الشرعية، فما يكون(..)! أقصد أن كل شيء يُستعمل في مجاله ويستعمل في نطاقه وبوصفه وبحدوده، هذا الذي ينبغي أن نعلم الناس به و نعلمهم إياه، حتى يعلموا أن هذه الشريعة علمت والحمد لله كما قال أبو ذر الغفاري: (تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا وذكر لنا منه علماً) فخاصة أحكام الدواب، وكيف نعامل الدابة، وكيف نسير مع الدواب، والرفق والرحمة بالدواب، وكل هذه المسائل التي ذكرناها على سبيل الإجمال والإيجاز والإختصار، لكن في المسألة التي أنتَ ذكرتها وهي حقاً التي نراها في هذه الأيام وخاصة انظروا أيها الإخوان كيف تجرُّ السيئة إلى سيئات كثيرة!
بدءوا أولاً بالتحريش ظنوه من باب التسلية، ثم استدرجهم الشيطان ثم أوقعهم في مسائل أخرى كالقمار والمنافسات وغير ذلك من المحرمات المركبة، المحرمات المضاعفة أي التي يزيد بعضها إثماً وتزداد تظاهراً وتكاثراً واجتماعاً وكأنه حتى تصبح يا عبد الله غارقاً في هذه المخالفات، يعني هذه الأمور المباحة إذا استعملتها لأغراض خبيثة ولأغراض محضورة لاتجوز! أنت تعرف هذا، فكيف بالأمر الأول ابتداءً وأصالةً ولباقاً وهو أنه لا يجوز إطلاقاً هذا التحريش.
فهذا التحريش محرمٌ ومنهيٌّ عنه ومحظور أيضاً فضلاً عما يترتب عليه من الأمور المحرمة كذلك كالقمار ونحو ذلك مما ذكرته من هذه أنواع المنافسات وأنواع المباريات ونحو ذلك.
كذلك لا أريد أن يفوتني ذكره وهو ينبغي لولاة الأمور مثلاً أو لمن في أيديهم زمام الأمور في تسيير ومراقبة أحوال عامة الناس أن يعاقبوا كل من وجدوه متلبساً بذلك أو مرتكباً لذلك أو أو أو... ممكن لعلهم يشجعوا ويحرضوا على ذلك، لأنه بلغنا أنه في أماكن معينة تُباع فيها هذه الكباش يعني هذه البهائم التي تُقتنى وتُشترى بأثمان كبيرة غالية وباهضة وذلك لكونها تُتخذ وتُستعمل وتقتنى لهذا الغرض الفاسد، وهذا الغرض المحظور المحرم، وهذا الغرض الباطل، وهذا الغرض الظالم، غرض فيه ظلمٌ وفيه اعتداءٌ على الحيوان وأنتم تعلمون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما فعل النغير يا أبا عمير) كان يسأل حتى عن العصافير.
فقد كان بعض الصحابة يأخذون تلك العصافير، يعني ممكن العصفور يكون في قفصه مع ذلك يسأل كيف، لا بد أن يعتني الإنسان بذلك العصفور، وأن يطعمه، وأن وأن ... و يعطيه حقه، وأن لا يعذبه، وأن لا يؤذيه وإلى غير ذلك، فإذاً كان يسأل، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان كذلك رحيماً ليس فقط بالإنسان بل رحيماً كذلك صلى الله عليه وسلم حتى بالحيوان عليه الصلاة والسلام، ولذلك كما ذكرت أمرَ الرجل الذي يذبح – حتى عند الأضحية ليس فقط قبلها حتى عند الأضحية- ينبغي على هذا المضحي أن يظهر رفقه ورحمته بالحيوان إذا ذبحه فليرحه بمعنى يُحدّ شفرته يعني السكينة هذه تكون حادة حتى إذا ذبح بها ذبيحته يعني يريحه لا يعذبه، وهذا من الإحسان الذي كتبه الله سبحانه وتعالى في كل شيء، (فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) وهذا من تمام ومن حُسن إحسان الذبح، وغير ذلك من الأحكام التي جاءت معلومة، وجاءت كذلك محصورة ومقصورة في هذه الشريعة الإسلامية التي ما أهملت شيئاً، يعني ما أغفلت كذلك شيئاً مما الناس في حاجة إليه.
فلذلك نوصي إخواننا بهذه البهائم خيراً، نوصيها بالرفق والرحمة والشفقة وحسن التعامل معها، بأن لها حقوقاً، ولأن لها أحكاماً كذلك، فليتعلموا حقوق الدواب وأحكام معاملة الدواب هكذا كما جاء في السنة والكتاب، وكذلك نوصيهم أيضاً ونذكرهم بأن الله سبحانه وتعالى هذه الأضحية التي جعلها شعيرة ربانية ينبغي على الإنسان ابتداءً ودواماً وانتهاءً من أول اقتناءها إلى أن يذبحها ينبغي أن يكون أثناءها وحينها يسير سيرة ومسيرة وبسيرة وسريرة طيبة لأن الله لا يناله لحمها ولا عظمها كما جاء في قوله تعالى: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } [الحج:37] ومن تقوى الله سبحانه وتعالى عدم تعريض وعدم التعرض أيضاً لهذه الحيوانات أو تعريضها أيضاً بما يؤذيها ويؤلمها ويعذبها، عباد الله والجزاء من جنس العمل، فليحسن الإنسان عمله حتى يكون جزاؤه إن شاء الله تعالى حسناً مثل عمله.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
وأرجوا أن أكون قد أشملتُ واستوعبتُ على الأقل ما أردتَ معرفته من خلال سؤالك
وإذا أردتَ إضافة أو شيء فلا بأس.
* * *
نعم جزاك الله خيرا شيخنا على هذه الكلمة الكريمة التي أسأل الله أن ينفع بها
* * *
أبو عبد الأحد أمين
06 / ذو الحجة / 1433 هـ
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد:
فهذه فتوى لشيخنا الكريم عبد الغني عوسات – حفظه الله- بخصوص ما يفعله بعض المسلمين في هذه الأيام من كل عام من تحريش بين الحيونات ،و إقامة دورات و منافسات في هذا الأمر ؛و أخص بالذكر منها أضاحي العيد من كباش و تيوس ممَّا يلحقها جراءَ ذلك من إيلام و جروح و كسور و غيرها من أنواع الأذى.
و هم بأفعالهم هذه قد خالفوا ما أمرنا به الشارع الحكيم من إحسانٍ إليها و رفقٍ بها ؛ و فعلوا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه و سلم.
وحتى لا أطيل أترككم مع هذه المادة الصوتية التي كانت بتاريخ 05 من ذي الحجة 1433 هـ
حكم التحريش بين الحيونات
أسأل الله أن يصلح حال المسلمين و أن ينفعهم بهذه الفتوى النافعة و أن يجزي الشيخ خير الجزاء إن ربّنا لسميع الدعاء.
[تفريغ المادة الصوتية]
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا - حفظكم الله - انتشر في هذه الأيام المباركة عندنا عادة سيئة تتكرر في كل سنة وهي عادة التحريش بين الحيوانات وخاصة منها الكباش والتيوس وبعض الأبقار، وعقد منافسات ودورات يسمونها "دورات تناطح" مما يسبب هذا الأمر إيلاماً وإيذاءً لهذه الحيوانات، وقد يصل الحد ببعضهم إلى المقامرة في ذلك.
فما نصيحتكم لهـــؤلاء؟ أبسطوا لنا الجواب زادكم الله علماً بالسنة والكتاب.
الشيخ عبد الغني عوسات حفظه الله تعالى:
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعـــــــــد:
باديء بدء نذكر الأخوان بما أمر به الله تعالى عباده، الله سبحانه وتعالى أمرهم بالرفق بالحيوان فضلاً عن الإنسان، حتى الدواب لهم أحكام، ليس لكل من هبَّ ودبَّ أن يتصرف مع دابته كما شاء وكما أراد! بل هذا التصرف ينبغي أن يكون مرتبطاً بأحكامه ومرتبطاً كذلك ب(..) وحاله كما تقتضيه شريعته، فلذلك عباد الله هذه العادة السيئة التي ذكرتها هي في الحقيقة نهى عنها الشارع الحكيم، وهذا ما يُسمى ومصطلح عليه بالتحريش بين الدواب وبين الحيوانات عموماً أي البهائم، كالتحريش بين - كما ذكرتَ- بين الثيران والبقر والكباش والديكة وغير ذلك من البهائم، هذا في الحقيقة مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث عن ابن عباس، وكذلك جابر كما هو في السنن قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم) وكذلك ذكره البخاري في الأدب المفرد له عن ابن عمر.
المهم السلف الصالح يعرفون هذه الحقائق، أنا الذي أريده فقط في هذه العجالة أن نقول بأنه ليس على الإنسان تكليفه دابته ما لا تطيق، فقد ثبتت آثار كما في السخاوي رسالة جزءٌ فيه جواب عن أسئلة ضرب الدواب، وذكر فيها وساق وأورد أثاراً وأحكاماً في بيان ذلك حتى أنه ذكر محل جواز ضرب الدابة وكيف يكون الضرب إلى غير ذلك من أحكام، يعني ليس هكذا فقط.
فلذلك ينبغي أن نعلم أولاً في أحاديث التي فيها الرحمة بالدواب، فمما ذكر الشارع الحكيم تذكرون قصة المرأة التي دخلت النار في هرة ربطتها لا هي أطعمتها ولا سقتها ولا هي تركتها كما جاء في الحديث تأكل من خشاش الأرض، إذاً ينبغي أن نعلم بأن الشارع قد جاء ما يدل و يحث و يرغب كذلك على الشفقة على هذه الدواب، بل حتى الوقوف على هذه الدواب في غير الحاجة فما ينبغي يعني يُكره! ولذلك نريد أن نقول إذا كانت هذه المسائل جاءت في الرفق بها، والتيسير عليها، وعدم تحميلها ما لا تطيق، وعدم تكليفها ما لا تتحمل، وعدم الركوب عليها يعني الركوب عليها بغير الحاجة، حتى إذا كان ممكن في منحدرات أو في أرض (..) أو شبه من هذا القبيل يعني ممكن الإنسان له أن ينزل عليها حتى لا يزيدها حرجاً ولا يزيدها أذىً ونحو ذلك.
فهذه المقدمات تدل على أن للحيوان حقوقاً، وأن للبهائم أحكاماً وحقوقاً، فمن أحكامها عدم تعذيبها فبالتالي هذا التحريش وهو تسليط بعض البهائم، بعض الحيوانات أو كما ذكرتَ بعض الكباش على بعضها والتحريش بينها، فهذا مما حرمته الشريعة الإسلامية، هي من عادات الكفار، لأنه كما تعلمون ما يفعله أولئك الذين أحدثوا ألعاباً ومباريات ومنافسات، ومن بين ذلك ما يصطلح عليه بمصارعة الثيران، فيصارعون تلك الثيران حتى إذا أتعبوها وأنهكوها يغرسون على ظهرها أدوات حادة كالسكاكين والسيوف ونحو ذلك فتتألم وتتوجع وتتأذى وتتأفف حتى تموت!
فهذا في الحقيقة حرام إطلاقاً، والعلماء أجمعوا في الحقيقة على تحريم التحريش بين البهائم، ويكفيك ما ذكرنا مما ذكره ابن عباس وغيره عن نهيه صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم، فلذلك عباد الله هذه الألعاب السيئة كما ذكرتَ وخاصة وأنها الآن من سنة إلى أخرى ومن عام إلى آخر تتطور، والناس تتأثر بذلك، ولعلها تهتم بهذا حتى أحدثوا مثل ما ذكرتَ أنت مباريات ومنافسات، ولعل يكون في ذلك مقامرة أو شيء من هذا القبيل!
فالذي يُنصح به أولاً: منع ذلك إطلاقاً ومعاقبة من وجدوه على ذلك ومن وجدوه يمارس ذلك، وينبغي كذلك على الوجهاء ومن لهم نفوذ وسلطان ولهم كذلك بيان يستطيعون أن يؤثروا في الناس أن ينهوهم عن ذلك و يزجروهم كذلك، وأن لا يمروا على هؤلاء من غير أن يبدو نهياً، يبدو إنكاراً، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر كما جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه: (من رأى منكم منكراً فليغيره - وهذا منكر- فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فإذا لم تستطع يا أخي أن تغير بيدك ولا بلسانك فلا تكن معهم ولا تشاهد ذلك، لأن هذا يدل على إقرارك ويدل على رضاك، أو لعله يدل على تعاونك معهم وتأييدك لهم.
فلذلك أيها الإخوان ينبغي أن نعلم بأن هذه البهائم قد يسبب وكم وكم سببت مثل هذه التحريشات ومثل هذه الأعمال وهذه التصرفات، كم سببت لهؤلاء عاهات وعيوباً، وممكن جعلت تلك البهيمة لا يصلح ذبحها ولا تجوز كذلك كأضحية العيد لأنه يُشترط في أضحية العيد شروطاً، ومن ضمن هذه الشروط براءتها من العيوب المؤثرة كما جاء من حديث البراء بن عازب: (أربعٌ لا تجزيء في الأضاحي) فقد يسبب لها ذلك عوراً، وقد يسبب لها عرجاً، وفقد يسبب لها مرضاً، وقد وقد ... وقد يسبب لها ذلك هلاكاً وموتاً.
فلذلك عباد الله فهذه العادة كما ذكرتَ للأسف لعل مثل هذا ناتج من تقليد المسلمين للكفار، وجاء بهم بما ثبت في هذه المسألة من الأخطار والآثار، وما ثبت كذلك من نهيه صلى الله عليه وسلم ونهي الشريعة الإسلامية عن هذه العادة، فلذلك ينبغي على هؤلاء أن يعلموا بأن هذه المسائل يعني إذا (..) في أن وسمها في وجهها منهيٌّ عنه هكذا صراحةً، دهنها كذلك، إلى غير ذلك من أحكامها سبحان الله العظيم!!
فمن باب أولى هذا التحريش لأنه يوم القيامة يكون ذلك يوم القصاص يُقتص لهذه الشاة الجماء من الشاة القرناء، فإذاً هؤلاء المتسببون في ذلك لهم قسط أو لهم حظ أو عليهم وزر، يعني لهم حظهم وقسطهم من الإثم والظلم والعدوان، فهم كذلك آثمون ويعتبرون كذلك معتدين، لأن المتسبب في الشيء كما يقولون كالمباشر له، فأنت إذا تسببت في إلحاق الأذى بها فإذاً أنت الذي أتعبتها، وأنت الذي ألحقت بها ذلك الأذى، وأنت الذي عذبتها، وأنت الذي أمتها.
لذلك يا أخي- هذه العجالة الذي أريد أن أُذكر به الناس في هذه المسألة: أنَّ هذه الدواب خلقها الله سبحانه وتعالى بهذه المنفعة الظاهرة، سخرها الله سبحانه وتعالى لنا لنأكلها وما سخّره لنا لنحمل عليه أثقالنا ولنتخذه دابةً ووسيلة، فينبغي أن نستعمله في الحدود الشرعية وبالضوابط الشرعية وبالصورة الشرعية، فما يكون(..)! أقصد أن كل شيء يُستعمل في مجاله ويستعمل في نطاقه وبوصفه وبحدوده، هذا الذي ينبغي أن نعلم الناس به و نعلمهم إياه، حتى يعلموا أن هذه الشريعة علمت والحمد لله كما قال أبو ذر الغفاري: (تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا وذكر لنا منه علماً) فخاصة أحكام الدواب، وكيف نعامل الدابة، وكيف نسير مع الدواب، والرفق والرحمة بالدواب، وكل هذه المسائل التي ذكرناها على سبيل الإجمال والإيجاز والإختصار، لكن في المسألة التي أنتَ ذكرتها وهي حقاً التي نراها في هذه الأيام وخاصة انظروا أيها الإخوان كيف تجرُّ السيئة إلى سيئات كثيرة!
بدءوا أولاً بالتحريش ظنوه من باب التسلية، ثم استدرجهم الشيطان ثم أوقعهم في مسائل أخرى كالقمار والمنافسات وغير ذلك من المحرمات المركبة، المحرمات المضاعفة أي التي يزيد بعضها إثماً وتزداد تظاهراً وتكاثراً واجتماعاً وكأنه حتى تصبح يا عبد الله غارقاً في هذه المخالفات، يعني هذه الأمور المباحة إذا استعملتها لأغراض خبيثة ولأغراض محضورة لاتجوز! أنت تعرف هذا، فكيف بالأمر الأول ابتداءً وأصالةً ولباقاً وهو أنه لا يجوز إطلاقاً هذا التحريش.
فهذا التحريش محرمٌ ومنهيٌّ عنه ومحظور أيضاً فضلاً عما يترتب عليه من الأمور المحرمة كذلك كالقمار ونحو ذلك مما ذكرته من هذه أنواع المنافسات وأنواع المباريات ونحو ذلك.
كذلك لا أريد أن يفوتني ذكره وهو ينبغي لولاة الأمور مثلاً أو لمن في أيديهم زمام الأمور في تسيير ومراقبة أحوال عامة الناس أن يعاقبوا كل من وجدوه متلبساً بذلك أو مرتكباً لذلك أو أو أو... ممكن لعلهم يشجعوا ويحرضوا على ذلك، لأنه بلغنا أنه في أماكن معينة تُباع فيها هذه الكباش يعني هذه البهائم التي تُقتنى وتُشترى بأثمان كبيرة غالية وباهضة وذلك لكونها تُتخذ وتُستعمل وتقتنى لهذا الغرض الفاسد، وهذا الغرض المحظور المحرم، وهذا الغرض الباطل، وهذا الغرض الظالم، غرض فيه ظلمٌ وفيه اعتداءٌ على الحيوان وأنتم تعلمون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما فعل النغير يا أبا عمير) كان يسأل حتى عن العصافير.
فقد كان بعض الصحابة يأخذون تلك العصافير، يعني ممكن العصفور يكون في قفصه مع ذلك يسأل كيف، لا بد أن يعتني الإنسان بذلك العصفور، وأن يطعمه، وأن وأن ... و يعطيه حقه، وأن لا يعذبه، وأن لا يؤذيه وإلى غير ذلك، فإذاً كان يسأل، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان كذلك رحيماً ليس فقط بالإنسان بل رحيماً كذلك صلى الله عليه وسلم حتى بالحيوان عليه الصلاة والسلام، ولذلك كما ذكرت أمرَ الرجل الذي يذبح – حتى عند الأضحية ليس فقط قبلها حتى عند الأضحية- ينبغي على هذا المضحي أن يظهر رفقه ورحمته بالحيوان إذا ذبحه فليرحه بمعنى يُحدّ شفرته يعني السكينة هذه تكون حادة حتى إذا ذبح بها ذبيحته يعني يريحه لا يعذبه، وهذا من الإحسان الذي كتبه الله سبحانه وتعالى في كل شيء، (فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) وهذا من تمام ومن حُسن إحسان الذبح، وغير ذلك من الأحكام التي جاءت معلومة، وجاءت كذلك محصورة ومقصورة في هذه الشريعة الإسلامية التي ما أهملت شيئاً، يعني ما أغفلت كذلك شيئاً مما الناس في حاجة إليه.
فلذلك نوصي إخواننا بهذه البهائم خيراً، نوصيها بالرفق والرحمة والشفقة وحسن التعامل معها، بأن لها حقوقاً، ولأن لها أحكاماً كذلك، فليتعلموا حقوق الدواب وأحكام معاملة الدواب هكذا كما جاء في السنة والكتاب، وكذلك نوصيهم أيضاً ونذكرهم بأن الله سبحانه وتعالى هذه الأضحية التي جعلها شعيرة ربانية ينبغي على الإنسان ابتداءً ودواماً وانتهاءً من أول اقتناءها إلى أن يذبحها ينبغي أن يكون أثناءها وحينها يسير سيرة ومسيرة وبسيرة وسريرة طيبة لأن الله لا يناله لحمها ولا عظمها كما جاء في قوله تعالى: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } [الحج:37] ومن تقوى الله سبحانه وتعالى عدم تعريض وعدم التعرض أيضاً لهذه الحيوانات أو تعريضها أيضاً بما يؤذيها ويؤلمها ويعذبها، عباد الله والجزاء من جنس العمل، فليحسن الإنسان عمله حتى يكون جزاؤه إن شاء الله تعالى حسناً مثل عمله.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
وأرجوا أن أكون قد أشملتُ واستوعبتُ على الأقل ما أردتَ معرفته من خلال سؤالك
وإذا أردتَ إضافة أو شيء فلا بأس.
* * *
نعم جزاك الله خيرا شيخنا على هذه الكلمة الكريمة التي أسأل الله أن ينفع بها
* * *
أبو عبد الأحد أمين
06 / ذو الحجة / 1433 هـ