رغم الألم… يبقى الأمل

محبة الشهادة

:: عضو منتسِب ::
إنضم
5 مارس 2016
المشاركات
4
نقاط التفاعل
18
النقاط
3
http://www.up-00.com/

،

صمتُ يعم أرجاء المكان … كالمعتاد قليل من الكلام ، كثير من الحركة لدى قوة بأن أعطي كل ما أستطيع …
ف المكان المحيط بي مربك جد الوجع ..
أسرة بيضاء تملأ المكان .. بدأ الضجيج يتسلل إلى جميع الأنحاء …ليستوطن أرجاء الروح ويزيد التوثر والقلق والإرتباك …


 ماهى إلا لَحْظَاتٍ..

حتى تحولت كل الأماكن إلى كابوس يصعب استيعابه .. إنحفر بأرجاء الروح ..

هُنَا سأبدأ الْبُوحَ بقصتي…
سكني بين دعوات أسرتي ومرضاي …معنتي طبيب كتب الله لي دراسة البطولة ، فبعد أن انهيت دراستي إلتحقت بالعمل ب مستشفيات القطاع ..
لكي أكون شاهداً على جرائم الإحتلال ، في كل حرب نعيشها نرى ما لا يراه أحد …
إسمي محمد أبلغ من العمر 45 عاماً متزوج ولي من الأولاد ، إبن وإبنة نعيش كل معاني الحب في جو أسري ملتزم ، ابني خريج هندسة معمارية ، وأنتظر حفل تخرجه بعد فترة قليلة من الزمن ، وابنتي قد إنتهت من دراسة الثانوية العامة وأنتظر بكل شوق إعلان نتيجتها ،وزوجتي تعمل في مؤسسةِ لرعاية الأيتام .

 إِلَيْكُمْ تَفَاصِيلَ الْوَجَعِ..كالمعتاد أستيقط في شهر رمضان وقت السحور ، وبعد الصلاة أجلس مع أسرتي وأملنا بالله كبير بأن القادم أجمل ..وأستعد للخروج للعمل ..أتوجه إلى قسمي بالمستشفى ، تدور أحداث يومي بين المرضى .. انتبهت أن كل الوجوه يعتليها الخوف والقلق والإرتباك ، وفي لحظات بسيطه أزداد الضجيج بالمستشفى لتصدر صفارات الطوارئ رنينها ،
حملت نفسي للإستعداد ، وأن أكون في الصفوف الأولى ..فقد أعلنت الحرب على قطاعنا الحبيب ،
كالمعتاد سنرى الأطفال هم مركز أهداف صواريخ الغذر الصهيونية ،في يومها ذهبت إلى البيت وأوصيت زوجتي وأوصيت إبني ليكون الرجل في غيابي وأن يكون بجانب والدته وأخته .. ومشيت وقلبي يرتجف آلماً ، وعيونهم تحيطني بالدعوات ….
على أعتاب المستشفي صراخ أم فقدت جميع أبنائها تبكي من هول ما أصابها وهنا والدُ قد هدم بيته فوق رؤوس أولاده وزوجته وأمه … يحاول أن يكتم حزنه لكن دموعه لا يستطيع السيطرة عليها فتنزل دون إرادته …وهنا طفلة في سن العاشرة هي الوحيدة الناجية من أسرتها ،رحماك يا الله بها ماذا تفعل ؟؟!! أتنقل بينهم بقلب مثقل بالوجع من هول ما أرى وأتوجه إلى فتاة في الربيع من عمرها قدميها مبثورتين ونزيف برأسها.. أسرع لإسعافها فتمسك يدي وتضغط عليها بقوة وتقول لي أستحلفك بالله يا دكتور أيقظ أختي فليس لي من حرب الفرقان غيرها ، أسرعت لأنقاظها أتوجه إلى الصغيرة وأجدها قد فقدت أنفاسها ،فقد استشهدت أختكِ يا صغيرتي …

دَوَّتْ بِالْمُسْتَشْفى صرخةَ صُمَتِ أَذَانِ كُلُّ الْمَوْجُودِينَ

حاولت الإتصال للإطمئنان على أسرتي لكن لا جدوى من الإتصال فكل شيء كعطل ، ثم قصف مولدات الكهرباء وخطوط الإتصال ..

يا ربَّ احفظهم واحفظهم واحفظهم..
توجهت إلى العمل مرة آخرى وأنا لم أزل به .. نستقبل أجساد الأطفال المغرقة بدمائها وقد قطعت أشلاءاً فأختلطت أجساد الإناث مع أجساد الذكور فعجزنا كيف نجمع كل جثة لوحدها..

إرتخت أعصابي وبردت أطرافي وازداد التوثر وزادت دقات قلبي ، فجأة أحسست بشيء لم استوعبه إلا عندما توجهت مسرعاً إلى الإستقبال ، باب سيارة الإسعاف لأستقبل جثث الشهداء ، بدأت أنظر بعيون حارقة ..
تنبهت أنني أعرف هذه الوجوه وكأنني صعقت مما رأييت !!
نعم هذه زوجتي وهذا ابني الذي انتظر منه أن يتوج لي شهادة تخرجه في حفل حلمت به طول فترة تدريسي له ، وهذه ابنتي التي تنتظر أن تلتحق بالجامعة بعد ما تعبت من كد الدراسة الثانوية .
نعم استشهدوا جميعهم .. بصواريخ غدر قصف منزلي فشتت روحي ..
ودعتهم بقلب أثقله الوجع .. وحُرمت تشييع جثامينهم ..
،
يعتلي القلب جرح وآلم .. سأبقى صامداً هنا لن أخاف قصفهم ولا تدميرهم
سنبني بيوتنا وتعيش أرواح أحبابنا بيننا …
ملتزم مكاني ، حامل شعاري …
لا لذل لا للهوان ….


” وَمَا النَّصْرُ آلا صَبِرَ سَاعِهِ “

بقلم / محبة الشهادة.
 
آخر تعديل:
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top