يُحكى أن رجلاً وجد أعرابياً عند الماء
فلاحظ الرجل حمل بعيره فسأله عن محتواه،
فقال الأعرابي :
كيس يحتوي على المؤونة
والكيس المقابل يحتوي تراباً ليستقيم الوزن في الجهتين
فقال الرجل:
لمَ لا تستغني عن كيس التراب وتنصف كيس المؤنة في الجهتين فتكون قد خففت الحمل على البعير
فقال الأعرابي صدقت !!
ففعل ما أشار إليه ثم عاد يسأله:
هل أنت شيخ قبيلة أم شيخ دين؟
فقال لا هذا ولا ذاك
بل رجل من عامة الناس،
فقال الأعرابي :
قبحك الله لا هذا ولا ذاك
ثم تشير علي!!
فأعاد حمولة البعير كما كانت
.
.
الدّرس الأوّل :
تواضَعْ !
التي أوقفتْ جيش نبيّ نملة
والذي كان سبباً في هداية أمة هدهد
وانظرْ لتواضع سُليمان وقد ملك الأرض من مشرقها لمغربها
يبتسمُ ضاحكاً من قول نملة
ويستعين بهدهدٍ أحاط بما لم يُحطْ هو به علماً !
.
.
الّدرس الثّاني :
الوضيع إذا قال الحق تعاظم لأنّ الحق يرفعُ أهله
والعظيم إذا قال الباطل تصاغر لأنّ الباطل يحطُّ أهله !
فليكنْ حكمك على القول لا على صاحبه
وناقشْ الفكرة لا الشخص
تافهون أولئك الذين يُشخصنون كلّ حوار
ويُقزّمون كل فكرةٍ لم يرق لهم صاحبها
وعظماء أولئك الذين ينزلون على الحق بغض النظر عن قائله
وانظرْ لسيّد النّاس وقد اتخذ موضعاً للقتال في بدر
وأنزل الجيش منزلاً ظنّه الأفضل
فإذا بالحَباب بن المنذر يسأله :
أهوَ موضع أنزلكَ الله إياه، أم هي الحربُ والمشورة والرأي
فقال له : بل هي الحربُ والمشورة والرأي !
فقال الحَبابُ : ما هذا بمنزل للحرب، أرى أن تكون آبار بدر خلفنا فنشرب ولا يشربون !
فنزل النبيّ صلى الله عليه وسلم عند رأيه
هذا وهو المُؤيّد بالوحي
الذي أمّ الأنبياء ذات إسراء
وصعد إلى السماء السّابعة ذات معراج !
.
.
الدّرس الثّالث :
النّاس بعقولهم وقلوبهم لا بأجسامهم ووجوههم
لقمان الحكيم كان عبداً نوبياً أسود
اشتراه سيّده بثلاثين مثقالاً
وكان سيّده مقامراً يلعب بالنّرد، فقامر مرّة وخسر
فاشترط عليه المقامر الفائز أن يشرب ما بين ضفتي النّهر
أو يفقأ عينيه، ويجدع أنفه، ويقطع أذنيه
ويكفيه من ذلك كلّه أن ينزل عن ماله فداءً
فقال له : أمهلني حتى الغد
وبينما هو مهموم مغموم إذ مرّ به لقمان، وسأله ما به
فأخبره الخبر
فقال له لقمان : اطمئن فإنّي سأخرجك من رهانك هذا
فإذا جاء الغد سَلْه : أَأشربُ ما بين الضّفتين أم المد ؟
فسيقول لك ما بين الضّفتين
فقل له احبسْ عني الماء إذاً كي لا يختلط الماء
فإنّه سيعجز !
فلما كان الغد قال سيّد لقمان لخصمه : أَأشربُ ما بين الضّفتين أم المد ؟
فقال : اشربْ ما بين الضّفتين
فقال له : احبسْ عنّي المد كي لا يختلط الماء
فقال له : لا أستطيع
فقال سيّد لقمان : وأنا لا أشربُ ماءً ليس داخلاً في الرّهان
فقُضي الأمر
وأُعجب سيّد لقمان به، وأعتقه ...
.
.
الدّرس الرّابع :
أحياناً صاحب العقل لا يُسعفه عقله
فيجد ضالته في عقل من دونه
ومن حكمة الله أنّه أحاج النّاس للناس !
فإن كان حلّال مشاكل غيره قد يحتاج من يسعفه بمشكلته
فنحن العاديّون أحوج ما نكون لنُصح غيرنا !
ولنتواضع للحقّ إذا قيل دون أن نلتفت لمكانة قائله
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "