الحمد لله الذي غرس شجرة الإيمان في قلوب عباده الأخيار ، وسقاها وغذاها بالعلوم النافعة ، والمعارف الصادقة ، واللهج بذكره آناء الليل والنهار ؛ وجعلها تؤتي أكلها وبركتها كل حين من الخيرات والنعم الغزار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الواحد القهار ، الكريم الرحيم الغفار ؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الرسول المصطفى المختار . اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه البررة الأخيار .
أما بعد : فهذا كتاب يحتوي على مباحث الإيمان التي هي أهم مباحث الدين وأعظم أصول الحق واليقين ؛ مستمداً ذلك من كتاب الله الكريم –الكفيل بتحقيق هذه الأصول تحقيقاً لا مزيد عليه-
ومن سنة نبيه محمد (صلى الله عليه و سلم) : التي توافق الكتاب وتفسره ، وتعبر عن كثير من مجملاته ، وتفصل كثيراً من مطلقاته .
مبتدئاً بتفسيره، مثنياً بذكر أصوله ومقوماته ، ومن أي شيء يستمد ؟ مثلثاً بفوائده وثمراته، وما يتبع هذه الأصول .
قال الله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ( 24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( 25) )( [1]) : ( 14/24-25) ( [2]
فمثل الله كلمة الإيمان –التي هي أطيب الكلمات- بشجرة هي أطيب الأشجار ، موصوفة بهذه الأوصاف الحميدة : أصولها ثابتة مستقرة ، ونماؤها مستمر ، وثمراتها لا تزال ، كل وقت وكل حين ، تغل على أهلها وعلى غيرهم ، المنافع المتنوعة ، والثمرات النافعة .
وهذه الشجرة متفاوتة في قلوب المؤمنين تفاوتاً عظيماً ، بحسب تفاوت هذه الأوصاف التي وصفها الله بها . فعلى العبد الموفق أن يسعى لمعرفتها، ومعرفة أوصافها وأسبابها ، وأصولها وفروعها ؛ ويجتهد في التحقق بها : علماً وعملاً . فإن نصيبه – من الخير والفلاح ، والسعادة العاجلة والآجلة- بحسب نصيبه من هذه الشجرة.
( [1]) عبارة الأصل : قال الله تعالى : الخ . وهي سبق قلم .
( [2]) تنبيه : يلاحظ في الأرقام بعد الآيات أن الرقم الأول للسورة من المصحف والرقم الثاني للآية من السورة .
آخر تعديل: