يقول ويليام مرسيه الذي إهتم بدراسة اللغة لأمازيغية و اللهجات المغاربية عن كيفية إستعراب الأمازيغ
لقد عاشت جماعات من الريفيين وأخريات من المستقرّين في أربع نواحي من المغرب الإسلامي، تكلّم جميعُهم لغةً عربيةً ليست بالبدوية ولا بالمدنية، وهذه المقاطعات السكنية هي الساحل التونسي أوّلا، ثمّ الشمال القسنطيني إلى ساحل البحر الأبيض المتوسّط ثانيًّا، ثمّ ناحية جبال الترارى شمال تلمسان ثالثًا، ورابعًا وأخيرًا موقع جبال جبالة شمال مدينة فاس. فمواطنو الأنحاء الثلاثة الأخيرة – الاثنتان في الجزائر والأخرى بالمغرب يجمعها قاسم مشترك واحد؛ هو استعمالهم لمفرداتٍ وتراكيبَ عربيةً من أساليب الأقدمين، وفي نفس الوقت يبالغون في استقراض كلمات من اللغة الأمازيغية، ويأتون بتشويهات صوتية استثنائية بالمغرب، ويلجئون إلى ممارسة تراكيب نحوية وصرفية بعيدة كلّ البعد عن العربية والتي يظهر فيها قِوام اللغة الأمازيغية بكلّ وضوح .
لقد عاشت في المرتفعات الجزائرية عناصر ريفية أمازيغية مارسوا اللغة العربية التي اكتسبوها من خلال معاملاتهم التجارية مع المدن الكبرى، واعتبر الباحث تلك اللغة لغةً عربيةً غريبةً اختلقها مزارعون أمازيغ بعد تشويههم اللغة المشتركة بين مختلف فئات المجتمع المدني علمًا أنّ أفراد كلِّ واحدةٍ من هذه الأرهاط كانوا يتكلّمون بلهجة خاصّة بهم، وقد أدّت هذه اللهجة الغريبة دورًا كافّيا في تيسير التفاهم بين جميع من كان يتلفّظ بها.
دقّق مارسي الدراسة والتحليل في وضعية تكرونة بتونس، وألَّح أنّها وضعية استثنائية لأنّ تأثير الأمازيغية فيها ضعيفٌ بالنسبة لِجارتَيْها الجزائر، والمغرب. فالأمازيغة اختفت في القطر التونسي وبقي حوالي %1 من التونسيين يستعمل هذه اللغة .
* فالساحل التونسي كان، إذن، من الناحية اللغوية، سبّاقًا في تقبّل التعريب وعمقه، وتفوّقه بكثير، على المناطق الأخرى في المغرب الأوسط والأقصى.
وخلاصة قوله أنّ تعريب تلك المناطق لم يتمّ إلاّ عن طريق تلك المدن القديمة التي ربطتها عدّة علاقات تجارية واقتصادية واجتماعية، وكلّ هذه العناصر تظهر بمثابة عواملَ ذات وظيفة تتجلّى في دفع آلية التفاعل اللساني بين أفراد هذه المناطق عبر فضاء جغرافي، ويمكن اعتبارها عناصر محفِّزة لعملية التفاعل اللهجي في الخريطة اللهجية.
----------------------
وهنا شرح عن العلاقة بين اللهجات المغاربية و اللغة الأمازيغية اللغة الأم
الدارجة المغاربية عامة هي تمازج بين الامازيغية و العربية و طبعا تاثرها ايضا بالفرنسية
بإمكان الأمازيغ أن يبربروا جميع لغات العالم باستعمالهم: اللكنة + الصيغة والتفعيلة + النطق وبعض حروف الربط
في الدارجة لا نستخدم أسماء الإشارة العربية هذا هذه هذان هذين هاتان هاتين هؤلاء... بل نستخدم هادا هادي هادو فمجموعة من الضمائر وأسماء الإشارة توجد في العربية ولا توجد في الدارجة نظرا لتأثر هذه الأخيرة بالأمازيغية ففي الدارجة كما في الأمازيغية لا يستعمل المثني حتي في صرف الأفعال
العلاقة التي توجد بين الأمازيغية والدارجة على مستوى الفكر والنحو والتراكيب تنحدر من الأمازيغية ويمكن ان نقول ان الدارجة ترجمة حرفية للأمازيغية .
يقول المقدسي الرحالة العربي (توفي 380هـ) عندما نزل بالمغرب في القرن الرابع الهجري: «وفي المغرب الأفريقي عامة لغتهم عربية غير أنها منغلقة مخالفة لما ذكرنا في الأقاليم. ولهم لسان آخر يقارب الرومي»
يذكر لنا المقدسي ان لهجة شمال إفريقيا والأندلس، أّنها لغة منغلقة مخالفة لبقية الأقاليم التي زارها، ونعتها بأنها ركيكة وهي تقارب لسان الروم، ولم يفهم لسان البربر.
و بالتالي فان اللهجة او الدارجة المغاربية هي لغة تولدت تاريخيا عن التفاعل العميق بين الأمازيغية اللغة الأصلية لسكان شمال افريقيا، وبين العربية اللغة القادمة من الشرق مع مجيء الإسلام و لغات اخرى تمّ ذلك عبر تثاقف حضاري طويل المدى.
المستعملين الأصليين الأوائل للدارجة هم أمازيغيون وليسوا عربا، وبالتالي فهي ليست لغة عربية، لأن مبتكريها ومبدعيها ليسوا عربا، بل هم أمازيغيون لم يكونوا يعرفون ولا يتقنون العربية.
فنجد كلمات يتتابع فيها حرفي السكون, وأخرى قد أصبح فيها الحرف القمري حرفا شمسيا. وتولدت في اللهجات المغاربية أشكال لصوائت قصيرة لا علاقة لها بالعربية.
ومن امثلة التاثير في اللهجات العامية هو قواعد النحو : النسبة للإضافة ففي العربية تتم من غير أداة و إنما بالإعراب مثل " أموال محمد " بينما في الدارجة نقول " المال نتاع محمد " ( نتاع = أداة إضافة ) و تنطبق تماما على صيغة الإضافة في الأمازيغية " آقل ن موحند " ( ن= اداة إضافة = نتاع)
و الملاحظة أيضا أن النفي في الدارجة هو نفسه في الأمازيغية ، ينفي الفعل بوضعه بين وحدتين "أور" ... مثل ( أور سويغ شا ) في الأمازيغية ، ( ما شربت ش ) في الدارجة.. بينما ينفي في العربية بأدوات تسبق الفعل ( لم ، لا ، لن، ليس)
كما لا يوجد مثنى في الدارجة مثل الأمازيغية تماما مثل " أشربو = سوث " لإثنين او أكثر بينما في الفصحى يفرق بين المثنى و الجمع " أشربا للإثنين و أشربو ا لأكثر ".
لنبدأ مقاربتنا بتأمل مجموعة من التعابير المعروفة والمتداولة في الدارجة المغاربية:
ـ
ـ علاش ضربتو؟ (حرفيا: على أي شيء ضربته؟ = لماذا ضربته؟)
ـ عندك تنسى (حرفيا: عندك تنسى = إياك أن تنسى)
ـ كي راك داير؟ (حرفيا: كيف أنت فاعل؟ = كيف حالك؟)
ـ عطاه دراهمو بدراع (حرفيا: أعطاه نقوده بالذراع = أعطاه نقوده تحت الإكراه)
ـ كاينة الشتا (حرفيا: المطر كائن = الجو ممطر)
ـ غادي نمشي (سأمشي)
ـ الماء باردين (حرفيا: الماء باردون = الماء بارد)
نلاحظ أن هذه التعابير تتكون في مجملها من ألفاظ عربية. لكن معانيها ليست عربية لأنها لا تستقيم مع نظام اللغة العربية. وذلك لأن هذه العبارة الدارجة هي ترجمة حرفية لنفس العبارة من الأمازيغية إلى العربية، مع استبدال اللفظ الأمازيغي بمقابله العربي، لكن مع الاحتفاظ على نفس الصياغة التركيبية للأمازيغية، والتي تعطي لتلك العبارة الدارجة مدلولها الذي لا معنى له إلا في اللغة الأمازيغية. وهذا ما لا يفهمه ولا يدركه إلا المتقنون للأمازيغية والعارفون بنحوها ونظام تراكيبها.
تحياتي
لقد عاشت جماعات من الريفيين وأخريات من المستقرّين في أربع نواحي من المغرب الإسلامي، تكلّم جميعُهم لغةً عربيةً ليست بالبدوية ولا بالمدنية، وهذه المقاطعات السكنية هي الساحل التونسي أوّلا، ثمّ الشمال القسنطيني إلى ساحل البحر الأبيض المتوسّط ثانيًّا، ثمّ ناحية جبال الترارى شمال تلمسان ثالثًا، ورابعًا وأخيرًا موقع جبال جبالة شمال مدينة فاس. فمواطنو الأنحاء الثلاثة الأخيرة – الاثنتان في الجزائر والأخرى بالمغرب يجمعها قاسم مشترك واحد؛ هو استعمالهم لمفرداتٍ وتراكيبَ عربيةً من أساليب الأقدمين، وفي نفس الوقت يبالغون في استقراض كلمات من اللغة الأمازيغية، ويأتون بتشويهات صوتية استثنائية بالمغرب، ويلجئون إلى ممارسة تراكيب نحوية وصرفية بعيدة كلّ البعد عن العربية والتي يظهر فيها قِوام اللغة الأمازيغية بكلّ وضوح .
لقد عاشت في المرتفعات الجزائرية عناصر ريفية أمازيغية مارسوا اللغة العربية التي اكتسبوها من خلال معاملاتهم التجارية مع المدن الكبرى، واعتبر الباحث تلك اللغة لغةً عربيةً غريبةً اختلقها مزارعون أمازيغ بعد تشويههم اللغة المشتركة بين مختلف فئات المجتمع المدني علمًا أنّ أفراد كلِّ واحدةٍ من هذه الأرهاط كانوا يتكلّمون بلهجة خاصّة بهم، وقد أدّت هذه اللهجة الغريبة دورًا كافّيا في تيسير التفاهم بين جميع من كان يتلفّظ بها.
دقّق مارسي الدراسة والتحليل في وضعية تكرونة بتونس، وألَّح أنّها وضعية استثنائية لأنّ تأثير الأمازيغية فيها ضعيفٌ بالنسبة لِجارتَيْها الجزائر، والمغرب. فالأمازيغة اختفت في القطر التونسي وبقي حوالي %1 من التونسيين يستعمل هذه اللغة .
* فالساحل التونسي كان، إذن، من الناحية اللغوية، سبّاقًا في تقبّل التعريب وعمقه، وتفوّقه بكثير، على المناطق الأخرى في المغرب الأوسط والأقصى.
وخلاصة قوله أنّ تعريب تلك المناطق لم يتمّ إلاّ عن طريق تلك المدن القديمة التي ربطتها عدّة علاقات تجارية واقتصادية واجتماعية، وكلّ هذه العناصر تظهر بمثابة عواملَ ذات وظيفة تتجلّى في دفع آلية التفاعل اللساني بين أفراد هذه المناطق عبر فضاء جغرافي، ويمكن اعتبارها عناصر محفِّزة لعملية التفاعل اللهجي في الخريطة اللهجية.
----------------------
وهنا شرح عن العلاقة بين اللهجات المغاربية و اللغة الأمازيغية اللغة الأم
الدارجة المغاربية عامة هي تمازج بين الامازيغية و العربية و طبعا تاثرها ايضا بالفرنسية
بإمكان الأمازيغ أن يبربروا جميع لغات العالم باستعمالهم: اللكنة + الصيغة والتفعيلة + النطق وبعض حروف الربط
في الدارجة لا نستخدم أسماء الإشارة العربية هذا هذه هذان هذين هاتان هاتين هؤلاء... بل نستخدم هادا هادي هادو فمجموعة من الضمائر وأسماء الإشارة توجد في العربية ولا توجد في الدارجة نظرا لتأثر هذه الأخيرة بالأمازيغية ففي الدارجة كما في الأمازيغية لا يستعمل المثني حتي في صرف الأفعال
العلاقة التي توجد بين الأمازيغية والدارجة على مستوى الفكر والنحو والتراكيب تنحدر من الأمازيغية ويمكن ان نقول ان الدارجة ترجمة حرفية للأمازيغية .
يقول المقدسي الرحالة العربي (توفي 380هـ) عندما نزل بالمغرب في القرن الرابع الهجري: «وفي المغرب الأفريقي عامة لغتهم عربية غير أنها منغلقة مخالفة لما ذكرنا في الأقاليم. ولهم لسان آخر يقارب الرومي»
يذكر لنا المقدسي ان لهجة شمال إفريقيا والأندلس، أّنها لغة منغلقة مخالفة لبقية الأقاليم التي زارها، ونعتها بأنها ركيكة وهي تقارب لسان الروم، ولم يفهم لسان البربر.
و بالتالي فان اللهجة او الدارجة المغاربية هي لغة تولدت تاريخيا عن التفاعل العميق بين الأمازيغية اللغة الأصلية لسكان شمال افريقيا، وبين العربية اللغة القادمة من الشرق مع مجيء الإسلام و لغات اخرى تمّ ذلك عبر تثاقف حضاري طويل المدى.
المستعملين الأصليين الأوائل للدارجة هم أمازيغيون وليسوا عربا، وبالتالي فهي ليست لغة عربية، لأن مبتكريها ومبدعيها ليسوا عربا، بل هم أمازيغيون لم يكونوا يعرفون ولا يتقنون العربية.
فنجد كلمات يتتابع فيها حرفي السكون, وأخرى قد أصبح فيها الحرف القمري حرفا شمسيا. وتولدت في اللهجات المغاربية أشكال لصوائت قصيرة لا علاقة لها بالعربية.
ومن امثلة التاثير في اللهجات العامية هو قواعد النحو : النسبة للإضافة ففي العربية تتم من غير أداة و إنما بالإعراب مثل " أموال محمد " بينما في الدارجة نقول " المال نتاع محمد " ( نتاع = أداة إضافة ) و تنطبق تماما على صيغة الإضافة في الأمازيغية " آقل ن موحند " ( ن= اداة إضافة = نتاع)
و الملاحظة أيضا أن النفي في الدارجة هو نفسه في الأمازيغية ، ينفي الفعل بوضعه بين وحدتين "أور" ... مثل ( أور سويغ شا ) في الأمازيغية ، ( ما شربت ش ) في الدارجة.. بينما ينفي في العربية بأدوات تسبق الفعل ( لم ، لا ، لن، ليس)
كما لا يوجد مثنى في الدارجة مثل الأمازيغية تماما مثل " أشربو = سوث " لإثنين او أكثر بينما في الفصحى يفرق بين المثنى و الجمع " أشربا للإثنين و أشربو ا لأكثر ".
لنبدأ مقاربتنا بتأمل مجموعة من التعابير المعروفة والمتداولة في الدارجة المغاربية:
ـ
ـ علاش ضربتو؟ (حرفيا: على أي شيء ضربته؟ = لماذا ضربته؟)
ـ عندك تنسى (حرفيا: عندك تنسى = إياك أن تنسى)
ـ كي راك داير؟ (حرفيا: كيف أنت فاعل؟ = كيف حالك؟)
ـ عطاه دراهمو بدراع (حرفيا: أعطاه نقوده بالذراع = أعطاه نقوده تحت الإكراه)
ـ كاينة الشتا (حرفيا: المطر كائن = الجو ممطر)
ـ غادي نمشي (سأمشي)
ـ الماء باردين (حرفيا: الماء باردون = الماء بارد)
نلاحظ أن هذه التعابير تتكون في مجملها من ألفاظ عربية. لكن معانيها ليست عربية لأنها لا تستقيم مع نظام اللغة العربية. وذلك لأن هذه العبارة الدارجة هي ترجمة حرفية لنفس العبارة من الأمازيغية إلى العربية، مع استبدال اللفظ الأمازيغي بمقابله العربي، لكن مع الاحتفاظ على نفس الصياغة التركيبية للأمازيغية، والتي تعطي لتلك العبارة الدارجة مدلولها الذي لا معنى له إلا في اللغة الأمازيغية. وهذا ما لا يفهمه ولا يدركه إلا المتقنون للأمازيغية والعارفون بنحوها ونظام تراكيبها.
تحياتي