بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
8 مايو1945 ماذا يعني للجزائرين
عندما بدأت الحرب العالمية الثانية القت فرنسا باغلبية مناضلي الحركة الوطنية الجزائرية في السجون وساقت آلاف الشباب الى ساحة القتال ليشاركوا في الدفاع عن فرنسا لاستعادة اراضيها التي احتلها الألمان. ومنذ 1943 بدأ المناضلون يخرجون من السجون وعندما التقى الشمل مرة أخرى أدوا اليمين على ان لايعودوا الى بيوتهم وان يواصلوا النضال ضد الاستعمار وكا ن حزب الشعب الجزائري محظورا في ذلك الوقت لذلك كان ينشط في سرية تامة وانظم الى حركة احباب البيان والحرية فأصبح القطب المؤثر فيه. وفي 2-3-34 مارس 1945 عقد أحباب البيان والحرية مؤتمرا عاما في نادي المولودية بميدان شارتر بالجزائر حضره من اقطاب الحركة الوطنية في ذلك الوقت: الشيخ البشير الابراهيمي والشيخ العربي التبسي والشيخ نور الدين والشيخ فرحات الدراجي عن جمعية العلماء وحسين عسلة وبوقادوم مسعود الشاذلي مكي الحاج سيد شريف وجمال دنور عن حزب الشعب الجزائري وسعدان بن خليل فرحات عباس عن البيان. وقرر الحاضرون في هذا المؤتمر الانتقال من سياسة الكلام الى النشاط لتحقيق مطالب الحركة الوطنية فاتفقوا على تقديم لائحة بالمطالب الجزائرية الى الحلفاء واقترح حزب الشعب اتلجزائري تنظيم مسيرات في كل المدن الجزائرية واختير يوم أول ماي لتحقيق ذلك واختيار أول ماي بالذات كان للاسباب ا لتالية:
1- لأن أول ماي هو يوم عيد العمال
2- لانه بداية الشهر
3- لأن برلين كانت على وشك السقوط وقد تسقط في أو ل ماي
4- لانه يصادف يوم الثلاثاء وهو يوم السوق الاسبوعي في أهم كبريات المدن الجزائرية. وتم الاتفاق على ان تكون المسيرا ت جزائرية اي غير مندمجة مع مسيرة الاوروبيين ويكون لهالونها الخاص هو لون العلم الجزائري الذي تقرر رفعه لاول مر ة في هذا اليوم. وبعد المؤتمر بدأت عملية التحضير لاول ماي فتم الاتصال بكل المناضلين في مختلف جهات الوطن ووزعت عليهم المناشير التي تدعو الشعب الى المشاركة في المسيرة السلمية. وفي اول ماي وقعت مسيرات شعبية في كل المدن الجزائرية ورفع العلم الوطني لاول مرة في كل من الجزائر عنابة سطيف قالمة وهران تبسة قسنطينة وسقط اثناء هذه المسيرات شهداء في كل من العاصمة(بشارع مصطفى بن بولعيد ديزلي سابقا) وسطيف وعنابة وأصيب بعض المواطنين بجروح في تبسة وقالمة. وفي 6 ماي اجتمع قادة أحباب البيان والحرية في متجر عباس التركي بالعاصمة واتفقوا على تحرير وثيقة يحتجون فيها على ما وقع اثناء المسيرات اول ماي. ويذكرون بمطالب المؤتمر2-3-4 مارس. وتكلف فرحات عباس وسعدان بن خليل بتسليم الوثيقة الى الوالي العام لكنهم اعتقلوا فور دخولهم الى مقر الولاية فقرر قادة الحركة الوطنية تنظيم مسيرات في كل القطر الجزائري للاحتجاج على اعتقال فرحات عباس وسعدان ومطالبة فرنسا بالوفاء بوعدها الذي قطعته للجزائريين حين طلبت منهم المشاركة الى جانب قواتها لتحرير فرنسا مقابل منحهم الاستقلال واختير لذلك اليوم 8 ماي لانه يصادف:
5- 1يوم استسلام ألمانيا
6- 2- يوم سوق في معظم المدن الجزائرية
7- 3- يكون قد مر أسبوع على مسيرة أول ماي.
8- كان كل شيء يبدو غير عادي في ربيع 1945 بسطيف. بالنسبة للجزائرين كان نشاط الحركة الوطنية في قمته بهذه المدينة فمدارس الجمعية ونوادي حزب الشعب والبيان كلها مؤسات تعمل على نشر الروح الوطنية بين أفراد الشعب وخاصة الشباب منه. ويتفق كل الشهود في هذا التحقيق على ان الحركة الوطنية كانت تعيش عصرها الذهبي هذه السنة ففي سطيف مثلا بلغ عدد المنخرطين في حزب الشعب وحده (1340) منخرطا.لذلك كانمت الاستجابة كبيرة عندما قررت الحركة الوطنية تنظيم مسيرة أول ماي 1945 وفي هذه المسيرة رفعت لافتات كتبت عليها شعارات معادية للاستعمار من بينها:ًأطلقوا سراح المعتقلين السياسيينًً الاستقلال للشعب الجزائريً. ويذكر احد المناضلين بان العلم الجزائري رفع عندما بلغت المسيرة مفترق الطرق من عين الفوارة وعنداك تدخلت الشرطة ففرقت جموع المواطنين باطلاق النار عليهم فأصابت منهم الكثير. أما المعمرون الفرنسيون فكانوا في هذا الربيع يشعرون بمزيج من المرارة والفرح المرارة لما لحق فرنسا من هزيمة نكراء على يد الألمان والفرح لقرب انهزام ألمانيا على يد الحلفاء. وفي نفس الوقت كانوا منقسمين على انفسهم فهناك المجموعة التي تساند الماريشال (بيتان) وهناك مجموعة الحكومة المؤقتة وكانت كل مجموعة تعادي الأخرى وتحاول أن تقضي عليها وقد كان يوم 8 ماي هو الفرصة التي استغلتها كل مجموعة لتصفية حساباتها مع غريمتها ليدفع الشعب الجزائري ثمن الجرائم التي نفذها الفرنسيون ضد بعضهم البعض.
9- المسيرة
10- على الساعة الثانية من مساء يوم 7 ماي اجتمع المناضلون بوزيدي شعوي رشيد معيزة بوقصة محمد بنادي الشباب( بالقرب من عين الفوارة) وفي هذا الاجتماع ابلغهم المناضل محمود قنيفي_ الذي كان هو المسؤول الاول لجزب الشعب بناحية سطيف) قرار الحزب بتنظيم مسيرة في صبيحة يوم الغد 8 ماي يشارك فيها اكبر عدد ممكن من الشعب واتفق المجتمعون على ان تنطلق المسيرة من المسجد الجديد الواقع بالقرب من محطة القطار ثم افترقوا كل منهم في اتجاه مختلف وأعطي الأمر الى مسؤولي الافواج الذين قاموا بدورهم بتبليغه الى المناضلين.. وهكذا انتقل الأمر بسرعة. وفي ليلة 7-8 ماي اتصل مناضلوالحركة الوطنية بالمناضلين في الحمامات والمشاتي والقرى المحيطة بسطيف وأفهموهم بان المسيرة سلمية وانه لا داعي لجلب الأسلحة وفي نفس الليلة كانت مجموعات أخرى من المناضلين تحضر في سرية تامة اللافتات والاعلام الوطنية وأعلام كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وفي الساعة الخامسة صباحا نقلت اللافتات والاعلام الوطنية الى المسجد الذي بدأت جموع المواطنين تصله منذ الفجر. وفي الساعة الثامنة صباحا بدأت المسيرة تتهيأ للانطلاق بعد ان جمع مناضلو الحركة الوطنية كل الاسلحة من بنادق وعصي وغيرها التي كانت بحوزة المواطنين وأفهموهم ثانية بأن المسيرة سلمية. وفي هذه الاثناء وصل رئيس شرطة سطيف المحافظ المركزي طورتtort محاطا بمحافظ الشرطة للدائرة الثانية فليرvalere ومحافظ الشرطة القضائية لسطيف أوليفيريolivieri وتسعة من رجال الشرطة وطلب من منظمي المسيرة أن يوضحوا له الهدف من هذا التجمع فأجابه بعضهم حسب ما جاء في تقرير المحافظ المركزي طورت الذي حرره يوم 18 ماي 1945 ماي تحت رقم 5240ً إننا نريد أن نحتفل بالانتصار نضع باقة ورد على قبر الجندي المجهولً فطلب منهم عدم رفع اللافتات والشعارات ثم اصطحب معه الشاب لعلي عبد القادر رئيس الكشافة الاسلامية بسطيف وكان من المناضلين الى نيابة العمالة( الدائرة) حيث طلب منه عدم ذكرالمشاركة في المسيرة والانتظار للمشاركة في المسيرة التي ينظمها المعمرون على الساعة الثالثة مساء ولما رفض ذلك طلب منه ان تكون المسيرة بلا شعارات او لا فتات ومنحه نائب عمالة سطيف الموافقة على المسيرة. وفي التاسعة صباحابدأت المسيرة تتحرك في نظام الكشافة في تلك الأيام يليهم حاملو باقة الورد ثم رافعو الاعلامً رفعت اعلام كل الدول ما عدا ألمانيا اليابان وإيطاليا يتوسطها العلم الجزائري الذي رفعه الشاب شراقة عيسى الذي اختير لهذه المهمة لانه كان أطولهم قامة فكان العلم الجزائري يبدو من بعيد وهو يرفرف . وبعد رافعي الاعلام سار المناضلون في صفوف منظمة يتبعهم آلاف المواطنين. ويقول المناضلون ان عدد المشاركين في هذه المسيرة كان يتراوح ما بين 25-30 الف جزائري ويقولون بانه عندما وصلت طليعة المسيرة امام مقهى فرنسا( مكان سقوط أول شهيد) كان الذين في المؤخرة لم يتحركوا بعد ( المسافة بين النقطتين أكثر من 1 كلم) وعندما كان أفراد الكشافة يرددون الأناشيد الوطنية( من جبالنا. حيو افريقيا يا عباد..) كانت النساء تزغرد والرجال يرفعون الشعارات( من أجل تحرير الشعوب. تحيا الجزائر. أطلقوا سراح المعتقلين السياسيين.تسقط الامبريالية..) وفي هذه الاثناء كان المعمرون ورجال الشرطة والدرك الذين ازعجتهم رؤية العلم الجزائري يتهيأون لارتكاب واحدة من أكبر المجازر التي عرفها التاريخ الحديث. فلما بلغت المسيرة شارع 8 ماي( شارع كليمانسو سابقا) وصل رئيس بلدية سطيف ادوارد ديليكا ونائبه مالفيزان فتوجه رئيس البلدية نحو محافظ الشرطة الذي كان يتهيا لإطلاق الرصاص قائلا له:ً دعهم وشأنهمً وعاد راجعا من حيث اتى ويقول المناضل رياش مصطفى انه شاهد بعينيه نائب رئيس البلدية مالفيزان ادوارد ديليكا الذي نقل الى بيته حيث اعترف لابنته قبل ان يلفظ انفاسه بأن نائبه هو الذي أطلق عليه النار غير أن المعمرين أشاعوا بأن الجزائريين هم الذين قتلوه. وفي نفس اللحظة انطلقت ثلاث رصاصات أخرى فقد وصلت المسيرة أمام مقهى فرنسا وكانت الكشافة تنشد:حيو افريقيا يا عباد.. شبابنا يبغي الاتحاد اين اسبانيا وقواها وصليبها العنيد اين روما ودهاها واستعمارها الشديد لقد مزقنا أغلالها واستقلت منها البلاد. عند كلمة البلاد انطلقت الرصاصات الثلاث من مسدس المحافظ أوليفري فاصابت إحداها الشاب سعال بوزيد البالغ من العمر 25 سنة. وهو من مناضلي حزب الشعب الجزائري وكان في هذه المسيرة يرفع لافتة كتب عليها ( تسقط فرنسا تحيا الجزائر حرة مستقلة). بعد ان حمل احد المواطنين الشهيد سعال بوزيد الى المستشفى تابعت المسيرة طريقها نحو مكان الجندي المجهول( أمام مسجد عبد الحميد بن باديس- حاليا) ولما بلغته وضعت باقة الورد وعزف اللحن الجنائزي قبل أن يصل رجال الدرك ويبدأ القتال ضد شعب أعزل من كل سلاح وقوات مدربة ومسلحة وبدأت عملية المطاردة التي سموها _(اصطياد البرانيس) ولإثارة الحقد في نفوس الاوروبيين أكثر قام بعض الفرنسيين بضرب الفرنسي الشيوعي ديني وقطعوا يداه وقالوا انظروا الى هؤلاء البرابرة العرب كيف يعذبون الفرنسيين ورغم أن ذيني اعترف بان الفرنسيين هم الذين فعلوا به ذلك الا أن أحدا منهم لم يصدقه واعتبروا أقواله من مناورات الحزب الشيوعي لكسب عطف الجزائريين. وفي مساء يوم 8 ماي اعلنت حالة الطوارىء في سطيف ووصلت القوات الفرنسية من كل الجبهات واصبحت سطيف عبارة عن ثكنة كبيرة. ومن الغد بدات عملية انتقام رهيبة إذ قام الطيران الفرنسي بامر من وزير الطيران تيون ( الشيوعي) ىبقنبلة الدشر والمشاتي المحيطة بسطيف. كما كان الفرنسيون يجمعون المواطنين (نساء.رجال أطفال) ويلقون بهم في الخنادق أو يركبوهم في الشاحنات ويذهبون بهم الى شعاب الآخرة بخراطة ويلقون بهم من هناك وبعد أكثر من اسبوعين من الإبادة الجماعية للمواطنين بدأوا يجمعون كل من نجا من المناضلين ويقدموهم الى المحاكمة حيث حكم على حوالي 30 مواطنا من مدينة سطيف وحدها بالإعدام. وفي مساء يوم 8 ماي 1945 كان نبأ أحداث سطيف قد انتشر في كل القرى والمدن القريبة فثارت الجماهير الشعبية في كل من عين الكبيرة سرج الغول فرجيوة عموشة خراطة وبني عزيز للانتقام لإخوانهم في سطيف.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
8 مايو1945 ماذا يعني للجزائرين
عندما بدأت الحرب العالمية الثانية القت فرنسا باغلبية مناضلي الحركة الوطنية الجزائرية في السجون وساقت آلاف الشباب الى ساحة القتال ليشاركوا في الدفاع عن فرنسا لاستعادة اراضيها التي احتلها الألمان. ومنذ 1943 بدأ المناضلون يخرجون من السجون وعندما التقى الشمل مرة أخرى أدوا اليمين على ان لايعودوا الى بيوتهم وان يواصلوا النضال ضد الاستعمار وكا ن حزب الشعب الجزائري محظورا في ذلك الوقت لذلك كان ينشط في سرية تامة وانظم الى حركة احباب البيان والحرية فأصبح القطب المؤثر فيه. وفي 2-3-34 مارس 1945 عقد أحباب البيان والحرية مؤتمرا عاما في نادي المولودية بميدان شارتر بالجزائر حضره من اقطاب الحركة الوطنية في ذلك الوقت: الشيخ البشير الابراهيمي والشيخ العربي التبسي والشيخ نور الدين والشيخ فرحات الدراجي عن جمعية العلماء وحسين عسلة وبوقادوم مسعود الشاذلي مكي الحاج سيد شريف وجمال دنور عن حزب الشعب الجزائري وسعدان بن خليل فرحات عباس عن البيان. وقرر الحاضرون في هذا المؤتمر الانتقال من سياسة الكلام الى النشاط لتحقيق مطالب الحركة الوطنية فاتفقوا على تقديم لائحة بالمطالب الجزائرية الى الحلفاء واقترح حزب الشعب اتلجزائري تنظيم مسيرات في كل المدن الجزائرية واختير يوم أول ماي لتحقيق ذلك واختيار أول ماي بالذات كان للاسباب ا لتالية:
1- لأن أول ماي هو يوم عيد العمال
2- لانه بداية الشهر
3- لأن برلين كانت على وشك السقوط وقد تسقط في أو ل ماي
4- لانه يصادف يوم الثلاثاء وهو يوم السوق الاسبوعي في أهم كبريات المدن الجزائرية. وتم الاتفاق على ان تكون المسيرا ت جزائرية اي غير مندمجة مع مسيرة الاوروبيين ويكون لهالونها الخاص هو لون العلم الجزائري الذي تقرر رفعه لاول مر ة في هذا اليوم. وبعد المؤتمر بدأت عملية التحضير لاول ماي فتم الاتصال بكل المناضلين في مختلف جهات الوطن ووزعت عليهم المناشير التي تدعو الشعب الى المشاركة في المسيرة السلمية. وفي اول ماي وقعت مسيرات شعبية في كل المدن الجزائرية ورفع العلم الوطني لاول مرة في كل من الجزائر عنابة سطيف قالمة وهران تبسة قسنطينة وسقط اثناء هذه المسيرات شهداء في كل من العاصمة(بشارع مصطفى بن بولعيد ديزلي سابقا) وسطيف وعنابة وأصيب بعض المواطنين بجروح في تبسة وقالمة. وفي 6 ماي اجتمع قادة أحباب البيان والحرية في متجر عباس التركي بالعاصمة واتفقوا على تحرير وثيقة يحتجون فيها على ما وقع اثناء المسيرات اول ماي. ويذكرون بمطالب المؤتمر2-3-4 مارس. وتكلف فرحات عباس وسعدان بن خليل بتسليم الوثيقة الى الوالي العام لكنهم اعتقلوا فور دخولهم الى مقر الولاية فقرر قادة الحركة الوطنية تنظيم مسيرات في كل القطر الجزائري للاحتجاج على اعتقال فرحات عباس وسعدان ومطالبة فرنسا بالوفاء بوعدها الذي قطعته للجزائريين حين طلبت منهم المشاركة الى جانب قواتها لتحرير فرنسا مقابل منحهم الاستقلال واختير لذلك اليوم 8 ماي لانه يصادف:
5- 1يوم استسلام ألمانيا
6- 2- يوم سوق في معظم المدن الجزائرية
7- 3- يكون قد مر أسبوع على مسيرة أول ماي.
8- كان كل شيء يبدو غير عادي في ربيع 1945 بسطيف. بالنسبة للجزائرين كان نشاط الحركة الوطنية في قمته بهذه المدينة فمدارس الجمعية ونوادي حزب الشعب والبيان كلها مؤسات تعمل على نشر الروح الوطنية بين أفراد الشعب وخاصة الشباب منه. ويتفق كل الشهود في هذا التحقيق على ان الحركة الوطنية كانت تعيش عصرها الذهبي هذه السنة ففي سطيف مثلا بلغ عدد المنخرطين في حزب الشعب وحده (1340) منخرطا.لذلك كانمت الاستجابة كبيرة عندما قررت الحركة الوطنية تنظيم مسيرة أول ماي 1945 وفي هذه المسيرة رفعت لافتات كتبت عليها شعارات معادية للاستعمار من بينها:ًأطلقوا سراح المعتقلين السياسيينًً الاستقلال للشعب الجزائريً. ويذكر احد المناضلين بان العلم الجزائري رفع عندما بلغت المسيرة مفترق الطرق من عين الفوارة وعنداك تدخلت الشرطة ففرقت جموع المواطنين باطلاق النار عليهم فأصابت منهم الكثير. أما المعمرون الفرنسيون فكانوا في هذا الربيع يشعرون بمزيج من المرارة والفرح المرارة لما لحق فرنسا من هزيمة نكراء على يد الألمان والفرح لقرب انهزام ألمانيا على يد الحلفاء. وفي نفس الوقت كانوا منقسمين على انفسهم فهناك المجموعة التي تساند الماريشال (بيتان) وهناك مجموعة الحكومة المؤقتة وكانت كل مجموعة تعادي الأخرى وتحاول أن تقضي عليها وقد كان يوم 8 ماي هو الفرصة التي استغلتها كل مجموعة لتصفية حساباتها مع غريمتها ليدفع الشعب الجزائري ثمن الجرائم التي نفذها الفرنسيون ضد بعضهم البعض.
9- المسيرة
10- على الساعة الثانية من مساء يوم 7 ماي اجتمع المناضلون بوزيدي شعوي رشيد معيزة بوقصة محمد بنادي الشباب( بالقرب من عين الفوارة) وفي هذا الاجتماع ابلغهم المناضل محمود قنيفي_ الذي كان هو المسؤول الاول لجزب الشعب بناحية سطيف) قرار الحزب بتنظيم مسيرة في صبيحة يوم الغد 8 ماي يشارك فيها اكبر عدد ممكن من الشعب واتفق المجتمعون على ان تنطلق المسيرة من المسجد الجديد الواقع بالقرب من محطة القطار ثم افترقوا كل منهم في اتجاه مختلف وأعطي الأمر الى مسؤولي الافواج الذين قاموا بدورهم بتبليغه الى المناضلين.. وهكذا انتقل الأمر بسرعة. وفي ليلة 7-8 ماي اتصل مناضلوالحركة الوطنية بالمناضلين في الحمامات والمشاتي والقرى المحيطة بسطيف وأفهموهم بان المسيرة سلمية وانه لا داعي لجلب الأسلحة وفي نفس الليلة كانت مجموعات أخرى من المناضلين تحضر في سرية تامة اللافتات والاعلام الوطنية وأعلام كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وفي الساعة الخامسة صباحا نقلت اللافتات والاعلام الوطنية الى المسجد الذي بدأت جموع المواطنين تصله منذ الفجر. وفي الساعة الثامنة صباحا بدأت المسيرة تتهيأ للانطلاق بعد ان جمع مناضلو الحركة الوطنية كل الاسلحة من بنادق وعصي وغيرها التي كانت بحوزة المواطنين وأفهموهم ثانية بأن المسيرة سلمية. وفي هذه الاثناء وصل رئيس شرطة سطيف المحافظ المركزي طورتtort محاطا بمحافظ الشرطة للدائرة الثانية فليرvalere ومحافظ الشرطة القضائية لسطيف أوليفيريolivieri وتسعة من رجال الشرطة وطلب من منظمي المسيرة أن يوضحوا له الهدف من هذا التجمع فأجابه بعضهم حسب ما جاء في تقرير المحافظ المركزي طورت الذي حرره يوم 18 ماي 1945 ماي تحت رقم 5240ً إننا نريد أن نحتفل بالانتصار نضع باقة ورد على قبر الجندي المجهولً فطلب منهم عدم رفع اللافتات والشعارات ثم اصطحب معه الشاب لعلي عبد القادر رئيس الكشافة الاسلامية بسطيف وكان من المناضلين الى نيابة العمالة( الدائرة) حيث طلب منه عدم ذكرالمشاركة في المسيرة والانتظار للمشاركة في المسيرة التي ينظمها المعمرون على الساعة الثالثة مساء ولما رفض ذلك طلب منه ان تكون المسيرة بلا شعارات او لا فتات ومنحه نائب عمالة سطيف الموافقة على المسيرة. وفي التاسعة صباحابدأت المسيرة تتحرك في نظام الكشافة في تلك الأيام يليهم حاملو باقة الورد ثم رافعو الاعلامً رفعت اعلام كل الدول ما عدا ألمانيا اليابان وإيطاليا يتوسطها العلم الجزائري الذي رفعه الشاب شراقة عيسى الذي اختير لهذه المهمة لانه كان أطولهم قامة فكان العلم الجزائري يبدو من بعيد وهو يرفرف . وبعد رافعي الاعلام سار المناضلون في صفوف منظمة يتبعهم آلاف المواطنين. ويقول المناضلون ان عدد المشاركين في هذه المسيرة كان يتراوح ما بين 25-30 الف جزائري ويقولون بانه عندما وصلت طليعة المسيرة امام مقهى فرنسا( مكان سقوط أول شهيد) كان الذين في المؤخرة لم يتحركوا بعد ( المسافة بين النقطتين أكثر من 1 كلم) وعندما كان أفراد الكشافة يرددون الأناشيد الوطنية( من جبالنا. حيو افريقيا يا عباد..) كانت النساء تزغرد والرجال يرفعون الشعارات( من أجل تحرير الشعوب. تحيا الجزائر. أطلقوا سراح المعتقلين السياسيين.تسقط الامبريالية..) وفي هذه الاثناء كان المعمرون ورجال الشرطة والدرك الذين ازعجتهم رؤية العلم الجزائري يتهيأون لارتكاب واحدة من أكبر المجازر التي عرفها التاريخ الحديث. فلما بلغت المسيرة شارع 8 ماي( شارع كليمانسو سابقا) وصل رئيس بلدية سطيف ادوارد ديليكا ونائبه مالفيزان فتوجه رئيس البلدية نحو محافظ الشرطة الذي كان يتهيا لإطلاق الرصاص قائلا له:ً دعهم وشأنهمً وعاد راجعا من حيث اتى ويقول المناضل رياش مصطفى انه شاهد بعينيه نائب رئيس البلدية مالفيزان ادوارد ديليكا الذي نقل الى بيته حيث اعترف لابنته قبل ان يلفظ انفاسه بأن نائبه هو الذي أطلق عليه النار غير أن المعمرين أشاعوا بأن الجزائريين هم الذين قتلوه. وفي نفس اللحظة انطلقت ثلاث رصاصات أخرى فقد وصلت المسيرة أمام مقهى فرنسا وكانت الكشافة تنشد:حيو افريقيا يا عباد.. شبابنا يبغي الاتحاد اين اسبانيا وقواها وصليبها العنيد اين روما ودهاها واستعمارها الشديد لقد مزقنا أغلالها واستقلت منها البلاد. عند كلمة البلاد انطلقت الرصاصات الثلاث من مسدس المحافظ أوليفري فاصابت إحداها الشاب سعال بوزيد البالغ من العمر 25 سنة. وهو من مناضلي حزب الشعب الجزائري وكان في هذه المسيرة يرفع لافتة كتب عليها ( تسقط فرنسا تحيا الجزائر حرة مستقلة). بعد ان حمل احد المواطنين الشهيد سعال بوزيد الى المستشفى تابعت المسيرة طريقها نحو مكان الجندي المجهول( أمام مسجد عبد الحميد بن باديس- حاليا) ولما بلغته وضعت باقة الورد وعزف اللحن الجنائزي قبل أن يصل رجال الدرك ويبدأ القتال ضد شعب أعزل من كل سلاح وقوات مدربة ومسلحة وبدأت عملية المطاردة التي سموها _(اصطياد البرانيس) ولإثارة الحقد في نفوس الاوروبيين أكثر قام بعض الفرنسيين بضرب الفرنسي الشيوعي ديني وقطعوا يداه وقالوا انظروا الى هؤلاء البرابرة العرب كيف يعذبون الفرنسيين ورغم أن ذيني اعترف بان الفرنسيين هم الذين فعلوا به ذلك الا أن أحدا منهم لم يصدقه واعتبروا أقواله من مناورات الحزب الشيوعي لكسب عطف الجزائريين. وفي مساء يوم 8 ماي اعلنت حالة الطوارىء في سطيف ووصلت القوات الفرنسية من كل الجبهات واصبحت سطيف عبارة عن ثكنة كبيرة. ومن الغد بدات عملية انتقام رهيبة إذ قام الطيران الفرنسي بامر من وزير الطيران تيون ( الشيوعي) ىبقنبلة الدشر والمشاتي المحيطة بسطيف. كما كان الفرنسيون يجمعون المواطنين (نساء.رجال أطفال) ويلقون بهم في الخنادق أو يركبوهم في الشاحنات ويذهبون بهم الى شعاب الآخرة بخراطة ويلقون بهم من هناك وبعد أكثر من اسبوعين من الإبادة الجماعية للمواطنين بدأوا يجمعون كل من نجا من المناضلين ويقدموهم الى المحاكمة حيث حكم على حوالي 30 مواطنا من مدينة سطيف وحدها بالإعدام. وفي مساء يوم 8 ماي 1945 كان نبأ أحداث سطيف قد انتشر في كل القرى والمدن القريبة فثارت الجماهير الشعبية في كل من عين الكبيرة سرج الغول فرجيوة عموشة خراطة وبني عزيز للانتقام لإخوانهم في سطيف.