الإعلام بخصائص أمَّة الإسلام

الطيب الجزائري84

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جوان 2011
المشاركات
4,115
نقاط التفاعل
4,668
النقاط
191
العمر
39
الجنس
ذكر
  • عبد الغني عوسات



إنَّ الله تعالى فضَّل الأمَّة المحمَّديَّة على سائر الأمم والبريَّة، وجعلها القدوة المثاليَّة، والأسوة الواقعيَّة، والمرآة الحقيقية لكلِّ الإنسانيَّة، وهي الأمَّة الوحيدة الّتي توسم بأنَّها سويَّة؛ سويَّة في صفاتها وسماتها، وخصائصها ومقوِّماتها، وسنيَّة في موازينها ومقاييسها، وسُنِّيَّّة في منهاجها وسبيلها، وهَدِيَّة في مواردها ومصادرها، ميزة ومزيَّة، لقد استوفرت أسباب الخيريَّة، واستوفت أبواب الفضيلة، واستجمعت حقيقة العبوديَّة على مراد ومرضاة ربِّ البريَّة، فاجتباها على كلِّ الأمم، ورفعها إلى أعلى القمم، وآثرها بأقوى الهمم وأنقى الذِّمم، ولا هداية لأمَّة إلاَّ إذا كانت على دينها الظَّاهر والخاتم للأديان، ولا صلاح لقوم إلاَّ إذا صار إلى ملَّتها المستوعبة والجامعة لما يصلح ويحتاجه الإنسان، وسار على نهجها، بصدق وإيمان واتبع سبيلها على بصيرة وبرهان، مصداقا لقوله تعالى: ﴿اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيم * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين﴾[الفاتحة:7]، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون[الأنعام:153]، قال ابن القيم: «وهذا الصراط المستقيم الذي وصانا الله تعالى باتباعه هو الصراط الذي كان النبي ﷺ عليه وأصحابه، وهو قصد السبيل، وما خرج عنه فهو من السبل الجائرة»(1)، قال تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ[البقرة:137].
والَّذين أعرضوا عن الأدلاَّء الحكماء والدُّعاة النُّجباء الأُمناء، مستكبرين عن متابعتهم ومغترِّين بعقولهم وفهومهم، فهم الهالكون الخاسرون، قال رسول الله ﷺ: «لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثلِ البَيْضَاءِ لَيْلهَا كَنَهَارِهَا، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بعْدِي إلاَّ هَالِكٌ»(2)، وقال تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾[النساء:115].
ذلك أنَّ هذه الأمَّة لما هي عليه من القوامة على دين الله والمداومة لطاعته والفهامة لخطابه واتِّقائه حقَّ تقاته، وغير ذلك من وجوه عبادته، فكانت حقًّا قديرةً على هذا التَّحصيل وجديرةً بهذا التَّفضيل، وتأمَّل في هذا التَّأصيل، قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله﴾[آل عمران:110]، فقد حباها الله بمكارم جميلة وكرَّمها بفضائل جزيلة وخصَّها بخصائص جليلة ـ تمنعها من التَّحيُّز وتنفعها في التَّميُّز؛ ومن هذه الخصائص:
1 ـ أنَّها خير الأمم وأكرمها على الله تعالى:
فقد مدحهم الله تعالى حيث قال: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله﴾[آل عمران:110]، وقال رسول الله ﷺ: «إنَّكُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّة،أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ»(3).
قال المناوي: «ويظهر هذا الإكرام في أعمالهم، وأخلاقهم، وتوحيدهم، ومنازلهم في الجنَّة، ومقامهم في الموقف، ووقوفهم على تلٍّ يشرفون عليهم، إلى غير ذلك؛ وممَّا فضِّلوا به: الذََّكاء، وقوَّة الفهم، ودقَّة النَّظر، وحسن الاستنباط، فإنَّهم أوتوا من ذلك ما لم ينله أحد ممَّن قبلهم»(4).
2 ـ الوسطيَّة:
وكذلك اختار لهذه الأمَّة الاعتدال والوسطيَّة شعارًا مميِّزًا لها، وجعل ذلك من أبرز خصائصها، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[البقرة:143]، قال ابن جرير رحمه الله: «يعني ـ جلَّ ثناؤه ـ بقوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾[البقرة:143]، كما هديناكم أيُّها المؤمنون بمحمَّد ﷺ وبما جاءكم به من عند الله، فخصَّصناكم بالتَّوفيق لقبلة إبراهيم وملَّته، وفضَّلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل، كذلك خصَّصناكم ففضَّلناكم على غيركم من أهل الأديان؛ بأن جعلناكم أمَّة وسطًا».
وقال: «وأرى أنَّ الله ـ تعالى ذكره ـ إنَّما وصفهم بأنَّهم وسط؛ لتوسُّطهم في الدِّين، فلا هم أهل غلوٍّ فيه، غلوّ النَّصارى الَّذين غلوا بالتَّرهُّب، وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هُم أهلُ تقصير فيه تقصيرَ اليهود؛ الَّذين بدَّلوا كتاب الله، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربِّهم، وكفروا به، ولكنَّهم أهل توسُّط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحبَّ الأمور إلى الله أوسطها»(5).
وقال العلاَّمة السَّعدي: «فلهذه الأمَّة من الدِّين أكمله، ومن الأخلاق أجلُّها، ومن الأعمال أفضلها، ووهبهم الله من العلم والحلم، والعدل والإحسان ما لم يهبه لأمَّة سواهم، فلذلك كانوا أمَّة وسطا كاملِين معتدِلِين»(6).
3 ـ شُهداء على الأمم:
وجعلها الأمَّة الشَّاهدة على الأمم يوم القيامة صادقةً عادلةً منزِّلاً إيَّاها منزلة العدول من الحكَّام، وذلك لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[البقرة:143]، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ، فَيَقُولُ اللهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ ربِّي، فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لا، مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُه، فنشهد أنه قد بلغ، وَهُوَ قَوْلُهُ جل ذكره: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[البقرة:143]، والوسَطُ: العَدْلُ»(7).
وإنَّ شهادتها لا تخصُّ قوم نوح فحسب، بل تعمُّ الأقوام جميعًا، وذلك ما دلَّت عليه الآثار والأخبار، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «وَيَجِيءُ النَّبيُّ يَوْمَ القِيَامَةِ وَمَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبيُّ وَمَعَهُ الثلاَثَةُ،وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُدْعَى قومه فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ بَلَّغَكُمْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيُدْعَى مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغَ هَذَا قَوْمَه؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُقَالُ: وَمَا عِلمكم بِذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: جَاءَنَا نَبِيُّنَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا فَصَدَّقْنَاهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[البقرة:143] (8).
4 ـ شهداء الله في الأرض:
وكما جعلهم الله خيارا وعدولا في أقوالهم وأفعالهم وإرادتهم استحقوا أن يكونوا شهداء الله في الأرض، فأشاد بهم وأثنى عليهم، وقَبل شهادتهم وجعلهم حجة على غيرهم.
عن أنس رضي الله عنه قال: مُرَّ على النَّبيِّ بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال: «وَجَبَتْ»، ثمَّ مُرَّ بأُخرى فأثنوا عليها شرًّا، فقال: «وَجَبَتْ»، فقيل: يا رسول الله! قلت لهذا وجبت، ولهذا وجبت؟ قال: «شَهَادَةُ القَوْمِ، المُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ»(9).
وعنه، قال: «مُرَّ على النَّبيّ ﷺ بجنازة فأُثنِيَ عليها خيرًا فقال: نبيُّ الله ﷺ: «وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ»، ثمَّ مُرَّ بجنازة فأثني عليها شرًّا، فقال نبيُّ الله ﷺ: «وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ»، فقال عمر: فِدًى لكَ أبي وأمِّي، مُرَّ بجنازة فأُثنيَ عليها خيرًا: فقلت: وجبت وجبت وجبت، ومُرَّ بجنازة فأُثنيَ عليها شرًّا فقلت: وجبت وجبت وجبت؟ فقال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَثنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَمَنْ أَثنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، الملاَئِكَةُ شُهَدَاءُ اللهِ فِي السَّمَاءِ وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ، المُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللِه فِي الأَرْضِ، [إنَّ للهِ مَلاَئِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَم لِمَا فِي المَرْءِ مِنَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ]»(10).
5 ـ وأنَّها صاحبة الفضل الظَّاهر والجزاء الوافر ولو بالعمل القليل غير الكثير:
وذلك لما أخبر به النبي ُّ المصطفى ﷺ حيث قال: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى مُنْتَصَفِ النَّهَارِ حَتَّى عَجَزُوا، وَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتْ العَصْرُ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُوتِيتُمُ القُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِه حَتَّى غَربَتِ الشَّمْسُ فَأُعْطيتم قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الكِتَابِ: هَؤُلاَءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلاً وَأَكْثَرُ أَجْرًا، قَالَ اللهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لا، فَقَالَ: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ»(11).
6 ـ وهي أمَّة اجتباها ربُّها واصطفاها على غيرها وسماها بما ينفعها إكرامًا وإفضالاً:
قال تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِالله هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير﴾[الحج:78].
7 ـ وهداها إلى خير الأعياد:
فأمَّا العيد الأسبوعي الَّذي هو يوم الجمعة فإنَّ الله قد أضلَّ عنه الأمم السَّابقة وهدى هذه الأمَّة إليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمَ السَّبْتِ وَلِلنَّصَارَى يَوْمَ الأَحَدِ فَجَاءَ اللهُ بِنَا وَهَدَانَا لِيَوْمِ الجُمُعَةِ»، وفي رواية عنه أيضًا: «بِيدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ».
وأمَّا العيد السَّنوي فإنَّ الله امتنَّ عليها بخير الأعياد، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله ﷺ ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهليَّة، فقال: «قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ وَلَكُمْ يَوْمَان تَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِي الجَاهِلِيَّة وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ الفِطْرِ»(12).
8 ـ وهي مُشبَّهة بالمطر خيرًا ونفعًا:
فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ المَطَرِ؛ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ»(13).
قَالَ الطِّيبِيُّ: «وَتَمْثِيلُ الأُمَّةِ بالمَطَرِ إنَّمَا يَكُونُ بالهُدَى والعِلْمِ كما أَنَّ تَمْثِيلَهُ ﷺ الغَيْثَ بالهُدَى والعِلْمِ، فَتَخْتَصُّ هَذِهِ الأُمَّةُ المُشَبَّهَةُ بالمَطَرِ بالعُلَمَاءِ الكَامِلِينَ مِنْهُمْ، الْمُكَمِّلِينَ لِغَيْرِهِمْ، فَيَسْتَدْعِي هَذَا التَّفْسِيرُ أَنْ يُرَادَ بالخَيْرِ النَّفْعُ، فَلا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا المُسَاوَاةُ في الأَفْضَلِيَّةِ، وَلَوْ ذُهِبَ إِلى الخَيْرِيَّةِ، فَالمُرَادُ وَصْفُ الأُمَّةِ قَاطِبَةً سَابِقِهَا وَلاحِقِهَا وَأَوَّلِهَا وآخِرِهَا بالخَيْرِ، وَأَنَّهَا مُلْتَحِمَةٌ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ مَرْصُوصَةٌ بالبُنْيَانِ مُفَرَّغَةٌ كَالْحَلْقَةِ الَّتِي لا يُدْرَى أَيْنَ طَرَفَاهَا»(14).
9 ـ وأنَّها شطر أهل الجنَّة:
وذلك لما أخبر به النبي المصطفى ﷺ وبشَّر به أمَّته، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا آدَم! فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتَكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ ـ أُرَاهُ قالَ ـ تِسْعَمِائَة وَتِسْعَة وتِسْعِينَ، فَحِينَئِذ تَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ»، فشقَّ ذلك على النَّاس حتَّى تغيَّرت وجوههم، فقال النَّبيُّ ﷺ: «وَمِنْ يَأْجُوج ومأجوج تِسْعمِائَة وَتِسْعَة وَتِسْعِينَ وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ ثُمَّ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثوْرِ الأَبْيَضِ، وَكَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثوْرِ الأَسْوَدِ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبع أَهْلِ الجَنَّةِ»، فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «ثُلُث أَهْلِ الجَنَّةِ»، فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «شَطْر أَهْلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا(15).
10 ـ وأنَّها الأمَّة الباقية المحفوظة التي لا يضرُّها من خالفها وخذلها من الأدعياء أو من أذاها وأساء إليها من الأعداء:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: صلَّى بنا رسول الله ﷺ يومًا صلاة فأطال فيها، فلمَّا انصرف، قلنا: يا رسول الله أطلت اليوم الصَّلاة، فقال: «إِنِّي صَلَّيْتُ صَلاَةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لأُمَّتِي ثَلاَثًا، فَأَعْطَانِي اثنَتَيْنِ وَرَدَّ عَلَيَّ وَاحِدَة؛ سَأَلْتُهُ أَلاَّ يُسَلِّطَ عَلَيْهم عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلاَّ يُهْلِكَهُمْ غَرَقًا، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلاَّ يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّهَا عَلَيَّ»(16).
11 ـ وأنَّها أمَّة مرحومة:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «وَأُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، إِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الفِتَن وَالزَّلاَزِل وَالقَتْل وَالمَصَائِب»(17).
12 ـ وأنَّها موسومة بالسِّتر:
فإنَّ الله يستر من لم يتقبل عمله من أفرادها، بينما فيما سلف من الأمم كانوا يقرِّبون القرابين فتأكل النَّار ما تُقبِّل منها وتدع ما لم يُتقبَّل، فيصبح العبد مفتضحًا(18)، قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِين﴾[المائدة:27].
13 ـ وأنَّها أمَّة معصومة:
وذلك بأنَّ الله قد ضمن لها العصمة فلا تجتمع على ضلالة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله ﷺ قال: «لاَ يَجْمَعُ اللهُ أُمَّتِي عَلَى ضَلاَلَةٍ أَبَدًا، وَيَدُ اللهِ عَلَى الجَمَاعَةِ»(19)، وفي رواية: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلاَلَةٍ»(20).
قال ابن تيمية رحمه الله: «والله تعالى قد ضمن العصمة للأمَّة، فمن تمام العصمة أن يجعل عددًا من العلماء إن أخطأ الواحد منهم في شيء كان الآخر قد أصاب فيه، حتَّى لا يضيع الحقُّ، ولهذا لما كان في قول بعضهم من الخطأ مسائل، كبعض المسائل الَّتي أوردها، كان الصَّواب في قول الآخر، فلم يتَّفق أهل السُّنَّة على ضلالة أصلاً، وأمَّا خطأ بعضهم في بعض الدين فقد قدَّمنا غير مرَّة أنَّ هذا لا يضرُّ كخطأ بعض المسلمين»(21).
14 ـ وأنَّها موسومة بالسناء المبين وموعودة بالتَّمكين والنَّصر إلى يوم الدِّين:
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةِ بِالنَّّصْرِ وَالسَّنَاءِ وَالتَّمْكِينِ، فَمَنْ عَملَ عَملَ الآخِرَةِ للدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ»(22).
15 ـ وَأَنَّها أوَّل أمَّة حشرًا وحسابًا وقضاءً ودخولاً إلى الجنَّة.
وهذه الأمَّة وإن تأخَّر وجودها في الدُّنيا فإنَّها السَّابقة لكلِّ الأمم يوم القيامة، قال رسول الله ﷺ: «نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالمُقْضَى لَهُمْ قَبْلَ الخَلاَئِقِ»(23).
وفي رواية: «نَحْنُ الآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ»(24).
فهذه بعض الخصائص التي أكرم الله تعالى بها الأمَّة المحمَّدية، والفضائل التي حباها بها، فجعلها نبراسًا ومقياسًا لكلِّ الأنام، واختبارًا واعتبارًا لكلِّ الأقوام، والله نسأل أن يرزقنا إليها صدق الانتماء، ويهديها حسن الاقتداء، وبنبيّها ﷺ خالص الائتساء، وبسلفها خير الاقتفاء، وعن غيرها البعد والانتفاء.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


(1) «إغاثة اللَّهفان» (1 /131)

(2) أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (48).

(3) الترمذي (3001)، وحسنه الألباني في «صحيح الجامع» (4065).

(4) «فيض القدير» (2 /553).

(5) «جامع البيان» (2 /226).

(6) «تيسير الكريم الرحمن» (ص72).

(7) أخرجه البخاري (3161).

(8) أخرجه ابن ماجه (4284) وأحمد (3 /58)، «السلسلة الصحيحة» (2448).

(9) البخاري (2499).

(10) أخرجه مسلم (2243)، والزيادة للحاكم (3 /425) وجعل الله تعالى شهادتهم نافذة ـ إكراما وإفضالا ـ فعن يزيد بن شجرة قال: خرج رسول الله ﷺ في جنازة، فقال الناس: خيرا وأثنوا عليه خيرا، فجاء جبريل فقال: «إنَّ الرَّجلَ ليسَ كما ذكروا ولكن أنتم شهداء الله في الأرض، وقد غفر له ما لا يعلمون»، راجع «الصحيحة» (1312)، «والمخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان» [«فتح الباري» (3 /229)].

(11) رواه البخاري (532)، وأحمد (2 /6).

(12) رواه أبو داود (1134)، والنسائي (1556)، وانظر: «الصحيحة» (2021).

(13) أخرجه الترمذي (2869)، راجع «الصحيحة» (2286).

(14) «تحفة الأحوذي» (8 /170)، وقال الرامهرمزي: «إن تعلق متعلق بظاهر الحديث فادعى عليه تناقضا في قوله ﷺ: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم» فإن المعنى في قوله ﷺ: «لا يدرى أوله خير أم آخره» أن الخير شامل لها وإن كان معلوم أن القرن الأول خير من القرن الثاني وهذا كما قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾[آل عمران:110].

(15) أخرجه البخاري ومسلم.

(16) أخرجه ابن ماجه (3895)، وأحمد (3 /146).

(17) أخرجه أبو داود (4278)، وصححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (959).

(18) «بداية السول في تفضيل الرسول» للعز بن عبد السلام (70) وساق الألباني : شواهد تؤيد وتؤكد ذلك في تعليقه على الكتاب (70 ـ 72)

(19) أخرجه الترمذي (2167)، انظر: «صحيح الجامع» (1848).

(20) «الصحيحة» (1331).

(21) «منهاج السنة» (3 /408 ـ 409).

(22) أخرجه أحمد (5 /134)، راجع: «صحيح الترغيب والترهيب» (23).

(23) أخرجه مسلم في «صحيحه» (856)، من رواية أبي هريرة وحذيفة بن اليمان.

(24) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.

* منقول من مجلة الإصلاح «العدد 7»


المصدر..موقع راية الاصلاح
 
رد: الإعلام بخصائص أمَّة الإسلام

من الوسائل المهمة في نهضة الأمة الإعلام. فالإعلام هو المعبر عن روح الأمة وخصائصها وشكلها من ضعف أو قوة أو تقدم أو تأخر.

تعريف الإعلام
والإعلام الذي نقصده هو: ذلك الإعلام الذي يهتم بنشر القيم والأخلاقيات والسلوكيات التي تغير وعي أفراد المجتمع وتأخذ بأيديهم إلى الرقي والتقدم في كل المجالات.
والإعلام الذي نقصده هو: الإعلام المعبرعن قيم العدل والحرية والدعوة إلى سيادة القانون.
والإعلام المطلوب هو: الذي ينحاز إلى الطبقات الفقيرة يمد إليها برامجه، ويحمل كل مشكلاتها، ويضع لها الحلول والأفكار.
والإعلام الذي نقصده هو : إعلام الشعب المعبر عن قضاياه وهمومه ومشكلاته، لا إعلام السلطان الذي يتحدث بإسمه ويمجد مواقفه.

خصائص إعلام النهضة
أولا: الصدق
فللصدق مواطن عديدة قد يصدق فيها وقد يشاع فيها الأكاذيب والشائعات، فلكل مجال من الصدق يوضع معناه من خلال مفهومه فمنها:
1- صدق الخبر: هو أمر مهم في ثقة الناس وكسبها، أي أن الخبر المذاع ملتزم بالواقعة، فلا يغير من الحقيقة شيئاً.
2- صدق الكلمة: فالكلمة الصادقة هي التي تنقل معلوماتها بغير تقصير، وبغير دلالات توحي بأهداف خبيثة، فيجب أن يكون اختيارها مراعىً فيه الأسلوب الإسلامي في الدعوة والإعلام، وهو بعيد عن اللفظة الرخيصة واللغة الحادة المبتذلة.
3- صدق الحكم: إذا كان الخبر صادقاً والكلمة أيضاً، فلا بد للحكم أن يكون صادقاً، فالحكم يعني اتخاذ موقف من الخبر رفضاً أو قبولاً، فعلى إعلامي النهضة أن يتوخى في التفسير الصحيح للوقائع بغير هوى، وعرض الوقائع بدقة. والدعوة إلى الصدق والقول السديد ؛ وذلك تفادياً لما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة، كأضرار اجتماعية وعقلية في عملية الاتصال، وذلك لأنه قد يؤدي إلى التفكير الأعوج والمخاطبة غير السليمة في المجتمعات الإسلامية.
ثانياً: الواقعية
وقد قضى الإعلام بعدم الخضوع للواقع المعوج، أو الأهواء المنحرفة، وهذا هو الواقع الذي يختص به إعلام النهضة، فالواقعية تعني أنه لا تستقر أحكامها ولا تضبط قواعدها إلا بملاحظة المصالح المطلقة، وهي بعيدة عن الأغراض والأهواء.
ومن هنا نستنتج أن الإعلام يبتعد عن الإثارة، فهو يؤثر لا يثير، فعين "الكاميرا" تطوف في آفاق الدنيا للتعبير عن قدرة الله وآثارها في الكون، ولكنها لا تثير الشهوات بالصور الخليعة وغيرها من المشاهد أو المسامع غير المرغوب بها.
ثالثاً: المرونة:
هي الخصيصة الثالثة لإعلام النهضة، فهي مستمرة وقادرة على مواجهة التطورات، سواء في كيفية المواجهة، أو في وسائلها. كما أنها قادرة على مواكبة الوقائع المتغيرة المتجددة، بحيث تجد لكل واقعة حكما. وتتسم المرونة بالاستمرارية والثبات في أصولها، بينما ليس هناك جمود على رأي أو موقف، فالحياة تتطلب تجديد الأفكار، وتنويع المواقف.

نماذج من إعلام النهضة في القرآن والسنة
قصة الأذان
كان المسلمون في أول عهدهم بالإسلام يجتمعون للصلاة في مواعيدها، من غير دعوة، فلما كثروا، وزاد عددهم، فكر الرسول -صلى الله عليه و سلم- في طريقة يدعو بها الناس إلى الصلاة، فاقترح عليه بعض المسلمين أن يرفع راية في موعد الصلاة، فإذا رآها المسلمون أقبلوا، فلم يعجبه ذلك، فقال بعضهم : نستعمل البوق لننادى به على الصلاة كما تفعل اليهود، فلم يعجبه ذلك أيضًا .
فقال آخرون : نستعمل ناقوس (الجرس)، فندقه ليعلم المسلمون أن موعد الصلاة قد حان .
وكان أحد الصحابة وهو "عبد الله بن زيد"- رضى الله عنه- موجودا بينهم ، وكان مسلمًا مؤمنًا، يحب الله ورسوله، ويتقى الله في أعماله .
سمع "عبد الله بن زيد" هذا الكلام، وانصرف إلى بيته، ونام وهو يفكر في حل لهذه المسألة . وفى منامه رأى رؤيا عجيبة، وعندما طلع الصباح أسرع إلى الرسول -صلى الله عليه و سلم- وقص عليه تلك الرؤيا ، وقال إنه رأى رجلاً يلبس ملابس خضراء، يحمل ناقوسًا في يده، فقال له :
هل تبيعني هذا الناقوس ؟
فقال الرجل صاحب الملابس الخضراء : وماذا تصنع به ؟
قال "عبد الله بن زيد" : ندعو به إلى الصلاة .
قال الرجل : هل أدلك على خير من ذلك ؟
قال "عبد الله بن زيد" : وما هو ؟
قال الرجل ذو الملابس الخضراء : تقول: الله أكبر الله أكبر.. أشهد ألا إله إلا الله..أشهد ألا إله إلا الله.. أشهد أن محمداً رسول الله..أشهد أن محمداً رسول الله ..حي على الصلاة .. حي على الصلاة.. حي على الفلاح ..حي على الفلاح .. الله أكبر الله أكبر..لا إله إلا الله .

فلما سمع رسول الله -صلى الله عليه و سلم- هذه الرؤيا . قال : إنها لرؤيا حق .. إن شاء الله .. وطلب الرسول من "عبد الله بن زيد" أن يقوم مع "بلال" - رضى الله عنه- ويخبره بهذه الكلمات ليؤذن بها .. ففعل .
وأذن "بلال" رضى الله عنه - فسمعه "عمر بن الخطاب" - رضى الله عنه- وهو في بيته، فخرج إلى الرسول -صلى الله عليه و سلم- ، وقال له : يا نبي الله . والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال الرسول -صلى الله عليه و سلم-: فلله الحمد على ذلك .

ولنا في قصة الأذان دروس كثيره، ومن أهمها كيف يكون الإعلام خادماً للأمة باعثاً على نهضتها وتقدمها، فلنقف مع كلمات الأذان ففيها شفاء الغليل.
1- الله أكبر ..الله أكبر
أن نكبر الله في كلماتنا المسموعة والمرئية والمكتوبة، فلا كبير إلا الله، ولا عظيم إلا الحق سبحانه. فالإعلام الهادف لا يمجد السلطان ويعظمه، إنما يمجد الله وحده لا شريك له، بقول الحق والتزام الصدق.
2- أشهد ألا إله إلا الله ..أشهد أن محمداً رسول الله
فمن رضي بالله رباً، وبمحمد نبياً، اتصف بأخلاق الله، واستنّ بسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: " ومن أصدق من الله قيلاً " [النساء:87]، " ومن أصدق من الله حديثاً "[النساء:122]، وقال تعالى: " وإنك لعلى خلق عظيم " [القلم:4]
فلنجعل كلماتنا صادقه، واقعية، حاملة الخير للناس.
3- حي على الصلاة
فلا نهضة بدون الاعتماد على الله، والتوكل عليه في كل شئوننا وأحوالنا، ولا حول ولا قوة لنا إلا به سبحانه وتعالى.
4- حي على الفلاح
فالإعلام ينبغي أن يكون داعياً إلى العمل، لا يشغل الناس بالتوافه من الأمور، ولا يكون محبطاً لهم كاسراً لعزائمهم بفعل المواد الهابطة والأفعال التي تغضب الله تعالى.

قصة الهدهد
قال تعالى: " وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25 (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) [النمل]

ففي هذه القصة القصيرة يحكي لنا القرآن الكريم أمثلة للإعلام الهادف الصادق من خلال هذا الكائن الضعيف(الهدهد)، وكيف كان حال المستمع لهذا الإعلام(سليمان عليه السلام)، ونستطيع أن نلخص هذه الدروس في:
1- التحري وبذل الجهد في الحصول على المعلومات
فكم قطع هذا الكائن من المسافات ؟! لكي يقف على حكاية هؤلاء القوم، هكذا يكون الإعلام الهادف، فليس الإعلام بمجرد معلومة عابرة بغرض السبق الصحفي أو الإعلامي، ولكن الإعلام الصادق جهد وعرق من أجل الوصول إلى الحقيقة، وتحري الحق أينما كان.
2- التيقن من المعلومات
فكم من الجهد المبذول الذي بذله الهدهد للتأكد من صحة الخبر؟
" وجئتك من سبأ بنبأ يقين " ليس مجرد شائعة من الشائعات، ولا خبر من الأخبار العابرة، ولكنه خبر سيحي الله به أمه ويخرجها من الظلمات إلى النور، ومن الجاهلية إلى الإسلام.
3- توطين النفس على التمييز بين الصواب والخطأ
" قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين "، فيا لها من كلمات عظيمات من سليمان عليه السلام! فالمسلم ليس إمعة مع الناس حيث ساروا ولكنه موطن لنفسه إن أحسن الناس أحسن، وإن أساءوا فلا يظلم.
هذه بعض النماذج الصادقة الهادفة من القرآن والسنة، نسأل الحق تبارك وتعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


المراجع
1- الإعلام في الإسلام عبداللطيف حمزه ببعض التصرف
http://islamselect.net/mat/82540
2- موقع إسلام ويب
http://kids.islamweb.net/subjects/azan.html
 
رد: الإعلام بخصائص أمَّة الإسلام

المقصود هنا ليس الاعلام الذي تحدثت عنه اخي وجزاك الله خيرا المعنى هو سرد والاخبار او تفصيل خصائص الامة والله اعلم
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top