بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله و نفع بعلمه
في الحب في الله والاعتصام بحبله
إن الْحَمْد لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا, و من سيئات أعمالنا, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كلام الله, و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم, و شر الأمور محدثاتها, و كل محدثة بدعة, و كل بدعة ضلالة, و كل ضلالة في النار.
مرحبا بالأحبة في هذا اللقاء المبارك الذي نسأل الله تبارك و تعالى أن يوفقنا فيه لقول الحق و الصواب, و أن يجعل من السامعين آذانا صاغية, و قلوباً واعية, و أن يجعل الجميع من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وفي هذا اللقاء أحب أن أتكلم معكم بأمرين هامين جدا:
أحدهما :الحث على الاعتصام بكتاب الله , و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم.
والأمر الثاني: الحث على التآخي في الله و التحاب فيه.
و هما أمران ضروريان لقيام دعوة الله تبارك و تعالى.
أما الأمر الأول فقد وردت فيه آيات كثيرة تحث على طاعة الله و طاعة رسوله, و اتباع الكتاب, و اتباع هذا الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام , و الاعتصام بحبل الله, و الاستمساك به.
و الثاني وردت فيه أحاديث كثيرة تحث على محبة الله و تبين منزلة التحاب في الله تبارك و تعالى.
و أرجو أن يلقى هذان الأمران من الشباب السلفي في أي مكان أن يلقى غاية الاهتمام, و أن يدرك السلفيون في كل مكان أهمية هذين الأمرين.
فمما قاله الله تبارك و تعالى في الحث على الأمر الأول: قوله تبار ك وتعالى :.أمر الله هذه الأمة عن بكرة أبيها أن تعتصم بحبله, و هذا تكليف محتم يجب على المسلمين أن يقوموا به وأن ينهضوا به جميعا, في العقائد و في العبادات, و في السياسة, و في الاقتصاد, و في الأخلاق, و فيما يتعلق بالعقيدة في ذات الله تبارك و تعالى و صفاته, و ما يتعلق باليوم الآخر, وبدايته من البرزخ, إلى قيام الساعة إلى ورود الصراط, إلى الوقوف في الحساب, إلى غير ذلك, فهذه يجب أن يستوعبها المسلم, وأن تكون هذه الأمور نصب عينيه, مستضيئا فيها بكتاب الله و بسنة رسوله صلى الله عليه و سلم.
و لا عزة و لا سعادة و لا كرامة للأمة في هذه الدنيا و الآخرة, إلا بتنفيذ هذا الأمر الواجب, وهو الاعتصام بحبل الله جميعا , و الابتعاد عن التفرق, و إذا وجد الإخلاص لله , و الاستسلام لله رب العالمين و الإنقياد لله ولكتابه و لسنة رسوله صلى الله عليه و سلم, لا يحصل التفرق لا يمكن أن يحصل, و إنما يحصل التفرق و البعد عن الاعتصام بحبل الله من اتباع الهوى و من عدم الاعتصام بحبل الله تبارك و تعالى, و عدم الحرص على ذلك, فإذا حصل التهاون في هذا الأصل العظيم ترتب على ذلك التهاون الشرور الكبيرة في الدنيا و الآخرة, و هذه العواقب الوخيمة ملموسة بأيدي كل عاقل, و كل منصف, عواقب وخيمة يعيشها المسلمون الآن, و نتائج خطيرة لعدم تنفيذ هذا الأمر العظيم, و ما جرى مجراه من نصوص في الكتاب و السنة, و نعوذ بالله من الضلال و نعوذ بالله من اتباع الأهواء المؤدية إلى الشتات, و إلى التفرق و التمزق, و إلى العداوة و إلى البغضاء والعياذ بالله.
أمر الله بالاعتصام بحبله في هذه الآية ونهانا عن التفرق , أما الصحابة أما القرون المفضلة فقد استجابوا لهذا التوجيه الرباني, فاعتصموا بحبل الله وهو كتاب الله وسنة رسوله في جميع شؤونهم في عقائدهم وعباداتهم وجهادهم ودعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى وفي أخلاقهم وسلوكياتهم , تمسكوا بذلك, ففازوا
و سعدوا, و سادوا, و فتح الله لهم الدنيا, فتح لهم الشعوب والقلوب؛بإخلاصهم و صدقهم.
توقفت الفتوحات مع الأسف بسبب الفتنة التي أثارها عبدالله بن سبأ اليهودي, و من تابعه من الحمقى و السفهاء, مما أدى إلى قتل الخليفة الراشد عثمان, ثم إلى قتل علي رضي الله عنه فلما اجتمعت كلمتهم عاد نشاطهم و استعادوا فتوحاتهم, ثم دب التفرق و التمزق فتوقفت الفتوحات, و لا يزال المسلمون في نقص, و في هبوط, حتى تكالبت و تداعت عليهم الأمم, " يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل" حصل التفرق والنزاع و الصراعات في الداخل , و كانت النتائج لهذه الصرعات والاختلافات أن تكالبت عليهم الأمم و تداعت عليهم حتى استولوا على معظم العالم الإسلامي, و لم ينج من هذا الإستيلاء إلا بلاد الحرمين و ما قاربها, و هبت الشعوب تدافع عن أوطانها – مع الأسف الشديد – و تخلصوا من الاستعمار العسكري, و لكن بقي الاستعمار الفكري و المنهجي وهو أخطر من الإستعمار العسكري , بقي في هذه الشعوب مع الأسف الشديد و لم تستطع الخلاص من هذا الاستعمار الخبيث, و ترى الكتاب و الصحفيين والمواقع الفضائية تهتف بالديمقراطية , وقد هتفوا بالإشتراكية حتى أسقطها الله ولا يزالون يهتفوا بالقوميات والديمقرطيات وإلى أخره , لا يوجد هتاف في أوساط المسلمين إلا القليل اعتصموا بحبل الله عز وجل ,اعتزوا بكتاب الله , هذا لا تسمع حوله إلا أصواتا خافتة وأما الأصوات القوية والمدوية وفي الصحف وفي المجلات وفي غيرها هتافات إلى التبعيه العمياء لأعداء الإسلام في كل المجالات إلا ما شاء الله وعلى رأس هذه المجالات الديمقراطية التي ما جنى منها المسلمون إلا الهلاك و الدمار, و لم يعتبروا و لم يتعظوا ولم يزدجروا مع الأسف الشديد.
و هانوا على الله, ثم هانوا على أنفسهم وعلى الشعوب الكافرة, فتراهم يسخرون من الإسلام ويسخرون من القرآن ويسخرون من محمد صلى الله عليه و سلم, و والله لو رجع المسلمون إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم عليه الصلاة و السلام, لاستعادوا هيبتهم ولما استطاع أعداء الإسلام أن يجرؤا على شيء من هذا الذي يمارسونه الآن , كل هذا نتائج وخيمه لعدم الاستمساك بحبل الله تبارك وتعالى و كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه السلام , و نتيجة للتفرق الشنيع القائم على العقائد الضالة مع الأسف الشديد , على الأهواء الجامحة, و على العداوات والبغضاء ولأجل أن تطهر القلوب , وتصفوا النفوس , لا بد من الاستسلام لله والاعتصام بحبل الله عز وجل والإدراك الواعي لشؤم التفرق الذي حذر الله منه . فإذا تركوا هذه التحزبات وهذه التشيعات وهذه الأهواء الجامحه و استسلموا لأمر الله و انقادوا لكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم, عادت لهم مكانتهم وعادت هيبتهم و ذهبت عنهم هذه الغثائية القاتلة, و لا مخلص لهم إلا بالرجوع إلى كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاعتصام بهما و العض عليهما بالنواجذ كما أوصانا بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام .
هذه إشارات و لمحات من القضية الأولى, و هي تحتاج إلى تفاصيل طويلة ليس هذا محلها الآن , لأن الوقت ضيق وأنا لا أستطيع أواصل في مثل هذه التفصيلات .
وأعرج الآن على الأمر الثاني:
و هو التحاب في الله و التآخي فيه, و هذا أمر مهم جدا جدا, لا تصلح دنيانا و لا أخرانا إلا به بعد اعتصامنا بحبل الله.
قال الله تعالى مادحا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.فهذه صفات محمد عليه الصلاة و السلام, و صحابته الكرام, التواد و التراحم و المحبة و التماسك و التعاون, كما مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل كزرع اخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه الزرع يخرج ثم تكثر فروعه حتى يشتد ويقوى ويتماسك بعضه مع بعض , الله أكبر, فهذا يجب أن نأخذ منه درسا واعيا كيف كان محمد صلى الله وسلم و أصحابه يتراحمون فيما بينهم و كيف كانوا أشداء على أعدائهم , الآن في الساحة وفي الصحف و بعض الإعلاميين و بعض المتفيقهين, ينادون بالحرية والتآخي وحوار الأديان وأخوة الأديان وإلى أخر هذه التفاهات التي تدل على الغثائية في هذه الأمة قال شدة مع حكمة لا تلين قناتهم مع أعداء الله ﭽ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) ﭼالشورى: ٣٧
و إذا طمع العدو في جزء من بلدانهم أو في شيء من انتقاصهم و إهانتهم تجدهم من أقوى الناس و أشد الناس في مواجهة هذه الإساءات وهذه الأخطار , و هذا لا ينافي ما قاله الله في رسوله
فوالله إن رسول الله لرحمة وإن أصحابه بقوتهم ليجذبون الناس إلى الجنة بالسلاسل رحمة منهم وهذه والله رحمة وفتحوا الشعوب بهذه القوة فسعدت بهم الشعوب وكان ذلك والله رحمة ولو أن المسلمين على الحالة التي كان عليها رسول الله وصحابته الكرام لكانوا رحمة للناس.
ألم تروا هذا الشقاء وهذا الدمار الذي تعيشه الإنسانيه في هذا العصر من أسبابه عدم اعتصام المسلمين بكتاب ربهم وسنة نبيهم فترتب على ذلك تفرقهم وانحطاطهم وجمودهم وتوقف المد الإسلامي بل انحساره وترتب على ذلك علو أعداء الإسلام وظهورهم على المسلمين وتكالبهم عليهم إلى أن وصلوا إلى السخرية بالإسلام ووصفه بالقسوة والوحشية, و هم والله الوحوش وهم الذين ملئوا الدنيا فتنا وفسادا وهم السفاكون للدماء وهم الغزاة للأبرياء في أوطانهم يسحقونهم ويقتلونهم ويشردونهم بصواريخهم ودباباتهم وأساطيلهم الجوية والبرية والبحرية , و مع ذلك يدعون الرحمة قبحهم الله الكذابيين , و تجد من ينعق . من ينعق من الببغاوات في بلاد المسلمين بمثل هذه الأشياء , مع الأسف الشديد, نعم هذه القسوة التي يبديها الإرهابيون والأساليب التي يستخدمونها ,هذه الإسلام منها بريء, فالإسلام هو دعوة إلى الله و هداية للناس و إصلاح لحياة الناس و كله خير, و إذا ألجئ و اضطر إلى القتال, فقتال شريف نزيه, لا يقتل فيه النساء و لا الصبيان ولا الشيوخ و لا العجائز و لا العباد في الصوامع, و لا غيرهم, أتجد هذا عند اليهود أو تجده عند النصارى أوعند المجوس أو عند الهندوك أو الشيوعيين ! لا تجد عندهم إلا الحروب الهوجاء المدمرة, التي تأتي على الأخضر واليابس وعلى الصغير والكبير وعلى الديار فتهدمها .
مع الأسف الشديد بينما الإسلام ينهى عن قطع الأشجار وعن قتل من ذكرناهم من الأصناف التي سلف ذكرها
الشاهد:
إنه على الإخوة المسلمين جميعا أن يعودوا إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله عليه الصلاة و السلام ,و أن يتلاحموا وأن يتراحموا وأن يكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وأن يكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضا وهذا والله لا يتم أبدا إلا إذا تخلوا عن هذه الأهواء التي عاشوا عليها أجيالا واعتصموا بحبل الله جميعا حينئذ يتحقق كل خير لهم بما في ذلك هذه الأخوة وهذه المحبة التي حث عليها الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار " وهذه البدع والله منشؤها الهوى المردي فالمؤمن الصادق والله يكرهها ويبغضها هذه الثلاث يجب أن يهتم بها المسلمون حتى يجدوا حلاوة الإيمان من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما الخ,.
· فإذا وجدت هذه الروح في الأفراد و الجماعات, حب الله و حب رسوله مقدم على كل شيء وفوق كل شيء وهذا لا يتأتى من أهل الأهواء,لا يتأتى إلا من المؤمنين الصادقين المعتصمين بحبل الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما لا يحب شيئا أكثر من محبته لله ومحبته لرسوله ولو كان الأباء والأبناء والإخوان والعشائر وغيرهم تجده يضع محبة هؤلاء وراء وراء عندما يدعو الداعي لنصرة الله تبارك وتعالى ونصرة دينه يقدمها على هذه الأشياء جميعا بل في كل الحالات حب الله وحب رسوله ولا يكون المرء (...) مؤمناً حق الإيمان إلا إذا كان الله ورسوله أحب إليه من كل شيء سواهما .
هذه الأشياء كلها إذا تعارض منها شيء مع محبة الله ومحبة رسوله المؤمن الصادق يقدم محبة الله ومايحبه الله على مايحبه أبوه و أمه و زوجه و ابنه وأخوه و عشيرته لو وقفوا كلهم صفاً واحداً لهم مطلب يتعارض مع حب الله وحب رسول الله , لا يقدم شيئا من ذلك على حب الله وما يحبه الله و رسوله لا يقدم شيئاً من ذلك على حب الله وحب رسوله ولا على ما يحبه الله ورسوله
· و أن يحب المرء لا يحبه إلا لله, هذا تجرد في هذه المحبة والإخلاص, و صدق لا يحب هذا المرء إلا لله , تقربا إلى لله تبارك وتعالى و امتثالا لأمره وأمر نبيه عليه الصلاة والسلام في الإخلاص في هذه المحبة .
· و أن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار : لوخير بين الإلقاء في النار و بين العودة في الكفر لآثر أن يقذف في النار. والله إن البدع الكبرى إنها لمشتقة من هذا الكفر بالله كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فالبدع مشتقه من الكفر و آيلة إليه والعياذ بالله , فعلينا أن نحب الله و نحب رسوله و كتابه و سنة نبيه وصحابته الكرام و السلف الصالحين والمؤمنين الصادقين في السابق واللاحق والمعاصرين والموجودين نحب المؤمنين الصادقين لله تبارك و تعالى لا لأجل دنيا ولا لأجل عشيرة ولا من أجل نسب وإنما من أجل الله تبارك وتعالى , و أن نكره الكفر, و نبغضه أشد البغض, وأن نبغض البدع أشد البغض بارك الله فيكم .
لهذا إذا وجدت هذه الأمور الثلاث وجد المؤمن حلاوة الإيمان كما قال عليه الصلاة و السلام و بدونها لا يجده, و كم هم الأشقياء المحرومون الذين لا تتوفر فيهم هذه الصفات الثلاث مع الأسف الشديد قد يحب الأباء والعشيرة ويقدمها على محبة الله ومحبة رسوله قد يحب شخصاً لكن من أجل الدنيا لا
من أجل الله تبارك وتعالى ,قد لا يكره الكفر و البدع .
مع الأسف الشديد فيكون قلبه ميتا ما عنده إحساس لا يجد حلاوة الإيمان ,
فعلينا أن نجعل هذه الثلاث الخصال نصب أعيننا و النصوص كثيرة و منها: (سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله:
إمام عادل.
وشاب نشأ في عبادة الله.
ورجل قلبه معلق بالمساجد.
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.
ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله
ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه
ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه
, هذه الخصال يجب أن يحرص عليها المسلم وأن يتحلى بها و منها المؤاخاة و التحاب في الله تبارك و تعالى, فإن من ثمار هذه الخصال ومنها التحاب في الله أن يظل الله أصحابها يوم القيامة في تلك الأهوال والشدائد يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
و يقول الله في الحديث القدسي " أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " يقول أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي هذا أمر عظيم يجب أن يهتم به الشباب المسلم, وأن يدركوا مكانة الحب في الله عز وجل , و أن له عند الله هذه المنزلة العظيمة, وأن الله ينادي المتحابين في الله من بين الناس أين هؤلاء المتحابون في بجلالي يعني يعظمون الله تعظيم الله و إجلاله وإكباره وتقديسه يدفع هذه القلوب الطيبة النيرة الخيرة إلى التحاب في ذات الله تبارك وتعالى فيكافئهم الله تبارك وتعالى يوم القيامة بأن ينادي على رؤوس الأشهاد : " أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " ويقول رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام : " والذي نفسي بيده ، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم " هذا أمر عظيم, لا ندخل الجنة إلا بالإيمان, و لا إيمان إلا بالتحاب في الله تبارك وتعالى ثم يدلنا على السبب الذي يرسخ هذه المحبة في القلوب والنفوس وهو إفشاء السلام تفشيه لوجه الله تبارك وتعالى تواضعا لله تخلق بالأخلاق الإسلامية , رغبة في ماعند الله رغبة في تأليف القلوب و جذبها إلى الحق و الخير وإلى صعيد المحبة في الله تبارك وتعالى فينبغي أن يبذل هذه الأسباب أن يدرك أولاً أنه لا طريق إلى الجنة إلا بالإيمان ولا إيمان كامل إلا بالتحاب في الله فإذا كان الإنسان يدعي الإيمان ولا يحب في الله ما قيمة هذا الإيمان وما قيمة هذا الشخص لا يحب في الله والعياذ بالله نحب الأنبياء نحب الصالحين نحب الصحابة نحب المؤمنين جميعا نحبهم في الله تبارك وتعالى لأن الله أمر بحبهم أمر بهذا والرسول صلى الله عليه وسلم يدفعنا إلى أن نبذل الأسباب والأسباب كثيرة منها إفشاء السلام , منها الأخلاق الطيبة و منها الكرم, و ومنها ومنها الأخلاق التي تحبب الناس إلى بعضهم بعضاً , وهذه الأسباب لم نقم بها لا بد أن ندركها ولا بد أن نتعاطاها يا أخوة حتى يتم التلاحم و التآخي فيما بين على الأقل الشباب السلفي, فإنا نلمس أن الشيطان يدب و يبث سموم الفرقة والمحن و البغضاء و انصراف القلوب عن القيام بهذه الأمور العظيمة, فتجد الإخوان هذا سلفي و هذا سلفي لكن لا تزاور و لا تآخي لا تعاون لا شيء مع الأسف الشديد , و أنتم سمعتم" أين المتحابون بجلالي ؟ " إذا تتحاببنا في الله صرنا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى في حديث معاذ رضي الله عنه يقول : " المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء " أمر سهل ومنزلة عظيمة والطريق إليها سهل و هو أن تحب للّه تبارك وتعالى فتنال بهذا المنازل العظيمة, من الأسباب التي تجعلك محبوبا عند الله تبارك و تعالى أن تطيع هذا الرسول و تتبعه فالدعاوى كثيرة حتى عند النصارى و اليهود يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه لكن الأمور ليست بالدعوى, الأمور بالحقائق بالعمل,كن صادق الإتباع لا شك أنه ساع في كسب محبة الله و هذا وعد من الله تبارك و تعالى و الله لا يخلف الميعاد, فإذا أردت أن يحبك الله و أن ينزلك المنازل العالية عنده في الدنيا والأخره فعليك باتباع محمد صلى الله و سلم وهذا من الأسباب التي تؤدي إلى مرضاة الله وإلى الجنة ومنها كما في حديث معاذ رضي الله عنه (( قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله عز وجل : وجبت محبتي للمتحابين فيَّ والمتجالسين فيَّ والمتباذلين فيَّ والمتزاورين فيَّ ")) .
وجبت محبة الله لمن يقوم بهذه الأمور كلها في ذات الله عز وجل , زيارة في الله, مجالسة في الله ما يجالس جليس سوء وجليس السوء كنافخ الكير ، وجليس الخير كحامل المسك ، إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة . والمتزاورين في والمتبادلين في ثلاثا يقوم بهذه الثلاث لا يريد بذلك إلا وجه الله عز و جل هذه من موجبات محبة الله تبارك وتعالى فاحرصوا عليها وتحابوا في الله وتجالسوا في ذات الله وتزاوروا في ذات الله .
وتباذلوا في ذات الله تبارك وتعالى كسب عظيم وأمر عظيم (...) هذا يسير على من يسره الله عليه,إذا أراد الله بك خيراً سهل الله لك هذه الأمور كلها و إذا صعبت عليك فهذا دليل أن فيك خللا أوفيك نقصاً يجب أن تتخلص منه حتى تنال محبة الله تبارك وتعالى وإذا أحببت أخاك فأخبره أنك تحبه أمر بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا أحببت شخصاً في الله أخبره أنك تحبه في الله تبارك وتعالى , ورسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قال لمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (( والله إني لأحبك " لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " فمن السنة أن تخبر أخاك أنك تحبه في الله عز وجل, و الحث على التمسك بالكتاب و السنة, و على التآخي و التعاون في ذات الله تبارك وتعالى , وردت في نصوص كثيرة عليكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تجدونهما مملوئين بذلك .
أسأل الله تبارك و تعالى أن يرزقنا و إياكم التقوى و أن يعيننا على الاعتصام بكتابه و سنة رسوله, و أن يبث في نفوسنا روح المحبة لبعضنا بعضا في ذات الله تبارك وتعالى , إن ربنا لسميع الدعاء
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
(الشيخ ) : تفضل
(الطالب) : شيخ عبد الغني عويسات يسلم عليك كثيراً
(الشيخ ) : بلغه سلامي هو وجميع إخوانه
( الطالب) : ويقول لك يعتذر عن حضور المحاضرة
( الشيخ ) : بلغه سلامي على كل حال وبلغه المشائخ سلامي وبلغوا إخوانكم جميعا سلامنا
(الشيخ) هات سؤالا أو سؤالين .
الأسئلة:
السؤال الأول :
كيف كانت همة السلف في طلب العلم والنهم في تحصيله والإقبال عليه فلقد حصل في الفترة الأخيرة قصور كبير لدى كثير من الشباب في طلب العلم والأسباب كثيرة جداً فلو تلقون الضوء على بعض هذه الأسباب التي صرفت كثيرا من الشباب عن الطلب وجزاك الله خيرا ؟
الجواب: حب الله تبارك و تعالى و حب رسوله و حب كتابه وسنة نبيه دفع السلف الصالح رضوان الله عليهم على الإهتمام بالعلم والفقه في دين الله تبارك وتعالى: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين).
· فالسبب الأول و الأخير إرادة الله تبارك وتعالى من أراد الله به خيراً, هيأ له الأسباب طلب العلم والتفقه فيه في ذات الله تبارك وتعالى ,و من أراد به شرا كما هو مفهوم هذا الحديث فلا يهيأ له هذا ,هذا السبب الأساسي
· بارك الله فيكم , و أعظم الهداية هداية العلم وإلى الإهتمام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
· و من الأسباب حب الدنيا و التكالب عليها والعياذ بالله .
· و من الأسباب العجز و الكسل.
و الأسباب كثيرة بارك الله فيكم وكل إنسان يعرف الأسباب والعوائق التي تحول بينه وبين تحصيل العلم والتفقه في دين الله .
فيجب أن يحب الله أولا ورسوله ثانياً , و كتابه و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم, و أن يتمثل بسيرة السلف الصالح وقيامهم بالعلم وشدهم الرحال من البلدان القاصية إلى البلدان القاصية يشدون الرحال من أجل حديث واحد لمدة شهر , فمن الصحابة من رحل إلى مصر مسافة شهر من المدينة رحل لحديث واحد ومنهم من رحل إلى الشام من أجل حديث واحد , و كان السلف يشدون الرحال من مشارق الأرض إلى مغاربها ومن شمالها إلى جنوبها من أجل حديث رسول الله عليه الصلاة وسلام ومن أجل التفقه في الدين.
فنحن نحث الشباب كما في درسنا هذا على الاعتصام بحبل الله و التآخي في ذات الله والحرص على طلب العلم بارك الله فيكم ,والأمور الخيره لا تحصل إلا بالعلم فالجاهل الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكراً لا يمكن أن يحقق شيئا مما يحبه الله تبارك وتعالى إلا بلطف الله سبحانه وتعالى .
و العلم يبن لنا عظمة الله وجلاله ويبين لنا منزلة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام و منازل الأنبياء ومنازل الملائكة و يبين لنا الجنة وما فيها من النعيم كما في القرآن الكريم والسنة النبوية والنار وما فيها من العذاب الأليم وهذا علم, هذا أعلى أنواع العلم بارك الله فيكم , فهذا إذا هيأ الله العبد وأراد به خيرا فقهه في دينه وعرف هذه الأشياء وقدم العلم والخير على كل مصالحه الدنيويه .
نسأل الله أن يوفقنا و إياكم و أن يرزقنا اتباع السلف الصالح في العلم والتعلم و التطبيق إن ربنا لسميع الدعاء .
السؤال الثاني:أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ظهر في الفترة الأخيرة بعض الشباب السلفي الحريصين على طلب العلم لكن دون تأصيل سلفي فيأخذون العلم عن أناس لا يعرفون ما دينهم ولا ديدنهم لمجرد ما تذكر أسماؤهم في الساحة وإن ذكرناهم بضرورة معرفة هؤلاء رمونا بالغلو وبغلاة التجريح وقد يكثر الحد إلى وصفنا بالحدادية والله إنا منها برءآء فنرجوا من فضيلتكم بيان مدى خطورة أخذ العلم عمن لا يعرف حاله ولمن لا يكون ذلك وكذلك بيان أهمية الإطلاع على كتب الردود لعدم الوقوع في تلك الأخطاء
الجواب الشيخ )
هذا خطبة كاملة.
أنا أوصيكم جميعا بتقوى الله و التآخي فيه و لين الجانب و الرفق واللطف فإن الله يحب الرفق في الأمر كله يعني صحيح يوجد شاب سلفي يعني عنده شيء من التمسك .
فتوجد عند بعض الشباب السلفي شدة تشبه شدة الحدادية فهذه تترك بارك الله فيك و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول والعلماء يقولون ((من شدد نفر)) والرسول صلى الله عليه وسلم قال "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا "
فلينوا بأيدي إخوانكم يا شباب, من عنده شيء من التمسك بالسنة فليحلها بالأخلاق العالية من الصبر و الحلم واللطف و الرفق وما شاكل ذلك تلطف بمن ترى أنه سلفي لكن فيه ضعف , لا تقابلوه بالجفوة والقسوة والعنف و الشدة بارك الله فيكم , فإن هذا بغيض عند الله تبارك وتعالى فلابد من الرفق واللين بارك الله فيكم .
و على هؤلاء المتساهلين أن يتحركوا و أن يجدوا في تحصيل العلم وأن يحرصوا على كسب إخوانهم ويحرصوا على محبتهم ولا بد أن يكون الحرص من الطرفين على :
· طلب العلم وعلى التآخي في ذات الله
· وعلى التراحم . لا بد من التراحم بارك الله فيكم إذا أخطأ أخوك عالجه بلطف وبحكمة أنا أقول في غير مرة نحن
إذا سقط الواحد منا, يعني مثلا يكون أخوه مثل الطبيب يأخذ هذا المريض للمستشفى يعالجه باللطف بالحكمة , هناك أناس عندهم شدة وحدة إذا سقط الإنسان أجهزوا عليه مع الأسف الشديد , فابتعدوا عن الشدة المهلكة, و عن التساهل المضيع للحق وتراحموا فيما بينكم وتناصحوا بالحكمة والموعظة الحسنة وأسأل الله أن يذهب هذه الفرقة وهذا الجفاء ومن علاجه التحلي بالأخلاق الفاضلة من الأطراف كلها أسأل الله أن يرزقنا وإياكم التحلي بالأخلاق العالية من حب العلم , ومن التواضع ومن اللين ومن الرفق ومن الجد في تحصيل العلم و الحرص على كسب الأخوة في ذات الله تبارك و تعالى ومن أجل الله لا من أجل المصالح الدنيوية ولا من أجل غير ذلك إن ربنا سميع الدعاء .وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر ..موقع الشيخ العلامة ربيع بن هادي حفظه الله
المصدر ..موقع الشيخ العلامة ربيع بن هادي حفظه الله