- إنضم
- 11 جوان 2012
- المشاركات
- 3,369
- نقاط التفاعل
- 10,867
- النقاط
- 191
فضلُ صلاةِ الجمُعةِ وأهمّيتُهَا
إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستهدِيهِ ونشكرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهدِ اللهُ فَلا مُضلَّ لهُ ومَنْ يُضللْ فَلا هَاديَ لَهُ.
وأشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لهُ ولا مَثيلَ لهُ جَلَّ رَبِّي سُبحانَهُ وتعَالى عَنِ القُعودِ والجلوسِ والتحيُّزِ في الجِهَةِ والمكانِ فهوَ خالقُ الأماكنِ والجهاتِ وهوَ غنيٌّ عنهَا لا يحتاجُ رَبُّنَا سبحانَهُ وتعالَى لِلعرْشِ ولا للكرسيِّ ولا للسمَـواتِ ولا للأرضينَ ولا لأيِّ شَىءٍ مِنْ خَلْقِهِ فهوَ القائلُ سبحانَهُ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ {1} اللهُ الصَّمَدُ {2}}سورةَ الإخلاص، أيِ المستغني عَنْ كُلِّ مَا سِواهُ والمفتقرُ إليهِ كُلُّ مَا عَدَاهُ. وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبيبنَا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عَبدُه ورَسولُه وصفيُّه وحَبيبُه بَلَّغَ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فجزَاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزَى نَبيًّا مِنْ أنبيائِه. اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبارِكْ عَلى سَيِّدِنا محمَّدٍ طِبِّ القلوبِ ودوائِها وعافيةِ الأبدانِ وشفائِها ونورِ الأبصَارِ وضيائِها وعَلى ءالِه وأصحابِه الطيِّبينَ الطاهِرِينَ ومَنْ تَبِعَهُم بإحسَانٍ إِلى يَومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ عِبادَ اللهِ فإني أُوصيكُمْ ونَفْسِيْ بتَقْوَى اللهِ العَليِّ القديرِ القائِلِ
في مُحْكَمِ كِتابِه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{9} فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}{10}(سورة الجمعة).
في هذِه الآيةِ الكريمةِ يأمرُ اللهُ تباركَ وتعالى عبادَهُ المؤمنِينَ إذا سمِعوا نداءَ يومِ الجمُعةِ أن يسعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ تعالى، إلى عبادةِ اللهِ تعالى، إلى أداءِ صلاةِ الجمعةِ وأن يدَعوا البيعَ والشراءَ فإنّ ذلكَ خيرٌ لهم وأرجَى لهم عندَ اللهِ عَزَّ وجلَّ وأعْوَدُ عليهم بالبرَكاتِ والخيراتِ والحسناتِ، فإذا أدَّوُا الصّلاةَ وفرغُوا منها فلْينتشروا في الأرضِ لقضاءِ مصالحِهم ولْيطلبوا مِن فضلِ اللهِ تعالى فإنّ الرِّزقَ بيدِ اللهِ وحدَه وهو المُنعمُ المتفضّلُ الذِي لا يُضيعُ أجرَ مَنْ عمِلَ عملا صالحًا مِنْ عبادِه المؤمنينَ فمَنِ التزمَ ذلكَ نالَ ثوابًا عظيمًا وحازَ أجْرًا وفضْلا عميمًا، ومَنْ لم يفعلْ فقد فوّتَ على نفْسِه هذا الفضلَ الكبيرَ فإنَّ فريقًا مِنَ النّاسِ يؤْثِرونَ الدّنيا الفانيةَ على الآخرةِ الباقيةِ وينصرفونَ إلى متاعٍ زائلٍ فيشغلُهم ذلكَ عنْ أداءِ صلاةِ الجمعةِ بغيرِ عذرٍ فيكونونَ بذلكَ قدْ وقَعوا في الوِزرِ لأنَّ ترْكَ الجمعةِ بغيرِ عذرٍ مَنَ الأعذارِ المسقِطةِ لوجوبها عنِ المؤمنِ حرامٌ والعياذُ باللهِ تعالى.
فما بالُ أناسٍ تفوتُهمُ الجمعةُ بعدَ الجمعةِ فلا يحاسِبُ الواحدُ منهم نفْسَه بلْ يغرقُ في المعاصِي والموبقاتِ فلْيتداركْ مَنْ كانَ هذا حالَه نفسَهُ بالتوبةِ إلى اللهِ رَبِّ العالمينَ وليكُنْ حَريصًا على أداءِ صلاةِ الجمعةِ وسَماعِ الموعظةِ والإرشادِ مِنَ الخطيبِ ليستنيرَ قلْبُه بنورِ الهدَى وتطيبَ نفْسُه بكلامِ الخيرِ ويستفيدَ مِنْ بركاتِ الجمُعةِ فإنّه لا يَخفى أنَّ للخطبةِ الأسبوعيّةِ والتذكيرِ والوعظِ المتكررِ ضِمنَها أثرًا عظيمًا في إصلاحِ النفوسِ وتقويمِ اعوِجَاجِها، وصلاةُ الجمعةِ تزيدُ المجتمعَ الإسلاميَّ ترابطًا وتآلفًا يلتقي فيها أفرادُه على الخيرِ ويتعاونون على البرِّ والتّقوى فيتفقّدُ أحدُهمُ الغائبَ ويُعينُ المحتاجَ ويَعود المريضَ ويصلحُ بينَ المتخاصمينَ ويبذلُ النصيحةَ للمقصّرينَ ويتعلّمُ الآدابَ الإسلاميّةَ الراقيةَ التي تكونُ ثمرتَها الأمانُ والسّلامُ في المجتمعِ .
وليُعلمْ إخوةَ الإيمانِ أنّ ليومِ الجمُعةِ فضَائلَ عَظيمةً ومزَايا عديدَةً وَردَتْ في أحاديثِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فمِنْ ذلكَ ما رواهُ مسلمٌ عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "مَنْ تَوضّأ فأحْسَنَ الوضُوءَ ثمّ أتَى الجمعةَ فاستمعَ وأنصتَ غُفِرَ لهُ مَا بينَهُ وبينَ الجمعةِ وزيادةُ ثلاثةِ أيامٍ" وعنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ أيضًا عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: "الصّلواتُ الخمسُ والجمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ لما بينَهُنَّ إذَا اجتنبَ الكبائرَ" رواهُ مسلمٌ .
فأيُّ خيرٍ هذا وأيُّ بِرٍّ وغنيمةٍ تحوزُها أخِي المسلمَ إنِ التزمْتَ بما جاءَ عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلّمَ في أمرِ الجمعةِ فأدّيتَها عَلى وجْهٍ صحيحٍ وكمْ هوَ أحسنُ وأحسنُ أنْ تحرصَ أيضًا عَلى مراعاةِ تطبيقِ السُّننِ والآدابِ في هَذا اليومِ العظيمِ المتعلّقةِ بهذِه الفريضةِ العظيمةِ فتغتسلَ وتلبَسَ ثيابًا بيضاءَ نظيفةً وتجعلَ على بَدَنِكَ الطِّيبَ وتكثرَ مِنَ الصَّلاةِ عَلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتبكّرَ إلى المسجدِ فتعتكفَ فيهِ للهِ تعالى منتظرًا الصَّلاةَ فتفرِّغَ قلبَكَ مِنْ شوائبِ الدُّنيا وتجعلَ رغبتَكَ طاعةَ اللهِ ومرْضاتَهُ ثمَّ تنصتَ للخطيبِ بسَكينةٍ ووَقارٍ وقلْبٍ حاضرٍ واعٍ مدرِكٍ لما يُقالُ لتكونَ الموعظةُ في نفْسِكَ أبلغَ .
فعنْ سليمانَ الفارسيِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: "لا يَغتسلُ رَجُلٌ يَومَ الجمُعةِ ويَتطهّرُ مَا استطاعَ مِنْ طُهرٍ ويدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أوْ يمَسُّ مِنْ طيبِ بيتهِ ثمَّ يَخرجُ فلا يُفَرِّقُ بينَ اثنينِ ثمّ يُصلِّي ما كُتبَ له ثمّ يُنْصِتُ إذا تكلّمَ الإمامُ إلا غُفِرَ له ما بينهُ وبينَ الجمعةِ الأُخرَى" رواهُ البخاريُّ .
وجاءَ في حَديثٍ أخرجَهُ أبو الشيخِ عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ : "ثَلاثٌ (أيْ ثلاثُ خصَالٍ) لَوْ يَعلمُ النَّاسُ مَا فيهِنَّ(أيْ مِنَ الفضْلِ والثوابِ) لَرَكَضُوا الإبلَ (أيْ بالركوبِ عليهَا) في طلبِهِنَّ (أيْ تحصيلهنَّ) الأذانُ والصّفُّ الأوّل والغدوُّ إلى الجمعةِ(أيِ البكورُ إليهَا)"، وللحديثِ روايةٌ أخرجَهَا الإمامُ أحمدُ بنُ حَنبلٍ رضيَ اللهُ عنهُ وقالَ في الكلامِ عنْ هذِه الخِصالِ أفضلُهنَّ أيْ أفضلُ تلكَ الخِصالِ الغدوُّ إلى الجمعةِ أيِ الذهابُ إليهَا بكرةَ النّهارِ أيِ التبكيرَ إليهَا.
فيَا أخِي المسلِمَ كُنْ حريصًا عَلى حضورِ صلاةِ الجمعةِ، حريصًا عَلى التبكيرِ إليهَا، حريصًا عَلى مراعاةِ الآدابِ والسننِ المتعلّقةِ بشأنِها، وافعلِ الخيرَ فإنَّ طُرُقَ الخيرِ كثيرةٌ، واعلمْ معَ ما ذُكِرَ أنَّ يومَ الجمعةِ هوَ أفضلُ أيّامِ الأسبوعِ عَلى الإطلاقِ وأشرفُها فقدْ روَى مالكٌ رضيَ اللهُ عنهُ في الموطَّإِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنّهُ قالَ: "خيرُ يومٍ طلَعَتْ عليهِ الشّمسُ يومُ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ ءادَمُ وفيهِ أُهبِطَ مِنَ الجنّةِ وفيهِ تِيْبَ عليهِ وفيهِ ماتَ وفيهِ تقومُ السّاعةُ". ورَوى أبو داودَ في سُنَنِهِ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "إنّ أفضلَ أيّامِكُم يومُ الجمعةِ".
فيومُ الجمعةِ إذنْ هوَ أفضلُ أيّامِ الأسبوعِ كمَا أنَّ أفضلَ أيّامِ العامِ يومُ عرفةَ، ويومُ الجمعةِ هو يومُ عيدٍ للمسلمينَ، هوَ خيرُ يومٍ طلعَتْ عليهِ الشّمسُ وفيهِ ساعةٌ يُجابُ فيهَا الدّعاءُ كمَا جاءَ في الحديثِ الصحيحِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ وهيَ مَا بينَ أنْ يجلسَ الإمامُ إِلى أنْ تُقضَى الصَّلاةُ . فعنْ أبي بُرْدَةَ بنِ أبي موسَى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ : "قالَ لي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهُما: أسَمِعْتَ أباكَ يحدِّثُ عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ في شأنِ ساعةِ الجمعةِ قالَ: قلتُ نعَم سمِعتُه يقولُ : هيَ مَا بينَ أنْ يجلسَ الإمامُ إِلى أنْ تُقضَى الصّلاةُ " رواه مسلمٌ .
اللَّهمَّ وَفِّقْنَا للطّاعاتِ في هَذا اليومِ العظيمِ واستجبْ دُعاءَنا بحقِّ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يا أكرمَ الأكرمينَ .
هذا وأستغفرُ اللهَ ليْ ولكُمْ.
إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستهدِيهِ ونشكرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهدِ اللهُ فَلا مُضلَّ لهُ ومَنْ يُضللْ فَلا هَاديَ لَهُ.
وأشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لهُ ولا مَثيلَ لهُ جَلَّ رَبِّي سُبحانَهُ وتعَالى عَنِ القُعودِ والجلوسِ والتحيُّزِ في الجِهَةِ والمكانِ فهوَ خالقُ الأماكنِ والجهاتِ وهوَ غنيٌّ عنهَا لا يحتاجُ رَبُّنَا سبحانَهُ وتعالَى لِلعرْشِ ولا للكرسيِّ ولا للسمَـواتِ ولا للأرضينَ ولا لأيِّ شَىءٍ مِنْ خَلْقِهِ فهوَ القائلُ سبحانَهُ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ {1} اللهُ الصَّمَدُ {2}}سورةَ الإخلاص، أيِ المستغني عَنْ كُلِّ مَا سِواهُ والمفتقرُ إليهِ كُلُّ مَا عَدَاهُ. وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبيبنَا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عَبدُه ورَسولُه وصفيُّه وحَبيبُه بَلَّغَ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فجزَاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزَى نَبيًّا مِنْ أنبيائِه. اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبارِكْ عَلى سَيِّدِنا محمَّدٍ طِبِّ القلوبِ ودوائِها وعافيةِ الأبدانِ وشفائِها ونورِ الأبصَارِ وضيائِها وعَلى ءالِه وأصحابِه الطيِّبينَ الطاهِرِينَ ومَنْ تَبِعَهُم بإحسَانٍ إِلى يَومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ عِبادَ اللهِ فإني أُوصيكُمْ ونَفْسِيْ بتَقْوَى اللهِ العَليِّ القديرِ القائِلِ
في مُحْكَمِ كِتابِه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{9} فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}{10}(سورة الجمعة).
في هذِه الآيةِ الكريمةِ يأمرُ اللهُ تباركَ وتعالى عبادَهُ المؤمنِينَ إذا سمِعوا نداءَ يومِ الجمُعةِ أن يسعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ تعالى، إلى عبادةِ اللهِ تعالى، إلى أداءِ صلاةِ الجمعةِ وأن يدَعوا البيعَ والشراءَ فإنّ ذلكَ خيرٌ لهم وأرجَى لهم عندَ اللهِ عَزَّ وجلَّ وأعْوَدُ عليهم بالبرَكاتِ والخيراتِ والحسناتِ، فإذا أدَّوُا الصّلاةَ وفرغُوا منها فلْينتشروا في الأرضِ لقضاءِ مصالحِهم ولْيطلبوا مِن فضلِ اللهِ تعالى فإنّ الرِّزقَ بيدِ اللهِ وحدَه وهو المُنعمُ المتفضّلُ الذِي لا يُضيعُ أجرَ مَنْ عمِلَ عملا صالحًا مِنْ عبادِه المؤمنينَ فمَنِ التزمَ ذلكَ نالَ ثوابًا عظيمًا وحازَ أجْرًا وفضْلا عميمًا، ومَنْ لم يفعلْ فقد فوّتَ على نفْسِه هذا الفضلَ الكبيرَ فإنَّ فريقًا مِنَ النّاسِ يؤْثِرونَ الدّنيا الفانيةَ على الآخرةِ الباقيةِ وينصرفونَ إلى متاعٍ زائلٍ فيشغلُهم ذلكَ عنْ أداءِ صلاةِ الجمعةِ بغيرِ عذرٍ فيكونونَ بذلكَ قدْ وقَعوا في الوِزرِ لأنَّ ترْكَ الجمعةِ بغيرِ عذرٍ مَنَ الأعذارِ المسقِطةِ لوجوبها عنِ المؤمنِ حرامٌ والعياذُ باللهِ تعالى.
فما بالُ أناسٍ تفوتُهمُ الجمعةُ بعدَ الجمعةِ فلا يحاسِبُ الواحدُ منهم نفْسَه بلْ يغرقُ في المعاصِي والموبقاتِ فلْيتداركْ مَنْ كانَ هذا حالَه نفسَهُ بالتوبةِ إلى اللهِ رَبِّ العالمينَ وليكُنْ حَريصًا على أداءِ صلاةِ الجمعةِ وسَماعِ الموعظةِ والإرشادِ مِنَ الخطيبِ ليستنيرَ قلْبُه بنورِ الهدَى وتطيبَ نفْسُه بكلامِ الخيرِ ويستفيدَ مِنْ بركاتِ الجمُعةِ فإنّه لا يَخفى أنَّ للخطبةِ الأسبوعيّةِ والتذكيرِ والوعظِ المتكررِ ضِمنَها أثرًا عظيمًا في إصلاحِ النفوسِ وتقويمِ اعوِجَاجِها، وصلاةُ الجمعةِ تزيدُ المجتمعَ الإسلاميَّ ترابطًا وتآلفًا يلتقي فيها أفرادُه على الخيرِ ويتعاونون على البرِّ والتّقوى فيتفقّدُ أحدُهمُ الغائبَ ويُعينُ المحتاجَ ويَعود المريضَ ويصلحُ بينَ المتخاصمينَ ويبذلُ النصيحةَ للمقصّرينَ ويتعلّمُ الآدابَ الإسلاميّةَ الراقيةَ التي تكونُ ثمرتَها الأمانُ والسّلامُ في المجتمعِ .
وليُعلمْ إخوةَ الإيمانِ أنّ ليومِ الجمُعةِ فضَائلَ عَظيمةً ومزَايا عديدَةً وَردَتْ في أحاديثِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فمِنْ ذلكَ ما رواهُ مسلمٌ عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "مَنْ تَوضّأ فأحْسَنَ الوضُوءَ ثمّ أتَى الجمعةَ فاستمعَ وأنصتَ غُفِرَ لهُ مَا بينَهُ وبينَ الجمعةِ وزيادةُ ثلاثةِ أيامٍ" وعنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ أيضًا عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: "الصّلواتُ الخمسُ والجمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ لما بينَهُنَّ إذَا اجتنبَ الكبائرَ" رواهُ مسلمٌ .
فأيُّ خيرٍ هذا وأيُّ بِرٍّ وغنيمةٍ تحوزُها أخِي المسلمَ إنِ التزمْتَ بما جاءَ عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلّمَ في أمرِ الجمعةِ فأدّيتَها عَلى وجْهٍ صحيحٍ وكمْ هوَ أحسنُ وأحسنُ أنْ تحرصَ أيضًا عَلى مراعاةِ تطبيقِ السُّننِ والآدابِ في هَذا اليومِ العظيمِ المتعلّقةِ بهذِه الفريضةِ العظيمةِ فتغتسلَ وتلبَسَ ثيابًا بيضاءَ نظيفةً وتجعلَ على بَدَنِكَ الطِّيبَ وتكثرَ مِنَ الصَّلاةِ عَلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتبكّرَ إلى المسجدِ فتعتكفَ فيهِ للهِ تعالى منتظرًا الصَّلاةَ فتفرِّغَ قلبَكَ مِنْ شوائبِ الدُّنيا وتجعلَ رغبتَكَ طاعةَ اللهِ ومرْضاتَهُ ثمَّ تنصتَ للخطيبِ بسَكينةٍ ووَقارٍ وقلْبٍ حاضرٍ واعٍ مدرِكٍ لما يُقالُ لتكونَ الموعظةُ في نفْسِكَ أبلغَ .
فعنْ سليمانَ الفارسيِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: "لا يَغتسلُ رَجُلٌ يَومَ الجمُعةِ ويَتطهّرُ مَا استطاعَ مِنْ طُهرٍ ويدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أوْ يمَسُّ مِنْ طيبِ بيتهِ ثمَّ يَخرجُ فلا يُفَرِّقُ بينَ اثنينِ ثمّ يُصلِّي ما كُتبَ له ثمّ يُنْصِتُ إذا تكلّمَ الإمامُ إلا غُفِرَ له ما بينهُ وبينَ الجمعةِ الأُخرَى" رواهُ البخاريُّ .
وجاءَ في حَديثٍ أخرجَهُ أبو الشيخِ عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ : "ثَلاثٌ (أيْ ثلاثُ خصَالٍ) لَوْ يَعلمُ النَّاسُ مَا فيهِنَّ(أيْ مِنَ الفضْلِ والثوابِ) لَرَكَضُوا الإبلَ (أيْ بالركوبِ عليهَا) في طلبِهِنَّ (أيْ تحصيلهنَّ) الأذانُ والصّفُّ الأوّل والغدوُّ إلى الجمعةِ(أيِ البكورُ إليهَا)"، وللحديثِ روايةٌ أخرجَهَا الإمامُ أحمدُ بنُ حَنبلٍ رضيَ اللهُ عنهُ وقالَ في الكلامِ عنْ هذِه الخِصالِ أفضلُهنَّ أيْ أفضلُ تلكَ الخِصالِ الغدوُّ إلى الجمعةِ أيِ الذهابُ إليهَا بكرةَ النّهارِ أيِ التبكيرَ إليهَا.
فيَا أخِي المسلِمَ كُنْ حريصًا عَلى حضورِ صلاةِ الجمعةِ، حريصًا عَلى التبكيرِ إليهَا، حريصًا عَلى مراعاةِ الآدابِ والسننِ المتعلّقةِ بشأنِها، وافعلِ الخيرَ فإنَّ طُرُقَ الخيرِ كثيرةٌ، واعلمْ معَ ما ذُكِرَ أنَّ يومَ الجمعةِ هوَ أفضلُ أيّامِ الأسبوعِ عَلى الإطلاقِ وأشرفُها فقدْ روَى مالكٌ رضيَ اللهُ عنهُ في الموطَّإِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنّهُ قالَ: "خيرُ يومٍ طلَعَتْ عليهِ الشّمسُ يومُ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ ءادَمُ وفيهِ أُهبِطَ مِنَ الجنّةِ وفيهِ تِيْبَ عليهِ وفيهِ ماتَ وفيهِ تقومُ السّاعةُ". ورَوى أبو داودَ في سُنَنِهِ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "إنّ أفضلَ أيّامِكُم يومُ الجمعةِ".
فيومُ الجمعةِ إذنْ هوَ أفضلُ أيّامِ الأسبوعِ كمَا أنَّ أفضلَ أيّامِ العامِ يومُ عرفةَ، ويومُ الجمعةِ هو يومُ عيدٍ للمسلمينَ، هوَ خيرُ يومٍ طلعَتْ عليهِ الشّمسُ وفيهِ ساعةٌ يُجابُ فيهَا الدّعاءُ كمَا جاءَ في الحديثِ الصحيحِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ وهيَ مَا بينَ أنْ يجلسَ الإمامُ إِلى أنْ تُقضَى الصَّلاةُ . فعنْ أبي بُرْدَةَ بنِ أبي موسَى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ : "قالَ لي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهُما: أسَمِعْتَ أباكَ يحدِّثُ عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ في شأنِ ساعةِ الجمعةِ قالَ: قلتُ نعَم سمِعتُه يقولُ : هيَ مَا بينَ أنْ يجلسَ الإمامُ إِلى أنْ تُقضَى الصّلاةُ " رواه مسلمٌ .
اللَّهمَّ وَفِّقْنَا للطّاعاتِ في هَذا اليومِ العظيمِ واستجبْ دُعاءَنا بحقِّ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يا أكرمَ الأكرمينَ .
هذا وأستغفرُ اللهَ ليْ ولكُمْ.