كان الأمير مربوع القامة ، قويا ضليعا ، مفتول العضلات .و لكن هذا الرجل الذي كان يمكث 36 بل 40 ساعة ممتطيا جواده ، يتحدى المدافع و الرصاص ، و يشحن بندقيته مثل أبسط الفرسان ، كانت سحنته مزيجا من الطاقة و الزهد و الصفاء تنشر على محياه حسنا و بهاء أخاذين .
و قد قال عنه بيجو الذي قابله غداة إمضاء معاهدة تافنة : " تأملت لحظة هيأته و لباسه الذي لم يكن يغاير لباس أبسط العرب . سحنة وجهه تشبه نوعا ما الصورة التي تعطي للمسيح .لون عينيه و لحيته كستنائي يميل الى السواد ، عظيم الهامة ، كبير الفم ، أسنانه غير منتظمة في بياض رائع ، له هيأة الناسك الورع ".
و تحدث عنه ليون روش الذي كان أكثر قربا منه فقال " كان حنطي اللون ، عريض الجبين ، أهدابه سوداء و دقيقة على عينين خضروان ساحرين ، أقنى الأنف ، ، رقيق الشفتين ، أسود الشعر ، كث اللحية ، معبر الوجه ، وشم صغير يتوسط أشفار العينين ، تبرز أناقة جبينيه ، ، يده رقيقة و ضعيفة ساحرة بياضها، تبرز منها عروق زرقاء ، أصابعه أنيقة و طويلة ، تنتهي بأظفار وردية مقلمة ، و رجليه التي كثيرا ما يعتمد عليها تشبه يديه بياضا و أناقة . قامته لا تتجاوز خمسة أقدام و نيفا ( حوالي متر و 70 سنتم ) ، و لكن عضلاته المفتولة تبرز قوته و صلابته ."
و يعرض علينا ( توسان دي مانوار ) نفس الصورة و إن كان يختلف مع الذين أرادوا أن يعطوا الأمير هيأة الزهد المتصوف ، فيقول "معتدل القامة ، ممتلئ الجسم ، أبيض اللون في شحوب ، قصير اللحية أسودها ، عريض الجبين ، رمادي العينين يميل الى إخضرار حلي . أقنى الانف ، جميل الفم و باختصار فان وجهه جميل و رائع . و صحته - التي يقال عنها سيئة- تبدو جيدة .و إنني لا أرى فيه الهيئة الصوفية التي يسمونه به ".
كان لباسه عاديا و بسيطا ، قميص من القطن ، عليه صدار من الصوف ، وشاش من الصوف الرقيق الأبيض ، و أحيانا يرتدي برنوسا أسمر، و بيده سبحة . و كان دائما يرتدي اللباس القومي ، و يمنع رجاله من تزيين لباسهم ، ذاك أن التجميل و التزيين متروك للنساء حتى يستهوين الفرسان .
خيمته واسعة و لكنها تشبه خيم جميع رفقائه. و يقول عنه ( توستان دي مانوار) : (( كان متربعا على حصير ، تحت ظل شجرة تين، متكئا على صندوق خشبي شبيه بالصناديق التي نراها لدى جميع الباعة العرب في الجزائر العاصمة .))
كما سجل القنصل دوماس في مذكراته في سنة 1839 م و قد رأى الأمير يبيع علنا جميع حلي زوجته ليصب ثمنها في الخزينة العامة : (( لقد كان يحتقر المال ، تاركا عائلته في الغالب تحت وطأة البِؤس و العوز )).
و صادف مرة أن شاهد الأمير زوجته ترتدي قفطانا مطرزا في خيمة مزدانة بالزرابي و الوسائد المطرزة بالحرير فصاح : (( ان هذه المرأة ليست زوجتي ، و هذه الخيمة ليست خيمتي ، ان زوجتي لا ترتدي إلا الملابس التي تنسجها بنفسها )) . وفي وقت قصير إختفت الزرابي ، و الوسائد و القفطان ، و عوضت بلباس من صوف ، و حصائر من صنع أهل معسكر ، و وسائد من جلد الغزلان .
********* :
المرجع : كتاب الأمير عبد القادر
سلسلة الفن و الثقافة
يشرف على هذه السلسلة -محفوظ قداش -
الصادرة عن وزارة الاعلام و الثقافة.
و قد قال عنه بيجو الذي قابله غداة إمضاء معاهدة تافنة : " تأملت لحظة هيأته و لباسه الذي لم يكن يغاير لباس أبسط العرب . سحنة وجهه تشبه نوعا ما الصورة التي تعطي للمسيح .لون عينيه و لحيته كستنائي يميل الى السواد ، عظيم الهامة ، كبير الفم ، أسنانه غير منتظمة في بياض رائع ، له هيأة الناسك الورع ".
و تحدث عنه ليون روش الذي كان أكثر قربا منه فقال " كان حنطي اللون ، عريض الجبين ، أهدابه سوداء و دقيقة على عينين خضروان ساحرين ، أقنى الأنف ، ، رقيق الشفتين ، أسود الشعر ، كث اللحية ، معبر الوجه ، وشم صغير يتوسط أشفار العينين ، تبرز أناقة جبينيه ، ، يده رقيقة و ضعيفة ساحرة بياضها، تبرز منها عروق زرقاء ، أصابعه أنيقة و طويلة ، تنتهي بأظفار وردية مقلمة ، و رجليه التي كثيرا ما يعتمد عليها تشبه يديه بياضا و أناقة . قامته لا تتجاوز خمسة أقدام و نيفا ( حوالي متر و 70 سنتم ) ، و لكن عضلاته المفتولة تبرز قوته و صلابته ."
و يعرض علينا ( توسان دي مانوار ) نفس الصورة و إن كان يختلف مع الذين أرادوا أن يعطوا الأمير هيأة الزهد المتصوف ، فيقول "معتدل القامة ، ممتلئ الجسم ، أبيض اللون في شحوب ، قصير اللحية أسودها ، عريض الجبين ، رمادي العينين يميل الى إخضرار حلي . أقنى الانف ، جميل الفم و باختصار فان وجهه جميل و رائع . و صحته - التي يقال عنها سيئة- تبدو جيدة .و إنني لا أرى فيه الهيئة الصوفية التي يسمونه به ".
كان لباسه عاديا و بسيطا ، قميص من القطن ، عليه صدار من الصوف ، وشاش من الصوف الرقيق الأبيض ، و أحيانا يرتدي برنوسا أسمر، و بيده سبحة . و كان دائما يرتدي اللباس القومي ، و يمنع رجاله من تزيين لباسهم ، ذاك أن التجميل و التزيين متروك للنساء حتى يستهوين الفرسان .
خيمته واسعة و لكنها تشبه خيم جميع رفقائه. و يقول عنه ( توستان دي مانوار) : (( كان متربعا على حصير ، تحت ظل شجرة تين، متكئا على صندوق خشبي شبيه بالصناديق التي نراها لدى جميع الباعة العرب في الجزائر العاصمة .))
كما سجل القنصل دوماس في مذكراته في سنة 1839 م و قد رأى الأمير يبيع علنا جميع حلي زوجته ليصب ثمنها في الخزينة العامة : (( لقد كان يحتقر المال ، تاركا عائلته في الغالب تحت وطأة البِؤس و العوز )).
و صادف مرة أن شاهد الأمير زوجته ترتدي قفطانا مطرزا في خيمة مزدانة بالزرابي و الوسائد المطرزة بالحرير فصاح : (( ان هذه المرأة ليست زوجتي ، و هذه الخيمة ليست خيمتي ، ان زوجتي لا ترتدي إلا الملابس التي تنسجها بنفسها )) . وفي وقت قصير إختفت الزرابي ، و الوسائد و القفطان ، و عوضت بلباس من صوف ، و حصائر من صنع أهل معسكر ، و وسائد من جلد الغزلان .
********* :
المرجع : كتاب الأمير عبد القادر
سلسلة الفن و الثقافة
يشرف على هذه السلسلة -محفوظ قداش -
الصادرة عن وزارة الاعلام و الثقافة.