محبة الله للعبد
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على اشرف الانبياء و المرسلن سيدنا محمد عليه افضل الصلاة و التسليم اما بعد ،،
فان محبة الله عز وجل هي التي تنافس فيها المتنافسون وسعى اليها الاولياء الصالحون فنالوها بطاعته ونالوها بعبادته فسارو في طريق الحب حتى وصلو ، وجاهدو انفسهم وانتصرو ، فوجدو حلاوة الايمان وصبرو على الاذى و العصيان فتمنو محبة الله فنالوها ، وطلبو الجنة فاعطوها ، فعملو اعمال القلوب وسار على النهج المطلوب ، فأحبو لقاء الله فاحب الله لقائهم ،،
فهل يستطيع العبد ان ينال محبة الله عز وجل ؟ ، وهل محبة العبد لله كمحبة الله للعبد ؟
فيستطيع العبد ان ينال محبة الله عز وجل بالبحث عن الامور التي يحبها الله فيتقرب بها الى الله ويبحث عن الامور التي لا يحبها فيجتنبها ، حتى ينعم عليه الله بهذه المنزلة العظيمة .
ومحبة الله عز وجل ليست كمحبة العبد لله ، فالكل يدعي محبة الله ولكن الشأن في ان يحبك الله
كمى قال بعض العلماء : ( الشأن كل الشأن في أن الله يحبك لا أنك تحب الله )
قال العلامة السعدي: (فإن محبة الله للعبد هي أجلُّ نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة تفضل الله بها عليه، وإذا أحب الله عبدا يسر له الأسباب، وهوَّن عليه كل عسير، ووفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه بالمحبة والوداد )
قال ابن القيم رحمه الله :
وهو الودود يحبهــــم ويحـــبه أحبابه والفضـل للمنان
وهو الذي جعل المحبة في قلو بهم وجازاهم بحب ثان
وقال العلامة الشوكاني: ( ومعنى محبة الله لهم الرضا عنهم والإحسان إليهم؛ كما يفعل المحبُّ بمحبوبه )
فصفة المحبة صفة عظيمة اتصف بها الله عز وجل ، وهي من الصفات الفعلية المتعلقة بالمشيئة ، فان شاء احب وان شاء لم يحب ، فيحب المؤمنين ويكره الكافريبن ، ويحب المتقين ويبغض الفاسقين
و لهذا اجمع اهل السنة و الجماعة على اثباتها لله عز وجل ، فيثبتون ما اثبته الله لنفسه في الكتاب و السنة ،
فلا يأوِّلونها : كالاشاعرة ولا يعطلونها : كالمعتزلة و الجهمية ولا يشبهونها بصفات المخلوقات فالله عز وجل ليس كثلة شيء فتختلف ذاته عن ذاتنا كمى تختلف صفاته عن صفاتنا فنثبت له صفة المحبة لانه هو من اثبتها لنفسه كما
قال تعالى : ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) و قال قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[آل عمران: 31]
وذكر الله العديد من الاعمال التي توصل الى محبته عز وجل كي يجتهد العبد المؤمن للوصول اليها ، فيجتهد و يتتبع اسباب الوصول الى هذه المزلة العظيمة ، ومن هذه الاعمال :
الاحسان :
قال تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
[البقرة: 195]
قال السعدي :وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان, لأنه لم يقيده بشيء دون شيء، فيدخل فيه الإحسان بالمال و الإحسان في عبادة الله تعالى, وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: « أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه, فإنه يراك »
وقولة تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
[آل عمران: 134]
فيحب المحسنين سواء كان الإحسان في عبادة الخالق او كان الإحسان إلى المخلوق
و عن ابي الدرداء ( اني لاستغفر لسبعين من اخواني في سجودي اسميهم باسماء ابائهم ) 101 سير اعلام النبلاء
وقال ابن القيِّم: (مفتاح حصول الرَّحمة الإحْسَان في عبادة الخالق، والسَّعي في نفع عبيده)
وقال في مدارج السالكين : ( ومِن منازل إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: منزلة الإحْسَان؛ وهي لبُّ الإيمان وروحه وكماله، وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل، فجميعها منطوية فيها، وكلُّ ما قيل مِن أوَّل الكتاب إلى هاهنا فهو مِن الإحْسَان )
- المتقين :
فقال : (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
[آل عمران: 76]
وقال : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
[التوبة: 7]
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( المتقون هم الذين يحذرون من الله وعقوبته)
قال رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ ، الغنيَّ ، الخفيَّ " . صحيح مسلم
والتقوى هي فعل الطاعات وجتناب المحرمات
قال ابن كثير رحمه الله: وأصل التقوى التوقي مما يكره، لأن أصلها وقوى من الوقاية.
والتقوى هي أفضل زاد يتزود به العبد، قال - تعالى -: ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ))197البقرة.
فامر بها الله :
فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(آل عمران:102)
وامر بها رسوله صلى الله علية وسلم :
فقال : ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن .
وكان رسول الله يدعو بها :
فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ))
رواه مسلم .
فكان حب الله عز وجل لهم ثمرة من ثمرات عديدة رزقهم اياها :
1 - كتفريج الكربات : قال تعالى وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا )
2- تيسير اموره : قال تعالى وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)(سورة الطلاق:الآية:4).
3- معية الله ونصرته وتأييده :قال تعالى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) ( سورة البقرة : الآية: 194)
4- قبول الاعمال : قال تعالى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (سورة المائدة:الآية:27).
5- الصحبة الصالحة فى يوم القيامة الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) (سورة الزخرف: 67).
فرائضة :
فان احب الاديان الى الله هو دين الحنيفية السمحة
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أحبّ الأديان إلى الله تعالى : الحنيفية السَمْحَة » ( رواه أحمد وحسَّنه الألباني )
الحنيفية: هي ملة إبراهيم، وهي التوحيد بافراد الله بالعبادة والميل عن الشرك والباطل .
فيعطي الدين لمن يحب ولا يعطيها لمن لا يحب :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم إنَّ اللَّهَ يُعطي الدُّنيا مَن يحبُّ ومن لا يحبُّ ، ولا يعطي الدِّينَ إلَّا لمن أحبَّ ، فمَن أعطاهُ اللَّهُ الدِّينَ فقد أحبَّهُ … الحديث ) عمدة التفسير
ولذالك كان من احب البلاد الى الله هي المساجد قال صلى الله عليه وسلم : « أحبّ البلاد إلى الله مساجدها ؛ وأبغض البلاد إلى الله أسواقها »
[ رواه مسلم ] .
وكان من احب ما يتقرب به الى الله عز وجل هي الفرائض التي فرضها الله في دينة وشرعها الى عبادة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه [ رواه البخاري ]
فاذا ادى ما فرضه الله علية من فرائض توجه العبد الى النوافل فلا يزال في زيادة للنوافل حتى ينعم بحب الله له
ويحب الله عز وجل العمل الدائم الذي يداوم علية العبد ولا يقطعه ، حتى وان قل :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ » [ متفق عليه ] .
ومن الفرائض التي فرضها الله على العباد :
الصلاة :
وكان من افضلها ان يؤديها العبد في اول وقتها
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله : الصلاة لوقتها …… » [ متفق عليه ] .
وكان احب صلاة الى الله هي صلاة داود
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( …. وأحبّ الصلاة إلى الله صلاة داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه » [ متفق عليه ] .
ومن الفرائض ايضاً :
الصيام :
فكان احب الصيام الى الله هو صيام داود
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحبّ الصيام إلى الله صيام داود ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ) [ متفق عليه ] .
و الجهاد في سبيل الله :
قال تعالى ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله : الصلاة لوقتها ، ثم بر الوالدين ، ثم الجهاد في سبيل الله » [ متفق عليه ] .
وكما ان الله يحب ان تقام فرائضة فيحب ايضاً من جنح له عذر ان يترخص بالرخصة التي شرعها لهم وهذا من رحمة الله عز وجل بالعباد ، فقال صلى الله علية وسلم ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ) رواه ابن حبان
- اتباع رسوله صلى الله علية وسلم :
قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[آل عمران: 31]
فمما لا شك فيه ان اتباع الرسول علية الصلاة والسلام من الاعمال التي يحبها الله عز وجل
فهو الذي ارسل رسولة بالهدى ودين الحق ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه …. “
وقال تعالى في سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم “
وقال تعالى فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ )[ سورة القصص: 50]
فمن ادعى حب الله وترك السنة النبوية فقد ظل و اظل ،
لذالك قال الله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
قال ابن كثير في تفسير هذه الاية : ( هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر ، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله )
و قال السعدي : ( وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص )
وقال الحسن البصري: ادَّعى ناسٌ محبّة الله - عز وجل - فابتلاهم بهذه الآية: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي الآية.
وعن أبي قلابة قال: إذا حدَّثت الرجل بالسُّنة فقال «دعنا من هذا وهات كتاب الله» فاعلم أنه ضال (طبقات ابن سعد (7/184)).
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : «لا رأي لأحد مع سُنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم »(إعلام الموقعين (2/282)11]).
والواجب علينا اتباع القران والسنة حتى نحُصل في ذالك محبة الله ورسوله ، فمن احب لقاء الله احب الله لقائه
- من احب لقائه :
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. فقلت: يا نبي الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت. فقال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه.
قال بعض السلف : (إن لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى ) ابن تيمية
وهذا لا يمنع لان الناس يرون ربهم يوم القيامة كما ورد في الكتاب و السنة
قول تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }
وجاء في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا، يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا: لا، يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك ) رواه مسلم
ومن الادلة على حب الله لعبادة الذين يحبون لقائه كما ورد في الحديث القدسي : عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل : إذا تقرب العبد مني شبرا تقربت منه ذراعا ، وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ، وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة ، وإن هرول سعيت إليه ، وأنا أسرع بالمغفرة "
- المتوكلين :
قال تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159]
فيحب من يتوكل علية فالتوكل من اعمال القلوب العظيمة ، فالتوكل على الله سبحانه هو الاعتماد عليه وتفويض الأمور إليه
و قال القرطبي " فإن الله يحب المتوكلين "، وهم الراضون بقضائه، والمستسلمون لحكمه فيهم، وافق ذلك منهم هواهم أو خالفه.
فالتوكل من اجل الاعمال فعلق الله عز وجل التوكل بالايمان
فقال ( وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) المائدة 23
وقال تعالى( وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ) يونس 84
وكلما زاد التوكل عند العبد كلما زاد ايمانه وكلما نقص نقص ايمانه ، فوجب على العبد ان يفوض اموره الى الله عز وجل فمن توكل على الله فهو حسيبه
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا "
خماصاً: أي ضامرة البطون من الجوع،
بطاناً: أي ممتلئة البطون
قيل لحاتم الأصم : "على ما بنيت أمرك في التوكل؟"، قال: "على خصال أربعة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت به نفسي ، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري ، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله، فأنا مستح منه “. سير اعلام النبلاء ( 485/11 )
فاذا توكلت على الله لزم منك الصبر على جميع احوالك من غنى وفقر ، وعجز و قوة وصحة ومرض .فالصبر من اعمال القالوب التي يحبها الله عز وجل
- الصبر :
فقال تعالى ( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )
[آل عمران: 146]
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنَّ أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أنَّ الصبر كان من الرجال كان كريمًا) ابن ابي الدنيا
فامر الله به :
فقال {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} [آل عمران: 200] .
وقال صلى الله علية وسلم :”ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156] اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها". أحمد ومسلم وغيرهما
وكان من ثمرات الصبر حبه الله ومغفرته وجنته :
فقال: { وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } [البقرة: 157]
قوله تعالى : (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) الانسان 12
- العدل :
قال تعالى : (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
[الممتحنة: 8]
و القسط هو العدل
قال الطبري : اي الله يحبّ المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحقّ والعدل من أنفسهم، فيبرّون من برّهم، ويُحْسنون إلى من أحسن إليهم.
وقال تعالى سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
[المائدة: 42]
وقال تعالى وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
[الحجرات: 9]
وعرفهم الرسول صلى الله علية وسلم وذكر فضلهم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرّحمن عز وجل وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلّوا )). أخرجه مسلم أخرجه مسلم برقم (1827). .
وجعلهم الله من السبعة الذين يظلهم في ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه فقال ( وإمام عَدْل ) لفضل الامام الذي يتصف بالعدل
ولم يؤاخذه الله عز وجل على خطاه فجعل له اجرين اذا اصاب و اجراً واحداً اذا اخطأ
فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ، فله أجر)). متفق عليه
- التوابين و المتطهرين :
قال تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222]
قال السعدي :
قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } أي: من ذنوبهم على الدوام { وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } أي: المتنزهين عن الآثام وهذا يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث
وقال ابن عثيمين فى شرح العقيدة الواسطية: ( الطهارة تشمل: طهارة حسية ومعنوية.)
فشمل هذا الحب طهارة القلب من الذنوب وطهارة البدن من النجاسات
فالله عز وجل يحب كثرة التوبة و الرجوع اليه
وكما قال صلى الله علية وسلم " لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة ، معه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فقام يطلبها حتى أدركه العطش ، ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه حتى أموت ، قال : فوضع رأسه على ساعده حتى يموت ، فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه ، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته " ،
رواه مسلم
ويحب المتطهرين : الذين يحافظون على طهرتهم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان…. ) [رواه مسلم فى كتاب الطهارة(1/223ص203) وهذا لفظه مختصر مسلم(120) ورواه أحمد والترمذى].
وجعل اهم العبادات متعلقة بالطهارة كالصلاة فلا تصح الصلاة الا بالطهارة ، ولان الله يحب الطهارة و المتطهرين جعل لها اجراً عضيماً كمال قال رسول الله صلى الله علية وسلم{ إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء )
و هناك احاديث عديدة ذكر فيها اجر الطهارة , ليس المجال هنا لذكرها , ولو لم يكن اجراً لها الى حب الله عز وجل لكفى
- الكرم و الجود و حسن الخلق :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( إنَّ اللهَ كريمٌ يُحبُّ الكُرَماءَ ، جوادٌ يُحبُّ الجَوَدَةَ ، يُحبُّ معاليَ الأخلاقِ ، و يكرَهُ سَفْسافَها )
( صحيح الجامع- صحح الالباني )
فتصف سبحانه بالكرم و الجود و حب من اتصف بها :
فالكريم : هو الذي يعطي مع السُّؤال . واما الجواد : فهو كَثِيرُ العَطَاءِ ، وقيل الذي يعطي مِن غير سؤال
ويحُب معالي الاخلاق ويكره سفسافها :
وسَفْسافَها : الحقير الرديء منها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خُلُقاً »
[ رواه الطبراني وصحَّحه الألباني ] .
وفي رواية البخاري في الأدب المفرد: إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ. وصححه الألباني.
و قال الرسول صلى اللّه عليه وسلم: { إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً }
فيحب حسن الخلق في كل المعاملات :
- فيحب حسن الخلق في البيع و الشراء :
قال صلى الله علية وسلم: " البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما ، وإن كتَمَا وكذبا محقت بركة بيعهما" فكان من حسن الخلق الصدق في البيع بل كان من حسن الخلق الصدق في الحديث كله
كما قال صلى الله عليه وسلم : « أحبّ الحديث إليّ أصْدقه » [ رواه البخاري ] .
ويحب حسن الخلق في الاصلاح بين الناس :
فقال رسول الله صلى الله علية وسلم ( أَلا أدُّلُكَ على صدقةٍ يُحبُّ اللهُ موضعَها ؟ تُصلحْ بين الناسِ ، فإنَّها صدقةٌ يُحبُّ اللهُ موضعَها)
(السلسلة الصحيحة)
ويحب حسن الخلق في الرفق مع الناس :
ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت (( دخَل رَهطٌ مِن اليَهودِ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالوا : السَّامُ عَلَيْكُمْ، ففَهِمتُها فقُلتُ : وعليكُمُ السَّامُ واللَّعنَةُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( مَهلًا يا عائِشَةُ، إنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمْرِكُلِّهِ ) . فقُلْت : يا رسولَ اللهِ، أوَ لمْ تَسمَع ما قالوا ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( فقد قُلتُ : وعليكُم ) . البخاري
وهذا من حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم
ويحب حسن الخلق بنَفْع الناس وإدخال السرور على المسلمين وكَشْف الكُرُبات ، وقضاء دَيْن المَدِين ، وإطعام الجائع : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحبّ الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربةً ، أو تقضي عنه دَيناً ، أو تطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً ، ومن كفَّ غضبه سَتَرَ الله عورته ، ومن كَظَمَ غيظاً ولو شاء أن يُمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزلُّ الأقدام ، وإن سوء الخُلُق ليُفْسد العمل كما يُفْسد الخلُّ العَسَل »
[ رواه ابن أبي الدنيا[ وحسَّنه الألباني ] .
ويحب الله عز وجل اطعام الطعام وأحب الطعام الى الله كثرة الايدي على الطعام :
قول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحبُّ الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي » [ رواه ابن حبان وحسَّنه الألباني ] .
- الجمال :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ )
فحسن المظهر وجماله يحبه الله عز وجل ولكن الغير مصحوب بالكبر ، فيحب ان يرى اثر نعمته على عبدة
أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجلٌ سيءُ الهيئةِ فقال ألك مالٌ قال نعم من كلِّ أنواعِ المالِ قال فليُرَ عليك فإنَّ اللهَ يحبُّ أن يرى أثرَه على عبدِه حسنًا ولا يحبُّ البؤسَ ولا التبؤُّسَ (مجمع الزوائد )
والبؤس: الفقر، والتباؤس: التمَسْكُن . وقال المناوي: قال الزمخشري: والعرب تصف الشيء بفعل ما هو من سببه.. "ويبغض البؤس والتباؤس"؛ أي تَجَنّب إظهار البؤس والفاقة ،
فيظهر نعمة الله علية من غير بخل ومن غير خيلاء فان الله يحب الخيلاء في مواضع ويكرهها في مواضع :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( …. الاختيالُ الَّذي يحبُّ اللَّهُ عزَّ وجلَّ : اختيالُ الرَّجلِ بنفسِهِ عندَ القتالِ ، وعندَ الصَّدقةِ ، والاختيالُ الَّذي يُبغضُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ : الخيلاءُ في الباطلِ )
صحيح النسائي
فاختيال الرجل عند القتال : هو الدخول في المعركة بنشاط وقوة وإظهار الجلادة والتبختر فيه ، والاستهانة والاستخفاف بالعدو لإدخال الروع في قلبه .
والاختيال في الصدقة : أن يعطيها بطيب نفسه وينبسط بها صورة ولا يستكثر ولا يبالي بما أعطى
( عون المعبود )
ذكر الله :
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله ، أن تموت ولسانك رطب من ذِكْر الله » [ رواه الطبراني وحسَّنه الألباني ] .
ووصى بها رسول الله صلى الله علية وسلم لما شكا الرجل حاله قال : يا رسول الله! إن شعائر الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بأمر أتشبَّثُ (أتمسك) به، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ) رواه الترمذي وصححه الألباني، وقوله: " بشيء أتشبث به " أي ليسهل عليَّ أداؤه،
وذكر الرسول صلى الله علية وسلم كلاماً كان يحبه الله عز وجل
فقال : « أحب الكلام إلى الله تعالى أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر . لا يضرُّك بأيِّهن بدأت »
[ رواه مسلم ] .
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم " .
وكان من احب الاسماء الى الله :
عبدالله وعبدالرحمن ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن » [ رواه مسلم ] .
- العطاس :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( إن اللهَ يحبُ العطاسَ ، ويكرهُ التثاؤبَ ، فإذا عطسَ فحمِد اللهَ ، فحقٌّ على كلِّ مسلمٍ سمِعه أن يشمِّتَه ، وأما التثاؤبُ : فإنما هو من الشيطانِ ، فليردَّه ما استطاع ، فإذا قال : ها ، ضحِك منه الشيطانُ )(البخاري)
قال الشيخ ابن عثيمين: إن الله يحب العطاس والسبب في ذلك أن العطاس يدل على النشاط والخفة ولهذا تجد الإنسان إذا عطس نشط والله سبحانه وتعالى يحب الإنسان النشيط الجاد
قال القرطبي : فإن ضحك الشيطان منه سخريةٌ به ، لأنه صَدَرَ منه التثاؤب الذي يكون عن الكسل وذلك كله يرضيه لأنه يَجِدُ به طريقاً إلى التكسيل عن الخيرات والعبادات
فكل هذه الامور يحبها الله عز وجل ويحب فاعلها ، ولكن هناك بعض من احبهم الله عز وجل وخصهم بالذكر ومنهم :
من الرجال الذين احبهم الله :
الانبياء و الرسل :
ان اولى الناس بمحبة الله عز وجل هم الانبياء فهو الذي ارسلهم وصطفاهم على العالمين فختارهم
فقال عز وجل : "واتخذ الله إبراهيم خليلاً " النساء ، 125.
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً " أخرجه الحاكم .
والخُلّة " والخله هي اعلى دراجات المحبة فهي اخص من المحبة “
-ومن الصحابة الذين خصهم بذلك :
علي بن ابي طالب :
قال رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم -يومَ خيبرَ: ( لأعطين هذه الرايةَ غدَا رجلاً يفتحُ اللهُ على يديه، يحبُّ اللهَ ورسولَه ويحبُّه اللهُ ورسولُه ). قال: فبات الناسُ يدُوكون ليلتَهم أيُّهم يعطاها ، فلما أصبحَ الناسُ غدوْا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهم يرجو أن يُعطاها، فقال أين عليٌّ بنُ أبي طالبٍ ).
فقيل: هو يا رسولَ اللهِ يشتكي عينَيه، قال فأرْسِلوا إليه ). فأتي به فبصقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له، فبرأَ حتى كأن لم يكن به وجعٌ، فأعطاه الرايةَ، فقال عليٌّ: يا رسولَ اللهِ ، أقاتِلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال: ( انْفُذْ على رسلِك حتى تنزلَ بساحتِهم، ثم ادعُهم إلى الإسلامِ، وأخبرْهم بما يجبُ عليهم من حقِّ اللهِ فيه، فوالله لأَن يهديَ اللهُ بك رجلاً واحداً ، خيرٌ لك من أن يكونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ ).
البخاري
حُمْرُ النَّعَمِ : هي الابل الاحمر ، وهي انفس اموال العرب ، يضربون فيها المثل ( النووي )
- الصحابي الذي داوم على قرات قل هو الله احد ..
وعن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ لأصحابه قي صلاتهم ، فيختم بـ (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) فلما رجعوا ، ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ )) فسألوه، فقال : لأنها صفة الرحمن ، فأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أخبروه أن الله تعالى يحبه )) متفق عليه
وكان رسول الله صلى الله علية وسام يدعو الله ان يحب الحسن و اسامة بن زيد :
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذه والحسن ويقول: (( اللهم إني أحبهما فأحبهما أو كما قال)) رواه البخاري (3747). .
قال سمعت البراء رضي الله عنه قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول: اللهم إني أحبه فأحبه)) رواه البخاري (3749)، ومسلم (2422). .
………………….
ثمرات حب الله للعبد :
معية الله عز وجل :
فذكر في الحديث المشهور اهم ثمرات هذا الحب :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا أحببته كنت
ا - سمعه الذي يسمع به ،
ب - وبصره الذي يبصر به ،
ج - ويده التي يبطش بها ،
د - ورجله التي يمشي بها ،
هـ - وإن سألني لأعطينه ،
و - ولئن استعاذني لأعيذنه ،
س - وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته . [ رواه البخاري ]
وقال العلامة العثيمين في شرحه لرياض الصالحين : فإذا أكثر الإنسان من النوافل مع قيامه بالفرائض، نال محبة الله فيحبه الله،
وإذا أحبه فكما يقول الله ـ عز وجل ـ كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ـ يعني أنه يكون مسدداً له في هذه الأعضاء الأربعة، في السمع، يسدده في سمعه فلا يسمع إلا ما يرضي الله كذلك أيضاً بصره، فلا ينظر إلا إلى ما يحب الله النظر إليه، ولا ينظر إلى المحرم، ولا ينظر نظراً محرماً، ويده، فلا يعمل بيده إلا ما يرضي الله، لأن الله يسدده، وكذلك رجله، فلا يمشي إلا إلى ما يرضي الله، لأن الله يسدده، فلا يسعى إلا إلى ما فيه الخير،
وهذا معنى قوله: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. وليس المعنى أن الله يكون نفس السمع، ونفس البصر، ونفس اليد، ونفس الرجل ـ حاشا لله ـ فهذا محال، فإن هذه أعضاء وأبعاض لشخص مخلوق لا يمكن أن تكون هي الخالق،
ولأن الله تعالى أثبت في هذا الحديث في قوله: وإن سألني أعطيته ولئن استعاذني لأعيذنه ـ فأثبت سائلاً ومسؤولاً، وعائذاً ومعوذاً به، وهذا غير هذا، ولكن المعنى أنه يسدد الإنسان في سمعه وبصره وبطشه ومشيه. انتهى .
ومن ثمار محبة الله للعبد :
يرزقه الايمان :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " إن الله يؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحب ، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب ، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان …. الحديث " [ رواه الطبراني وصححه الألباني (1571) في صحيح الترغيب ]
فيعطي المال للبر و الفاجر والتقي و الغني فيسوق له الدنيا ولكن لا يعطي الايمان الا لمن يحب فهي الطريق المستقيم ومفتاح الجنة
محبة جبريل ومحبة اهل السماء ويضع له القبول في الارض :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم في الحديث : إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبِبْه، فيُحِبُّه جبريلُ، فينادي جبريلُ في أهلِ السماءِ: إن اللهَ يحبُ فلانًا فأحبُّوه ، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ، ثم يُوضَعُ له القَبولُ في الأرضِ. (صحيح البخاري)
العتق من النار :
قال تعالى : ” وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ " المائدة ، 18.
فلو كانو أحبابه ما عذبهم
وعن أنس رضي الله عنه قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من أصحابه وصبي بين ظهراني الطريق فلما رأت أمه الدواب خشيت على ابنها أن يوطأ فسعت والهه فقالت : ابني ! ابني ! فاحتملت ابنها فقال القوم : يا نبي الله ! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ، لا يلقي الله حبيبه في النار "
[ رواه الحاكم في المستدرك وصححه الألباني (7095) في صحيح الجامع ]
يحمية في الدنيا :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا أحب الله عبدا حماه في الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء " [ رواه الترمذي والحاكم والبيهقي وصححه الألباني (282) في صحيح الجامع ]
قال المنجد :
( حماه في الدنيا ) : يعني: يحميه من فتنة الدنيا، من فتنة أموالها وبهرجها وزخرفها وزينتها، يحميه من هذه الأشياء،
( كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء ) : أحياناً يكون الماء مضراً للمريض، فتجد أهل المريض يمنعون عنه ما يضره، فإذا قال لهم الأطباء: أن كثرة شرب الماء مضر للمريض منعوا عنه الماء، كذلك يحمي الله تعالى عبده الذي يحبه كما يحمي أهلُ المريض المريضَ من شرب الماء الذي يكون مضراً به في بعض الأحيان.
حسن الخاتمة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب الله عبدًا عسله قال : يا رسول الله و ما عسله ؟ قال : يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله " [رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه الألباني (3358) في صحيح الترغيب ]
عسله : طيـبه - فدلّ الحديث على من علامات محبة االله لعبده المؤمن؛ أن يوفقه للموت على عمـل صالح
يعطيه الرفق :
قال صلى الله عليه وسلم : " وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا "
[ رواه الطبراني وحسنه الألباني (2666) ]
والرفق هو لين الجانب، واللطف في القول، والفعل، والأخذ بالأسهل
وبعد ان عرفنا بعض ثمرات حب الله للعبد ، وبعد ان تعرفنا على هذه المنزله العظيمة التي يسعى لها كل مؤمن ، نحمد الله عز وجل ان يسر لنا طرقاً لمحبته وبينها لنا في كتبه وسنته ،
قال بعض السلف: ( ليس الشأن أن تحب االله، ولكن الشأن كلّ الشأن أن يحبك االله عز وجل )
فحري على العبد المؤمن ان يتصف بالصفات التي يحبها الله عز وجل حتى ينال هذه المرتبة العظيمة ، ونسأل الله ان يرزقنا هذه المنزلة وصلى الله علية وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على اشرف الانبياء و المرسلن سيدنا محمد عليه افضل الصلاة و التسليم اما بعد ،،
فان محبة الله عز وجل هي التي تنافس فيها المتنافسون وسعى اليها الاولياء الصالحون فنالوها بطاعته ونالوها بعبادته فسارو في طريق الحب حتى وصلو ، وجاهدو انفسهم وانتصرو ، فوجدو حلاوة الايمان وصبرو على الاذى و العصيان فتمنو محبة الله فنالوها ، وطلبو الجنة فاعطوها ، فعملو اعمال القلوب وسار على النهج المطلوب ، فأحبو لقاء الله فاحب الله لقائهم ،،
فهل يستطيع العبد ان ينال محبة الله عز وجل ؟ ، وهل محبة العبد لله كمحبة الله للعبد ؟
فيستطيع العبد ان ينال محبة الله عز وجل بالبحث عن الامور التي يحبها الله فيتقرب بها الى الله ويبحث عن الامور التي لا يحبها فيجتنبها ، حتى ينعم عليه الله بهذه المنزلة العظيمة .
ومحبة الله عز وجل ليست كمحبة العبد لله ، فالكل يدعي محبة الله ولكن الشأن في ان يحبك الله
كمى قال بعض العلماء : ( الشأن كل الشأن في أن الله يحبك لا أنك تحب الله )
قال العلامة السعدي: (فإن محبة الله للعبد هي أجلُّ نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة تفضل الله بها عليه، وإذا أحب الله عبدا يسر له الأسباب، وهوَّن عليه كل عسير، ووفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه بالمحبة والوداد )
قال ابن القيم رحمه الله :
وهو الودود يحبهــــم ويحـــبه أحبابه والفضـل للمنان
وهو الذي جعل المحبة في قلو بهم وجازاهم بحب ثان
وقال العلامة الشوكاني: ( ومعنى محبة الله لهم الرضا عنهم والإحسان إليهم؛ كما يفعل المحبُّ بمحبوبه )
فصفة المحبة صفة عظيمة اتصف بها الله عز وجل ، وهي من الصفات الفعلية المتعلقة بالمشيئة ، فان شاء احب وان شاء لم يحب ، فيحب المؤمنين ويكره الكافريبن ، ويحب المتقين ويبغض الفاسقين
و لهذا اجمع اهل السنة و الجماعة على اثباتها لله عز وجل ، فيثبتون ما اثبته الله لنفسه في الكتاب و السنة ،
فلا يأوِّلونها : كالاشاعرة ولا يعطلونها : كالمعتزلة و الجهمية ولا يشبهونها بصفات المخلوقات فالله عز وجل ليس كثلة شيء فتختلف ذاته عن ذاتنا كمى تختلف صفاته عن صفاتنا فنثبت له صفة المحبة لانه هو من اثبتها لنفسه كما
قال تعالى : ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) و قال قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[آل عمران: 31]
وذكر الله العديد من الاعمال التي توصل الى محبته عز وجل كي يجتهد العبد المؤمن للوصول اليها ، فيجتهد و يتتبع اسباب الوصول الى هذه المزلة العظيمة ، ومن هذه الاعمال :
الاحسان :
قال تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
[البقرة: 195]
قال السعدي :وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان, لأنه لم يقيده بشيء دون شيء، فيدخل فيه الإحسان بالمال و الإحسان في عبادة الله تعالى, وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: « أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه, فإنه يراك »
وقولة تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
[آل عمران: 134]
فيحب المحسنين سواء كان الإحسان في عبادة الخالق او كان الإحسان إلى المخلوق
و عن ابي الدرداء ( اني لاستغفر لسبعين من اخواني في سجودي اسميهم باسماء ابائهم ) 101 سير اعلام النبلاء
وقال ابن القيِّم: (مفتاح حصول الرَّحمة الإحْسَان في عبادة الخالق، والسَّعي في نفع عبيده)
وقال في مدارج السالكين : ( ومِن منازل إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: منزلة الإحْسَان؛ وهي لبُّ الإيمان وروحه وكماله، وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل، فجميعها منطوية فيها، وكلُّ ما قيل مِن أوَّل الكتاب إلى هاهنا فهو مِن الإحْسَان )
- المتقين :
فقال : (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
[آل عمران: 76]
وقال : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
[التوبة: 7]
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( المتقون هم الذين يحذرون من الله وعقوبته)
قال رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ ، الغنيَّ ، الخفيَّ " . صحيح مسلم
والتقوى هي فعل الطاعات وجتناب المحرمات
قال ابن كثير رحمه الله: وأصل التقوى التوقي مما يكره، لأن أصلها وقوى من الوقاية.
والتقوى هي أفضل زاد يتزود به العبد، قال - تعالى -: ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ))197البقرة.
فامر بها الله :
فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(آل عمران:102)
وامر بها رسوله صلى الله علية وسلم :
فقال : ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن .
وكان رسول الله يدعو بها :
فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ))
رواه مسلم .
فكان حب الله عز وجل لهم ثمرة من ثمرات عديدة رزقهم اياها :
1 - كتفريج الكربات : قال تعالى وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا )
2- تيسير اموره : قال تعالى وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)(سورة الطلاق:الآية:4).
3- معية الله ونصرته وتأييده :قال تعالى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) ( سورة البقرة : الآية: 194)
4- قبول الاعمال : قال تعالى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (سورة المائدة:الآية:27).
5- الصحبة الصالحة فى يوم القيامة الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) (سورة الزخرف: 67).
فرائضة :
فان احب الاديان الى الله هو دين الحنيفية السمحة
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أحبّ الأديان إلى الله تعالى : الحنيفية السَمْحَة » ( رواه أحمد وحسَّنه الألباني )
الحنيفية: هي ملة إبراهيم، وهي التوحيد بافراد الله بالعبادة والميل عن الشرك والباطل .
فيعطي الدين لمن يحب ولا يعطيها لمن لا يحب :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم إنَّ اللَّهَ يُعطي الدُّنيا مَن يحبُّ ومن لا يحبُّ ، ولا يعطي الدِّينَ إلَّا لمن أحبَّ ، فمَن أعطاهُ اللَّهُ الدِّينَ فقد أحبَّهُ … الحديث ) عمدة التفسير
ولذالك كان من احب البلاد الى الله هي المساجد قال صلى الله عليه وسلم : « أحبّ البلاد إلى الله مساجدها ؛ وأبغض البلاد إلى الله أسواقها »
[ رواه مسلم ] .
وكان من احب ما يتقرب به الى الله عز وجل هي الفرائض التي فرضها الله في دينة وشرعها الى عبادة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه [ رواه البخاري ]
فاذا ادى ما فرضه الله علية من فرائض توجه العبد الى النوافل فلا يزال في زيادة للنوافل حتى ينعم بحب الله له
ويحب الله عز وجل العمل الدائم الذي يداوم علية العبد ولا يقطعه ، حتى وان قل :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ » [ متفق عليه ] .
ومن الفرائض التي فرضها الله على العباد :
الصلاة :
وكان من افضلها ان يؤديها العبد في اول وقتها
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله : الصلاة لوقتها …… » [ متفق عليه ] .
وكان احب صلاة الى الله هي صلاة داود
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( …. وأحبّ الصلاة إلى الله صلاة داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه » [ متفق عليه ] .
ومن الفرائض ايضاً :
الصيام :
فكان احب الصيام الى الله هو صيام داود
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحبّ الصيام إلى الله صيام داود ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ) [ متفق عليه ] .
و الجهاد في سبيل الله :
قال تعالى ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله : الصلاة لوقتها ، ثم بر الوالدين ، ثم الجهاد في سبيل الله » [ متفق عليه ] .
وكما ان الله يحب ان تقام فرائضة فيحب ايضاً من جنح له عذر ان يترخص بالرخصة التي شرعها لهم وهذا من رحمة الله عز وجل بالعباد ، فقال صلى الله علية وسلم ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ) رواه ابن حبان
- اتباع رسوله صلى الله علية وسلم :
قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[آل عمران: 31]
فمما لا شك فيه ان اتباع الرسول علية الصلاة والسلام من الاعمال التي يحبها الله عز وجل
فهو الذي ارسل رسولة بالهدى ودين الحق ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه …. “
وقال تعالى في سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم “
وقال تعالى فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ )[ سورة القصص: 50]
فمن ادعى حب الله وترك السنة النبوية فقد ظل و اظل ،
لذالك قال الله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
قال ابن كثير في تفسير هذه الاية : ( هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر ، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله )
و قال السعدي : ( وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص )
وقال الحسن البصري: ادَّعى ناسٌ محبّة الله - عز وجل - فابتلاهم بهذه الآية: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي الآية.
وعن أبي قلابة قال: إذا حدَّثت الرجل بالسُّنة فقال «دعنا من هذا وهات كتاب الله» فاعلم أنه ضال (طبقات ابن سعد (7/184)).
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : «لا رأي لأحد مع سُنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم »(إعلام الموقعين (2/282)11]).
والواجب علينا اتباع القران والسنة حتى نحُصل في ذالك محبة الله ورسوله ، فمن احب لقاء الله احب الله لقائه
- من احب لقائه :
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. فقلت: يا نبي الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت. فقال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه.
قال بعض السلف : (إن لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى ) ابن تيمية
وهذا لا يمنع لان الناس يرون ربهم يوم القيامة كما ورد في الكتاب و السنة
قول تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }
وجاء في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا، يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا: لا، يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك ) رواه مسلم
ومن الادلة على حب الله لعبادة الذين يحبون لقائه كما ورد في الحديث القدسي : عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل : إذا تقرب العبد مني شبرا تقربت منه ذراعا ، وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ، وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة ، وإن هرول سعيت إليه ، وأنا أسرع بالمغفرة "
- المتوكلين :
قال تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159]
فيحب من يتوكل علية فالتوكل من اعمال القلوب العظيمة ، فالتوكل على الله سبحانه هو الاعتماد عليه وتفويض الأمور إليه
و قال القرطبي " فإن الله يحب المتوكلين "، وهم الراضون بقضائه، والمستسلمون لحكمه فيهم، وافق ذلك منهم هواهم أو خالفه.
فالتوكل من اجل الاعمال فعلق الله عز وجل التوكل بالايمان
فقال ( وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) المائدة 23
وقال تعالى( وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ) يونس 84
وكلما زاد التوكل عند العبد كلما زاد ايمانه وكلما نقص نقص ايمانه ، فوجب على العبد ان يفوض اموره الى الله عز وجل فمن توكل على الله فهو حسيبه
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا "
خماصاً: أي ضامرة البطون من الجوع،
بطاناً: أي ممتلئة البطون
قيل لحاتم الأصم : "على ما بنيت أمرك في التوكل؟"، قال: "على خصال أربعة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت به نفسي ، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري ، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله، فأنا مستح منه “. سير اعلام النبلاء ( 485/11 )
فاذا توكلت على الله لزم منك الصبر على جميع احوالك من غنى وفقر ، وعجز و قوة وصحة ومرض .فالصبر من اعمال القالوب التي يحبها الله عز وجل
- الصبر :
فقال تعالى ( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )
[آل عمران: 146]
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنَّ أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أنَّ الصبر كان من الرجال كان كريمًا) ابن ابي الدنيا
فامر الله به :
فقال {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} [آل عمران: 200] .
وقال صلى الله علية وسلم :”ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156] اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها". أحمد ومسلم وغيرهما
وكان من ثمرات الصبر حبه الله ومغفرته وجنته :
فقال: { وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } [البقرة: 157]
قوله تعالى : (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) الانسان 12
- العدل :
قال تعالى : (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
[الممتحنة: 8]
و القسط هو العدل
قال الطبري : اي الله يحبّ المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحقّ والعدل من أنفسهم، فيبرّون من برّهم، ويُحْسنون إلى من أحسن إليهم.
وقال تعالى سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
[المائدة: 42]
وقال تعالى وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
[الحجرات: 9]
وعرفهم الرسول صلى الله علية وسلم وذكر فضلهم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرّحمن عز وجل وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلّوا )). أخرجه مسلم أخرجه مسلم برقم (1827). .
وجعلهم الله من السبعة الذين يظلهم في ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه فقال ( وإمام عَدْل ) لفضل الامام الذي يتصف بالعدل
ولم يؤاخذه الله عز وجل على خطاه فجعل له اجرين اذا اصاب و اجراً واحداً اذا اخطأ
فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ، فله أجر)). متفق عليه
- التوابين و المتطهرين :
قال تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222]
قال السعدي :
قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } أي: من ذنوبهم على الدوام { وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } أي: المتنزهين عن الآثام وهذا يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث
وقال ابن عثيمين فى شرح العقيدة الواسطية: ( الطهارة تشمل: طهارة حسية ومعنوية.)
فشمل هذا الحب طهارة القلب من الذنوب وطهارة البدن من النجاسات
فالله عز وجل يحب كثرة التوبة و الرجوع اليه
وكما قال صلى الله علية وسلم " لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة ، معه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فقام يطلبها حتى أدركه العطش ، ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه حتى أموت ، قال : فوضع رأسه على ساعده حتى يموت ، فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه ، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته " ،
رواه مسلم
ويحب المتطهرين : الذين يحافظون على طهرتهم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان…. ) [رواه مسلم فى كتاب الطهارة(1/223ص203) وهذا لفظه مختصر مسلم(120) ورواه أحمد والترمذى].
وجعل اهم العبادات متعلقة بالطهارة كالصلاة فلا تصح الصلاة الا بالطهارة ، ولان الله يحب الطهارة و المتطهرين جعل لها اجراً عضيماً كمال قال رسول الله صلى الله علية وسلم{ إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء )
و هناك احاديث عديدة ذكر فيها اجر الطهارة , ليس المجال هنا لذكرها , ولو لم يكن اجراً لها الى حب الله عز وجل لكفى
- الكرم و الجود و حسن الخلق :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( إنَّ اللهَ كريمٌ يُحبُّ الكُرَماءَ ، جوادٌ يُحبُّ الجَوَدَةَ ، يُحبُّ معاليَ الأخلاقِ ، و يكرَهُ سَفْسافَها )
( صحيح الجامع- صحح الالباني )
فتصف سبحانه بالكرم و الجود و حب من اتصف بها :
فالكريم : هو الذي يعطي مع السُّؤال . واما الجواد : فهو كَثِيرُ العَطَاءِ ، وقيل الذي يعطي مِن غير سؤال
ويحُب معالي الاخلاق ويكره سفسافها :
وسَفْسافَها : الحقير الرديء منها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خُلُقاً »
[ رواه الطبراني وصحَّحه الألباني ] .
وفي رواية البخاري في الأدب المفرد: إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ. وصححه الألباني.
و قال الرسول صلى اللّه عليه وسلم: { إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً }
فيحب حسن الخلق في كل المعاملات :
- فيحب حسن الخلق في البيع و الشراء :
قال صلى الله علية وسلم: " البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما ، وإن كتَمَا وكذبا محقت بركة بيعهما" فكان من حسن الخلق الصدق في البيع بل كان من حسن الخلق الصدق في الحديث كله
كما قال صلى الله عليه وسلم : « أحبّ الحديث إليّ أصْدقه » [ رواه البخاري ] .
ويحب حسن الخلق في الاصلاح بين الناس :
فقال رسول الله صلى الله علية وسلم ( أَلا أدُّلُكَ على صدقةٍ يُحبُّ اللهُ موضعَها ؟ تُصلحْ بين الناسِ ، فإنَّها صدقةٌ يُحبُّ اللهُ موضعَها)
(السلسلة الصحيحة)
ويحب حسن الخلق في الرفق مع الناس :
ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت (( دخَل رَهطٌ مِن اليَهودِ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالوا : السَّامُ عَلَيْكُمْ، ففَهِمتُها فقُلتُ : وعليكُمُ السَّامُ واللَّعنَةُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( مَهلًا يا عائِشَةُ، إنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمْرِكُلِّهِ ) . فقُلْت : يا رسولَ اللهِ، أوَ لمْ تَسمَع ما قالوا ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( فقد قُلتُ : وعليكُم ) . البخاري
وهذا من حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم
ويحب حسن الخلق بنَفْع الناس وإدخال السرور على المسلمين وكَشْف الكُرُبات ، وقضاء دَيْن المَدِين ، وإطعام الجائع : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحبّ الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربةً ، أو تقضي عنه دَيناً ، أو تطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً ، ومن كفَّ غضبه سَتَرَ الله عورته ، ومن كَظَمَ غيظاً ولو شاء أن يُمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزلُّ الأقدام ، وإن سوء الخُلُق ليُفْسد العمل كما يُفْسد الخلُّ العَسَل »
[ رواه ابن أبي الدنيا[ وحسَّنه الألباني ] .
ويحب الله عز وجل اطعام الطعام وأحب الطعام الى الله كثرة الايدي على الطعام :
قول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحبُّ الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي » [ رواه ابن حبان وحسَّنه الألباني ] .
- الجمال :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ )
فحسن المظهر وجماله يحبه الله عز وجل ولكن الغير مصحوب بالكبر ، فيحب ان يرى اثر نعمته على عبدة
أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجلٌ سيءُ الهيئةِ فقال ألك مالٌ قال نعم من كلِّ أنواعِ المالِ قال فليُرَ عليك فإنَّ اللهَ يحبُّ أن يرى أثرَه على عبدِه حسنًا ولا يحبُّ البؤسَ ولا التبؤُّسَ (مجمع الزوائد )
والبؤس: الفقر، والتباؤس: التمَسْكُن . وقال المناوي: قال الزمخشري: والعرب تصف الشيء بفعل ما هو من سببه.. "ويبغض البؤس والتباؤس"؛ أي تَجَنّب إظهار البؤس والفاقة ،
فيظهر نعمة الله علية من غير بخل ومن غير خيلاء فان الله يحب الخيلاء في مواضع ويكرهها في مواضع :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( …. الاختيالُ الَّذي يحبُّ اللَّهُ عزَّ وجلَّ : اختيالُ الرَّجلِ بنفسِهِ عندَ القتالِ ، وعندَ الصَّدقةِ ، والاختيالُ الَّذي يُبغضُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ : الخيلاءُ في الباطلِ )
صحيح النسائي
فاختيال الرجل عند القتال : هو الدخول في المعركة بنشاط وقوة وإظهار الجلادة والتبختر فيه ، والاستهانة والاستخفاف بالعدو لإدخال الروع في قلبه .
والاختيال في الصدقة : أن يعطيها بطيب نفسه وينبسط بها صورة ولا يستكثر ولا يبالي بما أعطى
( عون المعبود )
ذكر الله :
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله ، أن تموت ولسانك رطب من ذِكْر الله » [ رواه الطبراني وحسَّنه الألباني ] .
ووصى بها رسول الله صلى الله علية وسلم لما شكا الرجل حاله قال : يا رسول الله! إن شعائر الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بأمر أتشبَّثُ (أتمسك) به، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ) رواه الترمذي وصححه الألباني، وقوله: " بشيء أتشبث به " أي ليسهل عليَّ أداؤه،
وذكر الرسول صلى الله علية وسلم كلاماً كان يحبه الله عز وجل
فقال : « أحب الكلام إلى الله تعالى أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر . لا يضرُّك بأيِّهن بدأت »
[ رواه مسلم ] .
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم " .
وكان من احب الاسماء الى الله :
عبدالله وعبدالرحمن ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن » [ رواه مسلم ] .
- العطاس :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( إن اللهَ يحبُ العطاسَ ، ويكرهُ التثاؤبَ ، فإذا عطسَ فحمِد اللهَ ، فحقٌّ على كلِّ مسلمٍ سمِعه أن يشمِّتَه ، وأما التثاؤبُ : فإنما هو من الشيطانِ ، فليردَّه ما استطاع ، فإذا قال : ها ، ضحِك منه الشيطانُ )(البخاري)
قال الشيخ ابن عثيمين: إن الله يحب العطاس والسبب في ذلك أن العطاس يدل على النشاط والخفة ولهذا تجد الإنسان إذا عطس نشط والله سبحانه وتعالى يحب الإنسان النشيط الجاد
قال القرطبي : فإن ضحك الشيطان منه سخريةٌ به ، لأنه صَدَرَ منه التثاؤب الذي يكون عن الكسل وذلك كله يرضيه لأنه يَجِدُ به طريقاً إلى التكسيل عن الخيرات والعبادات
فكل هذه الامور يحبها الله عز وجل ويحب فاعلها ، ولكن هناك بعض من احبهم الله عز وجل وخصهم بالذكر ومنهم :
من الرجال الذين احبهم الله :
الانبياء و الرسل :
ان اولى الناس بمحبة الله عز وجل هم الانبياء فهو الذي ارسلهم وصطفاهم على العالمين فختارهم
فقال عز وجل : "واتخذ الله إبراهيم خليلاً " النساء ، 125.
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً " أخرجه الحاكم .
والخُلّة " والخله هي اعلى دراجات المحبة فهي اخص من المحبة “
-ومن الصحابة الذين خصهم بذلك :
علي بن ابي طالب :
قال رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم -يومَ خيبرَ: ( لأعطين هذه الرايةَ غدَا رجلاً يفتحُ اللهُ على يديه، يحبُّ اللهَ ورسولَه ويحبُّه اللهُ ورسولُه ). قال: فبات الناسُ يدُوكون ليلتَهم أيُّهم يعطاها ، فلما أصبحَ الناسُ غدوْا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهم يرجو أن يُعطاها، فقال أين عليٌّ بنُ أبي طالبٍ ).
فقيل: هو يا رسولَ اللهِ يشتكي عينَيه، قال فأرْسِلوا إليه ). فأتي به فبصقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له، فبرأَ حتى كأن لم يكن به وجعٌ، فأعطاه الرايةَ، فقال عليٌّ: يا رسولَ اللهِ ، أقاتِلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال: ( انْفُذْ على رسلِك حتى تنزلَ بساحتِهم، ثم ادعُهم إلى الإسلامِ، وأخبرْهم بما يجبُ عليهم من حقِّ اللهِ فيه، فوالله لأَن يهديَ اللهُ بك رجلاً واحداً ، خيرٌ لك من أن يكونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ ).
البخاري
حُمْرُ النَّعَمِ : هي الابل الاحمر ، وهي انفس اموال العرب ، يضربون فيها المثل ( النووي )
- الصحابي الذي داوم على قرات قل هو الله احد ..
وعن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ لأصحابه قي صلاتهم ، فيختم بـ (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) فلما رجعوا ، ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ )) فسألوه، فقال : لأنها صفة الرحمن ، فأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أخبروه أن الله تعالى يحبه )) متفق عليه
وكان رسول الله صلى الله علية وسام يدعو الله ان يحب الحسن و اسامة بن زيد :
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذه والحسن ويقول: (( اللهم إني أحبهما فأحبهما أو كما قال)) رواه البخاري (3747). .
قال سمعت البراء رضي الله عنه قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول: اللهم إني أحبه فأحبه)) رواه البخاري (3749)، ومسلم (2422). .
………………….
ثمرات حب الله للعبد :
معية الله عز وجل :
فذكر في الحديث المشهور اهم ثمرات هذا الحب :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا أحببته كنت
ا - سمعه الذي يسمع به ،
ب - وبصره الذي يبصر به ،
ج - ويده التي يبطش بها ،
د - ورجله التي يمشي بها ،
هـ - وإن سألني لأعطينه ،
و - ولئن استعاذني لأعيذنه ،
س - وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته . [ رواه البخاري ]
وقال العلامة العثيمين في شرحه لرياض الصالحين : فإذا أكثر الإنسان من النوافل مع قيامه بالفرائض، نال محبة الله فيحبه الله،
وإذا أحبه فكما يقول الله ـ عز وجل ـ كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ـ يعني أنه يكون مسدداً له في هذه الأعضاء الأربعة، في السمع، يسدده في سمعه فلا يسمع إلا ما يرضي الله كذلك أيضاً بصره، فلا ينظر إلا إلى ما يحب الله النظر إليه، ولا ينظر إلى المحرم، ولا ينظر نظراً محرماً، ويده، فلا يعمل بيده إلا ما يرضي الله، لأن الله يسدده، وكذلك رجله، فلا يمشي إلا إلى ما يرضي الله، لأن الله يسدده، فلا يسعى إلا إلى ما فيه الخير،
وهذا معنى قوله: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. وليس المعنى أن الله يكون نفس السمع، ونفس البصر، ونفس اليد، ونفس الرجل ـ حاشا لله ـ فهذا محال، فإن هذه أعضاء وأبعاض لشخص مخلوق لا يمكن أن تكون هي الخالق،
ولأن الله تعالى أثبت في هذا الحديث في قوله: وإن سألني أعطيته ولئن استعاذني لأعيذنه ـ فأثبت سائلاً ومسؤولاً، وعائذاً ومعوذاً به، وهذا غير هذا، ولكن المعنى أنه يسدد الإنسان في سمعه وبصره وبطشه ومشيه. انتهى .
ومن ثمار محبة الله للعبد :
يرزقه الايمان :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " إن الله يؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحب ، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب ، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان …. الحديث " [ رواه الطبراني وصححه الألباني (1571) في صحيح الترغيب ]
فيعطي المال للبر و الفاجر والتقي و الغني فيسوق له الدنيا ولكن لا يعطي الايمان الا لمن يحب فهي الطريق المستقيم ومفتاح الجنة
محبة جبريل ومحبة اهل السماء ويضع له القبول في الارض :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم في الحديث : إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبِبْه، فيُحِبُّه جبريلُ، فينادي جبريلُ في أهلِ السماءِ: إن اللهَ يحبُ فلانًا فأحبُّوه ، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ، ثم يُوضَعُ له القَبولُ في الأرضِ. (صحيح البخاري)
العتق من النار :
قال تعالى : ” وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ " المائدة ، 18.
فلو كانو أحبابه ما عذبهم
وعن أنس رضي الله عنه قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من أصحابه وصبي بين ظهراني الطريق فلما رأت أمه الدواب خشيت على ابنها أن يوطأ فسعت والهه فقالت : ابني ! ابني ! فاحتملت ابنها فقال القوم : يا نبي الله ! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ، لا يلقي الله حبيبه في النار "
[ رواه الحاكم في المستدرك وصححه الألباني (7095) في صحيح الجامع ]
يحمية في الدنيا :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا أحب الله عبدا حماه في الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء " [ رواه الترمذي والحاكم والبيهقي وصححه الألباني (282) في صحيح الجامع ]
قال المنجد :
( حماه في الدنيا ) : يعني: يحميه من فتنة الدنيا، من فتنة أموالها وبهرجها وزخرفها وزينتها، يحميه من هذه الأشياء،
( كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء ) : أحياناً يكون الماء مضراً للمريض، فتجد أهل المريض يمنعون عنه ما يضره، فإذا قال لهم الأطباء: أن كثرة شرب الماء مضر للمريض منعوا عنه الماء، كذلك يحمي الله تعالى عبده الذي يحبه كما يحمي أهلُ المريض المريضَ من شرب الماء الذي يكون مضراً به في بعض الأحيان.
حسن الخاتمة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب الله عبدًا عسله قال : يا رسول الله و ما عسله ؟ قال : يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله " [رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه الألباني (3358) في صحيح الترغيب ]
عسله : طيـبه - فدلّ الحديث على من علامات محبة االله لعبده المؤمن؛ أن يوفقه للموت على عمـل صالح
يعطيه الرفق :
قال صلى الله عليه وسلم : " وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا "
[ رواه الطبراني وحسنه الألباني (2666) ]
والرفق هو لين الجانب، واللطف في القول، والفعل، والأخذ بالأسهل
وبعد ان عرفنا بعض ثمرات حب الله للعبد ، وبعد ان تعرفنا على هذه المنزله العظيمة التي يسعى لها كل مؤمن ، نحمد الله عز وجل ان يسر لنا طرقاً لمحبته وبينها لنا في كتبه وسنته ،
قال بعض السلف: ( ليس الشأن أن تحب االله، ولكن الشأن كلّ الشأن أن يحبك االله عز وجل )
فحري على العبد المؤمن ان يتصف بالصفات التي يحبها الله عز وجل حتى ينال هذه المرتبة العظيمة ، ونسأل الله ان يرزقنا هذه المنزلة وصلى الله علية وسلم.