بسم الله الرحمن الرحيم
تذكرة في فضل العلم
الحمد لله الذي وفقك لطلب العلم ، فالخير -أصله وفصله- منحصر في العلم ([1]
قال الله تعالى: ((هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) [الزمر: 9] ، وقال: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)) [المجادلة: 11] يعني: على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم، كذا قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من السلف. وخرج الترمذي ([2]) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ، وَالآخَرُ عَالِمٌ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ))
وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ([3]) : (وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ))([4])
وصح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه([5]) أنّه قال: ((لَمَجْلِسٌ أَجْلِسُهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَوْثَقُ فِي نَفْسِى مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ)) ([6]).
وعن الحسن رحمه الله قال: ((لأَنّ أَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ العِلْمِ فَأُعَلِّمُهُ مُسْلِمًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِي الدُّنْيَا كُلُّهَا أَجْعَلُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-)) ([7]).
وعنه رحمه الله قال: ((إنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصِيبُ البَابَ مِنَ العِلْمِ فَيَعْمَلُ بِهِ فَيكُونُ خَيرًا لَهُ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، لَوْ كَانَتْ لَهُ فَيَجْعَلُهَا فِي الآخِرَةِ)).
وعنه رحمه الله قال: ((مِدَادُ العُلَمَاءُ ودَمُ الشُّهَدَاءُ مَجْرَى وَاحِدٍ)).
وقال الزهري رحمه الله([8]) : ((تعلم سنة أفضلُ من عِبَادَةِ مَائَتَي سَنَة)).
وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة رحمهما الله: ((لَيسَ بَعدَ الفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ العِلْمِ)).
وقال الثوري رحمه الله([9] ) : ((لاَ نَعلَمُ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ العِلْمِ وَالحَدِيثِ لِمَنْ حَسُنَتْ فِيهِ نيَّتُهُ. قِيلَ لَهُ: وأَيُّ شَيءٍ النِّيَّةُ فِيهِ؟ قَالَ: يُريدُ اللهَ والدَّارَ الآخِرَةَ)).
وقال الشافعي([10]) رحمه الله : ((طَلَبُ العِلْمْ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةٍ نَافِلَةٍ)).
ورأى مالك([11]) رحمه الله بعض أصحابه يكتب العِلْم ثم تركه وقام يصلي، فَقَالَ: ((عَجَبًا لَكَ! مَا الَّذِي قُمْتَ إِلَيْهِ بِأَفْضَلَ مِنَ الَّذِي تَرَكْتَهُ)).
وسئل الإمام أحمد: أّيُّمَا أَحَبُّ إِلَيكَ، أَن أُصَلِّي بِاللَّيلِ تَطَوُّعًا، أَو أَجْلِسَ أَنسَخُ العِلْمَ؟ قال رحمه الله : ((إِذَا كنتَ تَنسَخُ مَا تعلمَ أَمرَ دِينِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ)).
وقال أحمد أيضاً: ((العِلْمُ لاَ يَعْدِلُهُ شَيءٌ)).
وقال المعافى بن عمران([12] )رحمه الله : ((كِتَابَةَ حديثٍ واحِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِيَامِ لَيلَةٍ)).
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله بعد أن أورد هذه الآيات والأحاديث و الآثار : ((ومما يدل على تفضيل العِلْم على جميع النوافل أن العِلْم يجمع جميع فضائل الأعمال المتفرقة.فإن العِلْم أفضل أنواع الذكر، كما سبق تقريره، وهو أيضاً أفضل أنواع الجهاد))([13]).
مراجع تبين لك الطريق :
1- تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم لابن جماعة رحمه الله
2-حلية طالب العلم لبكر أبو زيد رحمه الله
3-النبذ في آداب طالب العلم لحمد العثمان حفظه الله
4- متون طالب العلم لعبد المحسن القاسم حفظه الله
5- معالم في طريق طلب العلم لعبد العزيز السدحان حفظه الله
دروس صوتية مهمة
1- شرح حلية طالب العلم للشيخ صلاح الدين عبدالموجود حفظه الله (وهذه سلسلة لن تمل من سماعها)
2-أهمية طلب العلم لسماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
3- من يريد الله به خيراً يفقه في الدين د. عبدالرزاق البدر حفظه الله
وغيرها.
.........................
وإليك الطريق لضبط العلم
قال ابن رجب رحمه الله : ((ومن وقف عَلَى هذا(يقصد : العلم النافع) وأخلص القصد فيه لوجه الله عز وجل واستعان عليه، أعانه وهداه ووفقه وسدده وفهمه وألهمه، وحينئذ يثمر له هذا العلم ثمرته الخاصة به وهي خشية الله، كما قال عز وجل : ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ))[فاطر: 28].))
وختاماً أسـأل الله لك التوفيق والسداد.
...................
الهامش.
[1]) ) قال الماوردي(ت : 450ه) رحمه الله : ((اعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ أَشْرَفُ مَا رَغَّبَ فِيهِ الرَّاغِبُ، وَأَفْضَلُ مَا طَلَبَ وَجَدَّ فِيهِ الطَّالِبُ، وَأَنْفَعُ مَا كَسَبَهُ وَاقْتَنَاهُ الْكَاسِبُ؛ لِأَنَّ شَرَفَهُ يُثْمِرُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفَضْلَهُ يُنْمِي عَلَى طَالِبِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) [الزمر: 9] فَمَنَعَ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ لِمَا قَدْ خُصَّ بِهِ الْعَالِمُ مِنْ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ.وَقَالَ تَعَالَى: ((وَمَا يَعْقِلُهَا إلَّا الْعَالِمُونَ)) [العنكبوت: 43] فَنَفَى أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْعَالِمِ يَعْقِلُ عَنْهُ أَمْرًا، أَوْ يَفْهَمُ مِنْهُ زَجْرًا))[أدب الدين والدنيا (ص36) ط : دار مكتبة الحياة].
[2]) ) برقم (2785) ، وصححه الإمام الألباني ، المشكاة (213 / التحقيق الثاني) ، التعليق الرغيب (1 / 60)
[3]) ) صحيح: أخرجه ابن ماجه ( 223)
[4]) ) قال الحافظ ابن رجب رحمه الله معلقاً على هذا الحديث : ((وفي هذا المثل تشبيه للعالم بالقمر ليلة البدر، وهو نهاية كماله، وتمام نوره، وتشبيه للعابد بالكواكب، وأن بين العالم والعابد من التفاوت في الفضل ما بين القمر ليلة البدر والكواكب، والسر في ذلك -والله أعلم- أن الكوكب ضوءه لا يعدو نفسه، وأما القمر ليلة البدر فإن نوره يشرق على أهل الأرض جميعًا، فيعمهم نوره فيستضيئون بنوره، ويهتدون به في مسيرهم. وإنما قال: "على سائر الكواكب" ولم يقل: على سائر النجوم؛ لأنّ الكواكب هي التي لا تسير ولا يهتدى بها، فهي بمنزلة العابد الذي نفعه مقصور على نفسه، وأما النجوم فهي التي يهتدى بها كما قال تعالى: ((وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)) [النحل: 16] وقال: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)) [الأنعام: 97] فكذلك مَثَّلَ العلماء من أمته بالنجوم في الحديث الذي سبق ذكره))[مجموع الرسائل (1\32-33)]
[5]) ) ((أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ. الإِمَامُ الكَبِيْرُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ، التَّمِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ))[سير أعلام النبلاء (2\380-381)].
[6]) ) أورده الذهبي في "السير" (1/ 493).
[7]) ) أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (53).
[8]) ) ((مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ شِهَابِ ، الإِمَامُ، العَلَمُ، حَافِظُ زَمَانِه، أَبُو بَكْرٍ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ، نَزِيلُ الشَّامِ))[سير أعلام النبلاء (5\326)].
[9]) ) ((سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ ، هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، إِمَامُ الحُفَّاظِ، سَيِّدُ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ فِي زَمَانِهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّوْرِيُّ، الكُوْفِيُّ، المُجْتَهِدُ، مُصنِّفُ كِتَابِ (الجَامِعِ) .
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ اتِّفَاقاً، وَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ حَدَثٌ بِاعتنَاءِ وَالِدِه المُحَدِّثِ الصَّادِقِ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمِنْ ثِقَاتِ الكُوْفِيِّيْنَ، وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ)) [سير أعلام النبلاء (7\229-230)].
[10]) ) ((هو مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ العَبَّاسِ بنِ عُثْمَانَ بنِ شَافِعِ ، الإِمَامُ، عَالِمُ العَصْرِ، نَاصِرُ الحَدِيْثِ، فَقِيْهُ المِلَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، ثُمَّ المُطَّلِبِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المَكِّيُّ، الغَزِّيُّ المَوْلِدِ، نَسِيْبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنُ عَمِّهِ، فَالمُطَّلِبُ هُوَ أَخُو هَاشِمٍ وَالِدِ عَبْدِ المُطَّلِبِ.اتَّفَقَ مَوْلِدُ الإِمَامِ بِغَزَّةَ، وَمَاتَ أَبُوْهُ إِدْرِيْسُ شَابّاً، فَنَشَأَ مُحَمَّدٌ يَتِيْماً فِي حَجْرِ أُمِّهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، فَتَحَوَّلَتْ بِهِ إِلَى مَحْتِدِهِ وَهُوَ ابْنُ عَامَيْنِ، فَنَشَأَ بِمَكَّةَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّمْيِ، حَتَّى فَاقَ فِيْهِ الأَقْرَانَ، وَصَارَ يُصِيْبُ مِنْ عَشْرَةِ أَسْهُمٍ تِسْعَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى العَرَبِيَّةِ وَالشَّرْعِ، فَبَرَعَ فِي ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ.ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الفِقْهُ، فَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ))[سير أعلام النبلاء (10\5-6)].
[11]) ) ((هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، حُجَّةُ الأُمَّةِ، إِمَامُ دَارِ الهِجْرَةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ))[سير أعلام النبلاء (8\48)]
[12]) ) ((المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ بنِ نُفَيْلِ بنِ جَابِرِ بنِ جَبَلَةَ الأَزْدِيُّ : الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، يَاقُوتَةُ العُلَمَاءِ، أَبُو مَسْعُوْدٍ الأَزْدِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الحَافِظُ)).
[13]) ) مجموع الرسائل (1\37)
__________________
دورة الأترجة
http://ia700801.us.archive.org/21/it...jh_vbr_mp3.zip
تذكرة في فضل العلم
الحمد لله الذي وفقك لطلب العلم ، فالخير -أصله وفصله- منحصر في العلم ([1]
قال الله تعالى: ((هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) [الزمر: 9] ، وقال: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)) [المجادلة: 11] يعني: على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم، كذا قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من السلف. وخرج الترمذي ([2]) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ، وَالآخَرُ عَالِمٌ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ))
وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ([3]) : (وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ))([4])
وصح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه([5]) أنّه قال: ((لَمَجْلِسٌ أَجْلِسُهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَوْثَقُ فِي نَفْسِى مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ)) ([6]).
وعن الحسن رحمه الله قال: ((لأَنّ أَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ العِلْمِ فَأُعَلِّمُهُ مُسْلِمًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِي الدُّنْيَا كُلُّهَا أَجْعَلُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-)) ([7]).
وعنه رحمه الله قال: ((إنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصِيبُ البَابَ مِنَ العِلْمِ فَيَعْمَلُ بِهِ فَيكُونُ خَيرًا لَهُ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، لَوْ كَانَتْ لَهُ فَيَجْعَلُهَا فِي الآخِرَةِ)).
وعنه رحمه الله قال: ((مِدَادُ العُلَمَاءُ ودَمُ الشُّهَدَاءُ مَجْرَى وَاحِدٍ)).
وقال الزهري رحمه الله([8]) : ((تعلم سنة أفضلُ من عِبَادَةِ مَائَتَي سَنَة)).
وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة رحمهما الله: ((لَيسَ بَعدَ الفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ العِلْمِ)).
وقال الثوري رحمه الله([9] ) : ((لاَ نَعلَمُ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ العِلْمِ وَالحَدِيثِ لِمَنْ حَسُنَتْ فِيهِ نيَّتُهُ. قِيلَ لَهُ: وأَيُّ شَيءٍ النِّيَّةُ فِيهِ؟ قَالَ: يُريدُ اللهَ والدَّارَ الآخِرَةَ)).
وقال الشافعي([10]) رحمه الله : ((طَلَبُ العِلْمْ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةٍ نَافِلَةٍ)).
ورأى مالك([11]) رحمه الله بعض أصحابه يكتب العِلْم ثم تركه وقام يصلي، فَقَالَ: ((عَجَبًا لَكَ! مَا الَّذِي قُمْتَ إِلَيْهِ بِأَفْضَلَ مِنَ الَّذِي تَرَكْتَهُ)).
وسئل الإمام أحمد: أّيُّمَا أَحَبُّ إِلَيكَ، أَن أُصَلِّي بِاللَّيلِ تَطَوُّعًا، أَو أَجْلِسَ أَنسَخُ العِلْمَ؟ قال رحمه الله : ((إِذَا كنتَ تَنسَخُ مَا تعلمَ أَمرَ دِينِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ)).
وقال أحمد أيضاً: ((العِلْمُ لاَ يَعْدِلُهُ شَيءٌ)).
وقال المعافى بن عمران([12] )رحمه الله : ((كِتَابَةَ حديثٍ واحِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِيَامِ لَيلَةٍ)).
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله بعد أن أورد هذه الآيات والأحاديث و الآثار : ((ومما يدل على تفضيل العِلْم على جميع النوافل أن العِلْم يجمع جميع فضائل الأعمال المتفرقة.فإن العِلْم أفضل أنواع الذكر، كما سبق تقريره، وهو أيضاً أفضل أنواع الجهاد))([13]).
مراجع تبين لك الطريق :
1- تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم لابن جماعة رحمه الله
2-حلية طالب العلم لبكر أبو زيد رحمه الله
3-النبذ في آداب طالب العلم لحمد العثمان حفظه الله
4- متون طالب العلم لعبد المحسن القاسم حفظه الله
5- معالم في طريق طلب العلم لعبد العزيز السدحان حفظه الله
دروس صوتية مهمة
1- شرح حلية طالب العلم للشيخ صلاح الدين عبدالموجود حفظه الله (وهذه سلسلة لن تمل من سماعها)
2-أهمية طلب العلم لسماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
3- من يريد الله به خيراً يفقه في الدين د. عبدالرزاق البدر حفظه الله
وغيرها.
.........................
وإليك الطريق لضبط العلم
قال ابن رجب رحمه الله : ((ومن وقف عَلَى هذا(يقصد : العلم النافع) وأخلص القصد فيه لوجه الله عز وجل واستعان عليه، أعانه وهداه ووفقه وسدده وفهمه وألهمه، وحينئذ يثمر له هذا العلم ثمرته الخاصة به وهي خشية الله، كما قال عز وجل : ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ))[فاطر: 28].))
وختاماً أسـأل الله لك التوفيق والسداد.
...................
الهامش.
[1]) ) قال الماوردي(ت : 450ه) رحمه الله : ((اعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ أَشْرَفُ مَا رَغَّبَ فِيهِ الرَّاغِبُ، وَأَفْضَلُ مَا طَلَبَ وَجَدَّ فِيهِ الطَّالِبُ، وَأَنْفَعُ مَا كَسَبَهُ وَاقْتَنَاهُ الْكَاسِبُ؛ لِأَنَّ شَرَفَهُ يُثْمِرُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفَضْلَهُ يُنْمِي عَلَى طَالِبِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) [الزمر: 9] فَمَنَعَ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ لِمَا قَدْ خُصَّ بِهِ الْعَالِمُ مِنْ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ.وَقَالَ تَعَالَى: ((وَمَا يَعْقِلُهَا إلَّا الْعَالِمُونَ)) [العنكبوت: 43] فَنَفَى أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْعَالِمِ يَعْقِلُ عَنْهُ أَمْرًا، أَوْ يَفْهَمُ مِنْهُ زَجْرًا))[أدب الدين والدنيا (ص36) ط : دار مكتبة الحياة].
[2]) ) برقم (2785) ، وصححه الإمام الألباني ، المشكاة (213 / التحقيق الثاني) ، التعليق الرغيب (1 / 60)
[3]) ) صحيح: أخرجه ابن ماجه ( 223)
[4]) ) قال الحافظ ابن رجب رحمه الله معلقاً على هذا الحديث : ((وفي هذا المثل تشبيه للعالم بالقمر ليلة البدر، وهو نهاية كماله، وتمام نوره، وتشبيه للعابد بالكواكب، وأن بين العالم والعابد من التفاوت في الفضل ما بين القمر ليلة البدر والكواكب، والسر في ذلك -والله أعلم- أن الكوكب ضوءه لا يعدو نفسه، وأما القمر ليلة البدر فإن نوره يشرق على أهل الأرض جميعًا، فيعمهم نوره فيستضيئون بنوره، ويهتدون به في مسيرهم. وإنما قال: "على سائر الكواكب" ولم يقل: على سائر النجوم؛ لأنّ الكواكب هي التي لا تسير ولا يهتدى بها، فهي بمنزلة العابد الذي نفعه مقصور على نفسه، وأما النجوم فهي التي يهتدى بها كما قال تعالى: ((وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)) [النحل: 16] وقال: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)) [الأنعام: 97] فكذلك مَثَّلَ العلماء من أمته بالنجوم في الحديث الذي سبق ذكره))[مجموع الرسائل (1\32-33)]
[5]) ) ((أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ. الإِمَامُ الكَبِيْرُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ، التَّمِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ))[سير أعلام النبلاء (2\380-381)].
[6]) ) أورده الذهبي في "السير" (1/ 493).
[7]) ) أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (53).
[8]) ) ((مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ شِهَابِ ، الإِمَامُ، العَلَمُ، حَافِظُ زَمَانِه، أَبُو بَكْرٍ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ، نَزِيلُ الشَّامِ))[سير أعلام النبلاء (5\326)].
[9]) ) ((سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ ، هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، إِمَامُ الحُفَّاظِ، سَيِّدُ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ فِي زَمَانِهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّوْرِيُّ، الكُوْفِيُّ، المُجْتَهِدُ، مُصنِّفُ كِتَابِ (الجَامِعِ) .
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ اتِّفَاقاً، وَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ حَدَثٌ بِاعتنَاءِ وَالِدِه المُحَدِّثِ الصَّادِقِ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمِنْ ثِقَاتِ الكُوْفِيِّيْنَ، وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ)) [سير أعلام النبلاء (7\229-230)].
[10]) ) ((هو مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ العَبَّاسِ بنِ عُثْمَانَ بنِ شَافِعِ ، الإِمَامُ، عَالِمُ العَصْرِ، نَاصِرُ الحَدِيْثِ، فَقِيْهُ المِلَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، ثُمَّ المُطَّلِبِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المَكِّيُّ، الغَزِّيُّ المَوْلِدِ، نَسِيْبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنُ عَمِّهِ، فَالمُطَّلِبُ هُوَ أَخُو هَاشِمٍ وَالِدِ عَبْدِ المُطَّلِبِ.اتَّفَقَ مَوْلِدُ الإِمَامِ بِغَزَّةَ، وَمَاتَ أَبُوْهُ إِدْرِيْسُ شَابّاً، فَنَشَأَ مُحَمَّدٌ يَتِيْماً فِي حَجْرِ أُمِّهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، فَتَحَوَّلَتْ بِهِ إِلَى مَحْتِدِهِ وَهُوَ ابْنُ عَامَيْنِ، فَنَشَأَ بِمَكَّةَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّمْيِ، حَتَّى فَاقَ فِيْهِ الأَقْرَانَ، وَصَارَ يُصِيْبُ مِنْ عَشْرَةِ أَسْهُمٍ تِسْعَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى العَرَبِيَّةِ وَالشَّرْعِ، فَبَرَعَ فِي ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ.ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الفِقْهُ، فَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ))[سير أعلام النبلاء (10\5-6)].
[11]) ) ((هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، حُجَّةُ الأُمَّةِ، إِمَامُ دَارِ الهِجْرَةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ))[سير أعلام النبلاء (8\48)]
[12]) ) ((المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ بنِ نُفَيْلِ بنِ جَابِرِ بنِ جَبَلَةَ الأَزْدِيُّ : الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، يَاقُوتَةُ العُلَمَاءِ، أَبُو مَسْعُوْدٍ الأَزْدِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الحَافِظُ)).
[13]) ) مجموع الرسائل (1\37)
__________________
دورة الأترجة
http://ia700801.us.archive.org/21/it...jh_vbr_mp3.zip
آخر تعديل: