رد: نفحات رمضانية
اللقاء الرابع: رمضان والنفحات الإلهية في الأخبار النبوية:
أولاً: إن شهر رمضان جمع الخير كله والفضل كله، فقد جمع الله فيه لعباده الرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، وفيه ليلة خير من ألف شهر, فأين أولوا العقول والنهى.
قال صلى الله عليه وسلم في فضل هذا الشهر العظيم:
«وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار».
فيقدم الله لعباده رحمته عند أول هذا الشهر، وتتنزل عليهم من الله الرحمات، فيوفق من شاء إلى طاعته برحمته وفضله، ثم يأتي أوسطه فيغفر لهم, ويتجاوز عنهم، إن ربي غفور رحيم.
فله الحمد والشكر والثناء, وهو أهل له، له المدح والعبادة، وإليه الملجأ والمفزع, وهو الغفور الرحيم.
أما آخر شهرنا هذا ففيه وقائع وأنباء، ووقفات وأصداء، فآخره عتق من النار، واعلم في هذا الشهر الفضيل عتقاء من النار, وذلك في كل ليلة، لما روى الترمذي والبيهقي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار, فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة, فلم يغلق منها باب, وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير, أقبل, ويا باغي الشر, أقصر ... ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة».
ثانيًا: أخي القارئ ما أعظم ما مضى من النفحات الرحمانية، والكرامات الإلهية، إلا أنها كقطرة من بحر بالنسبة لما أعد الله لتجار هذا الموسم الرابح، وهذا اللقاء الناجح، أفلا تعلم أن أجرك من الله لهذا الصوم لا يعلمه سواه سبحانه, فاسمع إلى هذا الحديث الذي يبين فضل ذلك:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشرة أمثالها ... إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، قال الله تعالى: إلا الصوم، فإنه لي, وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه, ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك». متفق عليه.
قال سفيان بن عيينة: (إن ثواب الصيام لا يأخذه الغرماء في المظالم، بل يدخره الله عنده للصائم، حتى يدخله الجنة).
ثالثًا: وإن من النفحات العظيمة لك أخي في هذا الموسم دعوة لا ترد فيها فامدد كفيك، وارفع حاجتك، واسأل مولاك، أنزل الحوائج ببابه، واحذر أن تطرد من جنابه، وتذكر أنه لا حول لنا ولا قوة إلا به.
لك دعوة أخي الصائم لا ترد فيها، لا تنس سؤال الله من فضله في الدارين، واحذر أن تعتدي في دعائك, فتصير من أهل الحين.
أخي الصائم, لك دعوة لا ترد، لا تنس أمتك المثلومة، والأفواج المظلومة، والحقوق المهضومة، ارفع دعوة, علّ الله يتقبلها منك, فتنصر الأمة بسببك.
أخي الصائم, لا تنس في هذه الدعوة العظيمة، زميلك المتوفى، وأخًا لك محتاجًا، وآخر مهمومًا، ليكون لك مثلهم بتأمين الملائكة لك.
إن هذه الدعوة المجابة دليلها من وجهين:
أ- عام: [FONT="]}[/FONT]وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[FONT="]{[/FONT] [البقرة: 186] وغيرها من الآيات ومواطن الإجابة عمومًا, كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة من يوم الجمعة على أصح أقوال أهل العلم، وعند صعود الخطيب المنبر، وفي السجود وهكذا.
ب- خاص: عند فطرك، كما ورد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد» فأسأل الله لي ولك من فضله العظيم.
رابعًا: من النفحات الإلهية في هذا الشهر العظيم ليلة عظيمة، يؤجر العامل فيها بأجر العامل ألف شهر (ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر)، إنه شرف هذه الليلة العظيمة.
أنزل الله سورة كاملة باسمها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: [FONT="]}[/FONT]إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ[FONT="]{[/FONT] [القدر: 1-5].
من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه, كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.