تأملات قرآنيّة

Hakan

:: مراقب عام ::
طاقم الرقابة
إنضم
10 أوت 2013
المشاركات
10,963
نقاط التفاعل
47,241
النقاط
1,706
الجنس
ذكر

قراءة أدبيّة في النّص القرآنيّ
" قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ، قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً"
هذه الآيات من أعجب آيات القرآن الكريم مبنى ومعنى
والقرآن كله عجيب ، سحر لغويّ في سبك العبارة وفرادة في المعنى
وكيف لا يكون كذلك وبيان بعض النّاس يأخذ بالألباب كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم عندما سمع كلام الزبرقان بن عدي يُدافع عن نفسه : " إنّ من البيان لسحراً " !
فإن كان هذا بيان الناس، فكيف ببيان ربّ الناس !
والسّامريّ هذا تعددت فيه الأقوال، وتوسّعت فيه التفاسير ، تلاقت عليه تارة، واختلفت فيه تارة أخرى
والذي أميل إليه بعد قراءات كثيرة عنه هو التالي :
السّامريّ هو موسى بن ظفر ، من قبيلة في بني إسرائيل تُدعى " سامرة " ، فنُسب إلى قبيلته، وضاع اسمه في نسبه، وهذا معروف في النّاس في كل عصر، فأبو بكر أشهر من عبد الله بن أبي قحافة، والجاحظ أشهر من عمرو بن محبوب، والمتنبي أشهر من عليّ بن الحسين، وكذلك الأعشى والشنفرى والأخطل وأبو تمام !
كان قريباً في السّن من موسى عليه السلام، فقد وُلد في سنوات الذبح التي كان فيها فرعون يذبح مواليد بني إسرائيل الذكور ويدع الإناث، بعد أن فسّر له المعبّرون بأن رؤيا النار التي رأى في المنام أنها التهمت قصره، بصبيّ يولد في بني إسرائيل يكون زوال ملكه على يديه !
وكانت الحوامل في بني إسرائيل إذا جاءهن المخاض يذهبن إلى الجبال والكهوف ويضعن مواليدهن هناك
فإن كانت بنتاً عُدن بها إذ لا خطر على البنات
وإن كان صبياً تركنه هناك مخافة الذبح
وقد أوكل الله الملائكة إطعام هؤلاء الصبيان ورعايتهم
وكان جبريل هو من تولى رعاية السامريّ !
وهذا هو السبب الذي كان وراء معرفة السامريّ بأثر دعسة فرسة جبريل عليه السلام والقبضة المذكورة في الايات والتي سيأتي الحديث عنها لاحقاً
أما لماذا لم تلد أم موسى ابنها في الجبال كحال نساء بني إسرائيل
فلأن الله قضى أن يكون هذا الصبيّ في الصّف الأول من المعركة لا في الخطوط الخلفية !
وإذا قضى الله أمراً سبب له الأسباب على ما جرت به العادة ، أو بخلافها لا فرق عنده، فالأسباب جند من جنود الله يحقق بها أقداره، تجري على الناس ولا تجري عليه سبحانه !
ودارت الأيام ، موسى يكبر في قصر فرعون، والسّامري يكبر بعيداً
وعندما حانت لحظة خروج بني إسرائيل من مصر كان السامريّ في قومه
ولما تبعهم فرعون إلى شاطىء البحر وشق موسى البحر بعصاه ودخله ببني إسرائيل مجتازاً
تبعهم فرعون يطلبهم بجيشه
وكان جبريل على فرسه حيزوم بين موسى وفرعون
وقد تحرّك الرمل من أثر دعسة فرس جبريل كأن فيه روح وهذه من بركات جبريل وقد وصفه الله بأكثر من آية بالروح
عرف السامريّ أن هذا جبريل قياساً لماضيه حيث كان يأتيه صغيراً
ولم يلتفت بنو إسرائيل لهذا لعدم معرفتهم السابقة بهذا الأمر
وهو تفسير قوله تعالى
" بصرت بما لم يبصروا به " !
المهم أن السامري قبض بيده على هذا التراب الذي كأن فيه روح وأخذه
ثم لما عبر موسى ببني إسرائيل أمر الله البحر أن يُطبق على فرعون وجيشه
ثم ذهب موسى لميقات ربه وخلّف أخاه هارون في قومه
فما كان من السامريّ إلا أن جمع حليّ وذهب نساء بني إسرائيل التي اعتدن أن يستعرنها من نساء مصرن وأخذنها في ذلك اليوم معهن
وقال لهم هذا ذهب لا يحل لكن
فجمع الذهب وأذابه ثم صنع منه عجلاً ونثر التراب الذي قبضه من أثر الدعسة فيه فصار العجل يصدر صوتاً كأنه خوار وفيه حياة !
وأمرهم السامريّ أن يعبدوا العجل ففعلوا غالبيتهم إلا هارون وقلة من بني إسرائيل
ولما عاد موسى أخذ العجل وحرقه ونفى السامريّ من بني إسرائيل وأمر الناس بمقاطعته وهو قوله تعالى " فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس "
فما الدروس المستفادة من الآيات ؟!
الدّرس الأوّل :
موسى الذي ربّاه فرعون صار نبياً
وموسى الذي ربّاه جبريل عبد العجل
ليس مهماً كيف تبدأ المهم كيف تنتهي !
الدّرس الثاني :
قدر الله نافذ لا محالة
لا يؤخره سبب ولا يمنعه احتراز ولا يعيقه سبيل
فرعون ذبح آلاف الأطفال تحسباً أن يكون أحدهم هو الصبيّ الذي سيكون زوال ملكه على يديه
ولما ولد هذا الصبيّ ربّاه في قصره !
الدّرس الثالث :
القلوب جند من جنود الله
يربط عليها ليقضي بها أقداره
ويرققها لتمضي بها مشيئته
ربط على قلب أم موسى لتلقيه في النهر
ورقق قلب آسيا لتحفظه وترعاه
أخذه من أم وأعطاه لأم !
الدّرس الرابع :
ليس في تربية جبريل للسامري غرابة أن كان كافراً
من بيت المؤمن يخرج الكافر كما ابن نوح
ومن بيت الكافر يخرج النبي كما إبراهيم ابن آزر
وقد تكون الزوجة كافرة والزوج مؤمناً كما زوجتي نوح ولوط
وقد بنى الله لآسيا بيتاً في الجنّة وكان زوجها في الأرض يقول : أنا ربكم الأعلى !
ومهما قدّم العباد للعباد فلن يُقدموا ما قدمه الله للعباد
وها هو يُكفر لا يُشكر
يُشرك به ولا يُفرد بالتوحيد والعبادة
وفي الحديث " قال الله تعالى: إني والجن والإنس في نبأ عظيم: أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري؟! ـ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء.رضي الله عنه.
الدّرس الخامس :
الناس ينسون سريعاً
أنقذهم الله من فرعون
شقّ لهم البحر
وأهلك عدوهم فلما صاروا إلى البر عبدوا عجلاً صنعوه
فإن كان هذا حال الناس مع الله فكيف حال الناس مع النّاس
اصنع المعروف لأنك أهله لا لأن الناس أهله
والعاقل لا ينتظر رد الجميل ما دام عند الله لا يضيع شيء
ولكن إن أسدى إليك أحد معروفاً فعجزت عن أن ترده فيكفي أن لا تنساه
موجع هو العقوق
وإن كان الله يغضب لكفر النعمة وعدم تقدير المعروف وهو غني عن الناس
فالناس أولى بالغضب وهم فقراء لبعضهم البعض !
أدهم شرقاوي
 
رد: تأملات قرآنيّة

السّلام عليكم
بارك الله فيك أخي حكيم على الموضوع القيّم
في ميزان حسناتك ان شاء الله
تقبل مروري
 
رد: تأملات قرآنيّة

سلام عليكم خويا حكيم

شكراا لك ع الموضوع

حقاا ف القران معجزة سبحانك ربي ..

و ما اعظمها من دروس ..

ف ميزان حسناتك

و يا مقلب القلوب ثبت قلبنا على دينك

واللهم احسن خاتمتنا

تحياتي

 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top