• المعريفة : تراث ثقافي..

الهدوء المزعج

:: عضو مُتميز ::
إنضم
29 نوفمبر 2013
المشاركات
953
نقاط التفاعل
2,882
النقاط
51
العمر
29
محل الإقامة
khenchela
الجنس
ذكر
10391676_723825797718037_2279287191689322577_n.jpg
يعتبر الفساد الإداري و سوء التنظيم و التسيير أهم أسباب تدهور الوضع الإجتماعي الجزائري. لكن ظاهرة المحسوبية و المعريفة هي بكل صراحة و موضوعية من الشعب و للشعب.
فهي أسلوب حياة ينتهجه الجزائري يوميا، من أبسط الأشياء إلى أهمها.
قد نتساءل لماذا يعمل كبار المسؤولين و أصحاب القرار على منح امتيازات و أولويات لحاشيتهم و المقربين منهم، لكن الحقيقة هي أن المسؤول ما هو إلا فرد من هذا المجتمع. هذا المجتمع المصاب بمرض وراثي ينتقل عبر الأجيال، إسمه المحسوبية و المعريفة..
قد يعتقد البعض أنه غير معني بهذه الآفة، و أنها من صنع طبقة معينة تعمل على خدمة مصالحها الخاصة و مصالح المقربين منها. لكن إذا نظرنا إلى أبسط الأشياء في حياتنا فسنجد أن الجميع يعمل بهذا المبدأ، كل حسب قدرته على استغلال ذلك. و الحقيقة أنه لا يوجد جزائري لم يستغل المحسوبية و لو لمرة واحدة في حياته.
فقبل الحكم على من هم في أعلى المناصب، لأن البعض قد يعتبرهم أجانب عن الشعب و لا يمثلون المجتمع الجزائري. فلننظر إلى الموظف البسيط، ذلك الموظف في البلدية أو في مكتب البريد أو في أي مصلحة أخرى.. فهو يكرس المحسوبية بحسب المسؤولية التي يتولاها. و حتى المواطن أو الزبون الذي يتذمر من هذه الظاهرة، هو من يشجعها و لا يتردد في استخدامها إذا ما وجد الفرصة لذلك. حتى و إن أراد إقناع نفسه و ضميره بأن ذلك من حقه، و في غالب الأحيان يرتاح ضمير الفرد بمجرد القول أن الجميع يفعل ذلك، أو أنه حرم من حقه سابقا بسبب المعريفة و أن ما يقوم به هو مجرد تصحيح و هو حق مشروع.
و كمثال على أبسط الأشياء، فإن المواطن إذا توجه لاستخراج وثائق من البلدية و كانت المكاتب مزدحمة، فإن أول ردة فعل له هي البحث عن الموظف الذي يعرفه، و كذلك الحال في مكتب البريد، بحجة أنه على عجلة من أمره أو غيرها، و إذا سحبت منه رخصة سياقته، فإنه يتصل بمن يستطيع استرجاعها له، بحجه أنه تعرض للظلم أو أنها مكسب رزقه، و لا أحد ينكر ذلك. و إذا ترشح لمسابقة توظيف، أو طلب سكن أو غيرها، فهو يبحث عن شخص يسانده بحجة أن غيره يفعل ذلك أو لأنه في أمس الحاجة لتلك الوظيفة أو السكن أو غيرها، و إن لم يفعل ذلك فسيضيع حقه.
ربما سيقول البعض أن الظاهرة ليست عامة، لكن إذا راجعت نفسك فستجد أنك فعلتها و لو في أشياء أبسط من ذلك.. عندما تشتري حاجياتك من التاجر الذي تعرفه لأنه سيبيعك من أفضل ما لديه مع العلم أن السلع الأقل جودة سيشتريها غيرك، حتى إذا أردت تناول القهوة فستتوجه إلى القهواجي الذي تعرفه باش يعصرلك قهوة مليحة.
و بالقياس على ذلك، كلما ازداد النفوذ، يزداد الإستغلال، فلا عجب أن نرى المسؤولين يستعملون نفوذهم، و يتوسطون لقضاء مصالحهم و مصالح من حولهم، و ينصبون أقاربهم في أرقى المناصب و يمنحونهم أفضل الإمتيازات و يقدمونهم على بقية الشعب، لأن ذاك الفرد من ذاك المجتمع..
 
رد: • المعريفة : تراث ثقافي..

المعريفة، المعارف، الكتاف، البيسطو، المحسوبية، الواسطة... الفاظ كثيرة، لكنها في الواقع تخدم وتشير الى مفهوم واحد فقط لا غير، تفضيل شخص على شخص اخر، وتسبيقه على الاخرين، وجعل الاولوية له، على غيره، مهما كانت حالة الاخرين، في كل مكان تقريبا، ولكنه الوضع الذي يزداد فداحة وسوءا، في المستشفيات التي من المفترض ان تكون المكان الذي يتساوى فيه الجميع، مادام ان الذي اتى بكل هؤلاء هو الالم والمعاناة، وبالتالي فلا مجال لافضلية اي كان على غيره، خاصة ان كان الاول "صاحب المعريفة" يشتكي من حالة بسيطة لا تستدعي استنفار كل المعارف، انما هي عقلية بعض الجزائريين، الذي يعتقدون انفسهم اعلى واجل شانا من الآخرين.
طبعا والحق يقال، فان كثيرين يلجؤون الى "المعريفة"، وبدونها في بعض الحالات، لا يمكن قضاء اية مصلحة، لاسيما بالمستشفيات مثلما سبق ذكره، ولكن المؤسف، هو ان كثيرا من المواطنين البسطاء والضعفاء والمغلوبين على امرهم، ممن ليس لهم سند قوي يتكئون عليه، مجبرون على تحمل كل شيء، وعلى الصبر والانتظار، بل وحتى التفريط في حقوهم المشروعة، وفي ادوارهم، بصالات الانتظار التي قضوا ويقضون فيها الساعات الطوال، لعيون شاب او امراة، او رجل، او اي كان، جاء رفقة، احد "معارفه" او تحت توصية مباشرة منه.
بمستشفى بني مسوس، وبمصلحة الاشعة، التي يقبل عليها العشرات يوميا، قادمين يها من مختلف الجهات، اغلبهم قادم بناءً على موعد مسبق، وبالتالي فمن المفترض ان تتم العملية بكل شفافية ووضوح، ولكن ما حدث نهاية الاسبوع الماضي امامنا، ينسف بكل اجراءات التنظيم واللامحسوبية التي يتشدق بها البعض، فصالة الانتظار كانت ممتلئة عن اخرها، باشخاص يملكون مواعيد مسبقة للدخول، ولكن الذين دخلوا "رفقة معارفهم" اكبر بكثير ممن كانوا يملكون مواعيد تحصلوا عليها وانتظروها منذ اكثر من اسبوع كامل.
حسب احدى المواطنات التي تحدثت الينا بمرارة عن الامر، فانه لو كانت حالة هؤلاء خطيرة او حرجة او استعجالية، لهان الامر، ولتنازلت هي نفسها عن مكانها لصالح هؤلاءن من باب الانسانية لا غير، حتى وان كانوا اصحاب واسطة، ولكنها لاحظت ان معظمهم كان بأفضل حال منها ومن غيرها من المواطنين المنتظرين، والذين لم يملكوا شيئاً، لانهم يدركون مسبقا ان اي تذمر او استياء منهم، قد يدفعون ثمنه غاليا.
هذا الخوف والسكوت عن الحق، وترك الاخرين، يتطاولون عليه، ويتجاوزونه، هو ما جعل هذه الظاهرة تستفحل بهذه الطريقة البشعة في الجزائر، ليس في المستشفيات فحسب، وانما في كل مكان يقصده المواطن الجزائري تقريبا، لذلك يتساءل كثيرون: متى تنتهي هذه الظاهرة، ومتى يمكن للجميع ان يكونوا متساوين في الحقوق وفي الواجبات، دون افضلية اي كان على غيره؟
 
العودة
Top