والآنَ يَا طِفْلَه
ها قَدْ رَحَلَ الجَمِيعُ ,ضُيُوفًا كَانُوا أو أهْلا
لَقَدْ أغْلَقْتُ البَابْ وَلَمْ يَبْقَ هُناكَ مَجالٌ للدِّفْئ أو...للبَرْدِ المُؤقَّت ؛
والآنَ يا طِفْلَةُ...
نَحْنُ هُنا وَحْدَنَا أنَا ...و أنْتِ؛
أنا: الصُّورةُ الجَمِيلَةُ المُؤطَّرَةُ بالنُّضْجِ [ الإجْبَارِي]
المُغَلَّفَةُ بالأُنُوثَة والإغْرَاء المَجْهُولِ الهُوِيَّة....
أنا المَرْأةُ و السَّيِّدَة ؛
وأنتِ:الطِّفْلَةُ البَرِيئَة المُشَاغِبَه ،
الوَجْهُ الضَّاحِكُ بَعْدَ السُّقُوطِ المُوجِعِ مُتَظَاهِرًا بالقُوَّةِ رَغمَ الألَمْ...
أنتِ قَلْبِي العَارِي عَنْ خَيْبَاتِه ،
أنت الطِّفْلَةُ مِنِّي؛
حَسَنًا صَغِيرَتِي ؛
رَحَلَ الجَمِيعُ ولا أظُنُّهُم يَعُودُونْ ،
فالرَّاحِلُونْ [كَما تَعَوَّدْنَاهُمْ] يُحِبُّونِ أن يَتَـ ـناسَوْ أغراضَهُمْ
هُنا عالِقَة على جُدْرَانِنَا ...نَظُنُّ أنَّهُم سَيَعُودُونْ على الأقَلْ، لاسْتِرْجَاعِها [يال السَّذَاجَة] ...
"هُم" يا صَغِيرَتِي تَرَكُوهَا عَمْدًا بلْ .... ألْقَوْ بِهَا حَيْثُ اخْتَاروا أن تَكُونَ مُهْمَلاتُ
[أشْيائِهِم التَّالِفَة] ،أو ما لم يَعُدْ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ [اسْتِهْلاكِه]
هَكَذَا يا طِفْلَةُ ؛
وَنَحْنُ نُلْقَطُ مِنْ هُنَا وَ هُنَاكْ تَفَاهَاتِهِمْ العَابِرَة...
نُلَمِّعُهَا و نَحْضُنُهَا فِي [غَباء مُطْلَقْ] قَائِلِينْ...
"سَيَعُودُونْ حَتْما ليأخذُوها هَذا الدَّلِيل ،حينَ يَعُودُون يَجِدُوها نَظِيفَةً وَ مَكْوِيَّة"
هه وَلَيْسَتْ غيْرَ يَدَيْكِ أَرَى [مَكْوِيَّه]...
طِفْلَتِي يَأ قُصَاصَة حُلْمٍ "جَنِينِيٍّ" كَانَ ساكِنِي ؛
لا تَحْزَنِي ، فأنَا هُنَا ...
بَنَيْتُ حَوْلَ حَدِيقَتِنَا جِدَارًا مِنَ البُرُودِ و اللّا مُبَالاة...
وَ وَضَعْتُ سَلَّة مُهْمَلاتٍ [قَيِّمَة] أَمام البَابْ ، أمام المَدْخَلِ إلَيْكِ
إحْتِرَامًا مِنِّي لِقَلْبِي و حِفَاظَا عَلى "بِيئَتِي" النَّفْسِيَّة .
لَنْ تَلْعَبِي بَعْدَ اليَوْمِ بِشَضايَا الزُّجاجِ المَكْسُورْ [تَرَكَهُ أَحَدُهُم حِينَ خَرَجَ عَلى عَجَلْ]
لا تَتْعَبِي فِي لَصْقِه
لَنْ تَنَامِي يا عَزِيزَتِي و أنتِ تَلْتَحِفِينَ مِعْطَفًا يَنْضَحُ بالعَرَقِ و الزَّيْفْ...
لم نَعُدْ بِحَاجَة إلى ذَلِك بَلْ لَم نَعُدْ نُصَدِّقْ ،
قَلْبِي صَارَ مَكَانًا آمِنًا لَكِ لا يَدْخُلُهُ الغُرَبَاء
وَلَنْ يُلَطِّخَ عَتَبَتَهُ حِذَاءٌ "مُلَمَّعٌ" ظاهِرُهُ غارقُ أسْفَلُهُ بالدَّمِ و الطِينْ
لَنْ تُظْطَرِّي يا فَتَاةُ إلى تَنْظِيفِ كُلِّ ذلِكَ بالدُّمُوع وَ حِمْضِ الأسْئِلَة الحَارِقْ
وَلنْ تُحاوِلِي بَعْثَرَة عِطْرِ النِّسْيَانِ حَوْلَ رَائِحَةِ نِعالِهِمْ ... بلا جَدْوَى
[لم أعُدْ بِحَاجَةٍ إلى بَشَرْ ؛لأنَّهُ لَمْ يَعُدْ هُنَاكَ بَشَرٌ مِنْ نَوعِي؛لَرُبَّما لَم يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرِي يَومًا]
تَعالَي طِفْلَتِي البَاكِيَّة ؛
كَفْكِفِي دُمُوعَكِ عَلَى صَفَحَاتِ نَجَاحَاتٍ طَرَّزْتُها لَكِ عَلى قُمَاشِ السِّنِينْ
وَنَامِي عَلى وِسَادَة الثِّقَةِ [ بِي ] يا نَفْسِي المُجَرَّدَة
دَعِينِي أُفْرِغْ خِزَانَة أوْهَامِنا مِنْ وُحُوشِ الذَّاكِرَة ، لا غُولَ فِيهَا وَلا مَكَانَ هُنَاك
لِمَصَّاصِي الأَمَانِ و البَرَاءَةِ مِنِّي [مِنَّا]
فَقَدْ تَسَلَّحْتُ عَزِيزَتِي بتَعْوِيذَةٍ خارِقَة تُسَمَّى [الّا مُبالاة]
لا تَكْبَرِي يَا قَلْبِي ؛
ظَلِّي صَغِيرَةً لاعِبَةً وَ مُشَاغِبَة ...
تأرْجَحِي طُول المَساء عَلى أرْجُوحَتِنَا وامْلَئِي الصَّباحاتِ بالمَقَالِبِ و الدُّعاباتْ
واخْتَبِئي في دَاخِلِي حِينَ يَغضَبُون و يُوبِّخُونك ولا تَهْتَمِي
"هُمْ" لا يُجِيدُونَ الحَيَاة مِثْلَكْ؛
دَعِينِي أنا الكَبِيرَةُ الوَاعِيَة ... أتَلَقَّى العِقَابَ الغَبِي ولا أتَأثَّرْ
الّا مُبالاة كَما تَعْلَمِينْ
سَنُسافِرُ وَحْدَنَا عَلى طَرِيقِ الحَياة الخَصِيبِ بالغَرَائبِ و الغُرَباء
قَدْ نُلاقِي مَزِيدًا مِنَ ال"هُمْ"
الذِينَ يَحْمِلُونَ كَثِيرًا من التَّفاهَة و العُفُونَةِ فِي قُلُوبِهِم ... وأحْذِيَتُهُم قَرِفَة،
لكنْ لا بأسْ سَلَّةُ المُهْمَلاتْ تَنْتَظِرُهُم أمامَ البَابْ
لا مَزِيدَ مِنْ دَفْعِ ضَرَائِبَ بَاهِضَة عَلى امْتِلاكِنَا مَبَادِئ "نَادِرَة" وَ مَواهِبَ [غَيْر مُرَخَّصَة]
فَنَحْنُ تَحَرَّرْنَا مِن حَاجَاتِنَا إلى المَواردْ الطَّبِيعيَّة و الوَهْمِيَّة للمَشاعِرْ و الحَنَانْ
اكْتَفَيْنا ذَاتِيا ...وَدَفَعْنا أخِيرا كُلَّ الدُّيونِ المُتَراكِمَة ؛
افْرَحِي بالحُرِّية العاطِفِية التي امتلَكْتُها أنا [وَجْهُكِ النَّاضِجْ]
وَتَعرَّفِي مَدِينَتَنا الخَاصَّة تُسَمَّى "التَّفَرُّدْ"
لَيْسَتْ وِحْدَةً مُثِيرة للشَفَقة بل تَفَرُّدْ
أنا المَرْأة و أنا الطِّفْلَة نَكْفِي مَعا وَ نَزِيد
نامِي عَزِيزَتِي
غَدًا عَهْدٌ جَدِيدْ
________
إيمان~
آخر تعديل بواسطة المشرف: