- إنضم
- 21 ديسمبر 2015
- المشاركات
- 1,898
- نقاط التفاعل
- 2,844
- النقاط
- 76
- العمر
- 25
- محل الإقامة
- الجزائر
- الجنس
- أنثى
حقيقة الإسراء والمعراج
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
( الإسراء 2 )
تتحدث هذه الآية الكريمة -بإجماع الآراء- عن موضوع الإسراء المحمدي العظيم. ولكن مسألة الإسراء في حد ذاتها تعتبر إحدى المعضلات التي اختلف المفسرون القدامى والمحدَثون حولها، وذلك لكثرة الأحاديث والروايات وتضارب الآراء حولها. ولقد جرت عادة غالب المسلمين أن يجمعوا بين واقعة إسراء الرسول وواقعة عروجه صلى الله عليه وسلم فيحتفلون بذكراهما في وقت واحد باسم "ذكرى الإسراء والمعراج".. اعتماداً على بعض روايات جمعت بينهما. والحقيقة تحتاج إلى تدبر حتى تنكشف للعقول.
حادثان منفصلان
إن موضوع العروج مذكور في القرآن الكريم في موضع آخر غير هذه السورة، ومستقل عن الإسراء تماما، وذلك في سورة النجم حيث يقول عز وجل:
{ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفُتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (النجم:5-19)
تشير هذه الآيات إلى عروج المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ويُستخلص منها ما يلي:
(1) إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان قاب قوسين أو أدنى،
(2) أوحى الله له هناك،
(3) رؤية الرسول (صلى الله عليه وسلم) لله عز وجل وآياته الكبرى،
(4) وصوله (صلى الله عليه وسلم) إلى سدرة المنتهى،
(5) رؤية الجنة عندها،
(6) غطى السدرة شيء ما.
(3) رؤية الرسول (صلى الله عليه وسلم) لله عز وجل وآياته الكبرى،
(4) وصوله (صلى الله عليه وسلم) إلى سدرة المنتهى،
(5) رؤية الجنة عندها،
(6) غطى السدرة شيء ما.
فإذا تأملنا الأحاديث المتعلقة بالمعراج نجدها تتحدث عن كل هذه الأمور.. فمثلا:
(1) في رواية عن أبي سعيد الخدري قال النبي (صلى الله عليه وسلم) "فكان
بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى".
(2) وفي رواية عن أبي هريرة “أنه لما بلغ عند سدرة المنتهى فكلمه الله
تعالى عند ذلك”. وعن أنس بن مالك: “ثم إني رُفعتُ إلى سدرة المنتهى
فقال الله لي: يا محمد..” (الخصائص الكبرى).
فقال الله لي: يا محمد..” (الخصائص الكبرى).
(3) عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما ذكر سدرة
المنتهى قلت: ماذا رأيت هنالك يا رسول الله؟ قال: “رأيت هنالك ما رأيت”. وذكرَت كان يعني الله عز وجل (خصائص ابن مردويه). وعن ابن عباس قال في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى} أنه (صلى الله عليه وسلم) رأى ربه بفؤاده مرتين. أما رؤيته (صلى الله عليه وسلم) للآيات الربانية في المعراج فلا خلاف فيه، فلا داعي لذكره.
(4) في حديث أبي هريرة السابق قال “ثم انتهى إلى السدرة”، ولا سبيل لإنكاره، إذ رواه عنه ستة من الحفاظ هم: ابن جرير، ابن أبي حاتم، ابن مردويه، البزار، أبو يعلى، البيهقي، ابن عساكر. عن أبي سعيد الخدري الذي يذكر فيه وصوله (صلى الله عليه وسلم) إلى سدرة المنتهى بعد رفعه إلى السماء والتقائه بالأنبياء. وعن مالك بن صعصعة في مسند ابن حنبل والبخاري ومسلم وابن جرير في حديث المعراج “ثم رُفعتُ إلى سدرة المنتهى”.
(5) في حديث أبي سعيد الخدري، “ثم إني رفعت إلى الجنة” (ابن جرير).
(6) في حديث أبي هريرة عن المعراج “فغشيها نور الخلاق عز وجل” (خصائص ابن مردويه).
وعن أنس: “فلما غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت؛ فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها” (صحيح مسلم). من كل ذلك يتضح على الوجه القطعي أن آيات سورة النجم نزلت في أحداث المعراج وحده وليس لها دخل بالإسراء أو غيره من الأحداث. كما أن آية الإسراء لم تتناول شيئا مما وقع في المعراج، بمعنى أن سورة الإسراء تحدثت عن موضوع الإسراء وحده، وسورة النجم تناولت موضوع العروج وحده.
زمن نزول سورة النجم
التحقيق يدل على أنها نزلت حوالي السنة الخامسة من البعثة المحمدية الشريفة، أو قبلها بقليل. يتفق كل المؤرخين على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر بعض أصحابه في هذه السنة بالهجرة إلى بلاد الحبشة بعد أن اشتد إيذاء كفار مكة لهم، حيث يجدون الأمان عند ملك لا يُظلم عنده أحد. فهاجروا إليه في شهر رجب من السنة الخامسة، وكان فيهم سيدنا عثمان وزوجته رقية بنت المصطفى (صلى الله عليه وسلم) (الزرقاني). وفشل وفد قريش المكون من عمرو بن العاص وعبد الله بن ربيعه في تحريض النجاشي ملك الحبشة على طردهم.
وفي مقابلة مع جماعة من كفار قريش قرأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) سورة النجم، ولما وصل إلى موضع السجدة عند قوله تعالى:
{ أَفَمِنْ هَذَا الحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا للهِ وَاعْبُدُوا} (النجم:60-63)
سجد النبي (صلى الله عليه وسلم) وسجد معه الجميع بما فيهم من حضر من كفار قريش.. ذلك من جلال الموقف ورهبة الآيات. فشاع أن زعماء قريش قد أسلموا، وذلك مكرا وخديعة لاستدراج المهاجرين للعودة من الحبشة. فلما عاد هؤلاء وجدوا أن الخبر كاذب. وقد علل كفار مكة سجودَهم مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) بفرية باطلة.. إذ زعموا أنه تلا بعد قوله:
{ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} (النجم:20-21)
كلاما يمدح فيه آلهتهم. وقد وقع للأسف الشديد في هذا الفخ السخيف بعض المؤرخين فزعموا أن الشيطان -معاذ الله- ألقى على لسان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عبارات عن الأصنام تقول: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لتُرْتَجَى. وهو قول فاضح الكذب؛ ولا مجال لدحضه هنا.
وإذن من هذه الواقعة الشهيرة الواردة في أكثر كتب التاريخ والحديث.. يتضح أن سورة النجم التي تتناول موضوع (المعراج) قد قرأها الرسول في السنة الخامسة. أي أنها نزلت عندئذ أو قبلها بقليل.. أي قبل شوال من السنة الخامسة التي عاد فيها مهاجرو الحبشة.
وجدير بالذكر أن بعض الأحاديث تبين أن عروج الرسول (صلى الله عليه وسلم) حدث أكثر من مرة. ففرضية الصلاة الواردة في بعض أحاديث المعراج قد حدثت في الفترة الأولى من البعثة المحمدية الشريفة.. أي في أوائل السنة الثانية أو منتصفها، كما أن آية النجم {ولقد رآه نزلةً أخري} تشير إلى أن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) رأى ربه عز وجل أكثر من مرة.
زمن الإسراء
نعود بعد ذلك إلى واقعة الإسراء. يقول المؤرخون أنها وقعت في أواخر الفترة المكية على أقوال منها: إنها حدثت في السنة الثانية عشرة بعد البعثة (المستشرق وليم) أو ربيع من السنة الحادية عشرة (الزرقاني) أو في ربيع قبل الهجرة بسنة (ابن مردوية عن ابن عمر، والبيهقي وابن سعد عن أم سلمة) و(الخصائص الكبرى).
كما أن هناك شهادة السيدة عاتكة بنت أبي طالب أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يبيت عندها ليلة الإسراء وأنها أول من رَوَى له المصطفى (صلى الله عليه وسلم) رؤياه. وقد رَوَى عدد من الصحابة ما يؤيد ذلك. لقد ذهب الرسول عند السيدة عاتكة بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته أم المؤمنين السيدة خديجة.. وكل ذلك كان بعد السنة العاشرة من البعثة. أي أن الإسراء كان في السنة الحادية أو الثانية عشرة.
فاصل زمني بين الإسراء والمعراج
إذن هناك فاصل زمني بين المعراج والإسراء لا يقل عن خمس سنوات، وقد يصل إلى سبع سنوات. وأن المعراج هو الذي وقع أولاً وفيه فرضية الصلاة، ورؤية الله تعالى، والوصول إلى سدرة المنتهى والجنة. وأنه ذكر في سورة النجم التي لم يرد فيها أي ذكر للإسراء. أما الإسراء فقد وقع قُبيل الهجرة، وقد ورد في سورة الإسراء التي لم يرد فيها أي ذكر للمعراج. فهل يُعقل أن يجتمعا في رحلة واحدة؟ ولو كان بينهما ارتباط.. فهل يجوز ذِكر أحدهما في سورة دون إشارة تبين الرابطة بينهما؟
ثم نظرةٌ إلى حديث أم هانئ الذي رواه محمد ابن إسحاق، والذي جاء في سيرة ابن هشام، وقد رواه عنها سبعة من المحدِّثين بمتون مختلفة تدور جميعها حول رحلة الإسراء، ويتبين أنه لم يرد فيه أي ذكر للمعراج. وإذا كانت السيدة أم هانئ هي أول من سمع الخبر من الرسول (صلى الله عليه وسلم).. فهل يمكن أن يحكي لها الرسول (صلى الله عليه وسلم) جزءا من رحلته ويغفل أو يخفي عنها الجزء الأكبر والأهم؟ قالت: ما أُسريَ برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا وهو في بيتي - نائم عندي تلك الليلة، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا.
فلما كان قُبيل الفجر أهَبَّنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم). فلما صلى الصبح وصلينا معه قال: "يا أم هانئ: لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيتِ بهذا الوادي، ثم جئتُ بيت المقدس فصليت فيه، ثم صليت الغداء معكم الآن كما ترين. ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه فتكشف عن بطنه -كأنه قبطية مطوية- فقلت له: يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناسَ فيكذبوك ويؤذوك. قال: (والله لأحدثنهم)... إلخ الحديث.
وهنا لم يرد أي ذكر على لسان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ولا على لسان أم هانيء عن وقائع المعراج. أليس هذا دليلا على أن العروج كان في مناسبة أخرى؟! وهل من المعقول أن ينسَى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أو تنسَى أم هانئ هذه الواقعة العظيمة؟ اللهم لا.. وإنما شتان ما بين الواقعتين.
وعندما سمع أهل مكة حكاية الإسراء من الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، ماذا حدث؟ تقول السيدة عائشة: لما عرف الناس خبر إسراء النبي (صلى الله عليه وسلم) ذهبوا إلى أبي بكر فقالوا: هل لك يا أبا بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة إلى بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة؟ فقال لهم أبو بكر: إنكم تكذبون عليه؟ فقالوا: بلى! هاهو ذلك في المسجد يحدث به الناس. فقال أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق. فما يعجبكم من ذلك؟ فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدّقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه! (سيرة ابن هشام)
أليس في هذا الحديث ما يدل على أن العروج إلى السماء لم يرد في تلك المناسبة على لسان الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأن القوم لم يتحدثوا عنه وهو الأعجب والأبعد حسب قول أبي بكر الصديق، وهو الأدعى إلى التكذيب والسخرية من جانب الكفار!، واستدلال أبي بكر كان عن الخبر يأتي من السماء. فإذن موضوع العروج النبوي إلى السماء لم يكن واردا عندئذ.. وإلا لكان استدلال أبي بكر غير مناسب للمقام.
أما وقد تبين بجلاء أن الإسراء شيء والمعراج شيء آخر ولم يجتمعا في رحلة واحدة بل ولا في سنة واحدة، وإنما يفصلهما عدد من السنوات يبلغ ستا أو سبعا.. فقد يتساءل البعض: لماذا إذن جمع بينهما بعض الرواة؟ مع أن القرآن الكريم لم يجمعهما في سورة واحدة ولو بمجرد الإشارة أو التلميح؟
سبب خلط الحادثين
لقد اختلط الأمر على بعض الرواة والمفسرين القدامى فأدخلوا روايات أحَدِهما مع الآخر وظنوا أنهما مرحلتان من رحلة واحدة للأسباب الآتية:
لقد اختلط الأمر على بعض الرواة والمفسرين القدامى فأدخلوا روايات أحَدِهما مع الآخر وظنوا أنهما مرحلتان من رحلة واحدة للأسباب الآتية:
(1) وقعت حادثتا العروج والإسراء في الليل، ولما كان الإسراء يطلق على السير في الليل استعمل بعض الصحابة والرواة والمحدثين كلمة الإسراء للرحلتين، وصار الناس لا يفرقون بين هذا وذاك بما جعل الرواة يخلطون بينهما، وظنوا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عرج به إلى السماء من بيت المقدس في نفس الليلة.. ولنتأمل الرواية التالية مثالا لذلك:
روى ابن حنبل في مسنده عن مالك بن صعصعة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حدثهم عن ليلة (أسريَ به) قال: بينما أنا في الحطيم -وربما قال في الحجر- مضطجعا إذ أتاني آتٍ فجعل يقول لصاحبه: الأوسط بين الثلاثة.. فأتاني فشق ما بين هذه وهذه- يعني من نحره إلى أسفل بطنه- فاستخرج قلبي. فأُتِيتُ بطستٍ من ذهب مملؤة إيمانا وحكمة، فغسل قلبي ثم حُشيَ ثم أعيد. ثم أُتيتُ بدابة دون البغل وفوق الحمار يقع خطوه عند أقصى طرفه، فحُملتُ عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى بي السماء الدنيا.. الحديث
ترى الراوي يذكر عبارة (أسريَ بي) مع أنه لا يتحدث عن رحلة الإسراء المعروفة إلى بيت المقدس، وإنما يحكي رحلة العروج السماوي. ولقد بدأت هذه الرحلة حسب هذه الرواية من مكة وليس من بيت المقدس، ومن جوار الحرم وليس من بيت السيدة أم هانئ.
وروى البخاري وابن جرير أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عرج ليلة الإسراء إلى السماء الدنيا. وبذلك يثبت جليا أنهم يذكرون كلمة الإسراء في الرحلتين. وهذا ما جعل بعض الرواة يسهون ويجمعون بين الرحلتين وأحداثهما.
(ب) اعتقد بعض الرواة أن الرحلتين شيء واحد بسبب وجوه المشابهة بين بعض الأحداث فيهما، ومنها.. سفر الليل، ركوب البراق، لقاء الأنبياء، أداء الصلاة، رؤية الجنة والنار، صحبة جبريل.. فهي كلها أمور مشتركة بين الرحلتين، ساعدت على وقوع بعض الرواة في خلط أجزاء عن العروج مع أجزاء من رواية عن الإسراء، ولم يستطيعوا الاحتفاظ بأصول أحاديث كل منهما على حدة.
ولو أننا تصفحنا الروايات التي تجمع بين الأمرين وتقول بعروج النبي (صلى الله عليه وسلم) من بيت المقدس بعد إسرائه ولقائه الأنبياء وصلاته معهم.. ظهر لنا أنها اختلطت في بعضها واضطربت اضطرابا شديدا، فمثلا يقول الرواة أن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) لقي الأنبياء ومنهم آدم وموسى وعيسى، وصلى بهم في بيت المقدس، وبعد فترة وجيزة صعد إلى السماء ولقيهم، ولكنه لم يتعرف عليهم وأخذ يسأل جبريل: من هذا؟ فيجيبه جبريل. وهذا أمر لا يسيغه الوجدان ولا يتقبله العقل. فكيف يغيب عن ذهنه وينسى وجوه أشخاص من أمثال هؤلاء الأنبياء العظام، قابلهم وصلى بهم منذ فترة قصيرة؟ وهذا، وإن كان دليلا واضحا على خلط الرواة بين الأحداث المتشابهة فهو أيضا دليل على الفارق الزمني بين المعراج والإسراء.
إن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) رأى الأنبياء أولا في عروجه ولم يكن يعرف حليتهم فسأل عنهم، لكن لم يرد سؤاله عنهم عند لقائه بهم في رحلة الإسراء..
وخلاصة القول إن ما سقناه من شهادات وأدلة نقلية وعقلية من داخل الروايات وخارجها لفيه الكفاية للدلالة على أن العروج رحلة بعيدة في زمنها عن رحلة الإسراء. وكل منها مستقل وقائم بذاته.
آخر تعديل بواسطة المشرف: