بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد؛
أخي القارئ الكريم، في هذه الصفحات القلائل نُذكِّرك بجانب من جوانب الأخلاق الكريمة التي اتَّصفت بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم من السلف الصالح، وأركز الحديث في هذه الأسطر على خِصلة نبيلة وصفة جميلة كانت مترجمة في حياتهم العملية، ألا وهي الإيثار، وهو أن يجود المرء بما عنده مع الحاجة إليه، وهو أعلى درجات السخاء، إذ السخاء عبارة عن بذل ما لا يحتاج إليه المحتاج أو لغير محتاج، والبذل مع الحاجة أشد. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على الصحابة رضي الله عنهم به، فقال تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: 9]، فالإيثار خلق من الأخلاق العظيمة، وكان ذلك من أدب الرسول صلى الله عليه وسلم حتى سمَّاه الله سبحانه وتعالى عظيمًا، فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].
فلا عجب أن يتخرج من مدرسته تلك النماذج البشرية العظيمة التي فاضت كتب التاريخ والسير بأخبارها، وعجزت الإنسانية أن تلد مثلها.
[FONT="]ونورد في هذه العُجالة بعض النماذج من أخبارهم الدَّالة على هذه الصفة النبيلة، مع ذكر بعض أخبار السلف الصالح المقتدين بآثارهم لتكون مثلاً يُحتذى به لهذا الجيل الناشئ، عسى الله أن يجعل منه تلك الطائفة المنصورة الظاهرة على الحقِّ. [/FONT]