فيما يجب على الرعية إذا جار السلطان

ابو عمر البلدي

:: عضو مُشارك ::
إنضم
15 أكتوبر 2015
المشاركات
323
نقاط التفاعل
385
نقاط الجوائز
13
آخر نشاط
الحمد لله وصلواته على خير خلقه أجمعين وآله وصحبه الطاهرين. وبعد
روى البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان.
قال ابن مسعود: قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدوا إليهم حقوقهم واسألوا الله حقكم.
قال مالك بن دينار: وجدت في بعض الكتب: يقول الله تعالى: إني أنا الله مالك الملك قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليهم رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليهم نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم.
وروى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيأتيكم ركب مبغضون يطلبون منكم ما لا يجب عليكم فإذا سألوا ذلك فأعطوهم ولا تسبوهم وليدعوا لكم. وهذا حديث عظيم الموقع في هذا الباب، فندفع إليهم ما طلبوا من الظلم ولا ننازعهم فيه، ونكف ألسنتنا عن سبهم.
وفي بعض الكتب: ابن آدم تدعوا على من ظلمك ويدعوا عليك من ظلمته، فإن شئت أجبت لك وأجبت عليك، وإن شئت أخرت الأمر إلى يوم القيامة فيسعكم العفو.
روي أن رجلاً من العقلاء غصبه بعض الولاة ضيعة له واعتدى عليه، فذهب إلى المنصور فقال له: أصلحك الله! أأذكر لك حاجتي أم أضرب لك قبلها مثلاً؟ فقال له:
بل اضرب لي قبلها مثلاً. فقال: أصلحك الله إن الطفل الصغير إذا نابه أمر يكرهه فإنه يفر إلى أمه لنصرته، إذ لا يعرف غيرها ظناً منه أنه لا ناصر له فوقها،
فإذا ترعرع واشتد فأوذي كان فراره وشكواه إلى أبيه، لعلمه أن أباه أقوى من أمه على نصرته،
فإذا بلغ وصار رجلاً وحزبه أمر شكا إلى الوالي، لعلمه بأنه أقوى من أبيه فإن زاد عقله واشتدت شكيمته شكى إلى السلطان لعلمه بأنه أقوى ممن سواه،
فإن لم ينصفه السلطان شكا إلى الله تعالى لعلمه بأنه أقوى من السلطان. وقد نزلت بي نازلة وليس فوقك أحد أقوى منك إلا الله تعالى،
فإن أنصفتني وإلا رفعت أمرها إلى الله تعالى في الموسم، فإني متوجه إلى بيته وحرمه قال: بل ننصفك. وأمر أن يكتب إلى واليه برد ضيعته إليه.
 
العودة
Top