wissam 47
:: عضو مُتميز ::
- إنضم
- 11 أفريل 2015
- المشاركات
- 679
- نقاط التفاعل
- 1,650
- النقاط
- 101
- العمر
- 23
- الجنس
- أنثى
السلام عليكم و رحمة الله و بركـــآته~
«حجاب الموضة» ظاهرة يتسع مداها بين يوم وآخر، مثيرةً جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية. تعكس هذه الظاهرة التناقض بين القيم المتوارثة و«المفاهيم» العصرية بحيث يمثّل الحجاب في هذا الإطار «عرفاً» اجتماعياً بعيداً عن نظرة الدين إليه
قطعة قماش مزركشة تخفي الشعر وتلتف على الرقبة. قميص body ملتصق بالجسم تنفر منه «المفاتن». نزولاً، حزام جلدي مرصّع يلتف حول مناطق حساسة من الجسم وسروال يكاد «يعصر» البدن، ولابأس بالـ «بونتاكور» في حالات عدة. صعوداً من جديد نحو الوجه الجميل حيث يطفو الماكياج بشكل واضح، لدرجة أن الناظر قد يحتاج إلى وقت لتمييز معالم الوجه الحقيقية. تضاف إلى كلّ ما سبق، طريقة المشي التي «تشجع» عمليات «التلطيش» في الشارع والجامعة ومكان العمل.
المشهد ليس صورة في معرض لرسام يهوى رسم الأنثى وإظهار التناقضات، ولا لفتاة تتمشى في حفلة تنكريّة، بل هو مجرد وصف للباس يرتديه عدد كبير من الفتيات المسلمات في مجتمعنا، يسمينه «الحجاب»... فهل هذا هو الحجاب الذي فرضه الإسلام فعلاً؟ وما هي وجهة نظر من يرتدينه فيه؟
سؤالان مطروحان بقوة اليوم، وخصوصاً مع كثرة الانتقادات لهذا النوع من الحجاب الذي يشوّه فكرته الدينية من جهة، ومع مبررات يطلقها آخرون، ومنها أنّ متطلبات العمل والمجتمع تفرض مجموعة من «التنازلات» على الراغبات في التزام هذا الزيّ الديني.
مع وضد
يراوح النقد بين عبارتين، الأولى مسالمة: «هذا تشويه للحجاب، الله يهديهن» والثانية قاسية فظّة لكنها تلامس المشكلة: «فليخلعنه أشرف لهن».
على الضفة المقابلة، يقف مؤيدو هذا الزي «سدّاً» في وجه هذه الانتقادات. لا يجدون مانعاً من دمج الحجاب في الموضة، وبما أن الشعر مخفي و«اللحم» ليس ظاهراً فهو كأيّ حجاب. في الحدّ الأدنى يمكن اعتباره حلّا وسطياً للوصول تدريجاً إلى الحجاب النموذجي للراغبات في الالتزام الديني، كذلك الأمر بالنسبة إلى أخريات يتحجّبن مراعاة لأعراف وظروف اجتماعية.
وبين الضفتين يسبح دعاة «الاعتدال»، فيمنحون العذر بخجل للفتيات المراهقات، لأنهن كذلك. أمّا اللواتي تخطين هذه المرحلة، فالحجاب لن يكون «مقنعاً» إلا إذا استوفى الشروط.
الحوار الذي دار بين رلى وزميلتها دنيا في الجامعة كان أشبه بمرافعة قضائية. أخذت الأولى دور المدعي العام وراحت تسرد وقائع «الحادثة». لم تقتنع بأن ما ترتديه زميلتها هو حجاب، إنما غطاء رأس فقط. أمّا الجسد، فهو «أضرب» مما ترتديه الكثيرات من غير المحجبات «مفسّر وواضح».
الأمر استدعى رداً حازماً من دنيا مستنداً إلى مبدأ «الحرية الشخصية» مع إعلان: «أتحدّى أي شخص يعلّم عليي». نقطة «القوة» في تحدّي دنيا عدم نفيها أن حجابها «ليس صحيحاً»، إضافة إلى سلسلة من وجهات النظر كان أبرزها: «أنا مستحيل إشلح حجابي، بس كمان الشرعي ما بيخلّينا نشتغل بمحل». عبارة فاجأت الكثيرين واستدعت المقاطعة، ذلك أنه «مش صحيح أن الشرعي يمنع الفتاة من العمل بل يحصّنها» تقول مها، وتضيف: «العكس هو الصحيح، الظروف اختلفت عن السابق، دور المحجبات يتسع في ميادين العمل بشكل واضح» معتمدة على تجربتها في مؤسسات كثيرة لم تمانع في تدريب بل وتوظيف فتيات بزيّهن الإسلامي المناسب.
تنهي مها كلامها لكن النقاش لا ينتهي، وينتقل إلى كيفية التوفيق بين الالتزام الديني في مجتمع يقوم على المظاهر. فتؤكد رولا رغبتها الالتزام الديني، لكن بشكل جدي وإلا فإن «تغطية الشعر ما إلا قيمة»، لذلك هي تدعم فكرة «التدرّج، أي إنه ليس ضرورياً أن يتم كل شيء دفعة واحدة ولكن ضمن حدود ترسمها الفتاة لنفسها».
تبدي سحر انزعاجها من هذا الرأي «تفضلي تحجبي بالأول وفرجينا»، معتبرة أن حركات العيون والإشارات والتلميحات «تشدّ» الشباب أكثر من حجابها الذي لا يعجب الكثيرين. وتضيف إن «لكلّ إنسان ظروفه الخاصة»، رافضةً تحميل المسؤولية للفتاة وحدها «هناك أيضاً ضغط الأهل. بابا ما كان بدّو ياني إتحجب أصلاً، وتأثير الأصدقاء يلعب دوره أيضاً» «الله لا يوفقن»... تقول ممازحةً.
بعيداً عن الجامعة، تشرح نهاد (30 ربيعاً) وضعها. ترى أن واجبها هو التزام اللباس المتعارف عليه للمحجبات، إلّا أنها «مضطرة» إلى أن تلبس ثياباً من قبيل «بناطلين ضيقة وقمصان body» لسبب وحيد، ألا وهو تخلفّها عن دخول القفص الذهبي وسيطرة الخوف من العنوسة عليها. ترى أن الكثيرات يشعرن مثلها، لكنهن «يعتمدن على أشياء أخرى» تتحفّظ عن الكلام عن طبيعتها. «أبالغ قليلاً، لكن هذا اللباس قد يساعدني على الزواج فهو لافت للنظر» تقول بتحفّظ.
حجاب الداخل
تقف ياسمين أمام مرآتها وقتاً طويلاً. قبل ذهابها إلى الجامعة. ترتدي «أجمل ثيابها»، تضع الماكياج. تبدأ الحيرة عند اختيار المنديل. تبدي ابنة رجل الدين قناعة بلباسها مع أنه «مش شرعي كتير»، وتتّكل على قلبها لأن الإيمان الصحيح مستودع فيه، لا في شكلها فــ «حجاب الداخل أهم من حجاب الخارج». انتقلت ياسمين إلى هذا اللباس بعدما خلعت «الشرعي» الذي سبب لها مجموعة من الضغوط. كان «يمنعها» من الخروج مع الأصدقاء، إضافة إلى كونه «مش مريح» وهي تريد أن تعيش وتفرفشدين واحد وحجاب مختلف
لا تزعجها «المحاضرات» العشرين التي تسمعها يومياً من والدها لأنه «لم يجبرنا على شيء»، فهو يؤمن بالآية الكريمة: لا تهدي من أحببت إن الله يهدي من يشاء». يبدو أن ياسمين تستاء من نظرة المجتمع نحوها، رافضةً تدخله في أمورها الشخصية «أنا حرّة».
حالة من نوع آخر تسترعي الانتباه. الفتاة القاطنة مع عائلتها في منطقة الدورة تجد في حجابها «المزنطر» الحلّ الوسط بين أهلها الرافضين لفكرة الحجاب وإيمانها به كواجب ديني. رفض الأهل ناتج من حساسية المنطقة بغالبيتها المسيحية. «أفضل من لا شيء» كلمات كافية لتعبر سوزان عن واقعها، مقتنعة بأن حجابها ليس صحيحاً بالمعنى الديني، بيد أنها تحاول «تحسينه» قدر المستطاع. لا تلبس القمصان الضيقة التي تلتصق بالجسم أو السراويل التي تفسّره. مع ذلك تؤكد تعرضّها لمضايقات من الجيران «همز وحكي ومسخرة». تبتسم قليلاً وتحكي قصة شرطها مع الأهل، الذي يقضي بندُه الوحيد بأنها ستغيّر شكل (style) حجابها نحو الشرعي إذا ما انتقلوا للسكن في منطقة أخرى!!
الدين واضح
ينقل الشيخ حسين رمضان الحكم الشرعي المتعلق بـ«حجاب الموضة». يرى الحكم أن لا علاقة لهذا الحجاب بالدين وأنه حرام بإجماع المسلمين، وذلك لمخالفته القواعد الصحيحة، من حيث الحكم الشرعي والنص القرآني «ولا يبدين زينتهن إلّا ما ظهر منها»، والجائز إظهاره فقط هو الوجه والكفين. ويعرّف رمضان الحجاب الشرعي على أنّه «كل لباس يكون ساتراً للرأس وفضفاضاً على الجسد بحيث لا يظهر ولا يفسّر أيّاً من أعضاء البدن التي حرّم الشرع إظهارها». وفي المحصلة النهائية «الإسلام يدين ويرفض هذا النوع من الأزياء».
وفي ما يخص أحكام عمل المرأة، يؤكد رمضان أن الإسلام يشجع المرأة على أن تكون «رقماً صعباً في العمل في كل الميادين، لكن بما يضمن لها حشمتها وكرامتها، ويجبر من يتعامل معها على رؤية الإنسان والعقل لا الجسد».
يبيح الإسلام للمرأة أن تخلع حجابها في حالة واحدة، هي «تهديدها بالأذى المباشر الذي تصل حدوده إلى الموت بسبب الحجاب، أمّا ما عدا ذلك من قبيل خلع الحجاب لأجل العمل أو الوظيفة، فإن الإسلام يحرّم هذا الأمر بشكل قاطع».
إلتزام «اجتماعي» بالدين
يرى الدكتور في علم الاجتماع عباس مكي، في إطار تحليله لهذه الظاهرة، أن الحجاب هو أحد أشكال الأزياء المعتمدة ولكن «بشكل شرعي»، مشبهاً إياه بالـuniform ذي الصبغة الدينية والمتوافق عليه ضمن البيئة الاجتماعية ويضع أساساً لوظيفته وهو منع الإغراء والإثارة.
العكس تماماً هو الذي يحدث. يرى مكي أن «النزوة والرغبة في جذب الآخر» هما اللتان تحرّكان محجبات الموضة، واصفاً إياهن: «يتزنطرن ولو من تحت حجاب»، وذلك لأن «لباسهن لا يستطيع إخفاء تمايلات الجسد وتحركاته» فيما يؤكد أن هدف الحجاب هو وقف «الزنطرة» التي عرّفها بـ«مجموعة رسائل خفية تؤدي هدفاً من الجذب
والإثارة».
من الناحية الاجتماعية، يرى مكي هذا اللباس «التزاماً بالشكل الاجتماعي فقط، بعيداً عن روحية الحجاب الهادفة إلى إسكات نزوات الجسد»، كما أنه يعكس «صراعاً بين القيم الدينية التي تفرض الحجاب ومغريات الواقع، ما يدفع الفتيات إلى التحايل على وظيفة الحجاب الدينية والقول مهما قيل سأترك مجالاً
لزنطرتي»
«حجاب الموضة» ظاهرة يتسع مداها بين يوم وآخر، مثيرةً جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية. تعكس هذه الظاهرة التناقض بين القيم المتوارثة و«المفاهيم» العصرية بحيث يمثّل الحجاب في هذا الإطار «عرفاً» اجتماعياً بعيداً عن نظرة الدين إليه
قطعة قماش مزركشة تخفي الشعر وتلتف على الرقبة. قميص body ملتصق بالجسم تنفر منه «المفاتن». نزولاً، حزام جلدي مرصّع يلتف حول مناطق حساسة من الجسم وسروال يكاد «يعصر» البدن، ولابأس بالـ «بونتاكور» في حالات عدة. صعوداً من جديد نحو الوجه الجميل حيث يطفو الماكياج بشكل واضح، لدرجة أن الناظر قد يحتاج إلى وقت لتمييز معالم الوجه الحقيقية. تضاف إلى كلّ ما سبق، طريقة المشي التي «تشجع» عمليات «التلطيش» في الشارع والجامعة ومكان العمل.
المشهد ليس صورة في معرض لرسام يهوى رسم الأنثى وإظهار التناقضات، ولا لفتاة تتمشى في حفلة تنكريّة، بل هو مجرد وصف للباس يرتديه عدد كبير من الفتيات المسلمات في مجتمعنا، يسمينه «الحجاب»... فهل هذا هو الحجاب الذي فرضه الإسلام فعلاً؟ وما هي وجهة نظر من يرتدينه فيه؟
سؤالان مطروحان بقوة اليوم، وخصوصاً مع كثرة الانتقادات لهذا النوع من الحجاب الذي يشوّه فكرته الدينية من جهة، ومع مبررات يطلقها آخرون، ومنها أنّ متطلبات العمل والمجتمع تفرض مجموعة من «التنازلات» على الراغبات في التزام هذا الزيّ الديني.
مع وضد
يراوح النقد بين عبارتين، الأولى مسالمة: «هذا تشويه للحجاب، الله يهديهن» والثانية قاسية فظّة لكنها تلامس المشكلة: «فليخلعنه أشرف لهن».
على الضفة المقابلة، يقف مؤيدو هذا الزي «سدّاً» في وجه هذه الانتقادات. لا يجدون مانعاً من دمج الحجاب في الموضة، وبما أن الشعر مخفي و«اللحم» ليس ظاهراً فهو كأيّ حجاب. في الحدّ الأدنى يمكن اعتباره حلّا وسطياً للوصول تدريجاً إلى الحجاب النموذجي للراغبات في الالتزام الديني، كذلك الأمر بالنسبة إلى أخريات يتحجّبن مراعاة لأعراف وظروف اجتماعية.
وبين الضفتين يسبح دعاة «الاعتدال»، فيمنحون العذر بخجل للفتيات المراهقات، لأنهن كذلك. أمّا اللواتي تخطين هذه المرحلة، فالحجاب لن يكون «مقنعاً» إلا إذا استوفى الشروط.
الحوار الذي دار بين رلى وزميلتها دنيا في الجامعة كان أشبه بمرافعة قضائية. أخذت الأولى دور المدعي العام وراحت تسرد وقائع «الحادثة». لم تقتنع بأن ما ترتديه زميلتها هو حجاب، إنما غطاء رأس فقط. أمّا الجسد، فهو «أضرب» مما ترتديه الكثيرات من غير المحجبات «مفسّر وواضح».
الأمر استدعى رداً حازماً من دنيا مستنداً إلى مبدأ «الحرية الشخصية» مع إعلان: «أتحدّى أي شخص يعلّم عليي». نقطة «القوة» في تحدّي دنيا عدم نفيها أن حجابها «ليس صحيحاً»، إضافة إلى سلسلة من وجهات النظر كان أبرزها: «أنا مستحيل إشلح حجابي، بس كمان الشرعي ما بيخلّينا نشتغل بمحل». عبارة فاجأت الكثيرين واستدعت المقاطعة، ذلك أنه «مش صحيح أن الشرعي يمنع الفتاة من العمل بل يحصّنها» تقول مها، وتضيف: «العكس هو الصحيح، الظروف اختلفت عن السابق، دور المحجبات يتسع في ميادين العمل بشكل واضح» معتمدة على تجربتها في مؤسسات كثيرة لم تمانع في تدريب بل وتوظيف فتيات بزيّهن الإسلامي المناسب.
تنهي مها كلامها لكن النقاش لا ينتهي، وينتقل إلى كيفية التوفيق بين الالتزام الديني في مجتمع يقوم على المظاهر. فتؤكد رولا رغبتها الالتزام الديني، لكن بشكل جدي وإلا فإن «تغطية الشعر ما إلا قيمة»، لذلك هي تدعم فكرة «التدرّج، أي إنه ليس ضرورياً أن يتم كل شيء دفعة واحدة ولكن ضمن حدود ترسمها الفتاة لنفسها».
تبدي سحر انزعاجها من هذا الرأي «تفضلي تحجبي بالأول وفرجينا»، معتبرة أن حركات العيون والإشارات والتلميحات «تشدّ» الشباب أكثر من حجابها الذي لا يعجب الكثيرين. وتضيف إن «لكلّ إنسان ظروفه الخاصة»، رافضةً تحميل المسؤولية للفتاة وحدها «هناك أيضاً ضغط الأهل. بابا ما كان بدّو ياني إتحجب أصلاً، وتأثير الأصدقاء يلعب دوره أيضاً» «الله لا يوفقن»... تقول ممازحةً.
بعيداً عن الجامعة، تشرح نهاد (30 ربيعاً) وضعها. ترى أن واجبها هو التزام اللباس المتعارف عليه للمحجبات، إلّا أنها «مضطرة» إلى أن تلبس ثياباً من قبيل «بناطلين ضيقة وقمصان body» لسبب وحيد، ألا وهو تخلفّها عن دخول القفص الذهبي وسيطرة الخوف من العنوسة عليها. ترى أن الكثيرات يشعرن مثلها، لكنهن «يعتمدن على أشياء أخرى» تتحفّظ عن الكلام عن طبيعتها. «أبالغ قليلاً، لكن هذا اللباس قد يساعدني على الزواج فهو لافت للنظر» تقول بتحفّظ.
حجاب الداخل
تقف ياسمين أمام مرآتها وقتاً طويلاً. قبل ذهابها إلى الجامعة. ترتدي «أجمل ثيابها»، تضع الماكياج. تبدأ الحيرة عند اختيار المنديل. تبدي ابنة رجل الدين قناعة بلباسها مع أنه «مش شرعي كتير»، وتتّكل على قلبها لأن الإيمان الصحيح مستودع فيه، لا في شكلها فــ «حجاب الداخل أهم من حجاب الخارج». انتقلت ياسمين إلى هذا اللباس بعدما خلعت «الشرعي» الذي سبب لها مجموعة من الضغوط. كان «يمنعها» من الخروج مع الأصدقاء، إضافة إلى كونه «مش مريح» وهي تريد أن تعيش وتفرفشدين واحد وحجاب مختلف
لا تزعجها «المحاضرات» العشرين التي تسمعها يومياً من والدها لأنه «لم يجبرنا على شيء»، فهو يؤمن بالآية الكريمة: لا تهدي من أحببت إن الله يهدي من يشاء». يبدو أن ياسمين تستاء من نظرة المجتمع نحوها، رافضةً تدخله في أمورها الشخصية «أنا حرّة».
حالة من نوع آخر تسترعي الانتباه. الفتاة القاطنة مع عائلتها في منطقة الدورة تجد في حجابها «المزنطر» الحلّ الوسط بين أهلها الرافضين لفكرة الحجاب وإيمانها به كواجب ديني. رفض الأهل ناتج من حساسية المنطقة بغالبيتها المسيحية. «أفضل من لا شيء» كلمات كافية لتعبر سوزان عن واقعها، مقتنعة بأن حجابها ليس صحيحاً بالمعنى الديني، بيد أنها تحاول «تحسينه» قدر المستطاع. لا تلبس القمصان الضيقة التي تلتصق بالجسم أو السراويل التي تفسّره. مع ذلك تؤكد تعرضّها لمضايقات من الجيران «همز وحكي ومسخرة». تبتسم قليلاً وتحكي قصة شرطها مع الأهل، الذي يقضي بندُه الوحيد بأنها ستغيّر شكل (style) حجابها نحو الشرعي إذا ما انتقلوا للسكن في منطقة أخرى!!
الدين واضح
ينقل الشيخ حسين رمضان الحكم الشرعي المتعلق بـ«حجاب الموضة». يرى الحكم أن لا علاقة لهذا الحجاب بالدين وأنه حرام بإجماع المسلمين، وذلك لمخالفته القواعد الصحيحة، من حيث الحكم الشرعي والنص القرآني «ولا يبدين زينتهن إلّا ما ظهر منها»، والجائز إظهاره فقط هو الوجه والكفين. ويعرّف رمضان الحجاب الشرعي على أنّه «كل لباس يكون ساتراً للرأس وفضفاضاً على الجسد بحيث لا يظهر ولا يفسّر أيّاً من أعضاء البدن التي حرّم الشرع إظهارها». وفي المحصلة النهائية «الإسلام يدين ويرفض هذا النوع من الأزياء».
وفي ما يخص أحكام عمل المرأة، يؤكد رمضان أن الإسلام يشجع المرأة على أن تكون «رقماً صعباً في العمل في كل الميادين، لكن بما يضمن لها حشمتها وكرامتها، ويجبر من يتعامل معها على رؤية الإنسان والعقل لا الجسد».
يبيح الإسلام للمرأة أن تخلع حجابها في حالة واحدة، هي «تهديدها بالأذى المباشر الذي تصل حدوده إلى الموت بسبب الحجاب، أمّا ما عدا ذلك من قبيل خلع الحجاب لأجل العمل أو الوظيفة، فإن الإسلام يحرّم هذا الأمر بشكل قاطع».
إلتزام «اجتماعي» بالدين
يرى الدكتور في علم الاجتماع عباس مكي، في إطار تحليله لهذه الظاهرة، أن الحجاب هو أحد أشكال الأزياء المعتمدة ولكن «بشكل شرعي»، مشبهاً إياه بالـuniform ذي الصبغة الدينية والمتوافق عليه ضمن البيئة الاجتماعية ويضع أساساً لوظيفته وهو منع الإغراء والإثارة.
العكس تماماً هو الذي يحدث. يرى مكي أن «النزوة والرغبة في جذب الآخر» هما اللتان تحرّكان محجبات الموضة، واصفاً إياهن: «يتزنطرن ولو من تحت حجاب»، وذلك لأن «لباسهن لا يستطيع إخفاء تمايلات الجسد وتحركاته» فيما يؤكد أن هدف الحجاب هو وقف «الزنطرة» التي عرّفها بـ«مجموعة رسائل خفية تؤدي هدفاً من الجذب
والإثارة».
من الناحية الاجتماعية، يرى مكي هذا اللباس «التزاماً بالشكل الاجتماعي فقط، بعيداً عن روحية الحجاب الهادفة إلى إسكات نزوات الجسد»، كما أنه يعكس «صراعاً بين القيم الدينية التي تفرض الحجاب ومغريات الواقع، ما يدفع الفتيات إلى التحايل على وظيفة الحجاب الدينية والقول مهما قيل سأترك مجالاً
لزنطرتي»