- عثمان عيسي
إنَّ سلوك المرء ومعتقده متلازمان، فـمسائل السُّلوك من جنس مسائل العقائد، وما كان من السُّلوك الأخلاقي سليمًا ومستقيمًا عُدَّ من شُعَبِ الإيمان وفروعه، وما انحرف منه كان دليلاً على نقص إيمان صاحبه.
ولـمَّا كان تزكيةُ النُّفوس وتطهيرُها من أدرانها أصعبَ وأشدَّ من علاج الأبدان من أدوائها، كان من أولويَّات المسلم ـ بعد تصحيح الاعتقاد(1) ـ الاعتناء بهذا الجانب، والاهتمام به، وفي ذلك شغلٌ للمرء بنفسه عن غيره، وليس من السُّهولة بمكان ترك المألوف من السلوك، ـ إلاَّ على من يسَّره اللهُ عليه ـ، وليس هو من ضروب المتعذَّر والمستحيل بل من جملة الممكن القابل للتَّغيير والتَّبديل.
إنَّه لا يختلف اثنان أنَّ التَّغيير يبدأ من النَّفس، والَّذي نشأ على غير الاستقامة مدَّةً من الزَّمن قد يحتاج إلى أضعاف هذه المدَّة للإقلاع عمَّا اعتاده وألفه من السُّلوكات والتَّصرُّفات، والَّتي يكون معظمها ممَّا لا يتماشى والشَّرعَ الحنيف، ولا يتفق والحياة الإسلاميَّة المنشودة، الَّتي من مظهرها العبوديَّة لله تعالى، والاستقامة على سنَّة نبيِّه ﷺ، حياة يرجوها كلُّ مؤمن، ويسعى إلى تحقيقها على أرض الواقع كلُّ مخلصٍ صادقٍ من الدعاة إلى الله جل وعلا.
وإذا نظرت في النَّفس البشريَّة، وجدتها دائرةً بين سلوك سويٍّ محمود وآخر معوجٍّ مذموم، وما الأخلاق إلاَّ أثر من آثار هذا السُّلوكِ بنوعيه، فمن استعان بالله ـ جلَّ وعلا ـ على ترك المألوفات والعوائد السيئة وأخلص لله في هذا الترك؛ أعانه ربُّه على ذلك، وكفى بالله معينًا، قال ﷺ: «وَمَنْ يَتَحَرَّ الخَيْر يُعْطَه وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَه»(2).
ومن السُّلوكات المحظورة الَّتي جاءت الشَّريعة الإسلاميَّة بمنعها والتَّحذير منها أشدّ التَّحذير، «سوء الظنّ»، قال الله جلَّ وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحُجُرات:12]، فهذه الآية الكريمة تهتف في ضمائر المؤمنين، مخاطبةً إيَّاهم بوصف الإيمان ـ لكونه خليقًا أن يكون باعثًا على طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ ـ، ولكون المؤمن مطالَبا بلوازم الإيمان من فعل الأوامر، وترك النَّواهي، ومن ذلك اجتناب ظنِّ السُّوء، والتُّهم الباطلة.
والمراد بالظَّنِّ هنا: التُّهمة تقع في القلب بلا دليل(3)، وهو الشَّكُّ يعرض للمرء في الشَّيء فيحقِّقه ويحكم به(4)، فهو متعلّق بأحوال النَّاس من إلقاء التُّهمة والتَّخوُّن بدون تثبُّت وتأكُّد، مع تحقيق ظنِّ السُّوء وتصديقه، كما بيَّن أهلُ التَّفسير، وإن كان الظَّنُّ يقع اضطرارًا ويهجم على النَّفس هجومًا، لا يمكن دفعه، فالمقصود مدافعته ومقاومته بالظُّنون الحسنة، والأمارات الصَّحيحة الَّتي تمحِّص له ظنَّه، فيتبيَّن صدق نفسه أو كذبها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ...»(5) الحديث.
فوصف النَّبيُّ ﷺ في هذا الحديث الظَّنَّ بأنَّه «أكذب الحديث»أي: حديث النَّفس؛ لأنَّ الظَّنَّ إنَّما يحصل في النَّفس بما يلقيه الشَّيطان، وأسوأ ما يكون من حديث النَّفس هو ظنّ السُّوء.
والمقصود الظَّنّ المجرَّد عن القرائن، فهذا الَّذي حذَّر منه النَّبيُّ ﷺ، كما بيَّن ذلك أهل العلم، أمَّا الظَّنُّ المبنيُّ على القرائن أو كان على وجه الحَذَرِ وطلب السَّلامة من شرِّ النَّاس، فلا بأس به، ولا يَأْثمُ به المرء، وقد قال اللهُ جلَّ وعلا: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحُجُرات:12] فدلَّ على أنَّ بعضه فقط إثمٌ لا كلّه.
* ضابط الظَّنِّ الَّذي يجب اجتنابه عمَّا سواه:
قال القرطبي: «والَّذي يميِّز الظُّنون الَّتي يجب اجتنابها عمَّا سواها، أنَّ كلَّ ما لم تعرف له أَمَارة صحيحة وسببٌ ظاهرٌ كان حرامًا واجبَ الاجتناب، وذلك إذا كان المظنونُ به ممَّن شُوهد منه السَّتر والصَّلاح، وأونست منه الأمانة في الظَّاهر، فظنُّ الفساد به والخيانة محرَّم، بخلاف من اشتهر بين النَّاس بتعاطي الرِّيَب والمجاهرة بالخبائث»(6) [فنقابله بعكس ذلك](7).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظرَ رسول الله ﷺ إلى الكعبة فقال: «مَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ!». وفي الطَّريق الأخرى: لما نظر رسول الله ﷺ إلى الكعبة، قال: «مَرْحَبًا بِكَ مِنْ بَيْتٍ، مَا أَعْظَمَكَ، وَمَا أَعْظَمَ حُرْمَتَك! ولَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللهِ مِنْكَ، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مِنْكَ وَاحِدَة، وَحَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ثَلاَثًا: دَمَهُ وَمَالَهُ، وَأَنْ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ السُّوءِ»(8).
ولما كان ظنُّ السُّوء بهذه الخطورة، كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: «مَا يَزَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَتَظَنَّى حَتَّى يَصِيرَ أَعْظَمَ مِنَ السَّارِقِ»(9).
و«يتظنَّى»: أي: يُعمِلُ ظنَّه، وأصلُه يتظنَّن.
هذا، وأنت تعلم عِظَمَ ذنب السَّرقة، وشؤمَها على حياة النَّاس، وضَرَرَها الاجتماعي والاقتصادي، والحدَّ الَّذي حدَّه الشَّارع الحكيم زجرًا لأصحابها، ومع ذلك كلِّه، يصير المسروق منه ـ بسوء ظنِّه ـ أعظم إثمًا من السَّارق!
وكغيره من الأدواء، فإنَّ لهذا الدَّاء العضال أسبابًَا، وآثارًا، ودواءً، نوجز الحديث عنها فيما يلي:
* من الأسباب الحاملة على سوء الظَّنِّ:
ـ ضعف الوازع الدِّيني:
وهو سببٌ عام في الذنوب، ينشأ عن قلّة الخوف من الله جلَّ وعلا، وانعدامِ مراقبةِ النَّفس.
ـ الحكم المسبق على الشَّخص:
يدفعه إلى البداءة بإساءة الظَّنِّ فهو أوَّل ما يخطر بباله؛ لأنَّه صار الأصلَ المعتمد عنده في تعامله، ولهذا ترى من يُسيء الظَّنَّ بالآخرين ينظر بعين الإساءة ما يراه غيرُه أمرًا طبيعيًّا عاديا.
ـ توقُّع ردّ فعل المرء، والخوف من تصرُّفه:
وهذا يجعل الشَّخص في تهمة للآخر وشكٍّ منه مُريبٍ، ولهذا تراه يفسِّر تصرُّفات الآخر على أسوأ المحامل، ولا يجتهد أبدًا في إيجاد محمل حسن لها.
ـ انعكاس حياة الفرد عليه من جهة تصوُّراته:
فالَّذي ينشأ في بيئة مشحونة بالظَّنِّ السَّيِّء بكلِّ أنواعه، فإنَّ العدوى تسري إليه فيصير مثلهم ـ إلاَّ من عُصم ـ، وذلك لأنَّه لا يكاد يجد في محيطه مَن يحسِّن ظنَّه في إخوانه، فيألف هذا الخُلُق الذَّميم، ويسهل على طَبْعِه، والمرء ابن بيئته يأخذ منها السُّلوك بنوعيه، الحسن والقبيح، المحمود والمذموم.
ـ وما يخفي الصَّدر أكبر:
في بعض الأحيان يكون الدَّافع لإساءة الظَّنِّ، ما يُخفي صدرُ الشَّخص من بغضٍ وحقدٍ وكراهيَّة دفينة وربَّما حسد، أدواء بعضها فوق بعض، قد امتلأ القلبُ بها، ففاض ريبة وشكًّا، بل ربَّما أدَّى بصاحبها إلى التَّحسُّس والتَّجسُّس، ودفعت به هذه الأدواء إلى تتبُّع العورات والسَّقطات، والتَّطلُّع إلى السَّوءات والفرح بالهَفَوَات، فجرَّته معصيةُ الظَّنِّ إلى معاصٍ أخرى وهكذا...
وفي بيان الارتباط الوثيق، والعلاقة القويَّة، بين سوء الظَّنِّ والتَّجسُّس قال بعضُ الأفاضل: «التَّجسُّس من آثار الظَّنِّ؛ لأنَّ الظَّنَّ يبعث عليه حين تدعو الظَّانَّ نفسُه إلى تحقيق ما ظنّه سرًّا فيسلك طريق [التَّجنيس](10) فحذَّرهم الله من سلوك هذا الطَّريق للتَّحقُّق ليسلكوا غيره إن كان في تحقيق ما ظنّ فائدة»(11).
ـ الشعورُ النَّاتج عن سوء أفعال المرء نفسِه:
لأنَّ صاحب الكيد كثيرُ الظُّنون، وفي المثل: «كاد الْمُرِيبُ أنْ يقولَ خُذُونِي»، فهو ينظر إلى المسلمين بمرآة نفسه، يظنُّ أنَّ غيره يتربَّصُ به، ويخفي الشَّرَّ والبَطْشَ به، قال الشَّاعر:
إذا ساء فعلُ المرءِ ساءت ظنونُه وصــدَّق مــا يعــتــادُه مِـن تـوهُّـم
ـ مصاحبة أهل الشَّهوات أو الشُّبهات:وقديمًا قالوا: «صحبة الأشرار تورِّث سوء الظَّنِّ بالأخيار»، فمن يجالس أهل الرِّيَبِ ويخالطهم يصِرْ ـ بلا شكٍّ ـ مُرِيبًا، فكما أنَّ صحبة الأخيار تورِّث الخير، فكذا صحبة الأشرار تورِّث الشَّرَّ، ومن خادن الأشرار لم يَسْلَم من الدُّخول في جملتهم.
فالَّذي يجلس المجالس (الخاصَّة) ينتهك فيها ـ عرضَ الأبرياء ودينَهم، فيطعن فيهم ويجرِّحهم بلا خوف من الله جلَّ وعلا، ولا دين لا ورع، ممتطيًا لفظتَيْ: «قيل» و«زعموا»، و«بئس مطيَّة الرَّجل زعموا»(12)، من يفعل ذلك يظنُّ أنَّ غيرَه على شاكلته، وكأنَّه في نظر هذا المسكين، لا همَّ للمسلم إلاَّ الوقيعة في أعراضِ إخوانه(!)
ثمَّ ينحدر به الشَّيطانُ إلى وهمٍ آخر فيحسب إذا توهَّم شيئًا، أو نُمي إليه قول، أنّه هو المقصود به، فيُخيِّل له الشَّيطانُ أنَّه صار غرَضًا يُرمى، فتراه يبني على ظنِّه الفاسد أحكامًا ينشرها بين النَّاس على أساس أنَّها حقائق في الأعيان، في حين أنها ليست هي إلاَّ أوهامًا في الأذهان... وهكذا، في سلسلةٍ من الظُّنون السَّيِّئة الَّتي أثمرتها مثلُ هذه الأنفس المهزوزة، والنَّفسيَّاتُ المضطربة، وهي متفاوتة في تمكُّن هذا الدَّاء منها، والله الشَّافي لا ربَّ سواه.
ـ الجهل والظُّلم والغلوُّ:
وقد اجتمعت الأوصاف الثَّلاثة في أهل البدع والأهواء، وخير مثال على ما نحن فيه، ما كان من ذي الخويصرة التَّميمي ـ أصلِ الخوارج ورأسِهم ـ مع النَّبيِّ ﷺ، فقد أساء هذا الخارجيُّ الظَّنَّ بالنَّبيِّ ﷺ فقال مقالةَ السُّوء معترضًا بها على قِسْمَتِه ﷺ العادلة لبعض القسم، قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ»(13) وفي رواية «والله يا محمد! ما عدلت» فانظر ـ يا رعاك الله ـ كيف جوَّز أبو الخوارج الظُّلمَ عليه ﷺ في قَسْمه، والجَور في حكمه، وأيُّ ظنٍّ أسوأ من هذا بالنَّبيِّ ﷺ، وظنُّ الظُّلم منه ﷺ كفر ـ والعياذ بالله ـ قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: «فَقَوْلُهُ: «فَإِنَّك لَمْ تَعْدِلْ» جَعَلَ مِنْهُ لِفِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ سَفَهًا وَتَرْكَ عَدْلٍ، وَقَوْلُهُ: «اعْدِلْ» أَمْرٌ لَهُ (أي: للنَّبيِّ ﷺ) بِمَا اعْتَقَدَهُ هُوَ حَسَنَةً مِنْ الْقِسْمَةِ الَّتِي لاَ تَصْلُحُ وَهَذَا الوَصْفُ تَشْتَرِكُ فِيهِ البِدَعُ الْمُخَالِفَةُ لِلسُّنَّةِ فَقَائِلُهَا لاَ بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ مَا نَفَتْهُ السُّنَّةُ وَيَنْفِيَ مَا أَثْبَتَتْهُ السُّنَّةُ وَيُحَسِّنَ مَا قَبَّحَتْهُ السُّنَّةُ أَوْ يُقَبِّحَ مَا حَسَّنَتِ السُّنَّةُ وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ بِدْعَةً...»(14)اهـ.
وآفة هذا الخارجيِّ «أنَّه رضي برأي نفسه، ولو وقف؛ لَعَلِمَ أنَّه لا رأيَ فوقَ رأيِ رسولِ الله»(15)، ورأيُه الَّذي رضي به هو «ظنُّه أنَّ العدل هو ما يعتقده من التَّسوية بين جميع النَّاس، دون النَّظر إلى ما في تخصيص بعض النَّاس وتفضيله من مصلحة التَّأليف وغيرها من المصالح...»(16).
فإذا طعن أصلُ الخوارج ورأسُهم في النَّبيِّ ﷺ في وجهه وعلى سنَّته، فمَن خرج من ضِئْضِئِه ـ من الخوارج ـ لأشدُّ طعنًا فيمن بعد النَّبيِّ ﷺ، من ولاَة الأمور (حكَّامًا وعلماءَ) فتنبَّه!
* من آثار سوء الظَّنِّ:
لا شكَّ أنَّه ما من آفة من الآفات المحرَّمة إلاَّ ولها أثر سيِّء على الفرد والمجتمع، وهذا مُطَّرِدٌ، ويمكن إجمال هذه الآثار السيئة لسوء الظن فيما يلي:
ـ إنَّ ظنَّ السُّوء ـ كغيره من الآفات ـ له أثرٌّ سيِّءٌ على عبوديَّة المرء لربِّه، وذلك أنَّ الشَّريعة الإسلاميَّة ليست إلاَّ بذلاً وكفًّا، ولا يتبيَّن صدق العبوديَّة إلاَّ بذلك، وكفُّ سوء الظَّنِّ عن الآخرين، واجبٌ دينيٌّ، وخلق إسلاميٌّ، وسلوك سوي، يُنْبِئُ عن صفاء السَّريرة، ونقاء الطويَّة.
ـ إنَّ تَمكُّن سوء الظَّنِّ من النُّفوس، يقضي على الألفة والمحبَّة، ويقطع أواصر المودَّة والثِّقة الضَّروريَّة لكلِّ علاقة أخوية.
ـ وهو مجلبة لكلِّ بثٍّ وحزن، وحزازة في النَّفس، قد تبيّن الأسى في وجه صاحبه، تراه كئيبًا، قَلِق الخاطر، حَرِج الصَّدر، قد انطوى على نفسه، يبيت ليلَه يُساوِرُ الظُّنون، متقلِّبًا على القتاد، لا يستطيع نومًا، ولا يستلذُّ طعامًا.
ـ إنَّمَنِ ابْتُلِيَ بهذه الآفة، يعيش حربًا يدور رَحَاها في نفسه، تجعل النَّاس ينفضُّون من حوله، مخافةَ أن يحمل تصرُّفاتِهم على المحمل السَّيِّء، وهم يعلمون أنَّهم مخطِئون لا محالة، ـ وهذا شيء ملازم لبشريَّتهم ـ، فيُؤْثِرُون عدم معاشرتِه، ويتركون مجالسته، اتِّقاءً لهذه الظُّنون السَّيِّئة الَّتي يرمي بها، فهذا فحش ـ من نوع آخر ـ تُرك صاحبُه من أجله.
ـ ومن آثاره ـ أيضًا ـ أنَّه يدع قلبَ المرء فارغًا من العزم على مغالبته، قد انطلقت ظنونُه من غير حابسٍ لها، فذهبت به كلَّ مذهبٍ، تقسَّمته الهموم، وتشعَّبته الغموم، قدَّر الرَّاحة فتعب، وأراد الطّمأنينة فلم يصبْ، ولو اجتهد في تزكية نفسه، وتطهير قلبه، وتحسين الظَّنَّ بإخوانه، ـ مستعينًا على ذلك بربِّه ـ، لعاش قريرَ العين مسرورًا، ووجدتَ به جذلاً وحبورًا.
ـ إنَّ سوء الظَّنِّ أصلُ التَّباغض والتَّحاسد، «وذلك أنَّ المباغض والمحاسد يتأوَّل أفعال من يبغضه ويحسده على أسوأ التَّأويل، وقد أوجب الله تعالى أنْ يكون ظنُّ المؤمن بالمؤمن حسنًا أبدًا إذْ يقول: {لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِين}[النور:12]، فإذا جعل الله سوء الظَّنِّ بالمؤمنين إفكًا مبينًا فقد ألزم أن يكونَ حُسْنُ الظَّنِّ بهم صِدقًا بيِّنًا والله الموفِّق»(17).
ـ إنَّ «الظُّنون السَّيِّئة تنشأ عنها الغيرة المفرطة والمكائد والاغتيالات، والطَّعن في الأنساب، والمبادأة بالقتال حذرًا من اعتداءٍ مظنون ظنًّا باطلاً، كما قالوا: «خذ اللِّصَّ قبْلَ أن يَأخُذَك»»(18).
* طريق العلاج:
ـ إنَّ سوء الظَّنِّ لا يَعْدُو أن يكونَ من وساوس الشَّيطان الَّتي يكيد بها، وقد اتَّخذ لنفسه خطَّة يَحْتَنِكُ بها ذرِّيَّة آدم، ليضلَّهم عن السَّبيل القويم، ويزيغهم عن المنهج السَّليم، وما كان كذلك فلا يُدفع إلاَّ بذكر الله السَّميع العليم، وهو أعظم الأدوية على الإطلاق، ولا اطمئنان للقلب إلاَّ به، فالمتسلِّح بذكر الله ـ جلَّ وعلا ـ لا تغلبه علَّة، ولا يقاومه داء.
ـ ومن أنفع العلاج حلّ أسباب الدَّاء ورفعها بضدِّه، فتربية النَّفس وترويضها على حسن الظَّنِّ كفيل بِاجْتِثَاثِ هذا المرض، وبهذا أدَّب الله عز وجل الصَّحابةَ الكرام رضي الله عنه، قال ـ جلَّ وعلا ـ في حديث الإفك: {لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِين}[النور:12] فجعل المؤمنين كالنَّفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور، فإذا جرى على أحدهم مكروه فكأنَّه جرى على جميعهم؛ لأنَّ الإنسان لا يظنُّ بالنَّاس إلاَّ ما هو متَّصف به أو بإخوانه(19).
وهذا من الإيمان، كما قال ﷺ: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»(20)، وعند النَّسائي زيادة: «مِنَ الخَيْرِ».
وقد كان النَّبيُّ ﷺ حريصًا على أن يتعلَّم الصَّحابة رضي الله عنه حسن الظَّنِّ وأن يعملوا به، ويطَّرحوا الرِّيبة والشَّكَّ، والتُّهمة، وأن يحملوا الأفعال على أفضل المحامل وأحسن المقاصد، فكان ﷺ يقول: «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ»(21) فـالمؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلَّة الفطنة للشَّرِّ وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلاً، ولكنَّه كرم وحسن خلق، فهو ينخدع لسلامة صدره وحسن ظنِّه، فترى النَّاس منه في راحة، لا يتعدَّى إليهم منه شرٌّ(22).
وكذلك كان السَّلف الصَّالح من الصَّحابة ـ رضوان الله عليهم ـ والتَّابعين، في تحسينهم الظَّنَّ بإخوانهم، ودرء التُّهم عنهم، والتماس المعاذير لهم، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان صادق الفِراسة في النَّاس، ممَّن يصيب كبد اليقين بسهم ظنِّه، إذا حدَّث كِدْتَ تقول أنَّه يُملَى عليه بلسان الغيب، قال فيه النَّبيُّ ﷺ: «لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ»(23)، قد أثر عنه أنّه قال: «لا تظننَّ بكلمة خرجت من فِي مسلم شَرًّا وأنت تجد لها في الخير محملاً»(24).
ـ وعن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله أنَّه قال: «إيَّاك من الكلام الَّذي إن أصبت فيه لم تُؤجر، وإن أخطأت فيه أثمت، وهو سوء ظنِّك بأخيك»، وذلك «لأنَّك إن أصبت فيه لا تحصل أجرًا؛ لأنَّك ظننت به سوءًا، فإن كنت على صواب وكان ظنُّك مطابقًا لما فيه فلن تحصل أجرًا، وإن كنت مخطئًا فأنت آثم، فالإثم محقَّق وحاصل، والفائدة غير متحقّقة»(25) اهـ.
ـ وتوفي ابنٌ ليونسَ بنِ عُبَيْد فقيل له: إنَّ ابن عون لم يأتك، فقال: إنَّا إذا وثقنا بمودَّة أخٍ لا يضرُّنا أن لا يأتينا.
ـ ومرَّ بخالد بن صفوان صديقان، فعرج أحدهما عليه وطواه الآخر، فقيل له في ذلك، فقال: عرَّج علينا هذا لفضله، وطوانا ذاك لثقته(26).
ولو وقع هذا لواحد منَّا لتجافى جنبُه عن المضجع من سوء ظنِّه، فيغرم ولا يغنم، ثمَّ يندم ولات حين مندم.
ـ ومن العلاج ـ أيضًا ـ البعد عن مواطن الرِّيبة، ومواقف التُّهم، ومداخل السُّوء؛ لأنَّ هذا قد يجرّ غيره إلى إساءة الظَّنِّ به، لعدم معرفته بملابسات الفعل، فيوشك أن يقع في الإثم بذلك، وقد قال ﷺ «فَمَنِ اتَّقَى الْشُّبُهَات فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِيِنِهِ وَعِرْضِهِ» أي: طلب لهما البراءة ممَّا يشينهما(27).
وعَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَيٍّ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ، فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ ﷺ أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ»، فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا ـ أَوْ قَالَ ـ شَيْئًا»(28)، وفي رواية لمسلم عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: «يَا فُلاَنُ هَذِهِ زَوْجَتِي فُلاَنَةُ» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كُنْتُ أَظُنُّ بِهِ فَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ بِكَ... الحديث.
«قال المهلب: فيه من الفقه تجنُّب مواضع التُّهم، وأنَّ الإنسان إذا خشي أن يسبق إليه بظنِّ سوء أن يكشف معنى ذلك الظَّن، ويبرِّئ نفسه من نزغات الشَّيطان الَّذي يوسوس بالشَّرِّ في القلوب، وإنَّما خشي عليه السلام أن يحدث على الرَّجل من سوء الظَّنِّ فتنة، وربَّما زاغ بها فيأثم أو يرتدَّ، وإن كان النَّبيُّ عليه السلام منزَّهًا عند المؤمنين من مواضع التُّهم، ففي قول النَّبيِّ ﷺ: «إنَّهَا صَفِيَّة» السُّنَّة الحسنة لأمَّته، أن يتمثَّلوا فعله ذلك في البعد عن التُّهم ومواقف الرِّيب،...»(29) اهـ.
ـ ويجدر التَّنبيه على أنَّ من النَّاس من يَحسَبُ أنَّه من لوازم نباهة المرء وفطانته المبالغةُ في الحيطة والاحتراس، والتَّحفُّظ من الخَلق وما يكون منهم بإساءة الظنّ بهم، مُقدِّرًا في نفسه عدم الإصابة بأذاهم القولي أو الفعلي، ـ وهو مدركٌ حظَّه من ذلك لا محالة ـ.
وربَّما غرَّ مَن كان جاهلاً منهم حديثٌ ضعيفٌ جدًّا مشتهرٌ على الألسنة لا يجوز الاعتماد عليه، ولا الاستدلال به، وهو ما رُوِيَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال: «الحَزْمُ سوء الظَّنِّ»، وهذا من الآثار السَّيِّئة لهذه الأحاديث الضَّعيفة على سلوكات المسلمين، فنذكِّر هؤلاء وغيرهم بما هو خير منه، بقول النَّبيِّ ﷺ الثَّابت عنه: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ»(30)، وقوله ﷺ «الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ وَلاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يَأْلَفُ وَلاَ يُؤْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ للنَّاسِ»(31).
ـ احتساب الأجر بحسن الظَّنِّ، والخوف من الإثم المترتَّب على ظنِّ السُّوء، وانشغال المرء بعيوبه عن عيوب الآخرين، والاستعاذة بالله من شرور النَّفس، وسيِّئات الأعمال،... إلى غير ذلك من العلاج النَّاجع، والدَّواء النَّافع.
وختامًا أقول: نحن بحاجة إلى من يسعى بجهود إيجابيَّة مثمرة إلى إزالة هذه الآفة المقيتة، الَّتي ما فتِئَت تحجب نور كلِّ وِصَالٍ، بضربٍ من التَّأويل ليس عليه أدنى تعويل، ثمَّ يتبع سعيَه هذا بزرع حسن الظَّنِّ من جديد، وغلق باب العداوة الَّتي لا أساس لها، والَّتي يُؤجِّجها الشَّيطان بنفخه ونفثه، تبعًا لمخطّطه: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء}[المائدة:91]، هذه العداوة الوهميَّة الَّتي أوغلت صدور المؤمنين ـ بما هم في غنى عنه ـ والأخوة معقودة بينهم بحقٍّ من فوق سبع سماوات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحُجُرات:10]، فينبغي الحفاظ على هذه الأخوة، ورعاية هذه المودَّة والمحبَّة، حتَّى لا يكدِّر صفوَها ظنٌّ لا يغني من الحقِّ شيئًا.
فيجب نبذ هذه الظُّنون الآثمة الَّتي تمزِّق الأمَّة وتنخرها من الدَّاخل، وتغذِّي التَّنافر والتَّباغض والتَّجافي، كما ينبغي الاجتماع والتَّعاون على ما يُتَّفق عليه، ولا أقول: يعذر بعضُنا بعضًا فيما يُختلف فيه، بل يجب ردّ ما اختُلف فيه «من وسائل الدَّعوة وغاياتها، بل وفي كلِّ مسألة من مسائل الخلاف إلى ما أنزله الله حكمًا في كلِّ قضيَّة من قضايا الدِّين والدُّنيا، ألا وهو كتابه العزيز والصَّحيح من سنَّة رسول الله ﷺ، ويكون ذلك بواسطة العلماء الربَّانيِّين الَّذين عُرِفوا بالتَّمسُّك بمنهج السَّلف الصَّالح، عقيدةً وعبادةً ومعاملةً وأدبًَا وسلوكًا ومنهجَ جهادٍ ودعوة، فإنَّ هذا الصِّنفَ من النَّاس هم أهل الخبرة الشَّرعيَّة والفهم الصَّحيح لدقائق الأحكام وتفاصيل مسائل العلم ولن يجتمعوا على ضلالة»(32)اهـ.
ولا شكَّ أنَّ هذا مرتقى صعبٌ وعسيرُ المنال، ولكن ـ بتوفيق الله ـ لكلِّ عمل إصلاحيٍّ رجال، سَمَوا بأنفسهم عن الهبوط إلى درك المنفعة الخاصَّة، والدِّفاعِ عن الذَّات ـ على حساب هذا الدِّين ـ عند العامَّة والخاصَّة.
والرَّجاءُ في الله كبيرٌ أن تبرأ هذه الأنفس العليلة من هذا السُّمِّ الزعاف، والأمل معقود على السَّعي في تطبيبها من أسقامها، من غير يأس أو فتور، ولا قنوط أو نفور، حتَّى نجتمع على العقيدة الصَّحيحة إخوانًا، وعلى المنهج السَّليم أعوانًا.
ومن ساء ظنُّه بإخوانه، وبقي على توهُّمه، فقد أفسدَ حظَّه في تعاملهم معه، فإذا تصدَّر وهذا حالُه؛ فهو مسكين ذُبح بغير سكِّين؛ لأنَّ العاجز عن إصلاح نفسه أشدُّ عجزًا عن إصلاح غيره، بلا شكٍّ ولا مَين.
واللهُ وليُّ المتَّقين، والحمد لله ربِّ العالمين.
(1) وهو من تزكية النُّفوس بالتَّوحيد الخالص لربِّ العالمين.
(2) حسن: أخرجه الطبرانى فى «الأوسط» (3 /118 /2663). انظر: «الصَّحيحة» (342).
(3) «فيض القدير» (3 /157).
(4) «النِّهاية في غريب الحديث» (3 /362) بتصرُّف.
(5) متَّفق عليه: البخاري (6064)، ومسلم (2563).
(6) «تفسير القرطبي» (16 /331).
(7) زادها الصَّنعاني في «سبل السَّلام» (4 /344).
(8) حسن: أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (5 /296 ـ 297 /6706)، انظر: «الصَّحيحة» (3420).
(9) أثر صحيح: رواه البخاري في «الأدب المفرد» (1289).
(10) كذا في الأصل، ولعلَّ الصَّواب: «التجسُّس».
(11) «التَّحرير والتَّنوير» (26 /253).
(12) صحيح: أخرجه أبو داود (4972)، وانظر: «الصَّحيحة» (866).
(13) متَّفق عليه: البخاري (3610)، ومسلم (1064).
(14) «مجموع الفتاوى» (19 /73).
(15) «تلبيس إبليس» (1 /111).
(16) «الصَّارم المسلول» (1 /272).
(17) «شرح ابن بطَّال» (17 /319).
(18) «التَّحرير والتَّنوير» (26 /251).
(19) «نظم الدُّرر» للبقاعي (12 /351) بتصرُّف وزيادة.
(20) متَّفق عليه: البخاري (13)، ومسلم (45).
(21) حسن: أخرجه أبو داود (4790)، والترمذى (1964). انظر: «الصَّحيحة» (935).
(22) «النِّهاية» لابن الأثير (3 /355)، و«فيض القدير» (6 /330).
(23) حسن: أخرجه أحمد (17441)، والترمذى (3686). انظر: «الصَّحيحة» (327).
(24) رواه ابن أبي الدُّنيا في «مداراة النَّاس» (ص50).
(25) قاله الشَّيخ عبد المحسن العبَّاد البدر ـ حفظه الله ـ في «شرحه على سنن أبي داود» [شريط (353)].
(26) «أدب الدنيا والدين» (1 /433).
(27) «فتح الباري» لابن رجب (1 /117).
(28) متَّفق عليه: البخاري (1930)، ومسلم (2174).
(29) «شرح ابن بطَّال على صحيح البخاري» (7 /205).
(30) صحيح: أخرجه البيهقى (10 /89 /19961). انظر: «الصَّحيحة» (939).
(31) صحيح: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5787)، انظر: «الصَّحيحة» (426).
(32) «الأجوبة السَّديدة على الأسئلة الرَّشيدة» (3 /622).
* منقول من مجلة الإصلاح «العدد 8»
المصدر ..موقع راية الاصلاح