و يتَّخِذُ الجُرْحُ لِنَفْسِهِ بُعْدا آخَر..،
بَعْدَ أنْ سَئِمَ الإتِّساع و العُمْقْ ، يَخْرُجُ الآنَ عَلى حُدُود القَلْبِ و العَقْلِ و الجَسَدْ.
إنَّه هُنا ، جُرْحِي ثُلاثِيُّ الأبْعادِ يَجْلِسُ إلى جانِبِي..،
يَتَنَاول الغَذاءَ مَعِي ، و يُرافِقُنِي إلى الجامِعه..،
يُسَلِّمُ علَيَّ احَدٌ ما ،فيَرُدُّ جُرْحِي عليه السلام
تَخْطُرُ ببالي أُغْنيةٌ ما، فيلْقَفُها و يُغنِّيها ...
أتَعثَّرُ بِذِكرى مَنْسية ..، فيُراقِبُ سُقوطِي و ينفَجِرُ ضاحكا
إنَّهُ هُنا تماما ،مُلْتَصِقٌ بِيَسارِي و يُشارِكُني يَدِي
جُرْحِي الذِي كَبُرَ فَجْأة..، و أتْقَنَ آلافَ اللُّغاتْ
أصْبَح ثَرْثارا جِدًّا ..، بَعْدَ ان اعْتادَ العَتْمَة و السُّكُوتْ.
هَاهو ذَا يُمَزِّقُ ثِيابِي و يَصْرُخُ عالِيا أنا هُنا
أنا هُنا...
كَبيرٌ كِفاية لآكُل جِسْمَكِ النَّحِيل و لا أكْتَفي
عَميقٌ كٍفايَة لأَدْفِنَ كُلَّ اسْتِغاثاتِكِ الفَاتِرَة...
و خَبيثٌ كِفاية حتى أُخْفي مِنْكِ كُلَّ دَمْعة بائسة .
جُرْحي الذي دارَيْتُه طَويلا ، يَحْتَّلُّني ،يَلومُني ،يُعاقِبُني،
يَجْتاحُ كَيانِي ،يَسْرِقُ أعْضائِي و يَبيعُها لليأسْ.
لَقَدْ أطْعمْتُه جَيِّدا و عَلَّمْتُه كثيرا حتَّى اسْتَفْحل و الْتهبْ
و صار طاغية ... مثْلك
كم يُشْبِهُكَ هَذا الجُرْحْ... كم يُشبِهُك.
هاهو جُرحي ، بكامِل قُوته و شبابه ..، لم يَعُدْ يُحاول الالتِئَآم
لا يُريدُ أن يَخْتفي..،
يَدْفَعُني الى حَيثُ يُريدْ
يَحْمِلُ معي حين أسيرُ اليكَ ..، يَحمِلُ معي ظِلِّى و حَقائب صَبري،
ينْتظِرُ بِلهْفةِ جائِعٍ حُضورك لِيَقْتات من قَسْوتك و يكبُر...
هاهو يسْتَقِلُّ عن إرادَتي و يبْدأُ لنَفْسه كَيانا جَديدا
هاهو يَحمِلُني بَعدما و يأخُذُني بعدما أخذتُه
انه يَفْعلُ ما يَشاء.
لا تَسْألني بَعدَ الآن لِم أصبَحتِ هادئة و ممِلَّة ..، لا تسْأل .
فهذا الجُرْحُ الصاخبُ حَديثُه لا يَنتَهي عنك ..، لم يَتْرُك لي مجالا
لقولٍ و لا ضِحْكة
هذا الجُرْحُ ثُلاثي الأبعاد ،حادُّ الأظافر ،سَليطُ اللسان ،ساخِرُ المزاج ،ذو التَّعابير الوقِحة يَسيرُ في أثرِك و يَتَعلَّمُ منك
هاهو يا سيِّدي الجُرْحُ الذي جاء منك
كم صار يُشْبِهُك...،
___________
إيمان~
11/03/2016
16:07