قصة حمامة

البحر الهادي

:: أستاذ ::
أحباب اللمة
إنضم
27 ماي 2016
المشاركات
5,791
نقاط التفاعل
12,812
النقاط
1,716
محل الإقامة
أرض الوطن
الجنس
ذكر
عاشت حمامة جريحة في قفص صغير، كانت صغيرة وجريحة .. عاشت قرابة اثنا عشرة يوماً، تقاسي آلام جناح مكسور .. كانت أمي تخرجها كل صباح من ذلك القفص، علّها تظفر بشيء من الحرية في فناء المنزل، حتى إذا ما اشتدت حرارة الشمس، أعادتها إلى القفص تارةً أخرى ..

وفي صباح مختلف، أخرجت أمي الحمامة الجريحة كالمعتاد .. كُلّفت يومها بإعادة الحمامة إلى قفصها، وقبل زوال الشمس، بحثت عنها، ولم يطل البحث، فقد وجدتها صريعة في إحدى الزوايا.

أسرعت إليها .. حملتها بين يدي .. حركتها ضعيفة جداً .. لاحظت وجود جرح جرحٍ سطحي على ظهرها بعد أن نُتف ريشها ..

فجأةً ..

أخذت تنتفض وكأنها أفاقت من غيبوبة .. ظننتها ستهرب مني، أمسكتها جيداً، ظننت الروح بعثت فيها من جديد .. لكن حركتها سكنت .. سكنت وإلى الأبد، فما ظنكم ببريءٍ جريحٍ يموت بين يديّ؟! ..

لكأني بتلك الحمامة تجسد في قصتها حال أمتنا الجريحة:

سقطت حمامة ..
من أوج عزٍّ يرفع هامهْ ..
من على نجم المجد في ليلٍ ..
أرخى ظلامهْ ..

* * *

سقطت حمامةْ ..
في قعر قلبٍ نابضٍ
يرجو السلامةْ ..
في رحل موتٍ ..
يغشى الأنام حمامهْ ..

* * *

سقطت حمامةْ ..
كشهابٍ أرخص الروح ..
على أرض الكرامةْ ..
كدموعٍ جامداتٍ
من غمامهْ ..

* * *

سقطت حمامةْ ..
لتعيش الدهر بين قضبان الهوانْ ..
لترى السرب يلوح ..
من خلف الهتانْ ..
لتذوق مرّ الأسر ..
مرّ القهرِ ..
ويموت فيها العنفوانْ ..

* * *

عندما تبتدي حلماً سعيداً ..
تبتني فيه مجداً ..
وتظن العمر مديداً ..
فتذكر أن يوم موتك ..
في العالم عيداً ..
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top