سلسلة تفسير جزء (عَمَّ يتساءلون) للعلامة السعدي 1 (تفسير سورة النبأ).

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)
{1 - 5} {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ} .
أي: عن أي شيء يتساءل المكذبون بآيات الله؟ ثم بين ما يتساءلون عنه فقال: {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} أي: عن الخبر العظيم الذي طال فيه نزاعهم، وانتشر فيه خلافهم على وجه التكذيب والاستبعاد، وهو النبأ الذي لا يقبل الشك ولا يدخله الريب، ولكن المكذبون بلقاء ربهم لا يؤمنون، ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم.
ولهذا قال: {كَلا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ} أي: سيعلمون إذا نزل بهم العذاب ما كانوا به يكذبون، حين يدعون إلى نار جهنم دعا، ويقال لهم: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}
ثم بين (1) تعالى النعم والأدلة الدالة على صدق ما أخبرت (2) به الرسل فقال:
__________
(1) في ب: ثم ذكر.
(2) في ب: على ما جاءت به الرسل.
 
رد: سلسلة تفسير جزء (عَمَّ يتساءلون) للعلامة السعدي 1 (تفسير سورة النبأ).

أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)
{6 - 16} {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا}
أي: أما أنعمنا عليكم بنعم جليلة، فجعلنا لكم {الأرْضَ مِهَادًا} أي: ممهدة مهيأة (1) لكم ولمصالحكم، من الحروث والمساكن والسبل.
{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} تمسك الأرض لئلا تضطرب بكم وتميد.
{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} أي: ذكورا وإناثا من جنس واحد، ليسكن كل منهما إلى الآخر، فتكون (2) المودة والرحمة، وتنشأ عنهما الذرية، وفي ضمن هذا الامتنان، بلذة المنكح.
{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: راحة لكم، وقطعا لأشغالكم، التي متى تمادت بكم أضرت بأبدانكم، فجعل الله الليل والنوم يغشى الناس لتنقطع (3) حركاتهم الضارة، وتحصل راحتهم النافعة.
{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} أي: سبع سموات، في غاية القوة، والصلابة والشدة، وقد أمسكها الله بقدرته، وجعلها سقفا للأرض، فيها عدة منافع لهم، ولهذا ذكر من منافعها الشمس فقال: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} نبه بالسراج على النعمة بنورها، الذي صار كالضرورة للخلق، وبالوهاج الذي فيه الحرارة على حرارتها وما فيها من المصالح (4) .
{وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} أي: السحاب {مَاءً ثَجَّاجًا} أي: كثيرا جدا.
{لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا} من بر وشعير وذرة وأرز، وغير ذلك مما يأكله الآدميون.
{وَنَبَاتًا} يشمل سائر النبات، الذي جعله الله قوتا لمواشيهم.
{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} أي: بساتين ملتفة، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة.
__________
(1) في ب: مذللة.
(2) في ب: فتتكون.
(3) في ب: لتسكن.
(4) في ب: الذي صار ضرورة للخلق، وبالوهاج وهي: حرارتها على ما فيها من الإنضاج والمنافع.
 
رد: سلسلة تفسير جزء (عَمَّ يتساءلون) للعلامة السعدي 1 (تفسير سورة النبأ).

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)
فالذي أنعم عليكم بهذه النعم العظيمة (1) ، التي لا يقدر قدرها، ولا يحصى عددها، كيف [تكفرون به و] تكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور؟! أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه وتجحدونها؟ "
[ص:907]
{17 - 30} {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا * يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلطَّاغِينَ مَآبًا * لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا * لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا * إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَاءً وِفَاقًا * إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا * وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا * وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا * فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلا عَذَابًا} .
ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة الذي يتساءل عنه المكذبون، ويجحده المعاندون، أنه يوم عظيم، وأن الله جعله {مِيقَاتًا} للخلق.
{يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} ويجري فيه من الزعازع والقلاقل ما يشيب له الوليد، وتنزعج له القلوب، فتسير الجبال، حتى تكون كالهباء المبثوث، وتشقق (2) السماء حتى تكون أبوابا، ويفصل الله بين الخلائق بحكمه الذي لا يجور، وتوقد نار جهنم التي أرصدها الله وأعدها للطاغين، وجعلها مثوى لهم ومآبا، وأنهم يلبثون فيها أحقابا كثيرة و {الحقب} على ما قاله كثير من المفسرين: ثمانون سنة.
وهم إذا وردوها (3) {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا} أي: لا ما يبرد جلودهم، ولا ما يدفع ظمأهم.
{إِلا حَمِيمًا} أي: ماء حارا، يشوي وجوههم، ويقطع أمعاءهم، {وَغَسَّاقًا} وهو: صديد أهل النار، الذي هو في غاية النتن، وكراهة المذاق، وإنما استحقوا هذه العقوبات الفظيعة جزاء لهم ووفاقا على ما عملوا من الأعمال الموصلة إليها، لم يظلمهم الله، ولكن ظلموا أنفسهم، ولهذا ذكر أعمالهم، التي استحقوا بها هذا الجزاء، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا} أي: لا يؤمنون بالبعث، ولا أن الله يجازي الخلق بالخير والشر، فلذلك أهملوا العمل للآخرة.
{وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} أي: كذبوا بها تكذيبا واضحا صريحا وجاءتهم البينات فعاندوها.
{وَكُلَّ شَيْءٍ} من قليل وكثير، وخير وشر {أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا} أي: كتبناه (4) في اللوح المحفوظ، فلا يخشى المجرمون أنا عذبناهم بذنوب لم يعملوها، ولا يحسبوا أنه يضيع من أعمالهم شيء، أو ينسى منها مثقال ذرة، كما قال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}
{فَذُوقُوا} أيها المكذبون هذا العذاب الأليم والخزي الدائم {فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا} وكل وقت وحين يزداد عذابهم [وهذه الآية أشد الآيات في شدة عذاب أهل النار أجارنا الله منها] .
__________
(1) في ب: الجليلة.
(2) في ب: وتنشق.
(3) في ب: فإذا وردوها.
(4) في ب: أثبتناه.
 
رد: سلسلة تفسير جزء (عَمَّ يتساءلون) للعلامة السعدي 1 (تفسير سورة النبأ).

إنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)
{31 - 36} {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} .
لما ذكر حال المجرمين ذكر مآل المتقين فقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} أي: (1) الذين اتقوا سخط ربهم، بالتمسك بطاعته، والانكفاف عما يكرهه (2) فلهم مفاز ومنجي، وبعد عن النار. وفي ذلك المفاز لهم {حَدَائِقَ} وهي البساتين الجامعة لأصناف الأشجار الزاهية، في الثمار التي تتفجر بين خلالها الأنهار، وخص الأعناب لشرفها وكثرتها في تلك الحدائق.
ولهم فيها زوجات على مطالب النفوس {كَوَاعِبَ} وهي: النواهد اللاتي لم تتكسر ثديهن من شبابهن، وقوتهن ونضارتهن (3) .
{والأتْرَاب} اللاتي على سن واحد متقارب، ومن عادة الأتراب أن يكن متآلفات متعاشرات، وذلك السن الذي هن فيه ثلاث وثلاثون سنة، في أعدل سن الشباب (4) .
{وَكَأْسًا دِهَاقًا} أي: مملوءة من رحيق، لذة للشاربين، {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا} أي: كلاما لا فائدة فيه {وَلا كِذَّابًا} أي: إثما.
كما قال تعالى: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا إِلا قِيلا سَلامًا سَلامًا}
__________
(1) كذا في ب، وفي أ: فقال: إن المتقين.
(2) في ب: عن معصيته.
(3) كذا في ب، وفي أ: وهي الناهد التي لم ينكسر ثديها من شبابها ونضارتها وقوتها.
(4) في ب: أعدل ما يكون من الشباب.
 
رد: سلسلة تفسير جزء (عَمَّ يتساءلون) للعلامة السعدي 1 (تفسير سورة النبأ).

رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)
وإنما أعطاهم الله هذا الثواب الجزيل [من فضله وإحسانه] . {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ} لهم {عَطَاءً حِسَابًا} أي: بسبب أعمالهم التي وفقهم الله لها، وجعلها ثمنا لجنته ونعيمها (1) .
[ص:908]
{37 - 40} {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا * يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} .
أي: الذي أعطاهم هذه ال****ا هو ربهم {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} الذي خلقها ودبرها {الرَّحْمَنِ} الذي رحمته وسعت كل شيء، فرباهم ورحمهم، ولطف بهم، حتى أدركوا ما أدركوا.
ثم ذكر عظمته وملكه العظيم يوم القيامة، وأن جميع الخلق كلهم ذلك اليوم ساكتون لا يتكلمون و {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، فلا يتكلم أحد إلا بهذين الشرطين: أن يأذن الله له في الكلام، وأن يكون ما تكلم به صوابا، لأن {ذَلِكَ الْيَوْمُ} هو {الْحَقُّ} الذي لا يروج فيه الباطل، ولا ينفع فيه الكذب، وفي ذلك اليوم {يَقُومُ الرُّوحُ} وهو جبريل عليه السلام، الذي هو أشرف الملائكة (2) {وَالْمَلائِكَةُ} [أيضا يقوم الجميع] {صَفًّا} خاضعين لله {لا يَتَكَلَّمُونَ} إلا بما أذن لهم الله به (3) .
فلما رغب ورهب، وبشر وأنذر، قال: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} أي: عملا وقدم صدق يرجع إليه يوم القيامة.
{إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا} لأنه قد أزف مقبلا وكل ما هو آت فهو قريب.
{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} أي: هذا الذي يهمه ويفزع إليه، فلينظر في هذه الدنيا إليه (4) ، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} الآيات.
فإن وجد خيرا فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ولهذا كان الكفار يتمنون الموت من شدة الحسرة والندم.
نسأل الله أن يعافينا من الكفر والشر كله، إنه جواد كريم.
تم تفسير سورة عم، والحمد لله رب العالمين

__________
(1) في ب: وجعلها سببا للوصول إلى كرامته.
(2) في ب: أفضل الملائكة.
(3) في ب: إلا بإذنه.
(4) فلينظر في هذه الدار ما قدم لدار القرار.
 
رد: سلسلة تفسير جزء (عَمَّ يتساءلون) للعلامة السعدي 1 (تفسير سورة النبأ).

ترقبوا في الحلقة القادمة بإذن الله، تفسير سورة النازعات
وهي مكية
 
رد: سلسلة تفسير جزء (عَمَّ يتساءلون) للعلامة السعدي 1 (تفسير سورة النبأ).

فيما يخص التعليق أدنى التفسير فهو مقابلة المحقق للكتاب مع نسخ أخرى للكتاب تقريبا منه لمراد الشيخ و تحريا منه لكلماته في التفسير.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top