موضوع مهم جدآ عن رحمة الله

جيهان جوجو

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
24 سبتمبر 2015
المشاركات
6,845
نقاط التفاعل
18,209
النقاط
356
محل الإقامة
...
الجنس
أنثى
آية في كتاب الله ما أعظمها من آية لو كان في القلوب حياة ، وما أجلها من معان تلك التي تظمنتها هذه الاية ، وما أشد وقع كلماتها على النفس المؤمنة ، آية واحدة ترسم للحياة صورة جديدة ; وتنشىء في الشعور قيماً لهذه الحياة ثابتة ; وموازين لا تهتز ولا تتأرجح ولا تتأثر بالمؤثرات كلها وحين تستقر هذه الصورة في قلب بشري يتم فيه تحول كامل في تصوراته ومشاعره واتجاهاته وموازينه وقيمه في هذه الحياة جميعاً . ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
الطبري : يقول تعالى ذكره : مفاتيح الخير ومغالقه كلها بيده ; فما يفتح الله للناس من خير فلا مغلق له , ولا ممسك عنهم ; لأن ذلك أمره لا يستطيع أمره أحد , وكذلك ما يغلق من خير عنهم فلا يبسطه عليهم , ولا يفتحه لهم , فلا فاتح له سواه , لأن الأمور كلها إليه وله . وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وقوله : { وهو العزيز الحكيم } يقول : وهو العزيز في نقمته ممن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته , الحكيم في تدبير خلقه , وفتحه لهم الرحمة إذا كان فتح ذلك صلاحا , وإمساكه إياه عنهم إذا كان إمساكه حكمة .
هذه الآية تقطع المؤمن عن شبهة كل قوة في السماوات والأرض وتصله بقوة الله . وتيئسه من مظنة كل رحمة في السماوات والأرض وتصله برحمة الله . وتوصد أمامه كل باب في السماوات والأرض وتفتح أمامه باب الله .
إن رحمة الله لو فتحها سبحانه لأحد من خلقه ،فسيجدها في كل شيء ،وفي كل موضع ،وفي كل حال ،وفي كل مكان ،وفي كل زمان ،فإنه لا ممسك لها ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ،يجدها في نفسه وفي مشاعره ،ويجدها فيما حوله ،وحيثما كان وكيفما كان. بل إن رحمة الله تتمثل في الممنوع تمثلها في الممنوح . ويجدها من يفتحها الله له في كل شيء , ولو فقد كل شيء مما يعد الناس فقده هو الحرمان . ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء , ولو وجد كل شيء مما يعده الناس علامة الوجدان والرضوان !
وما من نعمة من نعم الله ،يُمسك الله معها رحمته ،حتى تنقلب هي بذاتها نقمة ،وما من محنة تحفها رحمة الله ،حتى تكون هي بذاتها نعمة ،ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد ،وينام على الحرير وقد أمسكت عنه رحمة الله، فإذا هو شوك القتاد.
إن الإنسان يواجه أصعب الأمور برحمة الله فإذا هي هوادة ويسر ،ويواجه أيسر الأمور بدون رحمة الله فإذا هي مشقة وعسر ،ويخوض المخاوف والأخطار برحمة الله ،فإذا هي أمن وسلام ،ويعبرها بدون رحمة الله ،فإذا هي مهلكة وبوار. إنه لا ضيق مع رحمة الله ، لا ضيق مع رحمة الله ولو كان صاحبها في غياهب السجون أو في شعاب الهلاك ،ولا سعة مع إمساك رحمة الله ،ولو تقلب الإنسان في ألوان النعيم وفي أنواع الرخاء.
إن هذا الباب لو فتح لك يا عبد الله ،وهو باب الرحمة ،فلا عليك ولو أغلقت أمامك جميع الأبواب ،وأقفلت جميع النوافذ ،وسدت جميع المسالك ،إنه هو الفرج واليسر .ولو أغلق عنك هذا الباب يا عبد الله ،باب الرحمة فلا ينفعك ولو فتح لك جميع الأبواب والنوافذ والمسالك .
إن المال والولد والصحة والقوة والجاه والسلطان تصبح مصادر قلق وتعب ونكد إذا أمسكت عنها رحمة الله ،فإذا فتح الله أبواب رحمته كان فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان. يبسط الله الرزق مع رحمته – فإذا هو متاع طيب ورخاء ،وإذا هو رغد في الدنيا وزاد في الآخرة ،ويمسك رحمته عن هذا الرزق، فإذا هو مثار قلق وخوف ،وإذا هو مثار حسد وبغض ،وقد يكون معه الحرمان ببخل أو مرض . قال § : إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، و هو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام و الشراب تخافون عليه . رواه أحمد والحاكم .
ويمنح الله الولد ،ويكون معه الرحمة ،فإذا هي زينة الحياة الدنيا ،ومصدر فرح واستمتاع ،ومضاعفة للأجر في الآخرة ، ويمسك رحمته فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء ،وسهر بالليل وتعب بالنهار.
إن من رحمة الله أن تحس برحمة الله ،إن شعورك بوجودها هو الرحمة ،ورجاؤك فيها وتطلعك إليها هو الرحمة ، وتوقعها في كل أمر هو الرحمة ،والعذاب هو العذاب في يأسك منها ،أو شكك فيها ،وهذا ليس حال المؤمن ،إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
إن رحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان وفي أي حال. وجدها إبراهيم عليه السلام في النار، ووجدها يوسف عليه السلام في الجب، كما وجدها في السجن، ووجدها يونس عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث ،ووجدها موسى عليه السلام في اليم وهو طفل رضيع مجرد من كل قوة ومن كل حراسة ،ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور فقال بعضهم لبعض: فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ، ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار، والقوم يتعقبونهم لا تحزن إن الله معنا.
وسيجدها كل من أخلص لله ،وآوى إليه يأساً من كل من سواه ، قاصداً باب الله ،دون الأبواب كلها. ثم إنه متى فتح الله أبواب رحمته فلا ممسك لها ،ومتى أمسكها فلا مرسل لها ،ومن ثم فلا خوف من أحد ،ولا رجاء في أحد ،ولا مخافة من شيء ،ولا رجاء في شيء وإنما الخوف من الله وحده والرجاء رجاء رحمة الله وحده .
إنها آية واحدة من كتاب الله لو استقرت في قلب المسلم ،استقراراً صحيحاً لأورثته ثباتا وصمودا ولو تضافر عليه الإنس والجن.فإنهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها ولا يمسكونها حين يرسلها.
فأية طمأنينة ? وأي استقرار ? وأي وضوح في القيم والموازين تقره هذه الآية في نفس المؤمن ?!
عباد الله: إن رحمة الله تتمثل في مظاهر لا يحصيها العد ; سواء في ذات نفسه وتكوينه , أوفيما سخر له من حوله ومن فوقه ومن تحته ; أوفيما أنعم به عليه مما يعلمه ومما لا يعلمه وهو كثير . رحمة الله تعالى وسعت وشملت كل شيء ،العالم العلوي، والعالم السفلي ،وما من أحد إلا وهو يتقلب في رحمة الله تعالى العامة ،المسلم والكافر ،البرّ والفاجر ،الظالم والمظلوم ،الجميع يتقلبون في رحمة الله آناء الليل وأطراف النهار . ومما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في آثار رحمة الله: فانظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته الخاصة والعامة.فبرحمته أرسل إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأنزل علينا كتابه ، وهدانا من الضلالة ،وبصرنا من العمى، وبرحمته عرّفنا من أسمائه وصفته وأفعاله ،ما عرّفنا به أنه ربنا ومولانا ،وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم ،وأرشدنا لمصالح ديننا ودنيانا ،وبرحمته أطلع الشمس والقمر ،وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض وجعلها مهاداً وفراشاً وقراراً وكفاتاً للأحياء والأموات ،وبرحمته أنشأ السحاب وأمطر المطر ،وأطلع الفواكه والأقوات والمرعى ، وبهذه الرحمة قوام العالم ونظامه.
وكان عن صفة الرحمة الجنة وسكانها وأعمالهم ،فبرحمته خلقت ،وبرحمته عمرت بأهلها ،وبرحمته وصلوا إليها ،وبرحمته طاب عيشهم فيها. وبرحمته احتجب عن خلقه بالنور ،ولو كشف ذلك الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.
ومن رحمته أنه يعيذ من سخطه برضاه ،ومن عقوبته بعفوه ،ومن نفسه بنفسه.
ومن رحمته أحوج الخلق بعضهم إلى بعض ،لتتم مصالحهم ،وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير والعزيز والذليل والعاجز والقادر والراعي والمرعى ثم أفقر الجميع إليه ،ثم عم الجميع برحمته، ومن رحمته أنه خلق مئة رحمة ،كل رحمة فيها طباق ما بين السماء والأرض ،فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة ،نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها، فيها تعطف الوالدة على ولدها، والطير والوحش والبهائم ، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ،وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة . ومن رحمته أنه لما خلق الخلق ،كتب في كتابه- وهو يكتب على نفسه وهو وضعه عنده على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي)) – وفي رواية: ((إن رحمتي سبقت غضبي)).
فنسأل الله جل وعلا أن يحفنا برحمته ،وأن يفيض علينا من رحمته ،وأن يشملنا برحمته فإنه الرحمن الرحيم ،وهو الغفور الرحيم ،وهو على كل شيء قدير.
لاشك بأنك أخي تتطلع إلى أن تشملك رحمة الله ولكن لابد أن تعلم بأن العبد كلما كان أقرب إلى الله تعالى ،كانت رحمة الله به أولى ،وكان استحقاقه للرحمة أعظم ، و إنه لا أشقى ممن لم تسعه رحمة الله التي وسعت كل شيء ، والسؤال ما السبيل إلى رحمة الله ؟ إن الجواب عن ذلك نجده في كلام الرحمن الرحيم قال الله تعالى: وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ،وقال عز وجل: وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون وقال سبحانه: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ) وقال سبحانه: إن رحمت الله قريب من المحسنين.
تعرضوا عباد الله لرحمة الله فليس بينكم وبينها إلا أن تحققوا أسبابها ولا شك أن من فعل هذه الأسباب أن الله سيرحمه كما قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
 
رد: موضوع مهم جدآ عن رحمة الله

بارك الله فيك اختي جيهان على الموضوع المهم المميز جزاك الله خيرااااا
 
رد: موضوع مهم جدآ عن رحمة الله

بارك الله فيك اختي جيهان على الموضوع المهم المميز جزاك الله خيرااااا

شكرا على المرور :bravo01::bravo01:
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top