حصريا على منتدى اللمة (من أروع خطب عرفات، للعلامة الشيخ المفتي عبد العزيز أل الشيخ).
الخطبة تعود الى عام 1424 هجري وهي هنا نقلا عن مجلة البحوث الاسلامية الصادرة في شهر صفر من نفس السنة العدد الحادي والسبعون.
الخطبة :
يا أيها الناس : أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، فهي وصية الله للأولين والآخرين ، وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ، اتقوا ربكم عباد الله تقوىً تستقيمون عليها إلى أن توافوه جل جلاله ، فذاك عنوان الخير والهدى ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
اتقوا الله في أقوالكم فلا تقولوا إلا الحق والسداد . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، اتقوا الله في أعمالكم . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، اتقوا الله في سركم ونجواكم ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ اتقوا الله في عباداتكم فالمتقون هم العابدون لله حقًا ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . اتقوا الله في معاملاتكم فلتكن على وفق شرع الله . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . اتقوا الله في أهليكم وأولادكم فعلى الخير ربوهم ، وبالتوجيه الإسلامي وجهوهم . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ . اتقوا الله في عهودكم فلا تنقضوها .
(الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ).
اتقوا الله في أيمانكم فبروا بها . . وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا .
اتقوا ربكم فإنه من يتق الله يجعل له مخرجًا . . ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا ، ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا .
اتقوا ربكم فإن الدار الآخرة للمتقين . . اتقوا ربكم . . فإنه من يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون .
أمة الإسلام يقول الله جل وعلا : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ .
سأل سفيان بن عبد الله الثقفي النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك ، قال : " قل آمنت بالله ثم استقم أخرجه مسلم .
عبد الله : إن السعادة في الدنيا وإن النجاة في الآخرة ، إنما هي بالإيمان بالله والاستقامة على طاعة الرحمن .
عبد الله عليك بالإيمان بالله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، تعتقد بيقين جازم أن الله هو الذي خلقك وهو الذي أحياك ثم يميتك ، وهو الذي رزقك ؛ بيده الأمر مدبر الكون ، لا خالق غيره ولا رب سواه .
وتؤمن بأن من هذه أفعاله فهو المستحق أن يعبد دون سواه ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ .
آمن بأسماء الله وصفاته وأن لله أسماء حسنى وصفات عُلى تثبتها له سبحانه كما أثبتها لنفسه وأثبتها له نبيه صلى الله عليه وسلم ، معتقدًا حقيقة معناها على ما يليق بجلال الله من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تأويل . لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
آمن بملائكة الله ، وأنهم عباد مكرمون لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ، فتؤمن بمن علمت أسماءهم وأعمالهم على التفصيل وما لم تعلمه آمن به إجمالاً .
آمن بكتب الله التي أنزلها على رسله لهداية البشر وهي حق وما فيها حق ، فتؤمن بما سمى الله لنا في كتابه ، تؤمن بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى ابن مريم عليهم السلام . .
وأن هذه الكتب لازمة الاتباع على الأقوام الذين أرسل فيهم هؤلاء الأنبياء عليهم السلام ، وتؤمن بكتاب الله القرآن الكريم الذي أنزله الله ليكون خاتمة كتبه جل وعلا ، أنزله مهيمنًا على ما سواه ناسخًا لها ، مصدقًا للحق مبطلاً للباطل ، سمعه جبريل عليه السلام من رب العالمين عز وجل ، وبلّغه الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقاه الصحابة عن رسول رب العالمين ، وَإِنَّهُ لَتَنْـزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَـزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ محفوظ بحفظ الله له إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ الإيمان به والعمل به سبب السعادة في الدنيا والآخرة والإعراض عنه سبب الشقاء في الدنيا والآخرة . فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
آمن برسل الله عز وجل وأنهم بشر اصطفاهم الله برسالاته وأرسلهم الله ليبلغوا العباد رسالات الله ويقيموا عليهم حجة الله رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.
متفاوتون في الفضل أولوا العزم أفضلهم ، وسيد الأولين والآخرين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الجميع أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، بعثه الله إلى جميع الثقلين ورسالته باقية إلى قيام الساعة . . وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا تَبَارَكَ الَّذِي نَـزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ، لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها عنه فصلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين .
آمن باليوم الآخر وبما أخبر الله عنه ، أو أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم من حين مفارقة الروح للجسد ، حتى يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار .
آمن بالقدر خيره وشره من الله إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وكل شيء يجري فبتقديره وحكمته وهو القادر على كل شيء وهو الحكيم العليم .
ومن الإيمان بالله ، الاستقامة على طاعة الرحمن ، فتلزم فرائض الإسلام ، تؤدي الصلوات الخمس كما أمرك بذلك ربك ، فهي عنوان التزام الإسلام ، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة حافظ
عليها رحمك الله ، فإنها عمود الإسلام والركن الثاني من أركانه .
وقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم وصف الكفر على تاركها ، العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر . أدِّ زكاة مالك طيبة بها نفسك ، وصم شهر رمضان ، وحج البيت متى استطعت إلى ذلك سبيلا ، تلك أركان الإسلام متى ما حافظت عليها سهل عليك ما بعدها ، برَّ بالوالدين ، صل الأرحام أحسن الجوار ، مُر بالمعروف وانْهَ عن المنكر على قدر علمك وقدرتك ، اصدق إخوانك ، وانصح لهم واحذر الغش والخيانة ، وبالجملة . . كن مسلمًا صالحًا ، و المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده أخرجه مسلم ، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح .
أيها الناس : هذا دين الإسلام ، دين العبادة والمعاملة ، دين العقيدة والشريعة ، دين شامل لخيري الدنيا والآخرة ، دين صالح لكل زمان ومكان ، دين جمع الله فيه الخير كله ورفع به الآصار والأغلال ، دين أكمله الله وأتمه ورضيه الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا .
مهد الله طريقه للسالكين وأغلق كل باب سواه إلى الجنة ورضا رب العالمين . وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
أمة الإسلام : إن كل منتم لهذا الدين ، ليسعى دائمًا وجاهدًا في إعزازه وإعلاء شأنه ، ولكن يا أخي المسلم كيف تكون خادمًا لدينك ؟ نعم تكون خادمًا لدينك بعلمك وتعليمك ، بدعوتك إلى الله على علم وبصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، تخدم دينك بسلوكك منهج السلف الصالح في العبادة والمعاملة ، تخدم دينك باستقامتك على هذا الدين ، تخدم دينك باستفادتك من مستجدات العصر فيما يكون سببًا لعز دينك وأمتك ، تكون خادمًا لدينك في كل ميادين الحياة ، بطبك ، بهندستك ، بزراعتك ، بمهنتك ، نافس أعداءك الذين سخروا كل إمكانياتهم وعلومهم في الدعوة إلى باطلهم ، فأنت على الحق فكن ثابتًا على الحق استشعر مسئوليتك أيها المسلم واعرف موقعك في الحياة ؛ لتؤدى الواجب الذي عليك .
أخي المسلم : هل يكون خادمًا لدينه من يطعن في الشريعة ، ويخون حملة هذا الدين من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ؟
أيكون خادمًا لدينه من يدل على عورات المسلمين ؟ أيكون خادمًا لدينه من يسعى في زعزعة أمن الأمة ؟أيكون خادمًا لدينه من يصم أذنيه عن سماع الحق ؟ أيكون خادمًا لدينه من يتهم علماءه وولاته ويصفهم بالخيانة ؟ أيكون خادمًا لدينه من يزعم قصور هذه الشريعة وعجزها عن مواكبة الحياة ؟ كلا ليس هذا خادمًا للدين .
أخي كيف تعز أمة وهي تُطعن من داخلها؟ ، بل كيف تنهض أمة شبابهم هم أعداؤها؟
يتبع بإذنه تعالى.
الخطبة تعود الى عام 1424 هجري وهي هنا نقلا عن مجلة البحوث الاسلامية الصادرة في شهر صفر من نفس السنة العدد الحادي والسبعون.
الخطبة :
يا أيها الناس : أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، فهي وصية الله للأولين والآخرين ، وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ، اتقوا ربكم عباد الله تقوىً تستقيمون عليها إلى أن توافوه جل جلاله ، فذاك عنوان الخير والهدى ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
اتقوا الله في أقوالكم فلا تقولوا إلا الحق والسداد . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، اتقوا الله في أعمالكم . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، اتقوا الله في سركم ونجواكم ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ اتقوا الله في عباداتكم فالمتقون هم العابدون لله حقًا ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . اتقوا الله في معاملاتكم فلتكن على وفق شرع الله . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . اتقوا الله في أهليكم وأولادكم فعلى الخير ربوهم ، وبالتوجيه الإسلامي وجهوهم . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ . اتقوا الله في عهودكم فلا تنقضوها .
(الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ).
اتقوا الله في أيمانكم فبروا بها . . وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا .
اتقوا ربكم فإنه من يتق الله يجعل له مخرجًا . . ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا ، ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا .
اتقوا ربكم فإن الدار الآخرة للمتقين . . اتقوا ربكم . . فإنه من يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون .
أمة الإسلام يقول الله جل وعلا : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ .
سأل سفيان بن عبد الله الثقفي النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك ، قال : " قل آمنت بالله ثم استقم أخرجه مسلم .
عبد الله : إن السعادة في الدنيا وإن النجاة في الآخرة ، إنما هي بالإيمان بالله والاستقامة على طاعة الرحمن .
عبد الله عليك بالإيمان بالله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، تعتقد بيقين جازم أن الله هو الذي خلقك وهو الذي أحياك ثم يميتك ، وهو الذي رزقك ؛ بيده الأمر مدبر الكون ، لا خالق غيره ولا رب سواه .
وتؤمن بأن من هذه أفعاله فهو المستحق أن يعبد دون سواه ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ .
آمن بأسماء الله وصفاته وأن لله أسماء حسنى وصفات عُلى تثبتها له سبحانه كما أثبتها لنفسه وأثبتها له نبيه صلى الله عليه وسلم ، معتقدًا حقيقة معناها على ما يليق بجلال الله من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تأويل . لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
آمن بملائكة الله ، وأنهم عباد مكرمون لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ، فتؤمن بمن علمت أسماءهم وأعمالهم على التفصيل وما لم تعلمه آمن به إجمالاً .
آمن بكتب الله التي أنزلها على رسله لهداية البشر وهي حق وما فيها حق ، فتؤمن بما سمى الله لنا في كتابه ، تؤمن بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى ابن مريم عليهم السلام . .
وأن هذه الكتب لازمة الاتباع على الأقوام الذين أرسل فيهم هؤلاء الأنبياء عليهم السلام ، وتؤمن بكتاب الله القرآن الكريم الذي أنزله الله ليكون خاتمة كتبه جل وعلا ، أنزله مهيمنًا على ما سواه ناسخًا لها ، مصدقًا للحق مبطلاً للباطل ، سمعه جبريل عليه السلام من رب العالمين عز وجل ، وبلّغه الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقاه الصحابة عن رسول رب العالمين ، وَإِنَّهُ لَتَنْـزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَـزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ محفوظ بحفظ الله له إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ الإيمان به والعمل به سبب السعادة في الدنيا والآخرة والإعراض عنه سبب الشقاء في الدنيا والآخرة . فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
آمن برسل الله عز وجل وأنهم بشر اصطفاهم الله برسالاته وأرسلهم الله ليبلغوا العباد رسالات الله ويقيموا عليهم حجة الله رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.
متفاوتون في الفضل أولوا العزم أفضلهم ، وسيد الأولين والآخرين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الجميع أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، بعثه الله إلى جميع الثقلين ورسالته باقية إلى قيام الساعة . . وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا تَبَارَكَ الَّذِي نَـزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ، لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها عنه فصلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين .
آمن باليوم الآخر وبما أخبر الله عنه ، أو أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم من حين مفارقة الروح للجسد ، حتى يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار .
آمن بالقدر خيره وشره من الله إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وكل شيء يجري فبتقديره وحكمته وهو القادر على كل شيء وهو الحكيم العليم .
ومن الإيمان بالله ، الاستقامة على طاعة الرحمن ، فتلزم فرائض الإسلام ، تؤدي الصلوات الخمس كما أمرك بذلك ربك ، فهي عنوان التزام الإسلام ، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة حافظ
عليها رحمك الله ، فإنها عمود الإسلام والركن الثاني من أركانه .
وقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم وصف الكفر على تاركها ، العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر . أدِّ زكاة مالك طيبة بها نفسك ، وصم شهر رمضان ، وحج البيت متى استطعت إلى ذلك سبيلا ، تلك أركان الإسلام متى ما حافظت عليها سهل عليك ما بعدها ، برَّ بالوالدين ، صل الأرحام أحسن الجوار ، مُر بالمعروف وانْهَ عن المنكر على قدر علمك وقدرتك ، اصدق إخوانك ، وانصح لهم واحذر الغش والخيانة ، وبالجملة . . كن مسلمًا صالحًا ، و المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده أخرجه مسلم ، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح .
أيها الناس : هذا دين الإسلام ، دين العبادة والمعاملة ، دين العقيدة والشريعة ، دين شامل لخيري الدنيا والآخرة ، دين صالح لكل زمان ومكان ، دين جمع الله فيه الخير كله ورفع به الآصار والأغلال ، دين أكمله الله وأتمه ورضيه الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا .
مهد الله طريقه للسالكين وأغلق كل باب سواه إلى الجنة ورضا رب العالمين . وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
أمة الإسلام : إن كل منتم لهذا الدين ، ليسعى دائمًا وجاهدًا في إعزازه وإعلاء شأنه ، ولكن يا أخي المسلم كيف تكون خادمًا لدينك ؟ نعم تكون خادمًا لدينك بعلمك وتعليمك ، بدعوتك إلى الله على علم وبصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، تخدم دينك بسلوكك منهج السلف الصالح في العبادة والمعاملة ، تخدم دينك باستقامتك على هذا الدين ، تخدم دينك باستفادتك من مستجدات العصر فيما يكون سببًا لعز دينك وأمتك ، تكون خادمًا لدينك في كل ميادين الحياة ، بطبك ، بهندستك ، بزراعتك ، بمهنتك ، نافس أعداءك الذين سخروا كل إمكانياتهم وعلومهم في الدعوة إلى باطلهم ، فأنت على الحق فكن ثابتًا على الحق استشعر مسئوليتك أيها المسلم واعرف موقعك في الحياة ؛ لتؤدى الواجب الذي عليك .
أخي المسلم : هل يكون خادمًا لدينه من يطعن في الشريعة ، ويخون حملة هذا الدين من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ؟
أيكون خادمًا لدينه من يدل على عورات المسلمين ؟ أيكون خادمًا لدينه من يسعى في زعزعة أمن الأمة ؟أيكون خادمًا لدينه من يصم أذنيه عن سماع الحق ؟ أيكون خادمًا لدينه من يتهم علماءه وولاته ويصفهم بالخيانة ؟ أيكون خادمًا لدينه من يزعم قصور هذه الشريعة وعجزها عن مواكبة الحياة ؟ كلا ليس هذا خادمًا للدين .
أخي كيف تعز أمة وهي تُطعن من داخلها؟ ، بل كيف تنهض أمة شبابهم هم أعداؤها؟
يتبع بإذنه تعالى.