النفس البشرية
علم النفس وأهمية دراستة
علم النفس هو أحد فروع الدراسات الإنسانية التي تم الإعتماد عليها كعلم مستقل في فترة متأخرة من التاريخ الإنساني ، و بالتحديد في بدايات القرن العشرين ، بعد أن واجهت رفضاً أكاديمياً شديداً من العديد من العلماء الذين رأوا أن دراسة علم النفس ما هي إلا مجرد نوع آخر من التنجيم . و قد شهد علم النفس تطور كبير من حيث المجالات التي يبحثها بسبب التطور المتزايد في النشاط البشري و ظهور مدارس فلسفية جديدة في العالم و مناهج جديدة في التحليل النفسي و الدراسات النفسية على البشر . إن دراسة علم النفس من الدراسات الهامة التي تعني بالإنسان و بالتطور البشري ، و تنبع تلك الأهمية من المجالات التي يبحثها علم النفس . و هو في الأساس علم وصفي يهتم بدراسة و تفسير سلوكيات الإنسان الظاهرية و تحديد أسبابها و الوصول إلى قوانين عامة تخص النفس البشرية من خلال الملاحظة و الدراسة النظرية ، و له شق تطبيقي يعمل على الإستفادة من القوانين النظرية للنفس البشرية و محاولة تغيير و تقويم السلوك الإنسان من خلال التجارب و عمليات العلاج النفسي الإكلينيكي .
الشخصية شيء مكتسب أم موروث …!!؟
تمتد الدراسات حول النفس البشرية و كيفية عملها و تكوينها منذ ما يقرب من قرنين من الزمان ، و لازال علماء النفس يكتشفون الجديد فيما يتعلق بخصائص النفس البشرية و الشخصية و مكوناتها ، و تعددت النظريات حول شخصية الفرد و كيفية تكوينها و تطورها ، فمن العلماء من قال بأن الشخصية البشرية تتكون وفقاً للبنية الجسمية و الحالة البيولوجية للفرد ، و منهم من قال بأنه نتاج مجتمعي تحكمه العلاقات الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية للمجتمع ككل ، و منهم من قال بأن شخصية الفرد تخضع للعوامل الوراثية بشكل كبير و أنها تتطور وفقاً للتطور الوراثي تصاعدياً مع تطور البشرية ككل و تطور إمكاناتها .
ما هي النفس …؟؟
النفس موجودة في مختلف المخلوقات وهي التي تولد وتموت و تنتابها الغرائز كالجوع والجنس وهي التي تمرض وتعذب وتتألم، فأداة النفس هو الجسد الذي تتحكم به وتسيطر عليه، فهي ذلك الشئ الخفي، غير القابل للظهور والإعلان والذي به تحيا الكائنات والمخلوقات بمختلف الأنواع ومنها الإنسان، والتي بسحبها منها تموت وتفنى. ترتبط النفس بالسلبيات والمفاهيم الرديئة، فهي ميالة دائماً لإشباع غرائزها، ولكن الإنسان صاحب الإرادة هو الذي يتحكم بها ويسيطر علبها، فترقى هذه النفس وتتهذب ويصبح الإنسان قادراً على أداء الوظيفة التي خلق لأجلها، وتقوى علاقته مع باقي المخلوقات وينتشر الحب وفعل الخير بين الناس، وتحقق غاية الله في خلقه وتعمر الأرض، أما النفوس المريضة فهي التي تدمر البشرية وتعيث الخراب في الأرض، فبالقطع لم تكن نفوس الظالمين والمتجبرين والمتكبرين والطماعبن والحاقدين والذين أنزلوا أشد أنواع الويلات والنكبات في الشعوب وعلى اختلاف حقب التاريخ البشري، لم تكن هذه النفوس نفوساً سوية، بل على العكس تماماً كانت نفوساً قميئة نتنة مريضة عفنة أحاقت الويلات في جميع مخلوقات الله.
التناغم بين البشر أمر ضروري حتى لا تصاب النفس البشرية بالأنانية #خطوات_الشيطان
الفرق بين الروح والنفس
الفرق بين الروح والنفس هو أن النفس موجودة في جميع المخلوقات وهي التي تمثل المادية والوجود الموضوعي للمخلوقات وهي التي تتألم وتأكل وتموت وتفكر وتشرب وتنام وترتاح وتمرض وتموت. أما الروح فهي خاصة للإنسان وهي سر إلهي، وهي تنسب لله أيضا مما يزيدها ويزيد الإنسان رفعة وتشريفاً بهذا الانتساب، فالروح هي المعرفة والجمال والإحساس وهي التي تعطي البشر القدرة على التميز والخلافة في الأرض والتفكير في الماورائيات وإنتاج العلوم والأفكار والمذاهب والاختلاف.
النفس وأقسامها نفسُ الإنسان هي الجزء الّذي خاطبه القرآن الكريم والمكلّف دائماً في الأمور، والنّفس هي الذّات، وهي الأساس في الإنسان، ودليل ذلك ما جاء في كتابه تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) غافر: 17 ويمكن تقسيم النّفس إلى ثلاثة أقسام، وهي:-
قال تعالى : ” يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ” [الفجر: 27] .وقال تعالى : ” وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ” [القيامة: 2] .وقال تعالى : “ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ” [يوسف: 53] .
النفس المطمئنّة وهي أرقى درجات الرّفعة الّتي تصل إليها النّفس البشريّة؛ لذا فإنّ الوصول إلى تلك المكانة المرموقة والمتمثّلة في درجة النّفس المطمئنّة يحتاج إلى كثيرٍ من العمل، فعلى الإنسان أن يكون صادقاً مع نفسه في البداية، وواضحا أمام ذاته دون أيّ هروبٍ أو خداع ليرقى إلى هذه الدرجة، وبعد الصّدق مع النّفس عليك أن تكون صادقاً مع الله ومخلصاً له في عملك مزيلاً في ذلك كلّ حواجز المعاصي والآثام لنيل رضاه، وأخيراً عليك أن تكون صادقاً مع الآخرين من حولك. وقد جاء ذكر النفس المطمئنّة في القرآن الكريم، قال تعالى: (يا أيّتُها النّفسُ المُطمئِنّةُ ارجعي إِلى ربِّكِ راضيةً مرضيّةً فادخُلي فِي عِبادِي وادخُلِي جنّتِي)
النّفس الأمّارة بالسوء وهي النّفس الّتي تكون جاهزةً للشرّ والفتنة، وتقترن بالشّيطان والهوى، وبفعل السّوء، وهي دائماً ما تأمر صاحبها بفعل الخطايا والآثام وارتكاب الرذائل موسوسةً له بشتّى الوسائل والمغريات الّتي توقعه فى الإثم والخطأ، وتقوده إلى الجحيم، وبئس المصير، وقد قال تعالى في ذلك: (وَمَا أُبَرِّىءُنَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) النّفس اللوّامة وهي درجة وسطى بين كلٍّ من النّفس الأمّارة بالسّوء وتلك المطمئنّة؛ فهي تقع بالذّنب، ولكنّها تعترف فيه بعد ذلك، وجاء ذكرها في القرآن الكريم؛ حيث قال تعالى: ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) الروح
أن أول قسم في النفس يبدأ ظهوره مع ولادة الطفل, و يطلق على هذا الجزء أكثر من مسمى, و هي النفس الأمارة بالسوء, و النفس المشتهية, و الأنا, بصرف النظر عن المسميات, يمكن تعريف هذا القسم على أنه الصوت داخلي الذي يطالب بتلبية جميع الرغبات و بصرف النظر عن طبيعتها, و يمكن توضحها بشكل أفضل عن طريق تصرفات الطفل, حيث أن الطفل لا يمتلك إلا هذا الجزء من النفس إلى أن يصل لسن الخامسة تقريبا, من مراقبة الأطفال تلاحظ أنهم لا يعوا إلا لحاجاتهم سواء كانت من نوم أو طعام أو نظافة, و لا يمكنهم تمييز أو معرفة ما هي الأمور المترتبة على هذه الحاجات ولا يعيرونها أي اهتمام, فقط يردوا تلبيتها, و عند تعذر تلبية هذه الحاجات يبدأ بالبكاء, حتى يتم تلبيتها, يبقى هذا القسم و يتطور مع نمو الشخص حيث تختلف الحاجات و الرغبات و لكن تبقى الوسيلة واحدة, و يعد هذا القسم مسؤولا عن الكثير من الصراعات النفسية التي يعاني منها معظم الأشخاص.
يبدأ القسم الثاني من النفس البشري بالظهور في سن الرابعة أو الخامسة, و على الأغلب ليس هناك سن محدد لظهوره فهو يعتمد كثيرا على حالة الطفل الصحية و على البيئة التي ينشأ فيها, أن المرجع الأساسي لهذا القسم هو الواقع, و يتم تطويره عن طريق التجارب التي يمر بها الطفل, أن العمل الرئيسي في هذا القسم هو توضيح الأمور المترتبة على تلبية الحاجات و الرغبات, و يمكن أن يعطى مثال بسيط, عندما يشعر الطفل بالعطش, يدرك أن عليه إما أن يطلب من والدته ماء أو يذهب بنفسه لكي يحضر الماء, فيقوم بأحدها, و يجب التذكير بأن الطفل قبل أن يطور القسم الثاني, كان يكتفي بالبكاء فقط, مع نمو الطفل يصبح عمل هذا القسم أكثر تعقيدا, و ذلك لوجود رغبات و حاجات جديدة و تحمل عواقب و مستلزمات جديدة, إن الشخص الذي يعاني من مشاكل نفسية غالبا ما يكون هذا القسم من نفسه ضعيف و غير قادر على مواكبة تطور القسم الأول, و يكمن السر في حدوث المشاكل النفسية أن هذا القسم مسؤول أيضا عن إقناع القسم الأول بالعدول عن بعض التصرفات و سيذكر لاحقا لماذا يجب عليه إقناعه بذلك, و هناك دور أخر لهذا القسم يتعلق بالقسم الثالث أو الأخير, و سيتم التطرق له في حينه.
القسم الثالث أو الأخير, مع تطور هذا القسم تكتمل النفس البشري أو الشخصية, و يمكن تجزيء هذا القسم لجزأين, الأول يمثل القيم و التصرفات الجيدة و يسعى دائما للكمال, و الثاني القيم و التصرفات السيئة و يسعى دائما لرفضها, أن المصدر الرئيسي لاكتساب القيم و تصنيفها على أنها جيدة أو سيئة هما الوالدين, و يأتي دور المجتمع و الديانة التي يعتنقها هذا الشخص في مرحلة متقدمة, و هذا يفسر الاختلاف بين شخصيات البشر, فكل مجتمع و ديانة يمتلك قيم مختلفة عن الأخرى, و يمكن توضيح عمل هذا القسم بتشبيهه لرجل الأمن, فهو يحاول منع التصرفات التي يعتبرها سيئة و ذلك عن طريق تحفيز القسم الثاني و الذي هو مسؤول عن تفسير و توضيح الواقع للقسم الأول و منعه من ارتكاب ما يعتبر سيئ, و يحاول تطبيق القيم الجيدة و الكمال على التصرفات, أن أكثر معلم واضح من هذا القسم هو صوت الضمير و الشعور بالذنب.
في البداية إن وجود طرف أقوى من الأخر سيؤدي إلى حدوث خلل, فعلى سبيل المثال إذا سيطر القسم الأول على الشخصية سيتصرف الشخص بشهوانية بحته و سيؤدي إلى نبذه في المجتمع, و هذا بدوره سيقوده لصراعات مع نفسه, و فيما إذا سيطر القسم الثالث, فسيحاول أن يقود الشخص للكمال و المثالية المطلقة, و سيرتفع صوت الضمير و سيلازمه الشعور بالذنب لدرجة لا يمكن تحملها, أن الطريقة المثلى لإيجاد شخصية متزنة و سليمة, هي الموازنة بين قوة القسم الأول و الثالث, و تعزيز قوة القسم الثاني على الإقناع و التوضيح و المنع عند الحاجة.
علم النفس وأهمية دراستة
علم النفس هو أحد فروع الدراسات الإنسانية التي تم الإعتماد عليها كعلم مستقل في فترة متأخرة من التاريخ الإنساني ، و بالتحديد في بدايات القرن العشرين ، بعد أن واجهت رفضاً أكاديمياً شديداً من العديد من العلماء الذين رأوا أن دراسة علم النفس ما هي إلا مجرد نوع آخر من التنجيم . و قد شهد علم النفس تطور كبير من حيث المجالات التي يبحثها بسبب التطور المتزايد في النشاط البشري و ظهور مدارس فلسفية جديدة في العالم و مناهج جديدة في التحليل النفسي و الدراسات النفسية على البشر . إن دراسة علم النفس من الدراسات الهامة التي تعني بالإنسان و بالتطور البشري ، و تنبع تلك الأهمية من المجالات التي يبحثها علم النفس . و هو في الأساس علم وصفي يهتم بدراسة و تفسير سلوكيات الإنسان الظاهرية و تحديد أسبابها و الوصول إلى قوانين عامة تخص النفس البشرية من خلال الملاحظة و الدراسة النظرية ، و له شق تطبيقي يعمل على الإستفادة من القوانين النظرية للنفس البشرية و محاولة تغيير و تقويم السلوك الإنسان من خلال التجارب و عمليات العلاج النفسي الإكلينيكي .
الشخصية شيء مكتسب أم موروث …!!؟
تمتد الدراسات حول النفس البشرية و كيفية عملها و تكوينها منذ ما يقرب من قرنين من الزمان ، و لازال علماء النفس يكتشفون الجديد فيما يتعلق بخصائص النفس البشرية و الشخصية و مكوناتها ، و تعددت النظريات حول شخصية الفرد و كيفية تكوينها و تطورها ، فمن العلماء من قال بأن الشخصية البشرية تتكون وفقاً للبنية الجسمية و الحالة البيولوجية للفرد ، و منهم من قال بأنه نتاج مجتمعي تحكمه العلاقات الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية للمجتمع ككل ، و منهم من قال بأن شخصية الفرد تخضع للعوامل الوراثية بشكل كبير و أنها تتطور وفقاً للتطور الوراثي تصاعدياً مع تطور البشرية ككل و تطور إمكاناتها .
ما هي النفس …؟؟
النفس موجودة في مختلف المخلوقات وهي التي تولد وتموت و تنتابها الغرائز كالجوع والجنس وهي التي تمرض وتعذب وتتألم، فأداة النفس هو الجسد الذي تتحكم به وتسيطر عليه، فهي ذلك الشئ الخفي، غير القابل للظهور والإعلان والذي به تحيا الكائنات والمخلوقات بمختلف الأنواع ومنها الإنسان، والتي بسحبها منها تموت وتفنى. ترتبط النفس بالسلبيات والمفاهيم الرديئة، فهي ميالة دائماً لإشباع غرائزها، ولكن الإنسان صاحب الإرادة هو الذي يتحكم بها ويسيطر علبها، فترقى هذه النفس وتتهذب ويصبح الإنسان قادراً على أداء الوظيفة التي خلق لأجلها، وتقوى علاقته مع باقي المخلوقات وينتشر الحب وفعل الخير بين الناس، وتحقق غاية الله في خلقه وتعمر الأرض، أما النفوس المريضة فهي التي تدمر البشرية وتعيث الخراب في الأرض، فبالقطع لم تكن نفوس الظالمين والمتجبرين والمتكبرين والطماعبن والحاقدين والذين أنزلوا أشد أنواع الويلات والنكبات في الشعوب وعلى اختلاف حقب التاريخ البشري، لم تكن هذه النفوس نفوساً سوية، بل على العكس تماماً كانت نفوساً قميئة نتنة مريضة عفنة أحاقت الويلات في جميع مخلوقات الله.
التناغم بين البشر أمر ضروري حتى لا تصاب النفس البشرية بالأنانية #خطوات_الشيطان
الفرق بين الروح والنفس
الفرق بين الروح والنفس هو أن النفس موجودة في جميع المخلوقات وهي التي تمثل المادية والوجود الموضوعي للمخلوقات وهي التي تتألم وتأكل وتموت وتفكر وتشرب وتنام وترتاح وتمرض وتموت. أما الروح فهي خاصة للإنسان وهي سر إلهي، وهي تنسب لله أيضا مما يزيدها ويزيد الإنسان رفعة وتشريفاً بهذا الانتساب، فالروح هي المعرفة والجمال والإحساس وهي التي تعطي البشر القدرة على التميز والخلافة في الأرض والتفكير في الماورائيات وإنتاج العلوم والأفكار والمذاهب والاختلاف.
النفس وأقسامها نفسُ الإنسان هي الجزء الّذي خاطبه القرآن الكريم والمكلّف دائماً في الأمور، والنّفس هي الذّات، وهي الأساس في الإنسان، ودليل ذلك ما جاء في كتابه تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) غافر: 17 ويمكن تقسيم النّفس إلى ثلاثة أقسام، وهي:-
قال تعالى : ” يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ” [الفجر: 27] .وقال تعالى : ” وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ” [القيامة: 2] .وقال تعالى : “ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ” [يوسف: 53] .
النفس المطمئنّة وهي أرقى درجات الرّفعة الّتي تصل إليها النّفس البشريّة؛ لذا فإنّ الوصول إلى تلك المكانة المرموقة والمتمثّلة في درجة النّفس المطمئنّة يحتاج إلى كثيرٍ من العمل، فعلى الإنسان أن يكون صادقاً مع نفسه في البداية، وواضحا أمام ذاته دون أيّ هروبٍ أو خداع ليرقى إلى هذه الدرجة، وبعد الصّدق مع النّفس عليك أن تكون صادقاً مع الله ومخلصاً له في عملك مزيلاً في ذلك كلّ حواجز المعاصي والآثام لنيل رضاه، وأخيراً عليك أن تكون صادقاً مع الآخرين من حولك. وقد جاء ذكر النفس المطمئنّة في القرآن الكريم، قال تعالى: (يا أيّتُها النّفسُ المُطمئِنّةُ ارجعي إِلى ربِّكِ راضيةً مرضيّةً فادخُلي فِي عِبادِي وادخُلِي جنّتِي)
النّفس الأمّارة بالسوء وهي النّفس الّتي تكون جاهزةً للشرّ والفتنة، وتقترن بالشّيطان والهوى، وبفعل السّوء، وهي دائماً ما تأمر صاحبها بفعل الخطايا والآثام وارتكاب الرذائل موسوسةً له بشتّى الوسائل والمغريات الّتي توقعه فى الإثم والخطأ، وتقوده إلى الجحيم، وبئس المصير، وقد قال تعالى في ذلك: (وَمَا أُبَرِّىءُنَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) النّفس اللوّامة وهي درجة وسطى بين كلٍّ من النّفس الأمّارة بالسّوء وتلك المطمئنّة؛ فهي تقع بالذّنب، ولكنّها تعترف فيه بعد ذلك، وجاء ذكرها في القرآن الكريم؛ حيث قال تعالى: ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) الروح
تناقضات النفس البشرية
فيدور مخائيلوفيتش ديستوفيسكي (1821–1881) كاتب وروائي روسي، ويُعد من أفضل الكتاب الروس بل من أفضل الروائيين العالميين. قدم للعالم أجمل الروايات، ك “الجريمة والعقاب” و”الأبله” و”الأخوة كارامازوف”. واشتهرت رواياته بغوصها في أعماق النفس البشرية وخفاياها حيث تُعد اليوم أعماله مصدراً للإلهام في الأدب المعاصر. في تدوينات سابقة، سبق له الحديث عن أقسام الرجال وعن الفرق الضئيل بين الإنسان والببغاء، وعن حقيقة البشر المؤلمة. وفي هذه التدوينة، يتحدث في رواية “الإخوة كارامازوف” عن تناقضات النفس البشرية حيث يقول :“ نحن أناس على حالة الطبيعة، يختلط فينا الخير والشر اختلاطًا غريبًا. نحب الثقافة وُعجب بشيللر، ولكننا نعربد في الحانات ونجد لذة في جرّ رفاق السكر من لحاهم. صحيح أننا نعرف كيف نكون أخيارًا طيبين وكرامًا أسخياء في المناسبات، ولكن ذلك لا يحدث لنا إلا حين نكون سعداء راضيين عن أنفسنا. نحن نحب الأفكار النبيلة، ونلتهب حماسةً لها، نعم، نلتهب لها حماسة، ولكن شريطة أن تهبط علينا من السماء بغير جهد نبذله، وأن لا تكلفنا شيئًا، خاصة أن لا تكلفنا شيئًا. نحن لا نريد أن نبذل في سبيلها شيئًاو نحن نكره أن نكون مضطرين إلى العطاء. ولكننا في مقابل ذلك نحب أن نأخذ، نحب الأخذ في جميع الميادين. لسان حالنا يقول : أعطونا، أعطونا جميع خيرات الحياة (أقول جميع الخيارات لأننا لا نرضى بأقل من ذلك)، ولا تعارضوا رغباتنا في شيء، تروا عندئذ كيف نستطيع أن نكون لطافًا محببين ؛ ما نحن بالطماعين النهمين طبعًا، ولكننا نريد أن تعطونا مالًا، أن تعطونا مالًا كثيرًا، أن تعطونا أكبر قدر ممكن من المال : وسوف ترون عندئذ كيف نستطيع، باحتقار نبيل كريم للمعدن الخسيس، أن نبدده وأن نتلفه في ليلة واحدة أثناء قصف محموم ولهو مسعور. فإذا شاء سوء الحظ أن يُمنع عنا هذا المال، أظهرنا ما نحن قادرون على أن نفعله للحصول عليه متى اشتدت حاجتنا إليه. ”
(…)” أعني أننا إزاء أناس قادرين على أن تضم نفوسهم جميع تناقضات الحياة، وعلى أن يرنوا بأبصارهم إلى الهوتين كلتيهما في آن واحد، الهوّة العليا التي تحلق فيها أنبل المثل، والهوة السفلى التي تغوض فيها أحقر المخازي وأدنأ أنواع السقوط. “
(…)” أعني أننا إزاء أناس قادرين على أن تضم نفوسهم جميع تناقضات الحياة، وعلى أن يرنوا بأبصارهم إلى الهوتين كلتيهما في آن واحد، الهوّة العليا التي تحلق فيها أنبل المثل، والهوة السفلى التي تغوض فيها أحقر المخازي وأدنأ أنواع السقوط. “
مراحل نمو النفس البشرية
أن أول قسم في النفس يبدأ ظهوره مع ولادة الطفل, و يطلق على هذا الجزء أكثر من مسمى, و هي النفس الأمارة بالسوء, و النفس المشتهية, و الأنا, بصرف النظر عن المسميات, يمكن تعريف هذا القسم على أنه الصوت داخلي الذي يطالب بتلبية جميع الرغبات و بصرف النظر عن طبيعتها, و يمكن توضحها بشكل أفضل عن طريق تصرفات الطفل, حيث أن الطفل لا يمتلك إلا هذا الجزء من النفس إلى أن يصل لسن الخامسة تقريبا, من مراقبة الأطفال تلاحظ أنهم لا يعوا إلا لحاجاتهم سواء كانت من نوم أو طعام أو نظافة, و لا يمكنهم تمييز أو معرفة ما هي الأمور المترتبة على هذه الحاجات ولا يعيرونها أي اهتمام, فقط يردوا تلبيتها, و عند تعذر تلبية هذه الحاجات يبدأ بالبكاء, حتى يتم تلبيتها, يبقى هذا القسم و يتطور مع نمو الشخص حيث تختلف الحاجات و الرغبات و لكن تبقى الوسيلة واحدة, و يعد هذا القسم مسؤولا عن الكثير من الصراعات النفسية التي يعاني منها معظم الأشخاص.
يبدأ القسم الثاني من النفس البشري بالظهور في سن الرابعة أو الخامسة, و على الأغلب ليس هناك سن محدد لظهوره فهو يعتمد كثيرا على حالة الطفل الصحية و على البيئة التي ينشأ فيها, أن المرجع الأساسي لهذا القسم هو الواقع, و يتم تطويره عن طريق التجارب التي يمر بها الطفل, أن العمل الرئيسي في هذا القسم هو توضيح الأمور المترتبة على تلبية الحاجات و الرغبات, و يمكن أن يعطى مثال بسيط, عندما يشعر الطفل بالعطش, يدرك أن عليه إما أن يطلب من والدته ماء أو يذهب بنفسه لكي يحضر الماء, فيقوم بأحدها, و يجب التذكير بأن الطفل قبل أن يطور القسم الثاني, كان يكتفي بالبكاء فقط, مع نمو الطفل يصبح عمل هذا القسم أكثر تعقيدا, و ذلك لوجود رغبات و حاجات جديدة و تحمل عواقب و مستلزمات جديدة, إن الشخص الذي يعاني من مشاكل نفسية غالبا ما يكون هذا القسم من نفسه ضعيف و غير قادر على مواكبة تطور القسم الأول, و يكمن السر في حدوث المشاكل النفسية أن هذا القسم مسؤول أيضا عن إقناع القسم الأول بالعدول عن بعض التصرفات و سيذكر لاحقا لماذا يجب عليه إقناعه بذلك, و هناك دور أخر لهذا القسم يتعلق بالقسم الثالث أو الأخير, و سيتم التطرق له في حينه.
القسم الثالث أو الأخير, مع تطور هذا القسم تكتمل النفس البشري أو الشخصية, و يمكن تجزيء هذا القسم لجزأين, الأول يمثل القيم و التصرفات الجيدة و يسعى دائما للكمال, و الثاني القيم و التصرفات السيئة و يسعى دائما لرفضها, أن المصدر الرئيسي لاكتساب القيم و تصنيفها على أنها جيدة أو سيئة هما الوالدين, و يأتي دور المجتمع و الديانة التي يعتنقها هذا الشخص في مرحلة متقدمة, و هذا يفسر الاختلاف بين شخصيات البشر, فكل مجتمع و ديانة يمتلك قيم مختلفة عن الأخرى, و يمكن توضيح عمل هذا القسم بتشبيهه لرجل الأمن, فهو يحاول منع التصرفات التي يعتبرها سيئة و ذلك عن طريق تحفيز القسم الثاني و الذي هو مسؤول عن تفسير و توضيح الواقع للقسم الأول و منعه من ارتكاب ما يعتبر سيئ, و يحاول تطبيق القيم الجيدة و الكمال على التصرفات, أن أكثر معلم واضح من هذا القسم هو صوت الضمير و الشعور بالذنب.
طريقة الحفاظ على سلامة الجانب النفسي للإنسان
في البداية إن وجود طرف أقوى من الأخر سيؤدي إلى حدوث خلل, فعلى سبيل المثال إذا سيطر القسم الأول على الشخصية سيتصرف الشخص بشهوانية بحته و سيؤدي إلى نبذه في المجتمع, و هذا بدوره سيقوده لصراعات مع نفسه, و فيما إذا سيطر القسم الثالث, فسيحاول أن يقود الشخص للكمال و المثالية المطلقة, و سيرتفع صوت الضمير و سيلازمه الشعور بالذنب لدرجة لا يمكن تحملها, أن الطريقة المثلى لإيجاد شخصية متزنة و سليمة, هي الموازنة بين قوة القسم الأول و الثالث, و تعزيز قوة القسم الثاني على الإقناع و التوضيح و المنع عند الحاجة.