الهدوء المزعج
:: عضو مُتميز ::
- إنضم
- 29 نوفمبر 2013
- المشاركات
- 953
- نقاط التفاعل
- 2,882
- النقاط
- 51
- العمر
- 29
- محل الإقامة
- khenchela
- الجنس
- ذكر

فهي أسلوب حياة ينتهجه الجزائري يوميا، من أبسط الأشياء إلى أهمها.
قد نتساءل لماذا يعمل كبار المسؤولين و أصحاب القرار على منح امتيازات و أولويات لحاشيتهم و المقربين منهم، لكن الحقيقة هي أن المسؤول ما هو إلا فرد من هذا المجتمع. هذا المجتمع المصاب بمرض وراثي ينتقل عبر الأجيال، إسمه المحسوبية و المعريفة..
قد يعتقد البعض أنه غير معني بهذه الآفة، و أنها من صنع طبقة معينة تعمل على خدمة مصالحها الخاصة و مصالح المقربين منها. لكن إذا نظرنا إلى أبسط الأشياء في حياتنا فسنجد أن الجميع يعمل بهذا المبدأ، كل حسب قدرته على استغلال ذلك. و الحقيقة أنه لا يوجد جزائري لم يستغل المحسوبية و لو لمرة واحدة في حياته.
فقبل الحكم على من هم في أعلى المناصب، لأن البعض قد يعتبرهم أجانب عن الشعب و لا يمثلون المجتمع الجزائري. فلننظر إلى الموظف البسيط، ذلك الموظف في البلدية أو في مكتب البريد أو في أي مصلحة أخرى.. فهو يكرس المحسوبية بحسب المسؤولية التي يتولاها. و حتى المواطن أو الزبون الذي يتذمر من هذه الظاهرة، هو من يشجعها و لا يتردد في استخدامها إذا ما وجد الفرصة لذلك. حتى و إن أراد إقناع نفسه و ضميره بأن ذلك من حقه، و في غالب الأحيان يرتاح ضمير الفرد بمجرد القول أن الجميع يفعل ذلك، أو أنه حرم من حقه سابقا بسبب المعريفة و أن ما يقوم به هو مجرد تصحيح و هو حق مشروع.
و كمثال على أبسط الأشياء، فإن المواطن إذا توجه لاستخراج وثائق من البلدية و كانت المكاتب مزدحمة، فإن أول ردة فعل له هي البحث عن الموظف الذي يعرفه، و كذلك الحال في مكتب البريد، بحجة أنه على عجلة من أمره أو غيرها، و إذا سحبت منه رخصة سياقته، فإنه يتصل بمن يستطيع استرجاعها له، بحجه أنه تعرض للظلم أو أنها مكسب رزقه، و لا أحد ينكر ذلك. و إذا ترشح لمسابقة توظيف، أو طلب سكن أو غيرها، فهو يبحث عن شخص يسانده بحجة أن غيره يفعل ذلك أو لأنه في أمس الحاجة لتلك الوظيفة أو السكن أو غيرها، و إن لم يفعل ذلك فسيضيع حقه.
ربما سيقول البعض أن الظاهرة ليست عامة، لكن إذا راجعت نفسك فستجد أنك فعلتها و لو في أشياء أبسط من ذلك.. عندما تشتري حاجياتك من التاجر الذي تعرفه لأنه سيبيعك من أفضل ما لديه مع العلم أن السلع الأقل جودة سيشتريها غيرك، حتى إذا أردت تناول القهوة فستتوجه إلى القهواجي الذي تعرفه باش يعصرلك قهوة مليحة.
و بالقياس على ذلك، كلما ازداد النفوذ، يزداد الإستغلال، فلا عجب أن نرى المسؤولين يستعملون نفوذهم، و يتوسطون لقضاء مصالحهم و مصالح من حولهم، و ينصبون أقاربهم في أرقى المناصب و يمنحونهم أفضل الإمتيازات و يقدمونهم على بقية الشعب، لأن ذاك الفرد من ذاك المجتمع..