دعوة جادة للحفاظ على الوقت لكل صادق

الطيب الجزائري84

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جوان 2011
المشاركات
4,119
نقاط التفاعل
4,692
النقاط
191
العمر
39
الجنس
ذكر
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنَّ مما يتفطَّرُ له قلبُ المؤمنِ وتتحسرُ له نفسهُ، أن يرى كثيرًا من الخلق قد شُغلوا عَمَّا هُيُؤا له، وتَنافسوا فيما وُعِدوا به، وضاعتْ عنهم أكثرُ أنفاسهم فيما لا نفعَ فيه، خاصةً إذا وافق هذا الوصفُ المريرُ حَالَ ثُلةٍ ممن يُنسبون إلى الخير، ويُرجى منهم الصَّلاحُ والإِصلاحُ، الَّذين يُنتظر منهم الكثير والكثير، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ[رواه البخاري (6412)]


قال الشَّيخ العلاَّمة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- تعليقًا على هذا الحديث العظيم:
” نعم، هذا حديث صحيح يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ” نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيْهِمَا كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَةُ، وَالفَرَاغُ” ، يعني كثيرٌ من النَّاس تضيع صحَّتُه، وفراغه بغير فائدة، صحِيحُ الجسم، معافى في بدنه، وعنده فراغٌ، ولكنْ لا يَستعملُ ذلك فيما ينفعه، وفيما يقرِّبه من الله، وفيما ينفعه في الدُّنيا، فهذا مغبونٌ في هاتين النِّعمتين، وإنَّما ينبغي للمؤمن أن يستغلَّ هذه النِّعمة فيما يرضي الله، وفيما ينفعه كالتِّجارة، وأنواع الكسب الحلال، والاستكثار من الصَّوم والصَّلاة، والذِّكر والطَّاعات، وعيادة المرضى، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، والدَّعوة إلى الله -عزَّ وجلَّ- إلى غير هذا من وجوه الخير،،، “
[
الموقع الرسمي]



  • وللأسف!..
وإنَّ مما كان سببًا في تفاقم هذا الأمر، واشْتدادِ خطبه، تَنُكُبُ الكثير عن طريق أسلافهم الَّذين رسموا لهم النَّهج الواضح للسير في هذا الحياةِ والنَّجاةِ من فِـتَـنِها.
وإليك بعض النَّفائس والدُّرر الَّتي جادت بها قريحة بَعضهم فصاغوها في قالب النصيحة والتوجيه..



قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-:


” فكل نَفَس من أنفاسٍ العُمر جوهرةٌ نفيسةٌ لا حظَّ لها، يمكن أن يشترى بها كنزٌ من الكنوز لا يتناهى نعيمه أَبَدَ الآباد!، فإضاعة هذه الأنفاس، أو اشتراء صاحبها بها ما يجلب هلاكَهُ خسرانٌ عظيمٌ لا يَسمحُ بمثله إلاَّ أجهل النَّاس وأحمقهم وأقلُّهم عقلًا، وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} (آل عمران: 30)

[إغاثة اللهفان (ص89)].

.
.






وقال الإمام الموفَّقُ محمَّدٌ السفَّاريني -طيب الله روحه- في وصيَّته:

فاغتنم رحمك الله حياتك النَّفيسة، واحتفظ بأوقاتك العزيزة، واعلم أن مدَّة حياتِك محدودةٌ، وأنفاسك معدودةٌ، فكلُّ نفسٍ ينقص به جزء منك، والعمر كله قصير، والباقي منه هو اليسير، وكل جزءٍ منه جوهرةٌ
نفيسةٌ لا عدل لها، ولا خُلف منها،
فإنَّ بهذه الحياة اليسيرة خلودُ الأبد في النَّعيم، أو العذاب الأليم،
وإذا عادلتَ هذه الحياة بخلود الأبد علمتَ أنَّ كلَّ نَفَسٍ يعدلُ أكثر من ألف ألف ألف عام في نعيم لا
خطر له، أو خلاف ذلك، وما كان هكذا فلا قيمة له.
فلا تُضَيِّع جواهرَ عُمركَ النَّفيسة بغير عملٍ، ولا تذهبهَا بغير عوضٍ، واجتهد أن لا يخلو نَفسٌ من أنفاسك
إلاَّ في عَمَلِ طاعةٍ أو قربةٍ تتقرب بها.
فإنَّك لو كانت معك جوهرةٌ من جواهر الدُّنيا لَسَاءَكَ ذهابها فكيف تُفَرِّطُ في ساعاتك وأوقاتك، وكيف لا تحزن على عُمرك الذَّاهب بغير عوض”.


[غذاء الألباب شرح منظومة الآداب (2/ 351)]









  • مكمن الداء، وطريق الدواء..
أَلاَ وإنَّ مِمَّا شَاع في هذا الزَّمان، انتشار آلات قتل الأوقات والفتك به، وخاصة مِمَا عرف بما يُسمى بمواقع التَّواصل الاجتماعي (كالفيس بوك، وتويتر، واتساب،، وغيرها) حيث أضحت هذه من أضَرِّ الوسائل على شباب المسلمين حالًا ومآلًا، لتمويهها الكبير، وشرِّها المستطير خاصة على الدَّعوة والاستقامة.
فمنهم من يقضُون السَّاعات! أمام الشَّاشات ظانِّين أنهم قد أصبحوا داعاةً من دعاة الإسلام، وما علم هاؤلاء أن للدَّعوة شُروطًا -ومن أهمِّها العِلْمُ- وأولويات-ومن أهمِّها العَمَلُ- ولهَا أهلها المختَّصُون بِها العالمون بالمصالح والمفاسد وبما ينفع مما يضر، فهذا يَنشُر حديثًا ضعيفًا وذاكَ ينشر قاعدةً باطلةً، والآخر يروجُ لسلعة كاسدة..(من غير أن يشعر لفرط جهله)..
ومنهم من فتحَ في تلك الشبكاتِ مجموعاتٍ وحساباتٍ لاهم لهم فيها إلا الجِدال ـ ولو بالبَاطِل ـ ظانِّين أنَّهم بذلك أهلٌ للنَّظَر والمُناظَرة، والذَّكاءِ والمُساجلةِ، وما علم هاؤلاء أنَّهم كسابقيهم ليسوا لذلك أهلا، فبسببهم انتشرت الشبه، وتغلغلت الشكوك، وراجت البدع، وأصبح لأهلِ الباطل صوتٌ مسموعٌ..
فلا هم استفادوا (أولًا) مما ينشر، ولا بلغوا دين الله بأمانة..
وآخرون (وليْسُوا بآخرهم لا كثَّرهم الله) لابُدَّ أن نذكرهُم، قومٌ خاضوا في الفتن والدِّماء، وشَجَّعُوا الأغمَار والدَّهماء، نذوقُ اليوم بسببهم ويلات الدمار، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله..


قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في معرض بيان هذا الخلل وكيفية تصحيحه:
” أنا أقول: إن الدَّعوة السَّلفيَّة الآن ـ مع الأسف ـ في إضْطرابٍ، وأَعزُوا السَّبب في ذلك؛ إلي تَسرعِ كثيرٍ
من الشَّباب المسلم؛ في إدعاء العلم، فهو يتجرأ علي: الإفتاء، والتَّحريم، والتَّحليل قبل أن يعرف، بعضهم ـ كما سمعنا ـ لايحسن أن يقرأ آية من القرآن؛ ولو أنها أمامه في المصحف الكريم، فضلاً عن أنه كثيرًا ما
يلحن في قراءة حديث الرَّسُول ـ صلي الله عليه وسلَّم ـ فيصدق عليه المثل المعروف؛ في بعض البلاد
* تذيَّب قبل أن يتحصرم * أي العنب؛ حينما يبدأ يصير حبًا أخضر، وهذا هو الحصرم؛ ويكون حامضًا جدًا فهو قبل أن يتحصرم؛ جعل نفسه كالزَّبيب!! أي كالعنب الذي نَضِجَ وصُيَّرَ ذبيبًا، ولذلك فركوب كثيرِِ من هؤلاء النَّاس رؤوسهم وتسرعهم في إدعاء العلم والكتابة؛ وهم لم يمشوا بعد إلي منتصف طريق العلم؛ هو الذي جعل الَّذين ينتمون إلي الدعوة السلفية الآن ـ مع الأسف ـ شيعًا وأحزابًا.
ولذلك علاجهُ الوحيدُ؛ بأن يتَّقي هؤلاءِ المُسلمون ربهم ـ عز وجل ـ وأن يعرفوا أنه ليس لكل من بدأ في
طلب العلم؛ أن يتصدَّر في الإفتاء ـ في التَّحريم، والتَّحليل ـ وفي تصحيح الحديث وتضعيفه؛ إلا بعد عمرٍ طويلٍ؛ يتمرسُ في هذا العُمُرِ على معرفة: كيف يكون الإفتاء، وكيف يكون الإستنباط
من الكتاب والسنة”.
[الأجوبة الألبانية على الأسئلة الكويتية]

.

قال الإمَام مالكٌ -رحمه الله تعالى-:

” أخبرني رَجُلٌ أنه دخل على ربيعةَ، فقال:” مَا يبكيكَ ؟ وارتاعَ لبكائهِ !، فقال له: أدخلتْ عليك مصيبةٌ ؟
فقال: لا، ولكنْ اسْتُفتيَّ من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم!! “.








  • الحـــل
فهذِه نصيحةٌ خالصةٌ إلى قلوبِ من تبلغهم ُكلماتُنا القليلةُ، تُوبوا إلى ربِّكم، وعودُوا إلى رُشدِكم، وتفقَّهوا في دِينكم، وحاسبوا أنفسكم، كي تَصِحَّ طاعتكم لمولاكُم، وتكونوا من أمركم على بصيرة..
قال تعالى:{قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أدعُوا إلَى اللهِ عَلَى بَصِيرةٍ} (يوسف: 108)
وكُونوا فُطناَء بما يُخطَطُ لَكُم، وعَلى علمٍ ودرايةٍ بما يُراد بِكم، فاحفظوا عليكم أوقاتكم، واشتغلوا بما ينفعكم، وأقبلوا على أنفسكم، ودعوا الأمور لأهلها..



وقال أبُو عبيدٍ -رحمه الله-:

” دخلنا على محمدٍ بن سوقَةَ، قال: ألاَ أحدِّثُكم بحديثٍ لعلَّه ينفعكم؟ فإنَّه نفعني، قال لنا عطاءٌ بن أبي رَباَحٍ:
يا ابن أخي إنَّ مَنْ كَانَ قبلكم كانوا يكرهُون فُضُولَ الكلام، وكانوا يَعدُّون فُضُول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن يُقرأ، أو أمرًا بمعروفٍ أو نهيًا عن مُنكَرٍ، أو تنطق في حاجتك في معيشتِك الَّتي لا بد لك منها، أتنكرون؟! {وإن عليكم لحافظين، كراما كاتبين} (الانفطار: 11) {عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من
قول إلا لديه رقيب عتيد
} (ق: 17) أما يسْتَحي أحدُكم لو نُشرت عليه صحيفته التي أملاها صَدْرَ نهاره أكثرُ
ما فيها
ليسَ من أمرِ دينِه ولا دُنيَاه
[حلية الأولياء (3/ 314)].









يقول الحسن البصري رحمه الله:
أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم
[شرح السنة (14/255)].
وقال ابن مسعود رضي الله عنه:
ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي “.


قال الفضيل:
أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة
[لطائف المعرف (251)]


كان الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول:
أثقل الساعات على: ساعة آكل فيها


عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- قال:
ليس تحسّر أهل الجنّة إلّا على ساعة مرّت بهم لم يذكروا الله- عزّ وجلّ- فيها “.
[الوابل الصيب (59)] .


قال ابن القيم -رحمه الله-:
إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها
[الفوائد (ص 44)]


وقال بعضهم يُوبخُ نفسه ويحثها على حفظ الوقت:











مَا بالُ قَلْبَكَ قَدْ ألْهاهُ عاجله مِنْ أمرِ دُنياه حَتَّى فَاتَ آجِلُهُ
يَا غَافِلاً وَالمنايا غِيرُ غافلةٍهَل رَدَّ حَتْفَ امرئٍ عَنْه تَغَافُلُهُ
دُنْيَاَك والنَّفْسُ والشَّيطانُ قَدْ نَصَبُوالَكَ الحَبَائِل فَانْظُرُ مَن تقاتِلُهُ
يَا عَالماً حُبُّه دُنْياهُ يُذهلُهُعن رُشْدِه فَهْو بَالتَّحقِيق جاهِلُهُ
أُعْطيْتَ مُلْكَاً فَسُسْ مَا أَنْتَ مالِكُهُمَنْ لَم يَسُسْ مُلْكَهُ فالمُلكُ قَاتِلُهُ
وَبَادِرِ العُمْرَ فَالسَّاعَاتُ تَنْهَبُهُوَمَا انقْضَى بَعضُه لَم يَبْقَ كَامِلُهُ
ولَيْسَ يَنْفَعُ بعدَ المَوتِ عَضُّ يَدٍمِن نَادِمٍ وَلَوَ انْبَتَّتْ أنَامِلُهُ
يَا مُسْمِنَ الجِسْمِ مُخْتَاراً مَآكِلَهُهَوِّنْ عَلَيك فَإِنَّ الدُّودَ آَكِلُهُ
وَحَاسَبِ النَّفْسَ فِيْمَا أَنْتَ آَخذُهُقَبْلَ الحِسَابِ الذي تُعْيِيْ مَسائِلُهُ
يَا طَالِبَ الجَّاهِ كَيْ يَسْمُو بِدَوْلَتُهعَلَى جَهُولٍ بِدنُيْاهُ يُطاوِلُـُه
هَلْ نَالَ قَطْ امرؤٌ عَزاً عَلَى نَفَرإِلاَّ بِالنِّعَمِ العُظْمَى تَعَامِلُهُ
اعْمَلْ بِعِلْمٍ وَعَامِلٍ بِهِ التُّقَى مَلِكاًيَفورُ بِالنِّعَمِ العُظمى مُعامٍلُهُ
إن تُبْتَ جَادَ وإنْ أَحْسَنتَ زَادَ وَإنْأَعْرَضْتَ أَوْلاَكَ مَعْروفُاً يُوَاصِلُهُ
يَا عَبْدُ جُوَّدْتَ فِيْمَا أَنْتَ قَائِلُهُفَهَلْ تُجوِّدُ فِيْمَا أَنْتَ عَامِلُهُ
فَالقَوْلُ وَالفِعْل مَعْروُضَان مِنْكَ عَلَىمَنْ يَفْصِلُ الجدَّ مِمَّا أَنْتَ هَازِلُهُ
لاَ تَرضَ بِالقَولِ دُونَ الفِعْلِ مَنْقَبةًفإنَّ ذَاكَ خَسِيْسُ الحَظِ نَازِلُهُ
فَارْجَع إِلَى اللهِ عَمَّا فَاتَ مِن زَلَلٍوَانْهَضْ لِتُصْلحَ مِنْه مَا يُقابِلُهُ
وَارْبَحْ أَواخِرَ عُمْرٍ لاَ بَقَاءَ لَهُفَقَد تَقَضَّتْ بِخُسْرانٍ أَوَائِلُهُ






[(المناهل الحسان في دروس رمضان) للشيخ عبد العزيز السلمان]






المصدر...شبكة الامام الاجري
 
رد: دعوة جادة للحفاظ على الوقت لكل صادق

جزيت خيرا يا أخي
الله يصلح حال شبابنا
 
رد: دعوة جادة للحفاظ على الوقت لكل صادق

اللهم امين بارك الله فيكم
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top