- إنضم
- 31 مارس 2016
- المشاركات
- 3,043
- نقاط التفاعل
- 4,564
- النقاط
- 191
الصنف: فتاوى الصيام - المفطِّرات
المعتبر في مفطِّرات الصيام
السؤال:
ما حكمُ استعمال إبرة الأنسولين بالنسبة لمريض السُّكَّريِّ، وذلك أثناءَ صيام شهر رمضان المبارك؟ وهل له في حالة عدم القدرة على الصيام أن يُخرج قيمةَ الصَّدَقة نقودًا أو طعامًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالمعتبرُ في الإفطار بالأكل والشُّرب إنما هو التقصُّدُ إلى إدخال شيءٍ مِن المفطِّرات إلى الجوف بالطريق المعتاد وهو الفَمُ، ويُلحق به المنخر لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»(١)، سواءٌ حصل له الإنزال بما ينفع أو يضرُّ، أو ما لا ينفع ولا يضرُّ، والنصُّ الشرعيُّ أثبت الفطرَ بالأكل والشرب، ولا يتمُّ ذلك إلَّا بالطريق المعتاد، وكلُّ ما خلا هذا الطريقَ فلا يسمَّى أكلًا ولا شُرْبًا، ولا يُقصد به الأكلُ والشرب، وفي مَعْرِض ذِكر الاكتحال والحقنة والقطرة وشمِّ الطيب ومداواة المأمومة والجائفة ممَّا يدخل إلى البدن بالطريق غيرِ المعتاد، قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية: «والأظهر أنه لا يُفطر بشيءٍ مِن ذلك، فإنَّ الصيام مِن دِين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاصُّ والعامُّ، فلو كانت هذه الأمورُ ممَّا حرَّمها اللهُ ورسوله في الصيام ويَفسد الصومُ بها؛ لَكان هذا ممَّا يجب على الرسول بيانُه، ولو ذكر ذلك لَعَلِمَهُ الصحابةُ وبلَّغوه الأُمَّةَ كما بَلَّغوا سائرَ شرعه، فلمَّا لم يَنْقل أحدٌ مِن أهل العلم عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلًا؛ عُلِم أنه لم يذكر شيئًا مِن ذلك، والحديثُ المرويُّ في الكحل ضعيفٌ رواه أبو داود في «السنن» ولم يَرْوِه غيرُه(٢)»(٣).
هذا، ولا يَلزم في علَّة الإفطار اختصاصُها بالتغذية، وإنما يحسن فيها التركيبُ مِن التغذية والتلذُّذ ليحصل المرادُ بالإفطار، إذ المعروفُ أنَّ المريض قد يتغذَّى بالإبر والحُقَن ويبقى مشتاقًا للطعام متلهِّفًا للشراب، لذلك كانت جميعُ أنواع الإبر والحقن المغذِّية منها وغير المغذِّية لا تفطِّر الصائمَ لعدم تحقُّق العلَّة المركَّبة؛ لأنَّ «الحُكْمَ إِذَا تَعَلَّقَ بِوَصْفَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا» كما هو مقرَّرٌ في علم الأصول.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
(١) أخرجه أبو داود في «الصوم» باب الصائم يصبُّ عليه الماء مِن العطش ويبالغ في الاستنشاق (٢٣٦٦)، والترمذي في «الصوم» باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم (٧٨٨)، والنسائي في «الطهارة» باب المبالغة في الاستنشاق (٨٧)، وابن ماجه في «الطهارة» باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار (٤٠٧)، من حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (٩٣٥).
(٢) يعني الحديثَ الذي أخرجه أبو داود: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمر بالإثمد المُرَوَّح عند النوم، وقال: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ». في «الصوم» بابٌ في الكحل عند النوم للصائم (٢٣٧٧) من حديث معبد بن هوذة الأنصاري رضي الله عنه. وقال: قال لي يحيى بن معينٍ: «هو حديثٌ منكرٌ». وضعَّفه الألباني في «الإرواء» (٩٣٦).
(٣) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٥/ ٢٣٤).
فتاوى الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-
المعتبر في مفطِّرات الصيام
السؤال:
ما حكمُ استعمال إبرة الأنسولين بالنسبة لمريض السُّكَّريِّ، وذلك أثناءَ صيام شهر رمضان المبارك؟ وهل له في حالة عدم القدرة على الصيام أن يُخرج قيمةَ الصَّدَقة نقودًا أو طعامًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالمعتبرُ في الإفطار بالأكل والشُّرب إنما هو التقصُّدُ إلى إدخال شيءٍ مِن المفطِّرات إلى الجوف بالطريق المعتاد وهو الفَمُ، ويُلحق به المنخر لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»(١)، سواءٌ حصل له الإنزال بما ينفع أو يضرُّ، أو ما لا ينفع ولا يضرُّ، والنصُّ الشرعيُّ أثبت الفطرَ بالأكل والشرب، ولا يتمُّ ذلك إلَّا بالطريق المعتاد، وكلُّ ما خلا هذا الطريقَ فلا يسمَّى أكلًا ولا شُرْبًا، ولا يُقصد به الأكلُ والشرب، وفي مَعْرِض ذِكر الاكتحال والحقنة والقطرة وشمِّ الطيب ومداواة المأمومة والجائفة ممَّا يدخل إلى البدن بالطريق غيرِ المعتاد، قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية: «والأظهر أنه لا يُفطر بشيءٍ مِن ذلك، فإنَّ الصيام مِن دِين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاصُّ والعامُّ، فلو كانت هذه الأمورُ ممَّا حرَّمها اللهُ ورسوله في الصيام ويَفسد الصومُ بها؛ لَكان هذا ممَّا يجب على الرسول بيانُه، ولو ذكر ذلك لَعَلِمَهُ الصحابةُ وبلَّغوه الأُمَّةَ كما بَلَّغوا سائرَ شرعه، فلمَّا لم يَنْقل أحدٌ مِن أهل العلم عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلًا؛ عُلِم أنه لم يذكر شيئًا مِن ذلك، والحديثُ المرويُّ في الكحل ضعيفٌ رواه أبو داود في «السنن» ولم يَرْوِه غيرُه(٢)»(٣).
هذا، ولا يَلزم في علَّة الإفطار اختصاصُها بالتغذية، وإنما يحسن فيها التركيبُ مِن التغذية والتلذُّذ ليحصل المرادُ بالإفطار، إذ المعروفُ أنَّ المريض قد يتغذَّى بالإبر والحُقَن ويبقى مشتاقًا للطعام متلهِّفًا للشراب، لذلك كانت جميعُ أنواع الإبر والحقن المغذِّية منها وغير المغذِّية لا تفطِّر الصائمَ لعدم تحقُّق العلَّة المركَّبة؛ لأنَّ «الحُكْمَ إِذَا تَعَلَّقَ بِوَصْفَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا» كما هو مقرَّرٌ في علم الأصول.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
(١) أخرجه أبو داود في «الصوم» باب الصائم يصبُّ عليه الماء مِن العطش ويبالغ في الاستنشاق (٢٣٦٦)، والترمذي في «الصوم» باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم (٧٨٨)، والنسائي في «الطهارة» باب المبالغة في الاستنشاق (٨٧)، وابن ماجه في «الطهارة» باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار (٤٠٧)، من حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (٩٣٥).
(٢) يعني الحديثَ الذي أخرجه أبو داود: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمر بالإثمد المُرَوَّح عند النوم، وقال: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ». في «الصوم» بابٌ في الكحل عند النوم للصائم (٢٣٧٧) من حديث معبد بن هوذة الأنصاري رضي الله عنه. وقال: قال لي يحيى بن معينٍ: «هو حديثٌ منكرٌ». وضعَّفه الألباني في «الإرواء» (٩٣٦).
(٣) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٥/ ٢٣٤).
فتاوى الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-