الضربةُ التي تصيبُني ولا تقتُلني تجعلني أقوى !
لا أعرفُ صاحب هذه المقولة، وكان من اليسير عليّ أن أستفتيَ فيها شيخنا " غوغل " ، فيعطيني اسمه، فآتيكم باسمه، وأوهمكم أنيّ مثقّف ! ولكنّي آثرتُ أن لا أفعل، لا لأنهم قديماً قالوا : من كان الكتاب شيخه فقد ضلّ ! لأنهم كانوا يرون أنّ العلم لا يكون إلا بالتلقي من أفواه العلماء، فماذا عساهم يقولون بمن كان " غوغل " شيخه ، ولا لأن الاسم علمٌ لا ينفعُ وجهلٌ لا يضرّ ! وإنّما لأني على يقين أنّ الجهل سيصبح في قادم الأيام أكثر قيمة من المعرفة !
وبالعودة إلى المقولة التي لا أعرفُ قائلها، فهي صحيحة تماماً، وخير مثال عليها اليابان، هذا البلد الذي ضُرب بقنبلتين ذرّيتين ليركع فإذا به اليوم أقوى بلد في العالم، أقوى بلدٍ في عقله لا في عضلاته !
المهم أنّ هذا البلد الذي أُشبهه بدماغ البشريّة، بصدد اختراع خوذة الكترونية ، يعتمرها الإنسان، فيصبح بالإمكان قراءة الأفكار التي تدور في رأسه !
تخيّلوا كم ستصبحُ الحياة مقيتة لو أفلح اليابانيون واخترعوا خوذتهم هذه، وصار لِزاماً علينا أن نعتمرها فوق رؤوسنا، في العمل لأن مديرك يريد أن يعرف ما في رأسك لا ما في لسانك، وفي البيت لأنّ زوجتك تريد أن تعرف أفكارك السوداء لا كلامك المعسول، وفي الطريق لأن الحكومة تريد أن تعرف منسوب السخط في رأسك لا مسرحية الرضا التي تمارسها أنت وكل " الكومبارس " من إخوتك المواطنين !
كلنا نعرف أن المجاملات كذب أنيق، وأنها ضرورية لتستمرّ الحياة، فلو عرف كل شخص ما الذي يدور في رأس الآخر، لما استطاع أحدنا أن يتخذ من ستة مليارات إنسان يقطنون الأرض صديقاً واحداً ! ولكننا نعتمد على الكلام في بناء علاقاتنا، لأنّ الكلام خير وسيلة لإخفاء الأفكار !
تخيّل عزيزي القارىء أنّك في اجتماع عمل، تعتمر خوذة الفضيحة، ويتحفك مديرك بفكرة جهنّمية من أفكاره، ثم ترتسم على خوذتك عبارة : ما هذا الغباء ! تريدُ اليابان أن تقطع رزقنا !
تخيّل أنّكَ تجلسُ في بيتكَ آمناً مطمئناً، فيُقرع باب بيتك، وتقوم لتفتح الباب، فإذا به ضيف ثقيل جاءك من غير موعد، ثم ترتسم على الخوذة عبارة : ما الذي جاء بك السّاعة ! قبل الخوذة كنت تصطنع ابتسامة عريضة، وتهشّ وتبش، وكانت الحياة تستمر ، ولكنّ اليابان قررتْ أن لا تُبقي لنا أصدقاء !
تخيّل أنّك جالس مع زوجتك تشاهد التلفاز، ثم تطالعك امرأة حسناء، وترتسم على الخوذة عبارة : تباً لحظي، هذا العالم مليء بالجميلات ! تريد اليابان أن تخرب بيوتنا، لهذا بالضبط قلت بداية : سيصبح الجهل أكثر قيمة من المعرفة !
ما مثلنا مع عقل اليابان على ظهر هذا الكوكب إلا كمثل قوم استهموا على ظهر سفينة، إن تركناهم لعقولهم غرقوا وأغرقونا معهم ، وإن أخذنا على عقولهم نجوا ونجونا معهم ! احجروا على عقل اليابان ، فهذا ليس تفكيراً بقدر ما هو إرهاب مقنّع بالتفكير ! وإن رفضوا أن ينصاعوا فما هورشيما وناكازاكي منكم ببعيد !
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية