تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين 25 و 26

ابو عمر البلدي

:: عضو مُشارك ::
إنضم
15 أكتوبر 2015
المشاركات
323
نقاط التفاعل
385
نقاط الجوائز
13
الحمد لله على عظيم مننه والصلاة والسلام على اشرف انبيائه ورسله وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . وبعد الباب الخامس والعشرون في القوى التي يجب إزالة أمراضها وأنجاسها والمعاني التي تحصل منها قال الامام الاصفهاني رحمه الله
إزالة الأنجاس واجتلاب الطهارة المذكورة في قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) واكتساب الصحة وإماطة المرض المذكور في قوله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً) يكون بإصلاح القوى الثلاث التي هي دواعي الإنسان في متصرفاته وهي قوة الشهوة وقوة الحمية وقوة الفكر فبإصلاح قوة الشهوة تحصل العفة فيتحرز بها من الشره وإماتة الشهوة ويتحرى المصلحة في المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح وطلب الراحة وغير ذلك من اللذات الحسية، وبإصلاح قوة الحمية تحصل الشجاعة فيتحرز من الجبن والتهور والحسد ويتحري الاقتصاد في الخوف والغضب والأنفة وغير ذلك. وبإصلاح قوة الفكر تحصل الحكمة حتى يحترز من البله والجربزة ويتحرى الاقتصاد في تدبير الأمور الدنيوية. وليس نعني بالحكمة ههنا العلوم النظرية وإنما نعني بها الحكمة العملية التي يتحري بها المصالح الدنيوية، وبإصلاح هذه القوى يحصل في الإنسان قوة العدالة فيقتدي بالله تعالى في سياسة نفسه وسياسة غيره، فنفس الإنسان معادية له كما قال تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوءِ إلا ما رحم ربي) وقال النبي ﷺ: " أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك " فمن أدبَّها أو قمعها أو من ظلمها وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله: (ومن يعمل الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضما) أي لا يخاف أن تظلمه نفسه الشهوية فالأعمال الصالحة حصن منها لقول الله تعالى: (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر).
الباب السادس والعشرون
في كون الإنسان مفطور على إصلاح النفس الإنسان مفطور في أصل الخلقة على أن يصلح أفعاله وأخلاقه وتمييزه وعلى أن يفسدها وميسَّر له أن يسلك طريق الخير والشر وإن كان منهم من هو بالجملة إلى أحدهما أميل. وعلى تمكنه من السبيلين دلَّ الله بقوله: (إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا) وقوله تعالى: (وهديناه النجدين) أي عرَّفناه الطريقين، وكما أنه مفطور على اكتساب الأمرين في ابتدائه مفطور على أنه إذا تعاطى أحدهما أن خيراً وأن شراًّ ألفه، فإذا ألفه تعوَّده، وإذا تعوده تطبع به، وإذا تطبع به صار له طبعاً وملكة فيصير فيه بحيث لو أراد أن يتركه لم يمكنه كما قيل: " وتأبى الطباع على الناقل " ويكون مثله كمثل شجر نبت فاعوجَّ سهل في الابتداء تثقيفه وتسويته بخيط يشد أو بخشب يفرش بجنبه فيسدد به. ثم إذا غلظ واشتد مستوياً أمن أن يعوج بل لا يمكن تعويجه، وإن ترك حتى يعوجَّ فيصلب على عوجه لم يمكن تثقيفه كما قال الشاعر:
يقوَّم بالثقاف العود لدْناً ... ولا يتقوَّم العودُ الصليبُ
على هذا الوجه قال الله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات) وقال تعالى: (ويدرأون بالحسنة السيئة) وقد توهم قوم أن لا أثر للتأديب والتهذيب فإن الناس مجبولون على طبائع لا سبيل إلى تغييرها، فمنهم أخيار بالطبع، ومنهم أشرار بالطبع واستدلوا بقول الله تعالى: (قل كلٌّ يعمل على شاكلته) وقوله تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) فنبه الله بهذا المعنى على إن كل إنسان على حال لا سبيل إلى تغييرها. وقول النبي ﷺ: كلٌّ ميسر لما خلق له " . وقوله عليه السلام: " فرغ ربكم من الخَلْقِ واَلْخلُقِ والرزق والأجل " . وبقوله تعالى: (ولقد اصطفيناه في الدنيا وأنه في الآخرة لمن الصالحين) وقوله: (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وأنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) وقوله: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) والناس وإن تفاوتوا في أصل الخلقة فما أحد إلا وله قوة على اكتساب قدر ما من الفضيلة ولولا ذلك لبطلت فائدة الوعظ والإنذار والتأديب.
والى غد ان شاء الله سننظر في سبب رذيلة الإنسان وتأخره عن الفضيلة
 
رد: تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين 25 و 26

شكرا على الموضوع
ممتنةة لهكذآ عطآآء

آحترآآمي
’,
 
رد: تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين 25 و 26

بورك فيك وادام الله عليك ستره ورضاه
 
العودة
Top