السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَصَبرَ سَبْعَ سنين!
قصة أيوب عليه السلام
اتكأ وسيم على جهته اليمنى في فراشه بعدما أصيب بكسر يلزم لجبره شهرين كاملين ، تأفف وهو يعتدل في مُتكئه فسمعه جده وأحس من زفرة التنهيدة القُنوط
بنبرة حنان قال الجد : "ألا تصبر على مصابك هذا شهرين ، وقد صبر أيوب عليه السلام سبع سنين !!"
- "سبع سنين كاملةً !! لن أطيقها " قال وسيم
- " وسبعة أشهر أيضا "
- يا إلهــــي !
- الجد : إن الله تعالى إذا أحب عبدا ابتلاه لينظر إلى صدق إيمانه ، ألا أن أكثر المبتلين هم الأنبياء !
- يتأمل وسيم في كلام جده وقد أدرك أنه في حالة قنوط و يأس قال " جدي ، هلا قصصت عليّ سيرة نبي الله أيوب ، علني أستمد من قصص الأولين صبرا ، جلدا ، و قوة فأنال عند ربي درجة ومنزلة ؟"
- لأقصصنها عليكَ وعلى نفسي ليتذكر بها الانسان صِغَرَ أفعاله ...
كان النبي أيوب عليه السلام رجلا ذا مال كثير غفير ، له من الأنعام والمواشي ونعمِ الله الكثيرة ، ذا أولاد كُثُرٍ ، كان رحميا بالمساكين ، كافلا لليتيم والأرامل يكرم المهان والضعيف ، أراد عزّ وجلّ اختبار صدق عمله وإيمانه فابتلاه في أهله فذهب ولده ، وابتلاه في ماله بذهابه وفنائه وكان من أشد أنواع الابتلاءات " مرضه " الذي لازمه سبع سنين وسبعة أشهر ، انقطع عنه الناس ولم يبق له إلا زوجته ترعى له حقه وتعرف قديم احسانه.
-وسيم : من القوم الذي أرسله فيهم جدي ؟
-الجد : سؤال في محله ، لم يذكر الله تعالى في كتابه القوم الذي أرسله فيهم لكنه ذكره وذكر قصته لنستأنس بها في مصابنا ، لنأخذ منه عبرة الصبر ونجتهد في القيام بحق الله ولا نضجر أو نسخط وإنما الصبر الصبر ..
فهذا هو حاله ، صبر واحتسب وشكر حتى قال الله فيه :إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) سورة ص
في يوم ما لقي الشيطان زوجة أيوب نبي الله عليه السلام فقال لها : إن شئت فاسجدي لي سجدة واحدة حتى أرد عليك المال والأولاد وأعافي زوجك
رجعت لزوجها تخبره ما قد قيل لها ، قال حينها : قد أتاك عدو الله ليخرجك عن دينك ، ثم أقسم إن عافاه الله ليضربنها مئة جلدة
ازداد بعد ذلك البلاء أكثر على زوجة أيوب لهجر الناس لها فلم يعد أحد يستخدمها حتى تكسب قوتها وقوت زوجها حينها باعت ضفيرتها لأحد بنات الأغنياء بطعام طيب ، أتت به إلى زوجها ، فأنكر عليها وقال : من أين لكِ هذا ؟ قالت : خدمت به أناسا
وعند حلول الغد باعت الضفيرة الأخرى بطعام أتته به فأنكر عليها مجددا وحلف أن لا ياكله حتى تخبره من أين لها ، فكشفت عن رأسها ، وحين رأى رأسها محلوقا دعا الله تبارك وتعالى أن يكشف هذا البلاء فاستجاب الله له في الحال ، قال تعالى :" وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) سورة الأنبياء
-وسيم : إذن يا جدي قد عافاه الله تعالى في رمشة عين ؟
-الجد : لا يا ولدي ،كان إذ أراد قضاء حاجته أخذت زوجته بيده حتى توصله إلى مكان طرح الفضلات ، وفي يومٍ أوصلته وبقيت تنتظر رجوعه ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى أيوب عليه السلام أن :
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) [سورة ص]
ضرب أيوب برجله الأرض فانفجرت منه عين متدفقة ، شرب واغتسل حتى صار سليما معافى ، هم بالعودة لزوجته ، فلما أقبل عليها كان أحسن ما كان ، ظنته رجلا آخر فسألته قائلة : أي بارك الله فيك ، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى ؟ قال : فإني أنا هو ، ازدادت المرأة تعجبا ، قال : أتعجبين من فعل الله وهو القادر على كل شيء ؟
-وسيم : الله أكبر كبيرا ، لكن يا جدي قد سمعت كذا خبرا عن قصة الجراد الذهبي المتعلقة بقصة نبينا أيوب فما هي ؟
-الجد : هي قصة صحيحة أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
« بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَجَعَلَ يَحْثِى فِى ثَوْبِهِ ، فَنَادَى رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِى عَنْ بَرَكَتِكَ » .
وكان له حقلان حقل قمح ، وحقل شعير فبعث الله سحابتين ، حقل القمح أفرغت فيه الذهب والأخرى في حقل الشعير حتى فاض ، ولم يقف عطاء الله عند هذا ، بل رد زوجته إلى شبابها وأبدل عن أولاده بستة وعشرين ولدا ، قال تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
-وسيم : مامعنى "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ" يا جدي ؟
-الجد : أحسنت يا ولدي ، هل تذكر وعد أيوب -عليه السلام- حين قال لزوجته لأضربك مئة سوطٍ ؟
-وسيم : أجل أكيد
-الجد : فعندما شفاه الله أمر أن يضرب زوجته لأنه حلف بالله ولابد أن يفعل
-وسيم : مئة جلدة كاملة وبالسوط ؟
-الجد : لا يا بني ، لقد أعطاه الله طريقة يبر بها قسمه فقال "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ "
أفتاه الله أنه يستطيع أن يبر يمينه دون أن يؤذي زوجته ، وذلك بأن يأخذ حزمة فيها مائة قضيب من القضبان الرفيعة جدا ويضربها بها ضربة واحدة في آن واحد مقام ضربها مئة مرة وهذا رحمة بزوجته الوفيه المخلصة البارة
والحمد لله رب العالمين
المراجع :
- قصص الأنبياء لابن كثير
- تفسير السعدي
- أضواء البيان للشنقيطي
وَصَبرَ سَبْعَ سنين!
قصة أيوب عليه السلام
اتكأ وسيم على جهته اليمنى في فراشه بعدما أصيب بكسر يلزم لجبره شهرين كاملين ، تأفف وهو يعتدل في مُتكئه فسمعه جده وأحس من زفرة التنهيدة القُنوط
بنبرة حنان قال الجد : "ألا تصبر على مصابك هذا شهرين ، وقد صبر أيوب عليه السلام سبع سنين !!"
- "سبع سنين كاملةً !! لن أطيقها " قال وسيم
- " وسبعة أشهر أيضا "
- يا إلهــــي !
- الجد : إن الله تعالى إذا أحب عبدا ابتلاه لينظر إلى صدق إيمانه ، ألا أن أكثر المبتلين هم الأنبياء !
- يتأمل وسيم في كلام جده وقد أدرك أنه في حالة قنوط و يأس قال " جدي ، هلا قصصت عليّ سيرة نبي الله أيوب ، علني أستمد من قصص الأولين صبرا ، جلدا ، و قوة فأنال عند ربي درجة ومنزلة ؟"
- لأقصصنها عليكَ وعلى نفسي ليتذكر بها الانسان صِغَرَ أفعاله ...
كان النبي أيوب عليه السلام رجلا ذا مال كثير غفير ، له من الأنعام والمواشي ونعمِ الله الكثيرة ، ذا أولاد كُثُرٍ ، كان رحميا بالمساكين ، كافلا لليتيم والأرامل يكرم المهان والضعيف ، أراد عزّ وجلّ اختبار صدق عمله وإيمانه فابتلاه في أهله فذهب ولده ، وابتلاه في ماله بذهابه وفنائه وكان من أشد أنواع الابتلاءات " مرضه " الذي لازمه سبع سنين وسبعة أشهر ، انقطع عنه الناس ولم يبق له إلا زوجته ترعى له حقه وتعرف قديم احسانه.
-وسيم : من القوم الذي أرسله فيهم جدي ؟
-الجد : سؤال في محله ، لم يذكر الله تعالى في كتابه القوم الذي أرسله فيهم لكنه ذكره وذكر قصته لنستأنس بها في مصابنا ، لنأخذ منه عبرة الصبر ونجتهد في القيام بحق الله ولا نضجر أو نسخط وإنما الصبر الصبر ..
فهذا هو حاله ، صبر واحتسب وشكر حتى قال الله فيه :إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) سورة ص
في يوم ما لقي الشيطان زوجة أيوب نبي الله عليه السلام فقال لها : إن شئت فاسجدي لي سجدة واحدة حتى أرد عليك المال والأولاد وأعافي زوجك
رجعت لزوجها تخبره ما قد قيل لها ، قال حينها : قد أتاك عدو الله ليخرجك عن دينك ، ثم أقسم إن عافاه الله ليضربنها مئة جلدة
ازداد بعد ذلك البلاء أكثر على زوجة أيوب لهجر الناس لها فلم يعد أحد يستخدمها حتى تكسب قوتها وقوت زوجها حينها باعت ضفيرتها لأحد بنات الأغنياء بطعام طيب ، أتت به إلى زوجها ، فأنكر عليها وقال : من أين لكِ هذا ؟ قالت : خدمت به أناسا
وعند حلول الغد باعت الضفيرة الأخرى بطعام أتته به فأنكر عليها مجددا وحلف أن لا ياكله حتى تخبره من أين لها ، فكشفت عن رأسها ، وحين رأى رأسها محلوقا دعا الله تبارك وتعالى أن يكشف هذا البلاء فاستجاب الله له في الحال ، قال تعالى :" وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) سورة الأنبياء
-وسيم : إذن يا جدي قد عافاه الله تعالى في رمشة عين ؟
-الجد : لا يا ولدي ،كان إذ أراد قضاء حاجته أخذت زوجته بيده حتى توصله إلى مكان طرح الفضلات ، وفي يومٍ أوصلته وبقيت تنتظر رجوعه ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى أيوب عليه السلام أن :
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) [سورة ص]
ضرب أيوب برجله الأرض فانفجرت منه عين متدفقة ، شرب واغتسل حتى صار سليما معافى ، هم بالعودة لزوجته ، فلما أقبل عليها كان أحسن ما كان ، ظنته رجلا آخر فسألته قائلة : أي بارك الله فيك ، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى ؟ قال : فإني أنا هو ، ازدادت المرأة تعجبا ، قال : أتعجبين من فعل الله وهو القادر على كل شيء ؟
-وسيم : الله أكبر كبيرا ، لكن يا جدي قد سمعت كذا خبرا عن قصة الجراد الذهبي المتعلقة بقصة نبينا أيوب فما هي ؟
-الجد : هي قصة صحيحة أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
« بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَجَعَلَ يَحْثِى فِى ثَوْبِهِ ، فَنَادَى رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِى عَنْ بَرَكَتِكَ » .
وكان له حقلان حقل قمح ، وحقل شعير فبعث الله سحابتين ، حقل القمح أفرغت فيه الذهب والأخرى في حقل الشعير حتى فاض ، ولم يقف عطاء الله عند هذا ، بل رد زوجته إلى شبابها وأبدل عن أولاده بستة وعشرين ولدا ، قال تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
-وسيم : مامعنى "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ" يا جدي ؟
-الجد : أحسنت يا ولدي ، هل تذكر وعد أيوب -عليه السلام- حين قال لزوجته لأضربك مئة سوطٍ ؟
-وسيم : أجل أكيد
-الجد : فعندما شفاه الله أمر أن يضرب زوجته لأنه حلف بالله ولابد أن يفعل
-وسيم : مئة جلدة كاملة وبالسوط ؟
-الجد : لا يا بني ، لقد أعطاه الله طريقة يبر بها قسمه فقال "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ "
أفتاه الله أنه يستطيع أن يبر يمينه دون أن يؤذي زوجته ، وذلك بأن يأخذ حزمة فيها مائة قضيب من القضبان الرفيعة جدا ويضربها بها ضربة واحدة في آن واحد مقام ضربها مئة مرة وهذا رحمة بزوجته الوفيه المخلصة البارة
هكذا تتلخص لدينا يا ولدي وسيم العبرة بالصبر فالصبر ولم تتعظ قصته بنهاية قومه ، فكما لعبرة قصة يوسف على العفة ، وعبرة قصة سليمان في التقوى
فأسبغك ربي يا بني من نعمة الشفاء عليك ما شاء
والحمد لله رب العالمين
المراجع :
- قصص الأنبياء لابن كثير
- تفسير السعدي
- أضواء البيان للشنقيطي