1- صلاة العيدين 2- صلاة الاستسقاء 3- صلاة الكسوف والخسوف 4- صلاة الاستخارة 5- صلاة تحية المسجد 6- صلاة الجنازة
أولاً: صلاة العيدين
شُرعت صلاة العيدين في السنة الأولى من الهجرة النبوية الشريفة وهي سنة مؤكدة، فواظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الرجال أن يخرجوا والنساء أن يخرجن إليها، وهناك اختلاف بين أهل العلم في حكمها؛ فمن العلماء من أوجبها ومنهم من قال إنها سنة مؤكدة، ويستحب أن يكون لها مصلى خاص بها؛ ولكن يجوز أن تُصلى في المساجد إذا كان هناك عذر من مطر أو رد وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد مرة في المسجد النبوي لتعذر الصلاة خارج المسجد وذلك بسبب المطر. ويستحب لصلاة العيد الاستحمام ولبس أحسن الثياب والتطيب كما يستحب في عيد الفطر أن يأكل المسلم تمرات وترًا ثلاث أو خمس أو سبع قبل الخروج لصلاة العيد. أما في عيد الأضحى فالأفضل أن لا يأكل المسلم إلا من لحم أضحيته بعد أداء صلاة العيد اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما يستحب الذهاب لصلاة العيد من طريق والعودة من طريق آخر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وقتها: يبدأ وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس قدر ثلاثة أمتار. عدد ركعاتها: اثنتان.
صفة صلاة العيد: هي ركعتان يكبر فيها المصلي سبعًا بعد تكبيرة الإحرام يرفع يديه في جميع التكبيرات ثم يقرأ الفاتحة ويقرأ بعدها سورة الأعلى، وفي الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات، ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ بعدها سورة الغاشية، ثم يركع، ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين، ثم يجلس للتشهد ثم يسلم. ويقوم الإمام فيخطب والمصلين جلوس في صفوفهم ويبدأ ويكبر تسع تكبيرات في الخطبة الأولى وبعد انتهاء الخطبة الأولى يكبر سبع تكبيرات في الخطبة الثانية، والأفضل للمصلين أن يجلسوا في أماكنهم ويستمعون للخطبتين لما فيهما من الفوائد والعلم والتعاليم الواردة فيها والخاصة بالعيد، لا كما يفعل بعض المصلين هداهم الله من الانصراف فور انتهاء الإمام من التسليم.
سببها: ذهاب ضوء الشمس أو نور القمر أو بعضه. حكمها: سنة مؤكدة، ولكن يرى بعض العلماء أنها واجبة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى ينكشفان» وفي رواية «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولكن الله يخوف بهما عباده» والحديث في صحيح البخاري باب صلاة الكسوف.
وهي قيامان في كل قيام أربع ركوع وأربع سجدات وقراءتها جهرية.
صفة صلاة الكسوف والخسوف: يكبر المصلي تكبيرة الإحرام ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقرأ بعدها قراءة طويلة، ثم يركع ركوعًا طويلاً ثم يرفع ويقرأ الفاتحة، ويقرأ بعدها قراءة طويلة أدنى من القراءة في الأولى، ثم يركع ركوعًا طويلاً أدنى من الركوع الأول، ثم يسجد سجدتين يسبح فيهما ويدعو فيهما بما شاء من الدعاء المناسب للحال ثم يقوم ويفعل في قيامه مثل ما فعل في القيام الأول من قراءة وركوعين وسجدتين، ثم يجلس للتشهد ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم وبعد ذلك يقوم الإمام ويخطب في المصلين ويذكرهم بالله سبحانه وتعالى ويحثهم على التوبة والرجوع لله عز وجل كما يذكرهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله سبحانه وأن الشمس والقمر لا تكسف أو تخسف لموت أحد من الناس أو لحياته كما ورد في الحديث السابق، كما يذكرهم بترك المعاصي والمنكرات وعدم مخالفة أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وأن يكثروا من الطاعات والصدقات وليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن أمره بين الكاف والنون وأنه إذا أراد لشيء أن يكون قال: كن، فيكون فسبحان الله الذي خلق كل شيء بقدر وسبحان الله الذي علمنا ما لم نكن نعلم في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
سببها: انقطاع نزول المطر. عدد ركعاتها: اثنتان. حكمها: سنة مؤكدة. صفتها: يصلي المصلي ركعتين يكبر سبع تكبيرات في الركعة الأولى، ويقرأ الفاتحة ثم يقرأ سورة الأعلى، ثم يركع ثم يرفع ثم يسجد سجدتين ثم يقوم ويكبر خمس تكبيرات في الركعة الثانية، ويقرأ الفاتحة وبعدها يقرأ سورة الغاشية ثم يركع ثم يرفع ثم يسجد سجدتين ثم يجلس للتشهد ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم ثم يقوم ويخطب في المصلين ويذكرهم بالله سبحانه وتعالى ويحثهم على التزود بالطاعات والتوبة لله تعالى ويذكر الناس بترك المعاصي صغيرها وكبيرها لأن انقطاع نزول المطر سببه الذنوب، ولأن نزول المطر سببه التوبة. ثم يخطب الخطبة الثانية وبعدها يقلبون أرديتهم اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وانكسارًا أمام الله سبحانه وتعالى ورجاء في رحمته تعالى.
ومن أدعية الاستسقاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواك (يعني جمع باكية) نساء يسألنه أن يستسقي لهن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا مريعًا نافعًا غير ضار عاجلاً غير آجل» فانطبقت عليهم السماء، يعني أمطرت من ساعتها فسبحان من قال: [FONT="]}وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[FONT="]{[/FONT] الآية [غافر: 60] بعد ذلك ينصرف المصلين بعد انتهاء الخطبة.[/FONT]
سببها: لمن التبس عليه أمر أو هم بعمل شيء من أموره واحتار في أمره أن يستخير ربه جل وعلا. حكمها: سنة. عدد ركعاتها: اثنتان. صفتها: قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر([1]) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به» أخرجه البخاري بنحوه.
ويُذكر عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم تنظر إلى الذي سبق قلبك فإن الخير فيه».
سببها: دخول المسجد لمن أراد الجلوس فيه عدد ركعاتها: اثنتان. صفتها: إذا أتى المسلم للمسجد سواء لأداء صلاة الفريضة أو يرغب في الجلوس في المسجد لقراءة القرآن الكريم أو لحضور محاضرة أو حلقة تحفيظ القرآن فيجب عليه أن يتوضأ قبل الدخول للمسجد ثم يصلي ركعتين ولو كان في أوقات النهي؛ لأن تحية المسجد من ذوات الأسباب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» وكذلك الركعتين بعد الطواف حول الكعبة المشرفة لأنها من ذوات الأسباب.
صفتها: يكبر التكبيرة الأولى ثم يقرأ الفاتحة وإن قرأ بعد الفاتحة بسورة قصيرة أو آية أو آيتين فحسن؛ للحديث الصحيح الوارد في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، ثم يكبر التكبيرة الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كصلاة التشهد الأخير من كل صلاة وهي: «اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد» ثم يكبر التكبيرة الثالثة ويدعو بهذا الدعاء: «اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيه منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار وأفسح له في قبره ونور له فيه، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده» ثم يكبر التكبيرة الرابعة. ثم يسلم عن يمينه تسليمة واحدة.
والسنَّة في الصلاة على الميت أن يقف الإمام حذاء رأس الرجل الميت، ويقف عند وسط المرأة الميتة، وإذا كانت الجنائز أكثر من واحد وكانوا رجالاً ونساء فيكون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة.
شروط صلاة الجنازة
يشترط للصلاة على الجنازة ما يشترط لصلاة الفرض من طهارة وستر العورة واستقبال القبلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماها صلاة فقال: «صلوا على صاحبكم» فتعطى إذًا حكم الصلاة المفروضة في شروطها ولأن أغلب الصلوات على الأموات في المساجد. وهناك فروضٌ للصلاة على الجنازة وهي: فروض صلاة الجنازة: 1- القيام مع القدرة. 2- النية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات». 3- قراءة الفاتحة. 4- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. 5- التكبيرات الأربع. 6- الدعاء. 7- السلام أو التسليم. [FONT="]
[/FONT]
وقال تعالى: [FONT="]}وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ[FONT="]{[/FONT] [ق: 19].[/FONT] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ضربة السيف» [وذكره أبو نعيم من حديث مكحول عن وائلة بن الأسقع].
أخي القارئ الكريم: لقد ورد ذكر الموت في كتاب الله العزيز مائة وأربع وستون مرة بصور مختلفة في سور كثيرة في القرآن العظيم.
أخي المسلم رعاك الله إن موت الإنسان المسلم ليس بالأمر الهين لأن الله أوجد هذا الإنسان وخلقه لغاية عظيمة وهي عبادة الله سبحانه، قال الله تعالى: [FONT="]}وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[FONT="]{[/FONT] [الذاريات: 56] فإذا مات المسلم فإن له طرقًا خاصة في تجهيزه ودفنه تختلف كل الاختلاف عن أي إنسان يموت من غير المسلمين، وله كيفية خاصة لمغادرته الحياة الدنيا ودخوله في حياة البرزخ، وبعدها حياة الآخرة؛ فلذلك أمرنا الله سبحانه بدفن المسلم الميت تكريمًا له وحفظًا له داخل الأرض إلى يوم البعث والنشور ولقد ورد ذكر الدفن في القرآن العظيم تعليمًا من الله سبحانه للبشرية كلها، قال تعالى: [FONT="]}[/FONT]فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ[FONT="]{[/FONT] [المائدة: 31]. فهذه الآية أخبرنا الله تعالى بما فعله أحد أبناء آدم عليه السلام عندما قام بقتل أخيه.[/FONT]
وإليك أخي القارئ رعاك الله سلسلة من العمليات التي تُفعل للجنازة لتكون على علم عندما تحتاج لذلك ونسأل الله العلي القدير أن يتولانا برحمته وعفوه وغفرانه إنه سميع مجيب.
روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال: حدثنا أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد ليعالج كرب الموت وسكرات الموت، وأن مفاصله ليسلم بعضها على بعض تقول عليك السلام تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة» وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كانت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول «لا إله إلا الله إن للموت لسكرات» ثم نصب يديه فجعل يقول: «في الرفيق الأعلى» حتى قبض ومالت يده [رواه البخاري في كتب المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم].
يجب تغسيل الميت المسلم إلا أن يكون شهيدًا مات في المعركة فإنه لا يُغسل، ويكفن ولا يصلى عليه بل يدفن في ثيابه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغسل قتلى (أُحد) ولم يصلي عليهم. والواجب إذا مات المسلم صغيرًا أو كبيرًا تغسيله سواء كان جسده كاملاً أو بعضه فقط والذي لا يغسل من موتى المسلمين هو شهيد المعركة كما ذكرنا ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكًا يوم القيامة» [رواه أحمد بسند صحيح].
عن أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من غسل مسلمًا فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة» وفي رواية: «خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» وفي رواية بلفظ «أربعين كبيرة»«ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس واستبرق الجنة، ومن حفر له حفرة فأجنه فيها أجرى الله له أجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة» [أخرجه الحاكم والبيهقي ورواه الطبراني في الكبير بلفظ «أربعين كبيرة» [وصححه الألباني في أحكام الجنائز].
ولمن تولى غسل الميت فضل عظيم بشرطين:
1- أن يستر عليه ولا يحدث بما قد يرى عليه من مكروه. 2- أن يبتغي بذلك وجه الله تعالى، لا يريد به جزاء ولا شكورًا أو شيئًا من أمور الدنيا، وذلك لما تقرر في شرع الله تبارك وتعالى إنه لا يقبل من العبادات إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم.
والسنة في تغسيل الميت: عن أم عطية رضي الله تعالى عنها قالت: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته (زينب) فقال: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إذا رأيتن ذلك بماء وسدر» قالت: قلت: وترًا؟ قال: «نعم واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من الكافور، فإذا فرغتن فآذنني» قالت: فلما فرغنا آذناه، فألقى علينا حقوه (إزاره) فقال: «أشعرنها إياه» قالت: ومشطتها ثلاثة قرون (وفي رواية: نفضته ثم غسلته فظفرنا شعرها ثلاثة ثلاثة قرنيها وناصيتها وألقيناها خلفها، يعني شعرها بعدما تم ظفره ألقوه خلف ظهرها. وقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» [أخرجه البخاري ومسلم].
1- حسب الوصية وأحق الناس بغسله والصلاة عليه ودفنه «وصيه» في ذلك ثم الأب ثم الجد ثم القرب فالأقرب من العصبات في حق الرجل وكذلك الأولى في غسل المرأة «وصيتها» ثم الأم ثم الجدة ثم الأقرب فالأقرب من نسائها وقريباتها وللزوجين أن يغسل أحدهما الآخر والدليل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها «ما يضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك» [رواه أحمد في المسند].
وقالت عائشة رضي الله عنها: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساءه» [رواه أحمد في المسند].
2- صفة التغسيل: تستر عورة الميت ثم يرفع قليلاً ويعصر بطنه عصرًا رقيقًا ثم يلف الغاسل على يده خرقة نظيفة أو يلبس قفازين أو نحوها ثم ينجيه بها ثم يوضئه وضوء الصلاة ثم يغسله، يبدأ برأسه ولحيته (إن كان رجلاً) بماء وسدر أو نحوه ثم يغسل شقه الأيمن ثم شقه الأيسر ثم يكرر ذلك مرة ثانية وثالثة يمر في كل مرة على بطنه بيده فإن خرج منه شيء غسله وسد المحل بقطن أو طين حُر يعني بطين يتماسك فإن لم يتماسك فبوسائل الطب الحديثة كاللزق ونحوه، ويجب قبل التغسيل:
1- قص الأظافر في يدين الميت ورجلاه. 2- حلق إبطيه إن كان شعرهما كثيفًا أو نتفه إن كان خفيفًا. ويستحب أن يكون الماء والسدر أو الكافور جاهزًا قبل وصول الميت للإسراع في تغسيله وتكفينه ودفنه.
أما تغسيل المصابين بالحوادث كالحريق وغيرها.. يعالج العضو المصاب بتنظيفه ثم يلف القطن والشاش عليه ثم يلف عليه أيضًا لصاق ضد الماء والسد والكافور ثم بعد نهاية التغسيل ييمم عن هذا العضو الذي لم يتم غسله وإذا كانت الجنازة يصعب غسلها، بسبب الإصابات البالغة فإنها تيمم بعد وضعها على الأكفان وفوق واقٍ للأكفان حتى لا تتسخ.
أما تغسيل الذكور والإناث تحت سن السابعة فليس لهم عورة فيغسل الرجل الإناث وتغسل المرأة الذكور غسلات ثلاث بدون وضوء (لكن بشرط أن يكون المغسل محرمًا لهذا الطفل أو الطفلة) مع وجوب ستر العورة عند الغسل. ولقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا ماتت المرأة مع رجال ليس معهم امرأة غيرها، والرجل مع نساء ليس معهم رجل غيره فإنهما يُيممان ويدفنان» [رواه أبو داود في مراسيله والبيهقي].
أما إذا مات المسلم ولم يوجد الماء فإنه ييمم ويدفن.
1- نأخذ في الاعتبار عرض الميت، فإذا كان عرضه 30سم فيكفن بقماش بعرض 90سم وإن كان عرضه 40سم فيكفن بعرض 120سم وإن كان عرضه 50سم فيكفن بعرض 150سم وإن كان عرضه 60سم فيكفن بعرض 180سم والإضافة تكون في عرض الكفن.
2- من ناحية طول الميت: من كان طوله 180سم يضاف زيادة 60سم ومن كان طوله 150سم يضاف عليه 50سم ومن كان طوله 120 يضاف 40سم ومن كان طوله 90سم يضاف 30سم والإضافة تكون في طول الكفن من أجل أن يتمكن من يكفن الميت أن يربط ما فوق الرأس وما تحت الأرجل.
أما كيفية التكفين:
أولاً: تكفين الرجل بثلاثة أثواب، مأخوذة من حديث عائشة رضي الله عنها، عندنا قالت: «كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أثواب سحولية بيضاء من قطن ليس فيها قميص ولا عمامة أُدرِج فيها إدراجًا» [أخرجه الستة وابن الجارود والبيهقي].
وتقص الأربطة الخاصة بالثلاثة الأثواب من نفس عرض الكفن ويقص من هذا العرض الأربطة وتكون وترية (7 مثلاً) وتبرم جيدًا ثم توضع على النعش بالتساوي.
بعد ذلك تقص اللفائف الثلاث وتوضع على النعش بعضها فوق بعض وينتبه لطول الميت وعرضه فإذا كان طوله مثلاً 180سم وعرضه 60 سم يكون عرض اللفائف 180سم+60سم=240سم ثم يقص التبان ويكون من قماش بطول 100سم وعرضه 25سم يشق من الأعلى ومن الأسفل ثم يوضع على اللفائف بحيث تكون تحت مقعدة الميت ويوضع عليه قطعة من القطن ثم يوضع مخلوط المسك والكافور على التبان وعلى اللفافة الملاصقة لبدن الميت بمقدار فنجان (متوسط) من المسك مع مكعب الكافور وهذا المقدار يقل كلما صغر حجم الجنازة.
ثم ينقل الميت على الأكفان بساتر العورة ثم يؤتى بدهن العود أو المسك والمسك أفضل وتطيب مواضع سجوده إكرامًا لسجودها لله تعالى وهكذا الأعضاء الباقية، الجبهة والأنف وبطون اليدين والركبتين وبطون أصابع الرجلين كذلك تطيب مغابن الميت وهي الإبطين وما تحت الركبتين.
ثم يربط التبان بأخذ شقه الأعلى والأسفل من اليمين ثم يربط جيدًا ثم يؤخذ شقه الأعلى والأسفل من اليسار ثم يربط جيدًا لكي يمنع ما ينزل من بطنه على الأكفان حتى تبقى طاهرة إلى أن يوضع الميت في قبره.
ثم يؤخذ الشق الأيمن من اللفافة التي توالي بدن الميت ويدرج بها رأس الميت ورجلاه ثم يؤخذ الشق الأيسر من اللفافة الأولى التي توالي بدن الميت ويدرج بها رأس ورجلاه ثم يسحب ساتر العورة، ثم يُفعل بباقي اللفائف الاثنتين الباقية مثل الأولى.
ثم يبدأ بربط أعلى الرأس وما زاد من اللفائف يرد على وجه الميت ويربط بالزائد من الرباط نفسه، ثم يربط ما تحت الرجلين وما زاد من اللفائف يرد على رجليه ويربط بالزائد من الرباط نفسه ثم تربط الأربطة الخمسة بالتساوي على جسم الميت ويكون ربطها من ناحية جنبه الأيسر ليسهل فكها أو حلها إذا وضع في قبره على جنبه الأيمن.
ثانيًا: تكفين المرأة: يستحب تكفين المرأة إذا ماتت في خمسة أثواب وهي: لفافتين وقميص وإزار وخمار.
فإذا كان عرض الجنازة مثلاً 50سم وطولها 150سم يؤخذ لها عرض 150سم من اللفائف ثم تؤخذ الأربطة من نفس العرض 150سم وتقص بحيث تكون وترية مثلاً سبعة أربطة تبرم جيدًا وتوضع على النعش بالتساوي ثم توضع على الأربطة، اللفائف ويكون الزائد من اللفافتين عند الرأس وكذا تقص اللفافتين طول كل منها 150سم+50سم=200سم ثم توضع على الأربطة وكذا يتبع بطول اللفائف وعرضها كما توضع مسبقًا في جنازة الرجل.
بعد ذلك نأتي إلى القميص: ويؤخذ مقاسه كتفها حتى نهاية ساقيها مضاعفًا ثم يقص له فتحة من وسطه يُدخل منه رأسها فيبسط شقه الأسفل ويجمع الشق الأعلى من القميص عند الرأس ويكون من عرض 90سم.
بعد ذلك الإزار: ويكون من عرض 90سم وطول 150سم يبسط على الشق الأسفل من القميص.
الخمار: ويكون عرضه وطوله 90سم (مربع). التبان: ويكون عرضه 25سم ويكون طوله 90سم، يشق من الأعلى والأسفل ويبسط على الإزار ليكون تحت مقعدة الميتة ويوضع عليه قليل من القطن ثم مخلوط من المسك والكافور ويعمم على الإزار وعلى القميص، وللمعلومية فالقميص والإزار والخمار لكل الجنائز من النساء يُقص من عرض 90سم.
ثم تنقل الميتة على الأكفان بساتر العورة ويربط الشق الأيمن من التبان أعلاه وأسفله ربطًا جيدًا ثم الشق الأيسر أعلاه وأسفله ربطًا جيدًا لكي يمنع ما ينزل على الأكفان من بطن الميتة لو حصل ذلك، ثم يؤخذ الشق الأيمن من الإزار وتدرج به ثم يؤخذ الشق الأيسر منه وتدرج به أيضًا ثم يسحب ساتر العورة، ثم يؤتى بالشق الأعلى من القميص المجمع عند رأسها فيدخل رأسها مع شقه ثم يضفي على سائر جسدها ثم تجمع أطرافه من اليمين واليسار تحت جنبيها ثم يؤتى بالخمار ويخمر به رأسها وشعرها ووجهها.
ثم نأتي باللفائف: ويؤخذ الشق الأيمن منها أو اللفافة الأولى وهي التي توالي بدن الميتة ويدرج به رأسها ورجلاها ثم يؤتى بشقها الأيسر ويدرج به رأسها ورجلاها ثم يؤتى بالشق الأيمن من اللفافة الثانية ويدرج به رأسها ورجلاها ثم يؤتى بالشق الأيسر ويدرج به رأسها ورجلاها.
الأربطة: يربط ما عند الرأس ويرد ما زاد من اللفائف على وجهها ويربط بالزائد من الرباط نفسه ثم يربط ما تحت القدمين ويرد ما زاد من اللفائف على قدميها ويربط بالزائد من الرباط نفسه ثم تربط الأربطة الخمسة بالتساوي على جسمها ويكون ربطها على جنب الميتة الأيسر ليسهل حلها وفكها إذا وضعت في قبرها على جنبها الأيمن.
ثالثًا: تكفين الأطفال:
1- تكفين الصبي تحت سن السابعة يكون بثوب واحد ساترًا أو بثلاثة أثواب. 2- تكفين البنت تحت سن السابعة يكون بقميص ولفافتين.
والواجب في حق الجميع ثوب واحد يستر جميع بدن الميت، لكن إذا كان الميت محرمًا فإنه يغسل بماء وسدر، ويكفن في إزاره وردائه أو في غيرهما، ولا يغطى رأسه ولا وجهه ولا يطيب، لأنه يبعث يوم القيامة ملبيًا كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان المحرم امرأة كفنت كغيرها، ولكن لا تطيب ولا يغطى وجهها بنقاب ولا يدها بقفازين ولكن يغطى وجهها ويداها بالكفن الذي كفنت فيه كما تقدم في صفة تكفين المرأة.
من السنة تشييع الجنازة وهو الخروج معها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عودوا المريض وامشوا مع الجنائز تذكركم الآخرة» [أخرجه مسلم].
والإسراع بها لقوله صلى الله عليه وسلم: «أسرعوا بالجنازة فإن تَكُ صالحة فخير تُقدمونها إليه وإن تَكُ سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم» [متفق عليه]. ويستحب المشي أمامها إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يمشون أمام الجنائز [رواه أبو داود والنسائي وغيرهما].
وأما أفضل التشييع فقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معها حتى يُصلى عليها ويُفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل (أُحد) (وهو جبل عظيم قرب المدينة) ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط» [رواه البخاري]. [FONT="]
[/FONT]
دفن الميت وهو مواراة جسده كاملاً بالتراب، قال الله تعالى: [FONT="]}ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ[FONT="]{[/FONT] [عبس: 21].[/FONT]
وله أحكام منها:
1- أن يُعمق القبر تعميقًا يمنع وصول السباع والطير إلى الميت ويحجب رائحته أن تخرج فتؤذي الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «احفروا وأعمقوا وأحسنوا وأدفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد. فقالوا من نقدم يا رسول الله؟ قال: قدموا أكثرهم قرآنًا» [أخرجه الترمذي وصححه] هذا الحديث للضرورة وكثرة القتلى.
2- أن يلحد في القبر إذ اللحد أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللحد لنا والشق لغيرنا» [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وفي إسناده مقال، لكن صححه بعض أهل العلم].
واللحد هو الحفر في جانب القبر من الداخل مما يلي القبلة والشق هو الحفر في وسط القبر.
3- يستحب أن يؤتى بالميت من مؤخرة القبر إذا تيسر ذلك، وأن يوضع على جنبه الأيمن موجه إلى القبلة وبعد ذلك تفك أربطة كفنه ولا يكشف وجهه وأن يقول واضعه «بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم» لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. [أخرجه أبو داود والحاكم وصححه].
4- أن يغطى قبر المرأة بثوب أثناء وضعها في قبرها، إذ كان السلف يسجون قبر المرأة حال وضعها دون قبر الرجل، يعني إلا قبر الرجل.
5- بعد وضع الميت في اللحد ينصب عليه اللّبِن، ويطيّن حتى يثبت ويمنع وصول التراب إليه فإن لم يتيسر اللبن فبغير ذلك من ألواح أو أحجار أو خشب ثم يهال عليه التراب ويرفع القبر قدر شبر، ويوضع عليه حصباء إن وجد ذلك ويرش عليه الماء ويشرع للمشيعين أن يقفوا عند القبر ويدعون للميت لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل».
يشرع للرجال زيارة القبور بين وقت وآخر للدعاء لهم والترحم عليهم، وتذكر الموت وما بعده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» [خرجه الإمام مسلم في صحيحه].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين».
أما النساء فليس لهن زيارة القبور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور ولأنهن يخشى من زيارتهن الفتنة وقلة الصبر، وهكذا لا يجوز لهن اتباع الجنائز إلى المقبرة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهن عن ذلك، أما الصلاة على الميت في المسجد أو في المصلى المخصص للنساء وملحق بالمسجد فإن الصلاة مشروعة للرجال والنساء.
أخي القارئ الكريم إن الحكمة الإلهية من دفن المسلم إذا مات هي تكريمًا له من خالقه سبحانه وتعالى وقد قال سبحانه [FONT="]}ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ[FONT="]{[/FONT] [عبس: 21] والقبر مكانًا لحفظه في باطن الأرض حتى يبعثه خالقه جل جلاله، قال الله تعالى: [FONT="]}[/FONT]ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ[FONT="]{[/FONT] [عبس: 22] وغيابًا له من ناظر أهله وأحبابه لئلا يحزنون عليه كلما تذكروا أنهم تركوه في الفلاة تأكله السباع والطير، وكذلك حفاظًا للأرض من رائحة الإنسان الميت التي لا يمكن تحملها ولا يمكن العيش حولها، علمًا أن له حياة أخرى في قبره وهي حياة البرزخ وهي حياة يبدأ فيها فور مغادرة الناس للمقبرة. وبعض الأموات في القبور أحياء عند ربهم يرزقون وهم الشهداء قال الله تعالى: [FONT="]}[/FONT]وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[FONT="]{[/FONT] [آل عمران: 169] فالقبر عالمًا آخر يعيش فيه ناس ويموت فيه آخرون، وأي حياة، من الناس من يعيش في قبره عيشة طيبة يمد له في قبره مدى بصره، ومن الناس من يعيش في قبره حياة الضيق والعذاب حتى يضمه قبره حتى تختلف أضلاعه والعياذ بالله سبحانه من عذاب القبر.[/FONT]
[FONT="]تأليف حسن بن علي آل زاهر القحطاني [/FONT]