بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
[فإنّ الله -عزّ وجلّ- قد أرسل محمّدا بالهدى ودين الحقّ، ليظهره على الدّين كلّه، وجعله على شريعة من الأمر، وأمره باتّباعها، ونهاه عن اتّباع أهواء الّذين لا يعلمون، وهم كلّ من خالف هديه وشريعته.
وأمر المؤمنين أن يسألوه في كلّ يوم وفي كلّ ركعة من صلاتهم هدايته إلى الصّراط المستقيم، الّذي هو الدّين القويم، غير المغضوب عليهم ولا الضّالين، الّذين هم أصحاب الجحيم.
وقد ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «اليَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، والنَّصَارَى ضُلاَّلٌ»(1) ، ومع هذا، فقد ابتليت هذه الأمّة بالتّشبّه باليهود والنّصارى في عباداتهم، وعاداتهم، وسلوكهم، وأخلاقهم، ووقع ما أخبرنا به نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ»، قلنا: يا رسول الله، اليهودَ والنّصارى؟ قال: «فَمَنْ؟»(2)
ومن أخصّ مظاهر التّشبّه بالكفّار وأخطرها: احتفال كثير من المسلمين بأعيادهم، خاصّة عيد ميلاد المسيح، والّذي يصادف اليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، وعيد ميلاد السّنة الجديدة، والّذي يصادف الأوّل من شهر جانفي حسب الحساب الإفرنجيّ، وتتجلّى مظاهر الاحتفال بإظهار الفرح والسّرور، وإضاءة الشّموع، وتبخير البخور، وتزيين الشّوارع والمباني والقصور.
ناهيك عمّا يحدث فيه من المنكرات، من شرب الخمور، وفعل الفجور، وغير ذلك من أنواع الشّرور، ما يندى له جبين الإسلام، وتضيق له الصّدور.
وقد زيّن الشّيطان لكثير من أولئك الجهّال أعمالهم؛ حيث يسافرون إلى الدّول الغربيّة لشهود تلك الأعياد الفاجرة، ومشاركة الكفّار في أفراحهم، وإظهار محبّتهم وموالاتهم، والله المستعان.
وقد غفل هؤلاء أنّ الأعياد من أخصّ ما تتميّز به الشّرائع، فلا فرق بين مشاركتهم في أعيادهم، وبين مشاركتهم في سائر شعائرهم، وأنّ مشابهتهم في أعيادهم توجب لهم العزّة والكرامة، والغلبة والفرح والسّرور؛ لأنّهم يسرّهم أن يروا المسلمين مقهورين مغلوبين، هم لهم تبع؛ لأنّ المغلوب مولع باتّباع الغالب.](3)
وهذه بعض الأبيات الّتي نظمتها بتوفيق الله وعونه، مستفيدا من كلام أهل العلم في هذا الباب، لعلّها أن تكون تذكرة للنّاسي، وتنبيها للغافل، وإرشادا للحائر، أسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها إخواني المسلمين، آمين..
تَحْذِيرُ الغَافِلِينَ الحَيَارَى .. مِنْ مُشَابَهَةِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى
أَسَفِي لِحَالِ المُسْلِمِ الغَفْلاَنِ ... عَنْ شِرْعَةِ المَبْعُوثِ بِالقُرْآنِ
أَسَفِي لِحَالِهِ قَدْ أَضَاعَ طَرِيقَهُ ... وَمَشَى وَرَاءَ الكُفْرِ كَالعُمْيَانِ
أَسَفِي لَهُ أَنَّى يُقَلِّدُ ثُلَّةً ... فَزِعَتْ إِلَى الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ؟!(4)
فِيمَ احْتِفَالُهُ وَيْحَهُ مُتَشَبِّهًا؟! ... فَالعِيدُ عِيدُ الكَافِرِ النَّصْرَانِي(5)
وَأَرَاهُ مُبْتَهِجًا كَأَنَّهُ عِيدُنَا! ... وَمُبَشِّرًا وَمُبَارِكًا بِتَهَانِي!
وَلَرُبَّمَا صَنَعَ الطَّعَامَ مُضَاهِيًا ... لِلْقَوْمِ فِي سِرٍّ وَفِي إِعْلاَنِ!
وَتَرَى الشُّمُوعَ مُضَاءَةً فِي بَيْتِهِ! ... وَشُجَيْرَةً لِلْعِيدِ بِالأَلْوَانِ!
وَمُفَرْقَعَاتٍ ذَاتَ صَوْتٍ مُنْكَرٍ ... صُرِفَتْ لَهَا مِنْ أَنْفَسِ الأَثْمَانِ!
أَوْ رُبَّمَا تَرَكَ الدِّيَارَ مُسَافِرًا ... لِيُشَارِكَ الكُفَّارَ فِي العِصْيَانِ!
لَمْ يُثْنِهِ بُعْدُ الدِّيَارِ وَلاَ النَّوَى(6) ... حَتَّى مَضَى يَسْعَى لِرَأْيِ عَيَانِ
يَا مُسْلِمًا قَد تَاهَ عَنْ دَرْبِ الهُدَى ... وَأَرَاهُ يَمْشِي مِشْيَةَ الحَيْرَانِ
هَذَا مَقَالِي إِنَّنِي لَكَ نَاصِحٌ ... فَاسْمَعْ نَصِيحَةَ مُشْفِقٍ مِعْوَانِ
أَرَغِبْتَ عَنْ هَدْيِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ؟! ... أَرَغِبْتَ عَنْ دِينٍ عَظِيمِ الشَّانِ؟!
أَتُشَارِكُ الكُفَّارَ فِي أَعْيَادِهِمْ؟! ... يَا غَارِقًا فِي ذِلَّةٍ وَهَوَانِ؟!
أَوَمَا كُفِيتَ أُخَيَّ بِالعِيدَيْنِ مِنْ ... إِبْدَالِ(7) رَبٍّ وَاهِبٍ مَنَّانِ؟!
فَهُمَا الشِّعَارُ لَنَا وَمِنْحَةُ رَبِّنَا ... مِنْ أَشْرَفِ الأَيَّامِ وَالأَزْمَانِ؟!
فَالأَوَّلُ الفِطْرُ المُبَارَكُ جَاءَنَا ... مِنْ بَعْدِ صَوْمٍ كَانَ فِي رَمَضَانِ
وَالآخَرُ الأَضْحَى فَيَأْتِي تَالِيًا ... لِلْحَجِّ إِنَّهُ خَامِسُ الأَرْكَانِ
لاَ تَحْسَبَنَّ الأَمْرَ أَمْرًا هَيِّنًا ... وَاحْذَرْ أُخَيَّ مَسَالِكَ الشَّيْطَانِ
دِينُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ بُنْيَانُهُ ... وَأَسَاسُ صَرْحِهِ فَاعْلَمَنْ رُكْنَانِ(8)
رُكْنُ المُوَالاَةِ الَّتِي لاَ تَنْبَغِي ... إِلاَّ لِأَهْلِ الحَقِّ وَالإِيمَانِ
وَكَذَا البَرَاءَةُ رُكْنُهُ الثَّانِي إِذَنْ ... مِنْ مِلَّةِ الإِشْرَاكِ وَالكُفْرَانِ
وَبِغَيْرِ رُكْنَيْهِ الَّذَيْنِ ذَكَرْتُ لَنْ ... يَبْقَى لِهَذَا الدِّينِ مِنْ بُنْيَانِ
هَذِي وَصَاةُ المُصْطَفَى لَكَ مُشْفِقًا ... فَاسْمَعْ أَخِي مَا قَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ(9)
قَالَ النَّبِيُّ: لَسَوْفَ تَتَّبِعُونَهُمْ ... شِبْرًا بِشِبْرٍ دُونَمَا نُقْصَانِ
حَتَّى وَلَوْ دَخَلُوا بِجُحْرٍ ضَيِّقٍ ... سِرْتُمْ عَلَى أَثَرٍ بِغَيْرِ تَوَانِي
يَعْنِي اليَهُودَ نَبِيُّنَا بِمَقَالِهِ ... وَكَذَا النَّصَارَى عَابِدِي الصُّلْبَانِ
وَنَهَى النَّبِيُّ عَنِ التَّشَبُّهِ مُطْلَقًا ... فِي ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ سِيَّانِ
قَدْ صَارَ مِنْهُمْ مَنْ تَشَبَّهَ فَاحْذَرَنْ ... هَذَا كَلاَمُ الصَّادِقِ العَدْنَانِي
فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنٍ لَهُ ... هَذَا الحَدِيثَ وَصَحَّحَ الأَلْبَانِي(10)
وَلَطَالَمَا حَثَّ النَّبِيُّ صَحَابَةً ... أَنْ: خَالِفُوا الكُفَّارَ كُلَّ أَوَانِ(11)
فِي أَكْلِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ ... بَلْ فِي مُعَاشَرَةٍ لِذِي النِّسْوَانِ!(12)
فَعَلَى الوَصِيَّةِ سَارَ صَحْبُ نَبِيِّنَا ... عَمَلاً وَتَطْبِيقًا بِكُلِّ تَفَانِي
هَذَا أَبُو حَفْصٍ يُشَدِّدُ قَائِلاً: ... إِيَّاكُمُ وَرَطَانَةً بِلِسَانِ
لاَ تَدْخُلُوا تِلْكَ الكَنَائِسَ وَاحْذَرُوا ... أَخْشَى عَلَيْكُمْ سَخْطَةَ الدَّيَّانِ(13)
وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ كَذَلِكَ هَدْيُهُمْ ... مَعْ تَابِعِيهِمْ هُمْ ذَوُو العِرْفَانِ
كَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةٍ وَمُسَيِّبٍ ... وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الشَّيْبَانِي
أَوْ مَالِكٍ حَبْرِ المَدِينَةِ قَدْ سَمَا ... فِي جَوِّهَا كَالكَوْكَبِ النُّورَانِي
أَوْ بَعْدَهُمْ بَحْرُ العُلُومِ وَرَأْسُهَا ... فِي عَصْرِهِ أَعْنِي بِهِ الحَرَّانِي(14)
هَلاَّ قَرَأْتَ لَهُ "اقْتِضَاءً"(15) يَا أَخِي ... سَيُزِيلَ عَنْكَ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ
وَعَلَى طَرِيقِ القَوْمِ سَارَ أَئِمَّةٌ ... فِي عَصْرِنَا هَذَا بِلاَ نُكْرَانِ
مَنْ كَابْنِ بَازٍ أَوْ عُثَيْمِينٍ وَلاَ ... تُغْفِلْ إِمَامَ السُّنَّةِ الأَلْبَانِي
وَافْخَرْ بِنَجْمِيٍّ وَمُقْبِلِ وَادِعٍ ... غَشِيَتْهُمُ الرَّحَمَاتُ كُلَّ أَوَانِ
وَكَذَلِكَ الأَحْيَاءُ مِنْ عُلَمَائِنَا ... فَاذْكُرْ لُحَيْدَانًا مَعَ الفَوْزَانِ
وَبِشَيْخِنَا العَبَّادِ فَافْخَرْ يَا أَخِي ... وَاذْكُرْ رَبِيعًا فَائِقَ الأَقْرَانِ
فَجَمِيعُهُمْ أَفْتَى وَأَنْكَرَ عِيدَ مَنْ ... عَبَدَ المَسِيحَ وَدَانَ لِلرُّهْبَانِ
وَنَهَوْا عَنِ التَّقْلِيدِ لِلْكُفَّارِ مِنْ ... قَوْمِ اليَهُودِ وَعَابِدِي الصُّلْبَانِ
فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِغَرْزِهِمْ(16) هُمْ أَنْجُمٌ ... تَهْدِي السَّفِينَ(17) لِخِيرَةِ الشُّطْآنِ
وَاتْرُكْ مُشَابَهَةَ الَّذِينَ تَلاَعَبُوا ... بِالدِّينِ مِثْلَ تَلاَعُبِ الصِّبْيَانِ
هَذَا مَقَالِي قَدْ نَصَحْتُكَ مُشْفِقًا ... فَاعْقِلْ مَقَالِي يَا أَخَا الإِيمَانِ
أبو ميمونة منوّر عشيش
أمّ البواقي -الجزائر-
نقله أبو ليث من منتديات التصفية و التربية.
الهوامش:
(1)_ هو طرف من حديث طويل أخرجه التّرمذي (2953) عن عديّ ابن حاتم رضي الله عنه، وصحّحه الألباني -رحمه الله- في "صحيح التّرمذي"، وفي "صحيح الجامع" (8202).
(2)_ أخرجه البخاري (3269)، ومسلم (2669) عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه.
(3)_ ما بين المعقوفين، من كلام الشّيخ الفاضل عبد المجيد جمعة -حفظه الله-، في مقدّمة له تحقيقا وتعليقا على رسالة "عيد النّصارى"، لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
(4)_ قال الله تعالى:﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التّوبة31].
(5)_ أقصد عيد النّصارى، رأس السّنّة الميلاديّة (الكريسمس).
(6)_ النَّوى: هو البُعد، وقيل الدَّار.
(7)_ عن أنس رضي الله عنه قال: قدِم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهليّة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا يَوْمَيْنِ خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ»، أخرجه أبو داود (1134)، وصحّحه الألباني (4/297).
(8)_ هما الولاء والبراء.
(9)_ عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ»، قلنا: يا رسول الله، آليهودَ والنّصارى؟ قال: «فَمَنْ؟!»، البخاري (3269)، ومسلم (5717) واللّفظ له.
(10)_ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، أخرجه أبو داود (4031)،وصحّحه الألبانيّ في "الإرواء" (1269).
(11)_ أحاديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحثّ على مخالفة الكفّار كثيرة، ذكر بعضها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الفذّ: "إقتضاء الصّراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم"، في الفصل الثّاني، تحت عنوان: "مخالفة الكفّار أمر مقصود للشّارع"، فلتراجع.
(12)_ عن أنس رضي الله عنه، أنّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النّبيِّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ﴾ [البقرة222]، إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اِصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ»، فبلغ ذلك اليهودَ، فقالوا: ما يريد هذا الرّجل أن يدع من أمرنا شيئا إلاّ خالفنا فيه.
فجاء أُسيد بن حُضير، وعبّاد بن بشر، فقالا: يا رسول الله، إنّ اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهنّ؟ فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتّى ظنّنا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هديّة من لبن إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل في إثرهما، فسقاهما، فعرفنا أنّه لم يجد عليهما. رواه مسلم (537).
(13)_ قال عطاء بن دينار: قال عمر رضي الله عنه: "لا تعلَّموا رَطانة الأعاجم، ولا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم، فإنّ السَّخطة تنزل عليهم"، أخرجه عبد الرّزّاق في "المصنّف" (1609)، والبيهقيّ في "السّنن الكبرى" (9/392)، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "مسند الفاروق" (2/494): بإسناد صحيح، والرَّطانة: كلام العجم، يقال: رطَن رطانة إذا تكلّم بلسان العجم، (نقلا عن شيخنا الأزهر -حفظه الله- في رسالته: "تنبيه الغافلين إلى حرمة التّشبّه والاحتفال بأعياد المشركين").
(14)_ هو شيخ الإسلام ومفتي الأنام: تقيّ الدّين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرّاني -رحمه الله-، المتوفّى (728هـ).
(15)_ هو الكتاب الفذّ، الّذي لم تر العيون مثله في بابه: "إقتضاء الصّراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم"، لشيخ الإسلام: ابن تيمية -رحمه الله-.
(16)_ الغرْز: ركاب الرّحْل، تقول العرب: أشدد يديك بغرز فلان، أي حثّ نفسك على التّمسّك به.
(17)_ السّفينُ جمع سفينة، قال عمرو بن كلثوم في معلّقته:
مَلَأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا ... وَمَوْجُ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سَفِينَا
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
[فإنّ الله -عزّ وجلّ- قد أرسل محمّدا بالهدى ودين الحقّ، ليظهره على الدّين كلّه، وجعله على شريعة من الأمر، وأمره باتّباعها، ونهاه عن اتّباع أهواء الّذين لا يعلمون، وهم كلّ من خالف هديه وشريعته.
وأمر المؤمنين أن يسألوه في كلّ يوم وفي كلّ ركعة من صلاتهم هدايته إلى الصّراط المستقيم، الّذي هو الدّين القويم، غير المغضوب عليهم ولا الضّالين، الّذين هم أصحاب الجحيم.
وقد ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «اليَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، والنَّصَارَى ضُلاَّلٌ»(1) ، ومع هذا، فقد ابتليت هذه الأمّة بالتّشبّه باليهود والنّصارى في عباداتهم، وعاداتهم، وسلوكهم، وأخلاقهم، ووقع ما أخبرنا به نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ»، قلنا: يا رسول الله، اليهودَ والنّصارى؟ قال: «فَمَنْ؟»(2)
ومن أخصّ مظاهر التّشبّه بالكفّار وأخطرها: احتفال كثير من المسلمين بأعيادهم، خاصّة عيد ميلاد المسيح، والّذي يصادف اليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، وعيد ميلاد السّنة الجديدة، والّذي يصادف الأوّل من شهر جانفي حسب الحساب الإفرنجيّ، وتتجلّى مظاهر الاحتفال بإظهار الفرح والسّرور، وإضاءة الشّموع، وتبخير البخور، وتزيين الشّوارع والمباني والقصور.
ناهيك عمّا يحدث فيه من المنكرات، من شرب الخمور، وفعل الفجور، وغير ذلك من أنواع الشّرور، ما يندى له جبين الإسلام، وتضيق له الصّدور.
وقد زيّن الشّيطان لكثير من أولئك الجهّال أعمالهم؛ حيث يسافرون إلى الدّول الغربيّة لشهود تلك الأعياد الفاجرة، ومشاركة الكفّار في أفراحهم، وإظهار محبّتهم وموالاتهم، والله المستعان.
وقد غفل هؤلاء أنّ الأعياد من أخصّ ما تتميّز به الشّرائع، فلا فرق بين مشاركتهم في أعيادهم، وبين مشاركتهم في سائر شعائرهم، وأنّ مشابهتهم في أعيادهم توجب لهم العزّة والكرامة، والغلبة والفرح والسّرور؛ لأنّهم يسرّهم أن يروا المسلمين مقهورين مغلوبين، هم لهم تبع؛ لأنّ المغلوب مولع باتّباع الغالب.](3)
وهذه بعض الأبيات الّتي نظمتها بتوفيق الله وعونه، مستفيدا من كلام أهل العلم في هذا الباب، لعلّها أن تكون تذكرة للنّاسي، وتنبيها للغافل، وإرشادا للحائر، أسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها إخواني المسلمين، آمين..
تَحْذِيرُ الغَافِلِينَ الحَيَارَى .. مِنْ مُشَابَهَةِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى
أَسَفِي لِحَالِ المُسْلِمِ الغَفْلاَنِ ... عَنْ شِرْعَةِ المَبْعُوثِ بِالقُرْآنِ
أَسَفِي لِحَالِهِ قَدْ أَضَاعَ طَرِيقَهُ ... وَمَشَى وَرَاءَ الكُفْرِ كَالعُمْيَانِ
أَسَفِي لَهُ أَنَّى يُقَلِّدُ ثُلَّةً ... فَزِعَتْ إِلَى الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ؟!(4)
فِيمَ احْتِفَالُهُ وَيْحَهُ مُتَشَبِّهًا؟! ... فَالعِيدُ عِيدُ الكَافِرِ النَّصْرَانِي(5)
وَأَرَاهُ مُبْتَهِجًا كَأَنَّهُ عِيدُنَا! ... وَمُبَشِّرًا وَمُبَارِكًا بِتَهَانِي!
وَلَرُبَّمَا صَنَعَ الطَّعَامَ مُضَاهِيًا ... لِلْقَوْمِ فِي سِرٍّ وَفِي إِعْلاَنِ!
وَتَرَى الشُّمُوعَ مُضَاءَةً فِي بَيْتِهِ! ... وَشُجَيْرَةً لِلْعِيدِ بِالأَلْوَانِ!
وَمُفَرْقَعَاتٍ ذَاتَ صَوْتٍ مُنْكَرٍ ... صُرِفَتْ لَهَا مِنْ أَنْفَسِ الأَثْمَانِ!
أَوْ رُبَّمَا تَرَكَ الدِّيَارَ مُسَافِرًا ... لِيُشَارِكَ الكُفَّارَ فِي العِصْيَانِ!
لَمْ يُثْنِهِ بُعْدُ الدِّيَارِ وَلاَ النَّوَى(6) ... حَتَّى مَضَى يَسْعَى لِرَأْيِ عَيَانِ
يَا مُسْلِمًا قَد تَاهَ عَنْ دَرْبِ الهُدَى ... وَأَرَاهُ يَمْشِي مِشْيَةَ الحَيْرَانِ
هَذَا مَقَالِي إِنَّنِي لَكَ نَاصِحٌ ... فَاسْمَعْ نَصِيحَةَ مُشْفِقٍ مِعْوَانِ
أَرَغِبْتَ عَنْ هَدْيِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ؟! ... أَرَغِبْتَ عَنْ دِينٍ عَظِيمِ الشَّانِ؟!
أَتُشَارِكُ الكُفَّارَ فِي أَعْيَادِهِمْ؟! ... يَا غَارِقًا فِي ذِلَّةٍ وَهَوَانِ؟!
أَوَمَا كُفِيتَ أُخَيَّ بِالعِيدَيْنِ مِنْ ... إِبْدَالِ(7) رَبٍّ وَاهِبٍ مَنَّانِ؟!
فَهُمَا الشِّعَارُ لَنَا وَمِنْحَةُ رَبِّنَا ... مِنْ أَشْرَفِ الأَيَّامِ وَالأَزْمَانِ؟!
فَالأَوَّلُ الفِطْرُ المُبَارَكُ جَاءَنَا ... مِنْ بَعْدِ صَوْمٍ كَانَ فِي رَمَضَانِ
وَالآخَرُ الأَضْحَى فَيَأْتِي تَالِيًا ... لِلْحَجِّ إِنَّهُ خَامِسُ الأَرْكَانِ
لاَ تَحْسَبَنَّ الأَمْرَ أَمْرًا هَيِّنًا ... وَاحْذَرْ أُخَيَّ مَسَالِكَ الشَّيْطَانِ
دِينُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ بُنْيَانُهُ ... وَأَسَاسُ صَرْحِهِ فَاعْلَمَنْ رُكْنَانِ(8)
رُكْنُ المُوَالاَةِ الَّتِي لاَ تَنْبَغِي ... إِلاَّ لِأَهْلِ الحَقِّ وَالإِيمَانِ
وَكَذَا البَرَاءَةُ رُكْنُهُ الثَّانِي إِذَنْ ... مِنْ مِلَّةِ الإِشْرَاكِ وَالكُفْرَانِ
وَبِغَيْرِ رُكْنَيْهِ الَّذَيْنِ ذَكَرْتُ لَنْ ... يَبْقَى لِهَذَا الدِّينِ مِنْ بُنْيَانِ
هَذِي وَصَاةُ المُصْطَفَى لَكَ مُشْفِقًا ... فَاسْمَعْ أَخِي مَا قَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ(9)
قَالَ النَّبِيُّ: لَسَوْفَ تَتَّبِعُونَهُمْ ... شِبْرًا بِشِبْرٍ دُونَمَا نُقْصَانِ
حَتَّى وَلَوْ دَخَلُوا بِجُحْرٍ ضَيِّقٍ ... سِرْتُمْ عَلَى أَثَرٍ بِغَيْرِ تَوَانِي
يَعْنِي اليَهُودَ نَبِيُّنَا بِمَقَالِهِ ... وَكَذَا النَّصَارَى عَابِدِي الصُّلْبَانِ
وَنَهَى النَّبِيُّ عَنِ التَّشَبُّهِ مُطْلَقًا ... فِي ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ سِيَّانِ
قَدْ صَارَ مِنْهُمْ مَنْ تَشَبَّهَ فَاحْذَرَنْ ... هَذَا كَلاَمُ الصَّادِقِ العَدْنَانِي
فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنٍ لَهُ ... هَذَا الحَدِيثَ وَصَحَّحَ الأَلْبَانِي(10)
وَلَطَالَمَا حَثَّ النَّبِيُّ صَحَابَةً ... أَنْ: خَالِفُوا الكُفَّارَ كُلَّ أَوَانِ(11)
فِي أَكْلِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ ... بَلْ فِي مُعَاشَرَةٍ لِذِي النِّسْوَانِ!(12)
فَعَلَى الوَصِيَّةِ سَارَ صَحْبُ نَبِيِّنَا ... عَمَلاً وَتَطْبِيقًا بِكُلِّ تَفَانِي
هَذَا أَبُو حَفْصٍ يُشَدِّدُ قَائِلاً: ... إِيَّاكُمُ وَرَطَانَةً بِلِسَانِ
لاَ تَدْخُلُوا تِلْكَ الكَنَائِسَ وَاحْذَرُوا ... أَخْشَى عَلَيْكُمْ سَخْطَةَ الدَّيَّانِ(13)
وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ كَذَلِكَ هَدْيُهُمْ ... مَعْ تَابِعِيهِمْ هُمْ ذَوُو العِرْفَانِ
كَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةٍ وَمُسَيِّبٍ ... وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الشَّيْبَانِي
أَوْ مَالِكٍ حَبْرِ المَدِينَةِ قَدْ سَمَا ... فِي جَوِّهَا كَالكَوْكَبِ النُّورَانِي
أَوْ بَعْدَهُمْ بَحْرُ العُلُومِ وَرَأْسُهَا ... فِي عَصْرِهِ أَعْنِي بِهِ الحَرَّانِي(14)
هَلاَّ قَرَأْتَ لَهُ "اقْتِضَاءً"(15) يَا أَخِي ... سَيُزِيلَ عَنْكَ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ
وَعَلَى طَرِيقِ القَوْمِ سَارَ أَئِمَّةٌ ... فِي عَصْرِنَا هَذَا بِلاَ نُكْرَانِ
مَنْ كَابْنِ بَازٍ أَوْ عُثَيْمِينٍ وَلاَ ... تُغْفِلْ إِمَامَ السُّنَّةِ الأَلْبَانِي
وَافْخَرْ بِنَجْمِيٍّ وَمُقْبِلِ وَادِعٍ ... غَشِيَتْهُمُ الرَّحَمَاتُ كُلَّ أَوَانِ
وَكَذَلِكَ الأَحْيَاءُ مِنْ عُلَمَائِنَا ... فَاذْكُرْ لُحَيْدَانًا مَعَ الفَوْزَانِ
وَبِشَيْخِنَا العَبَّادِ فَافْخَرْ يَا أَخِي ... وَاذْكُرْ رَبِيعًا فَائِقَ الأَقْرَانِ
فَجَمِيعُهُمْ أَفْتَى وَأَنْكَرَ عِيدَ مَنْ ... عَبَدَ المَسِيحَ وَدَانَ لِلرُّهْبَانِ
وَنَهَوْا عَنِ التَّقْلِيدِ لِلْكُفَّارِ مِنْ ... قَوْمِ اليَهُودِ وَعَابِدِي الصُّلْبَانِ
فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِغَرْزِهِمْ(16) هُمْ أَنْجُمٌ ... تَهْدِي السَّفِينَ(17) لِخِيرَةِ الشُّطْآنِ
وَاتْرُكْ مُشَابَهَةَ الَّذِينَ تَلاَعَبُوا ... بِالدِّينِ مِثْلَ تَلاَعُبِ الصِّبْيَانِ
هَذَا مَقَالِي قَدْ نَصَحْتُكَ مُشْفِقًا ... فَاعْقِلْ مَقَالِي يَا أَخَا الإِيمَانِ
أبو ميمونة منوّر عشيش
أمّ البواقي -الجزائر-
نقله أبو ليث من منتديات التصفية و التربية.
الهوامش:
(1)_ هو طرف من حديث طويل أخرجه التّرمذي (2953) عن عديّ ابن حاتم رضي الله عنه، وصحّحه الألباني -رحمه الله- في "صحيح التّرمذي"، وفي "صحيح الجامع" (8202).
(2)_ أخرجه البخاري (3269)، ومسلم (2669) عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه.
(3)_ ما بين المعقوفين، من كلام الشّيخ الفاضل عبد المجيد جمعة -حفظه الله-، في مقدّمة له تحقيقا وتعليقا على رسالة "عيد النّصارى"، لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
(4)_ قال الله تعالى:﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التّوبة31].
(5)_ أقصد عيد النّصارى، رأس السّنّة الميلاديّة (الكريسمس).
(6)_ النَّوى: هو البُعد، وقيل الدَّار.
(7)_ عن أنس رضي الله عنه قال: قدِم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهليّة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا يَوْمَيْنِ خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ»، أخرجه أبو داود (1134)، وصحّحه الألباني (4/297).
(8)_ هما الولاء والبراء.
(9)_ عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ»، قلنا: يا رسول الله، آليهودَ والنّصارى؟ قال: «فَمَنْ؟!»، البخاري (3269)، ومسلم (5717) واللّفظ له.
(10)_ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، أخرجه أبو داود (4031)،وصحّحه الألبانيّ في "الإرواء" (1269).
(11)_ أحاديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحثّ على مخالفة الكفّار كثيرة، ذكر بعضها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الفذّ: "إقتضاء الصّراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم"، في الفصل الثّاني، تحت عنوان: "مخالفة الكفّار أمر مقصود للشّارع"، فلتراجع.
(12)_ عن أنس رضي الله عنه، أنّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النّبيِّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ﴾ [البقرة222]، إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اِصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ»، فبلغ ذلك اليهودَ، فقالوا: ما يريد هذا الرّجل أن يدع من أمرنا شيئا إلاّ خالفنا فيه.
فجاء أُسيد بن حُضير، وعبّاد بن بشر، فقالا: يا رسول الله، إنّ اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهنّ؟ فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتّى ظنّنا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هديّة من لبن إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل في إثرهما، فسقاهما، فعرفنا أنّه لم يجد عليهما. رواه مسلم (537).
(13)_ قال عطاء بن دينار: قال عمر رضي الله عنه: "لا تعلَّموا رَطانة الأعاجم، ولا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم، فإنّ السَّخطة تنزل عليهم"، أخرجه عبد الرّزّاق في "المصنّف" (1609)، والبيهقيّ في "السّنن الكبرى" (9/392)، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "مسند الفاروق" (2/494): بإسناد صحيح، والرَّطانة: كلام العجم، يقال: رطَن رطانة إذا تكلّم بلسان العجم، (نقلا عن شيخنا الأزهر -حفظه الله- في رسالته: "تنبيه الغافلين إلى حرمة التّشبّه والاحتفال بأعياد المشركين").
(14)_ هو شيخ الإسلام ومفتي الأنام: تقيّ الدّين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرّاني -رحمه الله-، المتوفّى (728هـ).
(15)_ هو الكتاب الفذّ، الّذي لم تر العيون مثله في بابه: "إقتضاء الصّراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم"، لشيخ الإسلام: ابن تيمية -رحمه الله-.
(16)_ الغرْز: ركاب الرّحْل، تقول العرب: أشدد يديك بغرز فلان، أي حثّ نفسك على التّمسّك به.
(17)_ السّفينُ جمع سفينة، قال عمرو بن كلثوم في معلّقته:
مَلَأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا ... وَمَوْجُ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سَفِينَا