طلب مساعدة في الحماية المدنية و الجزائية للقصر

laamri bouzeraieb

:: عضو منتسِب ::
إنضم
28 ديسمبر 2015
المشاركات
1
نقاط التفاعل
1
النقاط
3
السلام عليكم . إخوتي ابحث عن بحث الفرق و المقارنة بين الحماية المدنية و الجزائية للقصر و شكراا
 
رد: طلب مساعدة في الحماية المدنية و الجزائية للقصر

مظاهر الحماية الجزائية للطفل في القانون

ضمن المشرع للطفل حماية ذات طابع جزائي وهذه الحماية قد أخذت صورتين فالصورة الأولى حين يقع منه عمل جزائي , أما الصورة الثانية فعندما يقع ضده عمل جزائي .
وفلسفة هذه الحماية , هي الاعتذار بحداثة الطفل , وجهلة بالحياة وضعف إدراكه للمسؤولية , هذا من جهة ومن جهة أخرى يتعلق الامر بالمسؤول الحقيقي عن انحراف الطفل هو ولي امره او اسرته او المجتمع . ويقصد بالانحراف , الحالات التي يأتي فيها الطفل بسلوك ليس بالضرورة ان يكون جريمة ولكنه يخالف قواعد السلوك العامة (1) . وعلى اساس افتراض ان كل انحراف لا يرجع بالضرورة الى عوامل داخلية نفسية او عضوية وإنما يرجع الى عوامل خارجية تحيط به , خاصة وانه اكثر تأثراً بها من غيره من الكبار. هذا فضلاً عن نظرة المجتمع للطفل هي نظرة الى المستقبل فهو يحافظ عليه ويسهر على سلامة بنائه البدني والعقلي والنفسي (2 ).
وسنتناول في هذا الفصل بيان أوجه بحث حماية الطفل في قانون العقوبات في المبحث الأول وفي قانون رعاية الأحداث في المبحث الثاني .




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) الدكتور مأمون محمد سلامه – قانون العقوبات القسم العام – دار الفكر العربي – القاهرة – 1976 – ط2 – ص257 .
(2) حسني نصار – نفس المصدر – ص257 .


المبحث الأول
الحماية الجزائية للطفل في قانون العقوبات

يمكن بحث الحماية الجزائية للطفل في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل باعتباره فاعلاً للجريمة ثم كمجني عليه .
اولاً – الحماية الجزائية للطفل باعتباره فاعلاً للجريمة
تكاد التشريعات الجزائية في العالم تجمع على عدم مساءلة من لم يبلغ سناً معينة (1) كما هو الحال بالنسبة لقانون العقوبات العراقي حيث قضت المادة 64 منه على عدم مساءلة من لم يتم السابعة من عمره ، هذا الحكم الذي امسى معدلاً بموجب المادة الثالثة من قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة1983 التي رفعت سن عدم المسؤولية للصغير الى تمام التاسعة .
هذهالأحكام وان كانت تحول دون تحقيق مسؤولية الطفل الجزائية فأنها لا تحول دون قيام مسئوليته المدنية عن فعله الضار طبقاً لأحكام المادة 191 من القانون المدني (2) . على أن أساس انعدام مسؤولية من لم يتم التاسعة هو أن صغر السن بالمعنى المتقدم يؤكد بأن حدود النمو العضوي والعقلي لا يسمح له بتفهم وإدراك كنه أفعاله وما يترتب عليها من نتائج فضلاً عن أن صغر سنه لا يسمح له ايضاً بالتمييز بين البواعث المختلفة بحيث يسلب منه جانباً لا يستهان به من حرية الاختيار(3) ، بهذا المعنى فأن صغر السن يحول دون توفر عنصري الركن المعنوي وهما الإدراك وحرية الاختيار وبالتالي فأن الركن المعنوي يسقط بسقوط أحدهما أو كليهما لذلك كان صغر السن قرينة قاطعة على انعدام المسؤولية لا تقبل إثبات عكسها فلا يجوز مطلقاً إقامة دليل على توافر إدراك من كان دون سن التمييز، وبالتالي يحول ذلك ايضاً دون إيقاع أية عقوبة أو تدبير احترازي عليه(1 ) .


ــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) من القوانين التي اعتبرت سن التمييز سبع سنوات بحيث يحول دون عدم اكتمالها دون مساءلة الفاعل المادة 64 من قانون العقوبات المصري والمادة 18 من قانون العقوبات الكويتي والمادة 237 من قانون العقوبات اللبناني، ويلاحظ بأن قانون العقوبات المغربي في المادة 138 منه قد جعل سن التمييز اثنا عشر عاماً .
(3) نصت المادة 191 من القانون المدني ((1. إذا اتلف صبي مميز أو غير مميز أو من في حكمهما مال غيره لزمه الضمان من ماله -2- وإذا تعذر الحصول على التعويض من أموال من وقع منه الضرر أن كان صبياً غير مميز أو مجنون جاز للمحكمة أن تلزم الولي أو القيم أو الوصي بمبلغ التعويض على أن يكون لهذا الرجوع بما دفعه من وقع منه الضرر ))
(4) الدكتور مأمون محمد سلامة – نفس المصدر – ص 257
ثانياً – الحماية الجزائية للطفل كمجني عليه
لقد ضمن المشرع في قانون العقوبات اوجه حماية متعددة للطفل شدد فيها مسؤولية مرتكب الجريمة ضده في الكثير من نواحيها وذلك ضماناً لحق الطفل في الحياة والسعادة من جهة ولضعفه عن حماية نفسه ازاء هذه الجرائم من جهة اخرى .
ولئن كان المشرع العراقي في قانون العقوبات قد شدد مسؤولية مرتكب الجريمة ضد الطفل وفق ما سنأتي على بيانه لاحقاً ، فأننا نراه قد ابتدأ التشديد في مواجهة مرتكب الجريمة ضد الطفل في اطار قواعد الاختصاص القانوني والقضائي العراقي بالنسبة لجريمة تعد واحدة من اخطر الجرائم ضد الطفولة وهي جريمة الاتجار بالاطفال ، لذلك وسع المشرع العراقي في المادة 13 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل من نطاق اختصاص قانون العقوبات والقضاء العراقي فشمل بالعقاب ومقاضاة من يرتكب جريمة الاتجار بالاطفال ولو ارتكبت هذه الجريمة خارج اقليم الجمهورية العراقية من قبل أجنبي وعلى مجنى عليه ولو كان من الاجانب ،علماً بأن الكثير من الشراح اطلقوا وصف الجريمة الدولية وبالتالي مباشرة الاختصاص العالمي بشأن الجرائم التي قررتها بعض الاتفاقيات واقتضت تعاون الدول في القبض على المجرمين ومعاقبتهم ومن هذه الاتفاقيات ، اتفاقية الاتجار بالنساء والاطفال المعقودة في 30 تشرين الاول 1921 .
وتجدر الاشارة الى ان هناك من يرى عدم صواب مباشرة الاختصاص لعالمي بشأن الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية ونحوها لأنها ليست جرائم دولية بالمعنى الدقيق لهذا المصطلح وإنما هي جرائم بموجب القوانين الوطنية وان ما تتميز به هذه الجرائم هو ان ظروف ارتكابها ونطاقها لا يقتصر على اقليم دولة واحدة ولأن الأشخاص الذين اعتادوا ارتكابها يؤلفون عصابات دولية ويسهل عليهم الانتقال في أقاليم متعددة(2 ) .




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. حميد السعدي – شرح قانون العقوبات الجديد – دراسة تحليلية مقارنة – جـ1 – مطبعة المعارف
- بغداد – 970 – ص358 – وانظر ايضاً اكرم نشأت ابراهيم الاحكام العامة في قانون العقوبات العراقي – مطبعة اسعد – بغداد – 1967- ص107
(2) د. زهير الزبيدي – الاختصاص الجنائي للدولة في القانون الدولي – مطبعة الاديب البغدادية – 1980- ط1 – ص420

الامر الذي لا اتفق معه لان هذه الجرائم لو لم تكن جرائم خاضعة للأختصاص العالمي لقانون كل دولة لما نص عليها ضمن الاختصاص الشامل لقوانين العقوبات ولما امكن تطبيق عقوبات القانون الوطني على هذه الجرائم عندما ترتكب من قبل اجنبي خارج اقـليــمها .
وتجدر الملاحظة بأن العديد من قوانين الدول ومنها القانون العراقي قد أعطى الاختصاص في حكم هذه الجرائم لقانون العقوبات العراقي والنظر فيها للقضاء العراقي وذلك بمقتضى حكم المادة 13 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، إلا أن نصوص القانون المذكور في هذا المجال لم تتضمن عقوبة محددة لهذه الجريمة وهو نقص تشريعي يتعين تلافيه ، إذ لو افترضنا انه قبض على شخص أجنبي في العراق متهم بارتكاب جريمة الاتجار بالأطفال فأنه وان كان القانون والقضاء العراقي مختص بنظر هذه الجريمة بمقتضى حكم المادة 13 من قانون العقوبات فأن المحكمة المختصة ستكون عاجزة عن تطبيق عقوبة محددة لعدم النص عليها في قانون العقوبات وإزاء هذا النقص قد يظن بأنه يحسن بالمحاكم أن تلجأ إلى تطبيق العقوبات المنصوص عليها في الفصل الخاص بالقبض على الأشخاص وخطفهم وحجزهم ، ونرى بان هذه الجرائم تختلف عن جرائم الاتجار بالرقيق . ويبدو أن واضعي مشروع قانون العقوبات الجديد قد فطنوا إلى ذلك فوضعوا عقوبة محددة لهذه الجريمة نص عليها في المادة 405 بدلالة المادة 404من المشروع (1) ولا شك أن هذا الاهتمام بهذه الجريمة التي تقع على الطفولة يتضمن توسيعاً للحماية الجزائية التي يرتبها القانون للطفولة .



ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نص مشروع قانون العقوبات الجديد في الفصل الثالث من الكتاب الثالث الخاص بالجرائم الماسة بالنظام الاجتماعي والأسرة والمواطنين على جرائم الرق فقضت المادة 404 منه على انه ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سبع سنوات كل من تعامل بالرقيق أو تاجر به بالبيع أو الشراء أو المقايضة أو الوكالة أو السمسرة أو أعطى رقيقاً أو سلمه أو احتفظ به أو حصل عليه بأية صورة أخرى للغرض نفسه أو تداول رقيق بأية صورة أخرى .فإذا كان الرقيق امرأة أو صغيراً يقل عمره عن خمس عشرة سنة كاملة كانت العقوبة الحبس مدة لا تزيد على عشر سنين ).
ونصت المادة 405 من المشروع على انه ( تسري أحكام هذا الفصل إذا ارتكبت الجرائم المبينة فيه خارج العراق ووجد الفاعل داخل أراضي الجمهورية العراقية ) .



أما بخصوص الحماية والرعاية التي ضمنها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل للطفل لكي يحضى بحنان وحماية من له حق نسبه الشرعي إليه وحضانته فقد جاء الفصل الخاص بالجرائم المتعلقة بالبنوة ورعاية القاصر وتعريض الصغار للخطر بما يكفل هذه الحماية حيث قضت المادة 381 منه بعقاب من ابعد طفلاً حديث العهد بالولادة عمن له سلطة شرعية عليه أو أخفاه أو أبدله بآخر ونسبه زوراً لغير والدته .
كما عاقبت المادة 382 في فقرتها الأولى من كان متكفلاً بطفل وطلبه منه من له الحق في حضانته أو حفظه بناء على قرار صادر من جهة قضائية وامتنع عن تسليمه ويسري هذا الحكم حتى لو كان المتكفل أحد الوالدين أو الجدين . وقضت الفقرة الثانية من ذات المادة بمعاقبة أي من الوالدين أو الجدين اخذ ولده الصغير أو ولد ولده الصغير ممن حكم له بحضانته أو حفظه ولو كان ذلك بغير حيلة أو إكراه لان مصلحة الطفل هي الراجحة والمعول عليها .
وزيادة في حماية الطفل جاء نص المادة 383 من قانون العقوبات معاقباً من يعرض للخطر سواء بنفسه أو بواسطة غيره شخصاً لم يبلغ الخامس عشرة من عمره . كما عاقبت من يترك الطفل في مكان خال من الناس أو وقعت الجريمة الترك من قبل أحد من أصول المجني عليه أو ممن هو مكلف بحفظه ورعايته(1) . فإذا نشأ عن ذلك عاهة بالمجني عليه وموته دون أن يكون الجاني قاصداً ذلك عوقب بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى عاهة أو الموت حسب نتيجة الحادثة . ويعاقب القانون بنفس العقوبة إذا كان التعريض للخطر سببه حرمان الصغير عمداً من التغذية أو تقديم العناية أو الرعاية التي يحتاجها والجاني ملزم قانوناً أو عرفاً أو اتفاقاً بتقديم العناية أو الرعاية أو التغذية له .كما أن من يصدر بحقه حكم قضائي على تأدية أجرة حضانة أو رضاع مع قدرته على الأداء فقد جاءت المادة 384 بالنص على عقابه في حالة امتناعه عن الأداء حماية الصغير .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يمكن بهذا الشأن ملاحظة قرار محكمة جنح مدينة صدام المرقم 35/ع ح /86 في 11/2/1987 القاضي بالحكم على والدة الطفل البالغة من العمر ثلاثة عشر يوماً بالحبس البسيط لمدة أربعة اشهر وفقاً لحكم المادة 383/2 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل لتركها طفلتها الرضيعة لدى امرأة لا تعرفها جالسة في الطريق على أن تعود لأخذها منها إلا أنها تركتها لدى المرأة وهربت .


وحرصاً من المشرع على تنشئة الطفل نشأة أخلاقية قويمة بما يؤمن بناء شخصية متوازنة جاء المشرع في قانون العقوبات بما يكفل ذلك تحقيقاً للحماية والرعاية التي يحتاجها الصغير حيث قضت المادة 387 منه بمعاقبة من حرض من لم يبلغ العمر ثمانية عشر عاماً على تعاطي السكر وعاقبت المادة 388 صاحب الحانة أو المحل العام الذي يقدم مسكّر لمن لم يبلغ الثامنة عشر من العمر . كما قضت المادة 392 بعقاب من أغرى شخصاً لم يتم الثامنة عشر من العمر على التسول وتكون العقوبة اشد إذا كان الجاني ولياً أو وصياً أو مكلفاً برعاية وملاحظة ذلك الشخص ،فالصغير والذي يعد طفلاً مشمول بهذه الأحكام ، وتجدر الإشارة إلى أن قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل إذا اعتبر صغر السن مشدداً للعقوبة المفروضة على جرائم الاغتصاب واللواط وهتك العرض المنصوص عليها في المواد 393 – 398 ، فأن المشرع قد تشدد في فرض العقوبات الجنائية اكثر فأكثر إذا وقعت الجرائم المذكورة على الصغيرات من أقارب الفاعل إلى الدرجة الثالثة سواء تم الفعل بدون رضاها أو برضاها وذلك بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 488 في 24/4/1978 (1) . وكذلك عاقب القانون في المادة 399 منه من حرض ذكراً أو أنثى لم يبلغ عمرهاثمانية عشر عاماً على الفجور أو اتخاذ الفسق حرفة لها أو سهّل لهما ذلك . وتكون العقوبة اشد إذا كان الجاني ( المحرض ) من أقارب المجني عليه إلى الدرجة الثالثة أو كان من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه أو كان خادماً عنده أو عند أحد المذكورين وقصد الحصول على الربح من فعله أو تقاضى أجرا عليه .
وحرصاً من المشرع على حماية حياة الطفل من العبث واستغلال ضعف إدراكه بوصفه رمز المستقبل ومادته فقد قضت المادة 408/2 بجعل تحريض من لم يتم الثامنة عشرة من عمره او ناقص الإدراك او الإرادة على الانتحار ظرفاً مشدداً ويعاقب الجاني بعقوبة القتل عمداً او الشروع فيه حسب النتيجة الحاصل إذا كان المنتحر فاقد الإدراك والإرادة .
بالإضافة الى ما تقدم فأن حماية القانون لم تقف عند هذا الحد بالنسبة للطفل بل اضطلع القانون بتوسيع هذه الحماية ليشمل الجنين بها ، حيث عاقب على فعل الاجهاض حيث نصت المادة 417 فقرة 1 من قانون العقوبات بقولها (( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار او بأحدى هاتين العقوبتين كل امرأة اجهضت نفسها عمداً بأية وسيلة كانت او مكنت غيرها من ذلك برضاها )) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة العدالة – عدد خاص بتشريعات الثورة – العدد الثاني – السنة الرابعة -1978- ص346

فنرى معضم الفقهاء يذهبون الى اعتبار المرأة الحامل التي تجهض نفسها فاعلاً اصلياً في الجريمة ، ويكون الجنين هو المجنى عليه(1) ، وذلك لان الجنين وان لم يولد الا انه يكون مجنياً عليه متى وجه اليه فعل جنــائي يتضمن خرقاً للحـــماية القانونية التي وفرها له القـانون .
اما بالنسبة للغير الذي تمكنه الحامل من إجهاضها ، فأنه يعتبر ايضاً فاعلاً اصلياًوهو ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 417 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، اذ تفرض على الغير فيها ذات العقاب المفروض على الحامل التي تجهض نفسها ، حيث تنص ( ... ويعاقب بالعقوبة ذاتها من اجهضها عمداً برضاها ... ) الا ان الفقرة 4 من المادة 417 قد ذهبت الى اعتبار اجهاض المرأة نفسها اتقاءً للعاراذا حملت سفاحاً ظرفاً قضائياً مخففاً وكذلك الامر بالنسبة الى من اجهضها من أقربائها حتى الدرجة الثانية .
ان هذا الامر وان كان يحقق مصلحة اقتضاها اتقاء عار الحمل سفاحاً الا انه يهدر مصلحة اخرى بريئة وهي حياة الجنين ويمنحها للطرف الذي لا يستحقها وهي المرأة التي لم تعصم نفسها من الزلل .
وقد عاقبت المادة 418 من يجهض امرأة عمداً بدون رضاها ، ونجد المادة 419 من القانون ايضاً قد عاقبت من اعتدى عمداً على امرأة حامل مع علمه بحملها بالضرب او الجرح او العنف او بإعطاء مادة ضارة او بارتكاب فعل آخر مخالف للقانون ولم يكن يقصداجهاضها وادى الامر الى حدوث الاجهاض .
كما عالج قانون العقوبات ايضاً موضوع قتل الام لطفلها حديث العهد بالولادة في المادة 407 منه فوضع عقوبة مخففة لجريمة قتل الام لطفلها حديث العهد بالولادة ان كانت حملت سفاحاً وقتلته اتقاءاً للعار ، الامر الذي من شأنه هدر نفس بريئة في ذنب لم ترتكبه في حين تستفيد الام الجانية في حملها للطفل والجانية في قتلها له .


ـــــــــــــــــــــــــــــ

(2) رمسيس بهنام – القسم الخاص في قانون العقوبات – دار المعــارف بمــصر – 1958 – ط1 ص 236،237
(3) د. حميد السعدي – جرائم الاعتداء على الاشخاص – مطبعة المعارف – بغداد 1965 – ص539و540


المبحث الثاني
الحماية الجزائية للطفل في قانون رعاية الأحداث

بتشريع قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983 الغي قانون الاحداث رقم 64 لسنة 1972 وأية احكام اخرى في قوانين اخرى كقانون العقوبات – تتعارض مع احكامه ويمكن لمس جانبين من الحماية في ظل هذا القانون للطفولة اولهما ذو طابع جزائي وثانيهما ذو طابع اجتماعي نتاولهما بالبحث توالياً .
اولاً : اوجه حماية الطفل ذات الطابع الجزائي في قانون رعاية الاحداث .
الامور الهامة التي جاء بها قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983 هو رفع سن المسؤولية الى تمام سن التاسعة بعد ان كان تمام سبع سنوات في قانون رعاية الاحداث رقم 64 لسنة 1972 وقانون العقوباترقم 111 لسنة 1969 المعدل وقانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل .
فقد قضت الفقرة الاولى من المادة 47 منه بأن لا تقام الدعوى الجزائية على من لم يكن وقت ارتكاب الجريمة قد اتم التاسعة من عمره وفي فقرتها الثانية قضت بعد معاقبة الصغير اذا ارتكب فعلاً يعاقب عليه القانون وعلى المحكمة ان تقرر تسليمه الى وليه ليقوم بتنفيذ التوصيات التي قررتها المحكمة للمحافظة على حسن سلوكه بموجب تعهد مقترن بضمان مال لا يقل عن مائتي دينار ولا يزيد على خمسمائة دينار ولمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات وبذلك يكون نص المادة 47 قد فصل في امرين الاول اجرائي وهو عدم جواز اقامة الدعوى ضد الطفل والثاني موضوعي متفرع عن الاول وهو عدم جواز معاقبته(1 ) .
واما اجراءات تسليمه الى وليه لقاء الضمان بالرعاية فهي اجراءات احترازية واحتياطية تقتضيها موجبات الدفاع عن المجتمع ازاء خطورة عدم بذل العناية الواجبة من قبل الولي لرعاية الصغير لحجب اذاه عن الناس .
ولا شك في ان منع مقاضاة الطفل وعقابه المقرون بوجوب بذل الولي العناية والرعاية له بما يضمن حسن تربيته هو صورة مثلى لرعاية الطفولة والدفاع عن المجتمع في آن واحد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصغير كما حدده قانون رعاية الأحداث هو من لم يتم التاسعة من عمره على أن الطفل يكون حدثاً منذ إتمامه سن التاسعة بدخوله في اليوم الأول من سن العاشرة ولقد امعن قانون رعاية الأحداث برعاية الطفل الذي يمتد بع العمر الى مرحلة الحداثة الغضة بأن افرد نوعين من التدابير الأولى وهي أخف خص بها الصبيان وهم من اتموا التاسعة وحتى الخامسة عشرة والثانية اكثر وطأة من الأولى أخف كثيراً من عقوبة البالغين خص بها الفتيان الذين أتموا الخامسة عشرة ولم يتموا الثامنة عشرة .
وان أساس انعدام المسؤولية الجزائية للطفل الذي لم يتم التاسعة من عمره هو عدم أدراك الطفل وعدمفهمه لكنة أفعاله وما يترتب عليها من نتائج مع عدم قدرته على التمييز بين البواعث المختلفة الآمر الذي بفقده حرية الاختيار وبهذا المعنى فأن صغر السن يحول دون توفر عنصري الركن المعنوي وهما الإدراك وحرية الاختيار وبذلك يسقط الركن المعنوي بسقوط احد عنصريه أو كلاهما ، لذلك يكون صغر السن قرينة قاطعة غير قابلة لإثبات عكسها تدل على انعدام المسؤولية الجزائية مما يكون الطفل غير مسؤول عن ما يترتب من أفعال تعد جرائم بحكم القانون وبالتالي يتعذر إيقاع أية عقوبة عليه أو تدبير احترازي(1 ) .
ثانياً : اوجه حماية الطفل ذات الطابع الاجتماعي في قانون رعاية الاحداث .
اذا كانت اجراءات منع ارتكاب الجريمة بالسيطرة على العوامل الدافعة الى ارتكابها ان لم يكن للحيلولة فلتقليل احتمالات ارتكابها من الامور الهامة التي تدخل في اطار العلوم الجزائية ، فأن ما ينص عليه قانون رعاية الاحداث من مبادىء حماية الصغير والحدث والحيلولة دون انحرافهم وتشردهم تتضمن اهمية كبرى في مجالات ما يسمى بالكفاح ضد الجريمة بطريق منع وقوعها وليس انتظار وقوعها فعلاً لتتخذ بعدئذاجراءات العلاج بالعقوبة . لذلك كانت جميع قواعد قانون رعاية الاحداث هي من طبيعة التدابير بعضها علاجية ومعظمها احترازية .
ومن الثابت علمياً بأن الأسرة هي اصلح بيئة يمكن أن ينشأ فيها النشأة الاجتماعية السوية وهي المسؤولة عن رعاية أطفالها والحيلولة دون انحرافهم وعلى قدر تماسك الأسرة يكون الأمل كبيراً في المحافظة على الأطفال ورعايتهم . لذلك اهتمت الدولة بالأسرة ورعاية الأمومة والطفولة وجاءت الأهداف والأسس التي يرمي اليها قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 بهذا الاتجاه . فقد قضت المادتان 1 و 2 منه بأن القانون يهدف الى الحد من ظاهر جنوح الأحداث من خلال وقاية الحدث من الجنوح و معالجة الجانحوتكييفهاجتماعياً وفقاً للقيم والقواعد الأخلاقية للمجتمع الاشتراكيوان من الأسس التي اعتمدها القانون في تحقيق أهدافه وقاية الحدث من الجنوح أي معالجتهقبل أن يجنح وتحديد مسؤولية لولي عن إخلاله بواجباته تجاه الصغير أو الحدث في حالة تعرضه للجدوح وانتزاع السلطة الأبوية إذا اقتضت ذلك مصلحة الصغير أو الحدث أو المجتمع وقد حدد القانون في المادة الثالثة منه الأشخاص الذين يسري عليهم وهم الحدث الجانح والصغير والحدث المعرضين للجنوح وعلى أوليائهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. حيدر السعدي – نفس المصدر – ص358
وانظر ايضاً اكرم نشأت ابراهيم – نفس المصدر – ص 107
والصغير كما حددته المادة 3 في فقرتها الاولى من القانون هو من لم يتم التاسعة من عمره وهو سن عدم المسؤولية الذي ذهبت اليه المادة 47 من قانون رعاية الاحداث . اما المقصود بولي الصغير لأغراض هذا القانون فهو الاب او الام او أي شخص ضم اليه الصغير وعهد اليه بتربيته بقرار من المحكمة .
و الملاحظ ان تشرد الاطفال يختلف عن تشرد البالغين فالطفل وهو في بدء تكوينه قليل الادراك لا يتمتع بالنضوج العقلي الكافي الذي يؤهله الحكم على الاعمال التي يقوم بها ، فإذا فقد الرعاية الأسريةوانعدمت الرقابة والتوجيه ويصدف ان يجتمع معها سوء الحالة الاقتصادية والصحية ، فأنه غالباً ما تؤدي به هذه العوامل الى الانحراف .
لذلك فقد عني قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983بأمر المشردين ووجوب رعايتهم وحمايتهم من خطر الانجراف لذا قضت المادة 23 منه بأن تتولى شرطة الأحداث البحث عن الصغار الضالين والهاربين من أسرهم والمهملين في أماكن معينة كالمقاهي ودور السينما وتقوم الشرطة بإيصال الصغير أو الحدث عند العثور عليه هذه الأماكن الى ذويهم .
علماً بأن المادة 24 من القانون المذكور قد اعتبرت الصغير مشرداً في الحالات التالية
1 اذا وجد متسولاً في الاماكن العامة او تصنع الاصابة بجروح او عاهات او استعمل الغش كوسيلة لكسب عطف الجمهور بقصد التسول .
2 مارس متجولاً صبغ الاحذية او بيع السكائر او اية مهنة اخرى تعرضه للجنوح ، وكان عمره اقل من خمس عشرة سنة .
3 لم يكن له محل اقامة معين او اتخذ الاماكن العامة مأوى له .
4 لم تكن له وسيلة مشروعة للتعيش وليس له ولي او مرب .
5 ترك منزل وليه او المكان الذي وضع فيه بدون عذر مشرع 0
كما يعتبر الصغير مشرداً اذا مارس اية مهنة او عمل مع غير ذويه . واعتبرت المادة 25 من القانون الصغير منحرف السلوك اذا قام بأعمال في اماكن الدعارة او القمار او شرب الخمر واذا خالط المتشردين والمشهورين بسوء السلوك او كان مارقاً على سلطة ابيه .
وقد عالج القانون الحالات التي يعتبر فيها الصغير مشرداً او منحرف السلوك بأن قضى في المادة 26 منه على انه في حالة وجود الصغير في الاماكن المشار اليها في المادتين 24 و 25 يتولى قاضي التحقيق احالته على محكمة الاحداث والتي تصدر قرارها بهذا الشأن بعد ان يقدم لها تقرير مكتب دراسة شخصية المؤلف بموجب هذا القانون في كل محكمة أحداث ويضم طبيباً مختصاًاو ممارساً في الأمراض العقلية او العصبية او طبيب أطفال واختصاصي بالتحليل النفسي او علم النفس وعدد من الباحثين الاجتماعيين ،

وبناءاً على ذلك التقرير تصدر محكمة الأحداث قرارها النهائي فتقرر ان يسلم الصغير الى وليه ليقوم بتنفيذ قرار المحكمة بناء على توصيات مكتب دراسة الشخصية لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب . واخيراً اجاز القانون للمحكمة ان تقرر متابعةتنفيذ التعهد من قبل مراقب السلوك واذا اخل الولي او القريب بالتعهد المالي فعلى المحكمة ان تقرر الزام المتعهد بدفع مبلغ الضمان كلاً او جزءاً او ايداع الصغير في دور الدولة المخصصة له لهذا الغرض والمنصوص عليها في قانون الرعاية الاجتماعية . واذا تعذر تسليم الصغير الى ولي او قريب كما ذكرنا فيسلم الى دور الدولة المشار اليها . واذا كان الطفل المشرد مصاب بتخلف عقلي فعلى محكمة الاحداث ان تقرر ايداعه الى احد المعاهد الصحية او الاجتماعية المعدة لهذا الغرض . وفي حالة ظهور قريب للصغير المودع وطلب تسليمه اليه قضت المادة 27 من القانون المذكور على محكمة الاحداث بعد مراعاة مصلحته ان تقرر تسليمه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي ويجوز لها ان تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب السلوك او باحث اجتماعي لمدة تنسبها ،واذا لم يظهر له قريب وطلب شخص مليء حسن السيرة والسلوك متحد في الجنسية والدين مع الصغير فللمحكمة تسليمه اليه لقاء تعهد مالي ليتولى حسن تربيته وسلوكه على ان تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك او باحث اجتماعي لمدة تنسبهاوتأكيداً من المشرع على حماية الطفولة بوجوب بذل اوليائهم الرعاية اللازمة لهم فقد خص هؤلاء بعقوبات نص عليها ان هم اهملوا واجباتهم في رعاية الصغير بحيث ادى ذلك الى تشرده او انحرافه . وقد قضت المادة 29 من القانون على تغريم هؤلاء في مثل هذه الحالة ، واذا كان الولي هو الذي يدفع الصغير الى التشرد او انحراف السلوك فالعقوبة كما نصت عليها المادة 30 من القانون تكون بالحبس الذي لا يزيد على سنة او الغرامة التي لا تقل عن مائة دينار .
كما ان القانون في الفصل الرابع منه نظم موضوع سحب الولاية فأوجب على محكمة الاحداث في المادة 31 منه سلب الولاية عن الصغير اذا حكم على وليه بجريمة من الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة او بإحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة البغاء وكان الصغير هو المجني عليه في هذه الجرائم .
وفي المادة 32 منه بين ان لمحكمة الاحداث بناءاً على طلب احد أقارب الصغير او الادعاء العام ان تقرر المحكمة سلب الولاية على الصغير في حالات معينة لمدة تقدرها المحكمة وهذه الحالات هي :
1 اذا حكم على الولي بجريمة من الجرائم المخلة بالاخلاق العامة .
2 اذا حكم على الولي بجريمة الاعتداء على شخص صغير بالجرح او الضرب المبرح اوالايذاء العمد .
3 اذا حكم على الولي في جناية عمدية بعقوبة سالبة للحرية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات
4 اذا حكم على الولي بعقوبة بسبب دفعه الصغير الى التشرد او انحراف السلوك .
وقبل ان تصدر محكمة الاحداث قرارها بسلب الولاية على الصغير عليها ان تطلب من مكتب دراسة الشخصية اجراء البحث الاجتماعي والفحص الطبي والنفسي على الصغير لتقرير مدى تأثير سلب الولاية عليه وبعد ان يقدم للمحكمة تقرير مكتب دراسة الشخصية تقرر تسليم الصغير الى ولي آخر وفي حالة عدم وجوده الى قريب له ، او تقرر ايداعه الى دور الدولة او اية دار اجتماعية معدة لهذا الغرض وتطلب المحكمة من الباحث الاجتماعي او مراقب السلوك تقديم تقرير في كل شهر عن حالة الصغير ومدى تأثير سلب الولاية عليه وما يقترح اتخاذه من تدابير تحقق مصلحة الصغير . واذا قررت محكمة الاحداث سلب الولاية تشعر محكمة الاحوال الشخصية بذلك لاتخاذ الاجراءات القانونية المقتضية . وقضت المادة 35 من القانون المذكور منح محكمة الاحداث صلاحية الحد من الولاية على الصغير اذا ارتأت ان مصلحته تقضي بذلك . كما ان القانون حدد كيفية الحد من هذه الولاية بموجب شروط تحددها المحكمة وفي حالة عدم التزامه بالشروط تقرر سلب الولاية . كما ان للمحكمة ان تقرر استبدال الولي او تغيير الاجراء المتخذ من قبلها او تعدله او تلغيه بما يحقق مصلحة المجتمع والصغير .
وقضى القانون في المادة 38 منه بإنهاء الاجراءات المترتبة على سلب الولاية عند اتمام الصغير الثامنة عشرة من العمر .
فالطفل لابد أن يكون تحت رعاية من يحتاج إليهم فقد يكون تحت رعاية أسرته الطبيعية وهي الرعاية الطبيعية أو يكون في ظل الرعاية الاجتماعية وهي رعاية مباشرة تتولاها الدولة ووذلك باحتضان الطفل لديها مباشرة تتولاها الدولة في قانون الرعاية الاجتماعية أو أية دار اجتماعية معدة لهذا الغرض .
ولعل من اوضح الاحكام التي تضمنها قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983 في تعزيز حماية الطفولة هو ما تعلق منها في موضوع ضم الطفل مجهول النسب او اليتيم لأحدى الأسر ، حيث خصص المشرع الفصل الخامس من القانون لتنظيم موضوع الضموذلك في المواد 39 الى 46 مستهدفاً ضمان حماية اوسع للطفل اليتيم او مجهول النسب فقضى القانون بأن للزوجين ان يتقدما بطلب مشترك الى محكمة الاحداث يطلبان فيه ضم صغير يتيم الابوين او مجهول النسب اليهما وتتحقق المحكمة من انهما عراقيان ومعروفان بحسن السيرة وعاقلان وسالمان من الامراض المعدية وقادران على رعاية الصغير واعالتهوتربيته ويتوفر فيهما حسن النية ثم تصدر المحكمة قرارها بالضم بصورة مؤقتة ولفترة تجريبية امدها ستة اشهر يجوز تمديدها الى ستة اشهر اخرى وترسل المحكمة خلال فترة التجربة باحثاً اجتماعياً الى دار الزوجين مرة واحدة على الاقل في الشهر للتحقق من رغبتهما في ضم الصغير ومن قدرتهما على رعايته ويقدم تقريره بذلك مفصلاً الى المحكمة وفي حالة عدول احد الزوجين او كلاهما عن رغبته في ضم الصغير خلال فترة التجربة او رأت المحكمة ان مصلحة الصغير غير متحققةفي ذلك فعليها الغاءقرارها بضم الصغير وتسليمه الى أي مؤسسة اجتماعية معدة لهذا الغرض . الا انه بعد انقضاء فترة التجربة اذا وجدت محكمة الاحداث بان مصلحة الصغير متحققة برغبة الزوجين الاكيدة في ضمه اليهما تصدر قرارها بالضم وان قرار الضم المذكور يرتب التزامات على طالبي الضم حددها القانون في المادة 43 منه مبنياً بان على طالب الضم الانفاق على الصغير الى ان تتزوج الانثى او تعمل والى ان يصل الغلام العمر الذي يكسب فيه امثاله ما لم يكن طالب علم او عاجزاً عن الكسب لعلة في جسمه أو عاهة في عقله وفي هذه الحالة يستمر الأنفاق عليه لحين حصول طالب العلم على شهادة الإعدادية كحد أدنى أو بلوغه السن التي تؤهله للحصول عليها وحتى يصبح العاجز قادراً على الكسب . والالتزام الثاني هو الايصاء للصغير بما يساوي حصة اقل وارث على أن لا تتجاوز ثلث التركة وتكون الوصية واجبة لا يجوز الرجوع عنها .
وبالنسبة لموضوع الإقرار بنسب مجهول النسب يتم امام محكمة الاحداث وفقاً لقانون الاحوال لشخصية وهذا ما قضت به المادة 44 من قانون رعاية الاحداث كما قضت المادة 45 منه على ان يعتبر الصغير مجهول النسب مسلماً عراقياً ما لم يثبت خلاف ذلك . وأوجبت المادة 46 من قانون محكمة الاحداث ارسال نسخة من قرارها بالضم او بالإقرار بالنسب الى مديرية الجنسية والأحوال المدنية لقيده في سجلاتها .
من كل ما تقدم بحثه تتوضح الحماية الواسعة التي يتمتع بها الطفل في ظل قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 بل انه حتى بعد تجاوزه مرحلة الطفولة فأننا نجد أن القانون المذكور يتولاه بالحماية والرعاية التي تمتد الى حين إتمامه الثانية عشر من عمره بصدد ارتكابه فعلاً يعاقب عليه القانون ، وذلك في مجال التحقيق والمحاكمة والتدابير التي تفرض عليه ومكان تنفيذ التدابير السالبة للحرية بحقه .


الخــــــاتمـــــة

]
يتبين لنا من خلال هذا البحث بأن الطفل بمجرد ولادته تثبت له الكثير من الحقوق ويتمتع بالحماية منذ ولادته بل حتى وهو جنين ، وان قواعد الحماية التي يتمتع بها الطفل قد ضمنتها الشريعة الإسلامية وكذلك القوانين الوضعية ولاسيما الحديثة منها فنجد بأن قواعد الحماية تنتشر في مختلف فروع القانون فما تعلق برضاعته وحضانته ونفقته ونسبه وظروف ارتباطه بأسرته تكفلت بحمايتها قوانين الأحوال الشخصية أما ما تعلق بأموره المدنية فقد وردت في التشريعات المدنية وما تعلق بحمايته من الناحية الجزائية عنيت به القوانين الجزائية وان ذلك الانتشار في مختلف فروع القانون أمر طبيعي ولا يشترط جمعها في قانون واحد إلا انه يتطلب التنسيق بينها ومنع حصول التعارض في الأحكام على أن تفسر بشكل منسجم مع مشاكل الطفولة وتطبق بأسلوب اجتماعي متطور يراعي ظروف البيئة التي يعيشها الطفل كي ينعم بالحماية التي يستحقها .
وفي اطار الحماية الحقوقية للطفل في الشريعة الاسلامية يلاحظ بوضوح انها تضمنت حماية اتسمت ببلوغ أعلى الدرجات لتطور في مدى نظرتها الإنسانية العلمية ولاسيما بالنسبة لحماية الطفل مجهول النسب واليتيم ، حيث تضمنت جملة من الاحكام التي تنظم حمايته ورعايته وسبل توفير مستلزمات الحياة السعيدة له ضماناً لمستقبله ، وذلك بإقرارها قواعد ضمه لأسرة ترعاه ، واحكام تحفظ أمواله بطريق ادارتها وانمائها بأفضل الوسائل واكثرها ضماناً لعلة مقتضاهاحاجة هذه الطائفة من الاطفال الى قدر كبير من الحماية والرعاية التي يحتاجها اقرانهم من الاطفال الذين يعيشون في اكناف اسرهم .

وإذا كانت لشريعة الإسلامية قد ضمنت مدى كبيراً من الحماية والرعاية للطفولة فأنها بالرغم من ذلك قد توسعت في الحماية فجعلتها تشمل الأجنة في الأرحام باعتبار الجنين أن وهو المرحلة الأولى من حياة الطفل .
وقد تبين أن فلسفة حماية الطفل في الشريعة الإسلامية تقوم على حقيقة مقتضاها ضعف الطفل وحاجته لمن يغذيه ويرعاه ويسهر على تربيته وتهذيبه لذلك أقرت له حق النسب والرضاع والحضانة والنفقة وثبوت الولاية على نفسه وماله بما يحقق افضل حماية لهما .



وكذلك فعلت القوانين الوضعية في موقفها إزاء حماية الطفل ولاسيما الحديثة منها ومنها التشريع العراقي الذي ضمن مختلف اوجه الحماية للطفل فجاء قانون الأحوال الشخصية مستقى من أحكام الشريعة الإسلامية فضمن حق الطفل في النسب والرضاع والحضانة والنفقة وكذلك جاء القانون المدني متضمناً حماية لشخص الطفل وماله وتحديد مسؤوليته المدنية وحمايته من الدخول في التزامات تتعدى حدود أهليته وتضر بمصلحته . واهم حق منحه له القانون المدني هو تمتعه بالشخصية بمجرد ولادته والتي تنتهي بوفاته فيتمتع أذن الطفل في ظل القانون المدني بالشخصية الطبيعية له والتي تمثل وجوده في ذاته منفرداً عن الأفراد الآخرين والشخصية القانونية له تمثل وجوده بين الناس فيتحدد بذلك الوضع القانوني للطفل بعناصر لشخصية القانونية والتي تتكون من إثبات ولادة الطفل وزمانها ومكانها وجنس الطفل واسمه ولقبه ونسبه وجنسيته وديانته إذ أن تحديد عناصر الشخصية القانونية ليس امراً ضرورياً فقط للطفل بل للمجتمع أيضا .
وكذلك ضمن القانون المدني الحماية للجنين ايضاً بشرط ولادته حياً فالجنين اهلاً لاكتساب الحقوق التي لا تتطلب قبولاً لاستحالة صدور القبول عنه كثبوت نسبه لأبيه وحقه في الميراث والوصية .
كما تولى قانون رعاية القاصرين رعاية الطفل وحمايته والعناية بشؤونه الاجتماعية والمالية والثقافية ليساهم في بناء المجتمع الاشتراكي وانشأ القانون لهذا الغرض دائرة رعاية القاصرين لتتولى تحقيق الأهداف المذكورة وفق منهج علمي اعتماداً على البحث الاجتماعي وبذلك تتمكن من متابعة شؤون القاصرين الحياتية والمحافظة على أموالهم واستثمارها لتحقيق منافع اكبر لهم .
ومن اهم المبادىء التي جاء بها قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 هو مبدأ تقييد تصرفات الأولياء والأوصياء ومراقبتهم حفاظاً على حقوق القاصرين وللمحكمة ان تسلب ولاية الولي اذا ثبت سوء تصرفه او ايقاف ولايته اذا اعتبرته المحكمة غائباً او حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية لمدة تزيد على سنة .
وتقام الدعوى الجزائية من قبل مديرية رعاية القاصرين ضد الأولياء والأوصياء عند تخطيهم لصلاحياتهم وكذلك تقام الدعوى لإسقاط حضانة الصغير وضمه الى من تحقق مصلحة الصغير لديه وإلزام الوصي بدفع المبالغ الزائدة عن نفقة القاصر الى صندوق أموال القاصرين وفي حالة التأخير إلزامه بدفع الحد الأعلى للفائدة القانونية عن مدة التأخير .


كذلك في قانون الاحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 المعدل قد تولى حماية واضحة للطفل لاسيما الطفل مجهول النسب او اللقيط حيث نظم اجراءات تسجيله في سجلات الاحوال المدنية مع عدم الاشارة الى ظروف الولادة غير الشرعية في السجل المدني .
كما ان قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 وفر الحماية للطفل اليتيم كذلك القاصر الذي يعيش مع امه المطلقة او الارملة بمنحة راتباً .كما تم تأسيس دور الدولة بموجب القانون المذكور والتي تستقبل من لايزيد عمره على ثمان عشرة سنة ممن يعاني من مشاكل اسرية او فقدان رعاية الوالدين او احدهما بسبب الوفاة او العوق او التوقيف او الحجز او السجن او الفقدان او عدم الاهلية وكذلك تستقبل هذه الدور مجهول النسب والمشرد ، وتتولى رعايتهم وتوفير أجواء سليمة لهم لتعويضهم عن الحنان العائلي الذي افتقدوه وتجنب كل ما يشعرهم بأنهم دون الآخرين .
ولئن ضمنت أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية الحماية الحقوقية للطفل فأنهما عنيا ايضاً بضمان الحماية الجزائية له .ففي أطار أحكام عناية الشريعة الإسلامية بتوفير الحماية الجزائية للطفل لاحظنا أنها تضمن شموله بالحماية كفاعل للجريمة مثلما شملته بهذه الحماية عندما يكون مجنياً عليه حيث اعتبرته غير مخاطب بالتكاليف الشرعية أسقطت عنه المسؤولية والعقاب إذا ارتكب فعلاً مكوناً للجريمة .
وفي اطار حماية الشريعة الاسلامية للطفل المجنى عليه وجدنا انها قد ضمنت له حماية جنائية كاملة بوصفه انسانأ سوياً دون ان تهدر جزء من حقه في الحماية لكونه صغيراً كما كانت تفعل الشرائع القديمة والتي كانت بعضها معاصراً لها في حينه . ولعل من أوضح الأمثلة على عناية الشريعة الإسلامية بالطفولة ما جاء بالقرآن الكريم والحديث الشريف من آيات ومن أحاديث شريفة تؤكد حماية ورعاية الطفل كقوله تعالى في سورة التكوير (( وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت )) وما جاء في أحاديث الرسول (ص ) (( رفع القلم عن ثلاث ، عن الصغير حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق )) .
وقد لاحظنا ان احكام الشريعة الإسلامية قد أمعنت في توفير الحماية الجزائية للطفل فتولته بالحماية حتى قبل ولادته بان حمله وهو جنين اذ لم تجز الإجهاض وعاقبت على فعله على تفصيل في الأمر بيناه في هذا البحث .
كذلك جاءت القوانين الجزائية مؤكدة لهذه الحماية فتولت الطفل بالحماية والرعاية كمجني عليه فوجدنا تشدد قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل في مسؤولية فعقوبة مرتكب الجريمة ضد الطفل ضماناً لحق الطفل في الحياة من جهة ولضعفه عن حماية نفسها ازاء هذه الجرائم من جهة اخرى ، فحرم الاتجار بالاطفال ، وعاقب من يعرض حياة الصغار للخطر وكذلك عاقب على من يحملهم على تعاط السكر والتسول ويحرضهم على الفسق والفجور . واعتبر القانون صغر السن ظرفاً مشدداً للعقوبات المفروضة في جرائم الاغتصاب واللواط وهتك العرض .
وان المشرع قد تولى بالحماية الجنين فعاقب المرأة التي تجهض نفسها وكذلك من اجهضها . الا انه اذا كان الحمل سفاحاً فأن القانون اعتبر ذلك ظرفاً قضائياً مخففاً للأم ولأقاربها حتى الدرجة الثانية والذي يقوم بإجهاضها . واذا امكن التسليم بان فعل الاجهاض قد وقع على جنين حملته المرأة سفاحاً واعتبره القانون ظرفاً مخففاً لانه لم ير الحياة ولم يكن انساناً . الا ان اعتبار قتل الام طفلها حديث العهد بالولادة اذا كانت قد حملت به سفاحاً , عذراً مخففاً خاصا, امر ينطوي على جانب كبير من هدر حق الطفل في الحماية والحياة ما دام بريئاً عن ذنب امه الجانية التي بجنايتها يخفف عقابها حتى يمكن ان تقول بأن القانون في منحه هذا العذر , الذي هو بمثابة اعذار للام الجانية بقتل طفلها بغية اتقاء العار الذي تسببت فيه هي , كمن قام بعلاج خطأ بخطأ اكبر منه .
كذلك تولى قانون العقوبات حماية الطفل كفاعل للجريمة لان صغر السن إذ يحول دون توفر عنصري الركن المعنوي وهما الإدراك والاختيار وبالتالي يسقط الركن المعنوي للجريمة فهو يعتبر قرينه قاطعة عن انعدام المسؤولية . وهذا ما ذهب إليه قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 والذي اعتبر سن التمييز بإكمال تسع سنوات فلا تقام الدعوى الجزائية على من لم يتم هذه السن وإكمال هذا السن هو المعيار الذي يعتمده القضاء في قيام المسؤولية أو انعدامها . وفلسفة حماية الطفل تكمن في حداثته وجهلة بالحياة وضعف ادراكه للمسؤولية هذا من جهة ومن جهة اخرىيتعلق الأمر بالمسؤول الحقيقي عن انحراف الطفل هل هو وليه وأسرته والمجتمع لذلك تظم قانون رعاية الأحداث حماية للصغير ذات طابع اجتماعي في أحكام واسعة وهامة منه بغية حمايته والحيلولة دون انحرافه لمنع ارتكابه الجريمة وقاية للجيل الجديد وتكييفه اجتماعياً على احسن وجه .
ووجدنا أن المجتمع الدولي وبضمنه العراق قد اهتم اهتماماً بالغا بالطفولة فعلى الصعيد الدولي عقد العديد من الاتفاقيات الدولية التي تحمي الطفولة وترعاها من جميع النواحي الصحية والتربوية والاجتماعية ومنها على سبيل المثال , الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 واعلان حقوق الطفل الصادر سنة 1959 والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 .
أما في العراق فأن المشرع إذ توسع في حماية حقوق الطفل المدنية والجزائية فأنه أكد منهجه هذا في توفير مناحي حماية اخرى من الناحية الصحية بتوفير رعاية طبية خاصة للأمومة والطفولة , والناحية التربوية حيث شرع قانون التعليم الإلزامي رقم 118 لسنة 1976 , ومن الناحية الاجتماعية حيث تضمنت تشريعات العمل حماية واسعة للطفل بعدم جواز تشغيله إلا بحدود ضيقة جداً حددها القانون في إطار العمل الأسري وذلك بغية انصرافه للعلم والتمتع بالراحة والسعادة . والحق أن صروف الرعاية التشريعية للطفولة كان انعكاساً للأسس التي نص عليها الدستور العراقي الصادر في 16/7/1970 حيث نص في المادة الحادية عشرة على أن((الأسرة نواة المجتمع . وتكفل الدولة حمايتها ودعمها , وترعى الأمومة والطفولة )) .
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top