انتهى عشاق الساحرة المستديرة من تناول المقبلات على مائدة الليغا الإسبانية، وإستعدوا لإستقبال الطبق الرئيسي (main course )، وهو الكلاسيكو رقم 171 بالدوري الإسباني بين ريال مدريد صاحب المركز الثاني برصيد 24 نقطة، وبرشلونة المتصدر برصيد 27 نقطة، والذي يقام على ملعب سنتياغو برنابيو معقل الملكي يوم 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، ضمن منافسات الجولة 12 من الدوري الأقوى، الذي شهد المأكولات الخفيفة في مبارياته السابقة، ليحين وقت الوجبة الدسمة.
ورغم الإجراءات الأمنية المشددة التي ستحيط باللقاء، بعد تفجيرات باريس التي هزت اوروبا، إلا ان الكلاسيكو يصنع عالما كرويا بديعا نتجول فيه لنحتسي جرعات من المتعة والسحر، ونستعيد نضارة كرة القدم الحقيقية، فالكلاسيكو أسطورة وحدوتة يعشق سماع قصصها السابقة الأطفال والكبار، ويحمل متعة لم ولن تتوقف ما دامت عجلة كرة القدم تدور، ولقاء الغد سيكون واحد من هذه المباريات التي تحمل كلمة " للذكرى " .. وعن التكتيك والامال والطموحات والمعنويات والارقام نتحدث في هذا التقرير.
قلق وشغف
لأن الكلاسيكو ليس مباراة و3 نقاط في جولة من الليغا، بل هو بطولة بذاتها لدى جماهير تعبر عن مشاعرها بصرخاتها، وأعلام شامخة ترتفع في سماء سنتياغو برنابيو، فإنه دائما ما تؤثر الحالة النفسية والمعنوية للاعبين على الأداء والنتيجة، بل في المدرجات ايضا فهذه الجماهير تترقب بقلق وتلك تطمح بشغف .
ومما لاشك أن لعبة الكراسي الموسيقية بين الفريقين التي استمرت من الأسبوع الاول، منحت الكلاسيكو مذاقا خاصا، بعد أن إشتعلت النار في الهشيم في الجولة الأخيرة بالهزيمة الاولى لريال مدريد من اشبيليه، ليقفز برشلونة على المقدمة وهو الذي خلق حالة من الإحباط في العاصمة الإسبانية، بينما سادت الثقة الممزوجة بالسعادة اقليم كتالونيا.. ايضا وضح امام الجميع الصداقة والترابط بين نجوم البلوغرانا، بعكس بعض المشاكل التي تطفو على سطح الميرينغي، واخرها تصريح رونالدو لرئيس الملكي بأن الفريق لن يحقق شيئا في عهد هذا المدرب.
لكن يبقى الكلاسيكو مباراة تحسمها الجزئيات الصغيرة، والذي لا يخضع لأي حسابات أو تكهنات وتحليلات وهو سر جماله، فلا تألق نيمار وسواريز مؤخرا سيمنح برشلونة التفوق أو تراجع مستوى كريستيانو رونالدو وبيل في المباراة الاخيرة، سيجعل الملكي في الموقف الأضعف .
إصابات وترقب
ويعتبر اللقاء هو كلاسيكو الإصابات والترقب، فلأول مرة منذ سنوات يتعرض الفريقان لهذا الكم من الإصابات المؤثرة، فبرشلونة يعاني من إصابة نجمه الأول البرغوث الأرجنتيني ليونيل ميسي الضلع الثالث ل "MSN "، بالإضافة إلى نجمي الوسط راكيتيتش وبوسكيتس، ورغم أن ثنائي الوسط يؤكدان جاهزيتهما للقاء، إلا ان الشكوك ما زالت تحوم حول مشاركة ميسي في اللقاء او جزء منه أو الحفاظ عليه للجولات القادمة .
أما في قلعة الملكي فهناك إصابات مؤثرة، تتمثل في بنزيمة الضلع الثالث ل " BBC " ولا زالت إمكانية مشاركته حبيسة أدراج بينيتيز فاللاعب مر ايضا بظروف نفسية سيئة بعد إتهامه بالإبتزاز وجاهزيته البدنية والنفسية في يد المدير الفني فقط .. ايضا راموس ومارسيلو مازالا في مرحلة الإستشفاء، وإن كانت مشاركتهما منذ البداية واردة بقوة، بينما تأكد غياب كارفخال عن اللقاء .
عرائس الماريونت
بلا شك سيتحول ملعب سنتياغو برنابيو إلى مسرح عرائس، يكون المخرجين فيها بينيتيز وانريكي خارج الملعب، يمسكان خيوط الماريونت يتلاعبان كيفما يريدان وهما يتمنيان أن تستجيب العرائس علة المسرح او اللاعبين على البساط الأخضر لحسابتهما .
وسيعود لويس انريكي المدير الفني للكتالوني إلى خطة 4-3-3، وهو الأسلوب المعتمد والأنسب للبارسا، الذي يقوم على مبدأ الاستحواذ على الكرة واللعب السلس، والأداء الهجومي، ولكن البعض يعتبرها مغامرة إذا طبق هذا الأسلوب في البرنابيو، خاصة وأن دفاع برشلونة يعاني من المرتدات، وهذا ما يجيده الريال كما أن سرعة بناء الهجمة وسهولة الوصول إلى منطقة الخصم تبدو واضحة في صفوف بينيتيز .. ولكن انريكي لن يقف ساكنا بل سيجيد توظيف لاعبيه في منطقة المنتصف، لمنع مرتدات الميرينغي من الوصول لمنطقة الجزاء.
قد تبدو هذه الطريقة هي الأنسب في حال مشاركة ميسي منذ البداية، وقد يلجأ إليها ايضا في حال التأخر والدفع بالبرغوث في الشوط الثاني، أما في حال جلوس النجم الأول للبارسا على مقاعد البدلاء، فمن المحتمل أن يلجأ إنريكي إلى طريقة 4-4-2 بتقدم الثنائي نيمار وسواريز، ومن خلفهما إنييستا .
اما بينيتيز المدير الفني للملكي سيدخل اللقاء بخطة هجومية، بعدما طالبه نجوم الفريق بالتخلص من الطرق الدفاعية امام البارسا، ولذلك سيعتمد على طريقة 4-3-3 بتقدم بنزيمة وغاريث بيل وكريستيانو رونالدو لتكتمل القوة الهجومية للريال، ومن خلفهما رودريجيز مودريتش وكروس ويعتبر الأخيران من اقوى نقاط الفريق، فإذا كان ثنائي البلوغرانا نيمار وسواريز هما الاكثر تهديفا، فإن مودريتش وكروس أفضل ثنائي ممر في الليغا، وهذا الأمر تؤكده الإحصائيات، بحيث مرر اللاعبان معاً 1315 تمريرة ناجحة في الليغا هذا الموسم.
ارقام الريال وثنائي برشلونة
ويبقى الكلاسيكو، تاريخ، حاضر، وصراع لا ينتهي، ولذلك يقودنا ذلك إلى لغة الارقام التي لا تكذب اوتنحاز .. والواقع يقول ان شراسة ثنائي البارسا، وهشاشة دفاعه ستصطدم بجدار دفاعي صلب للريال وهجوم هو الاقوى في المسابقة، وهو ما عكسته مباريات الليغا ويتضح التفوق لريال مدريد من حيث لغة الارقام، فهو الاقوى هجوميا في الليغا ب 26 هدفا وثاني اقوى دفاع برصيد 7 اهداف في مرماه بفارق هدف عن اتلتيكو مدريد الذي يحتل مقدمة الاقوى دفاعيا .. بينما يأتي برشلونة في المركز الثاني هجوميا، حيث سجل 25 هدفا في حسن تطغى مشاكله الدفاعية على المشهد، كل لا وقد استقبلت شباكه 13 هدفا في المركز السادس.
لكن اللافت للنظر أن ثنائي النادي الكتالوني نيمار وسواريز سجلا 20 هدفا من ال 25، وهو ما يعكس شراستهما، ويتصدر نيمار قائمة الهدافين ب 11 هدفا، ويأتي سواريز ثانيا ب 9 اهداف، وهو العام الوحيد منذ فترة التي لا يتواجد فيها ميسي او رونالدو في المقدمة .. ويبقى في النهاية ان برشلونة اكثر من فاز، وحقق الإنتصار في 9 مباريات وإنهزم في مباراتين ولم يتعادل، بينما حقق الريال الفوز في 7 مناسبات وتعادل في 3 مباريات وإنهزم في واحدة .
حسابات شخصية
ولن يكون لحسابات النقاط فقط الأهمية الكبرى لدى الجميع، فهناك حسابات شخصية تتمثل في رغبة المدرب الإسباني رافييل بينيتيز المدير الفني لريال مدريد، بالنجاح في سنة اولى كلاسيكو، فهو لم يمر بمثل هذه القمة من قبل، ويعلم جيدا أن الجماهير ترفع الفائز ليناطح السحاب وتهبط بالخاسر لجب الهلاك، ويأمل رافا أيضا بإزاحة جبل الإنتقادات الذي يضغط على أنفاسه من الجميع بعد النتيجة السلبية والاداء السيء دفاعيا أمام اشبيلية، ويمتلك بينيتيز عوامل النجاح من دفاع قوي وهجوم سيستعيد عافيته بعودة البي بي سي .
في المقابل يأمل إنريكي في مواصلة السيطرة على المقدمة والإبتعاد بها قليلا، كما حدث الموسم الماضي، وفاز بالكلاسيكو ليحسم اللقب في النهاية ولكن يدرك تماما أن الامور مختلفة تماما، فاللقاء سيلعب في البرنابيو الذي إنهزم فيه بثلاثية العام الماضي كما أن المسابقة ليست في اسابيعها الحاسمة مثلما فعل الموسم الماضي، ولذلك سيكون متوازنا في احلامه.