العشر الأواخر على الأبواب فهل من مشمر؟
الخطبة الأولى
الحمد لله المنزه عن الأشباه في الأسماء والأوصاف، القائم بالقسط والحق والإنصاف، خضعت لعزته الأكوان وأقرت عن الاعتراف، وانقادت له القلوب وهي في انقيادها تخاف، كشف للمتقين اليقين فشهدوا، وأقامهم في الليل فسهروا وتهجدوا، وأراهم عيب الدنيا فرفضوها، وزهدوا، وقالوا: نحن أضياف! أحمده على ستر الخطايا والاقتراف، وأصلي على رسوله محمد الذي أنزل عليه ق، وعلى أتباعه الذين ساروا على الصراط المستقيم بلا ميل ولا انحراف.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [سورة الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة أجارني الله وإياكم من البدع والضلالات.
أيها المسلمون الموحدون:
رمضان أيامه تمر بسرعة ونحن في غفلة إلا من رحم الله، فما أحوجنا أن نشمر عن ساعد الجد، ونشحذ الهمم فيما تبقى من شهر رمضان؛ شهر الطاعة والمغفرة والرحمة والعتق من النيران.
هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب، أيام عظيمة امتن الله بها على الأمة المسلمة بأن أعطاها نفحات ربانية عطرة، فيها الأجر العظيم مع العمل والطاعة القليلة، وفيها أيضا ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. هي خلاصة رمضان، وزبدة رمضان، وتاج رمضان قد قدمت، فيا ترى كيف نستقبل العشر الأواخر من رمضان؟
وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجَلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه، ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهادًا حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم - وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم - فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها؛ لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سببًا لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله. روى الإمام مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".، وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدَّ المئزر".
فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي – صلى الله عليه وسلم - على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات؛ فينبغي لكم -أيها المسلمون- أن تحرصوا على إيقاظ أهلكم، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.
أيها الإخوة الصائمون:
لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.
وإيقاظه لأهله ليس خاصًّا في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد.
ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"، "وكان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" متفق عليه
إنها ليالٍ معدودة وساعات محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة! ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجدًا فيها!!
إنها ليالٍ يسيرة.. والعاقل يبادر الدقائق فيها؛ لعله يفوز بالدرجات العُلا في الجنان.. "وإنها ليست بجنة بل جنان".
لماذا نستغل العشر؟
إن المؤمن يعلم أن هذه المواسم عظيمة، والنفحات فيها كريمة؛ ولذا فهو يغتنمها، ويرى أن من الغبن البين تضييع هذه المواسم، وتفويت هذه الأيام، وليت شعري إن لم نغتنم هذه الأيام، فأي موسم نغتنم؟! وإن لم نفرغ الوقت الآن للعبادة، فأي وقت نفرغه لها؟!
أيها الصائمون:
تذكروا أنها عشر ليال فقط تمر كطيف زائر في المنام، تنقضي سريعًا، وتغادرنا كلمح البصر، فليكن استقصاركم المدة معينًا لكم على اغتنامها. - تذكروا أنها لن تعود إلا بعد عام كامل، لا ندري ما الله صانع فيه، وعلى من تعود، وكلنا يعلم يقينًا أن من أهل هذه العشر من لا يكون من أهلها في العام القادم، أطال الله في أعمارنا على طاعته. وهذه سنة الله في خلقه ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]. وكم أهلكنا الشيطان بالتسويف وتأجيل العمل الصالح! فها هي العشر قد نزلت بنا، أبعد هذا نسوِّف ونُؤجل؟! - تذكروا أن غدًا تُوَفَّى النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساءوا فبئس ما صنعوا. تذكروا أن فيها ليلة القدر التي عظّمها الله، وأنزل فيها كتابه، وأعلى شأن العبادة فيها، فـ"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه الشيخان). والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]. قال الإمام النخعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها" فلو قُدِر لعابد أن يعبد ربه أكثر من ثلاث وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، وقام موفَّق هذه الليلة وقُبلت منه، لكان عمل هذا الموفَّق خير من ذاك العابد، فما أعلى قدر هذه الليلة! وما أشد تفرطنا فيها! وكم يتألم المرء لحاله وحال إخوانه وهم يفرطون في هذه الليالي وقد أضاعوها باللهو واللعب والتسكع في الأسواق، أو في توافه الأمور!! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم) رواه النسائي وابن ماجة وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي قال: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه) وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان؛ لقول النبي: (تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان). متفق عليه.
فيا نائمًا متى تستيقظ؟! ويا غافلاً متى تنتبه؟! ويا مجتهدًا اعلم أنك بحاجة إلى مزيد اجتهاد، ولا أظنك تجهل هذه الآية ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ﴾ [التوبة: 105]. فماذا سيرى الله منكم في هذه العشر أيها المؤمنون؟! من رحمة الله بالعباد وهو الغني عنهم أن جعل أفضل أيام رمضان آخره؛ إذ النفوس تنشط عند قرب النهاية، وتستدرك ما فاتها رغبةً في التعويض، والعشر الأواخر هي خاتمة مسك رمضان، وهي كواسطة العقد للشهر لما لها من المزايا والفضائل التي ليست لغيرها.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الأولى
الحمد لله المنزه عن الأشباه في الأسماء والأوصاف، القائم بالقسط والحق والإنصاف، خضعت لعزته الأكوان وأقرت عن الاعتراف، وانقادت له القلوب وهي في انقيادها تخاف، كشف للمتقين اليقين فشهدوا، وأقامهم في الليل فسهروا وتهجدوا، وأراهم عيب الدنيا فرفضوها، وزهدوا، وقالوا: نحن أضياف! أحمده على ستر الخطايا والاقتراف، وأصلي على رسوله محمد الذي أنزل عليه ق، وعلى أتباعه الذين ساروا على الصراط المستقيم بلا ميل ولا انحراف.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [سورة الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة أجارني الله وإياكم من البدع والضلالات.
أيها المسلمون الموحدون:
رمضان أيامه تمر بسرعة ونحن في غفلة إلا من رحم الله، فما أحوجنا أن نشمر عن ساعد الجد، ونشحذ الهمم فيما تبقى من شهر رمضان؛ شهر الطاعة والمغفرة والرحمة والعتق من النيران.
هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب، أيام عظيمة امتن الله بها على الأمة المسلمة بأن أعطاها نفحات ربانية عطرة، فيها الأجر العظيم مع العمل والطاعة القليلة، وفيها أيضا ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. هي خلاصة رمضان، وزبدة رمضان، وتاج رمضان قد قدمت، فيا ترى كيف نستقبل العشر الأواخر من رمضان؟
وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجَلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه، ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهادًا حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم - وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم - فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها؛ لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سببًا لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله. روى الإمام مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".، وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدَّ المئزر".
فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي – صلى الله عليه وسلم - على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات؛ فينبغي لكم -أيها المسلمون- أن تحرصوا على إيقاظ أهلكم، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.
أيها الإخوة الصائمون:
لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.
وإيقاظه لأهله ليس خاصًّا في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد.
ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"، "وكان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" متفق عليه
إنها ليالٍ معدودة وساعات محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة! ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجدًا فيها!!
إنها ليالٍ يسيرة.. والعاقل يبادر الدقائق فيها؛ لعله يفوز بالدرجات العُلا في الجنان.. "وإنها ليست بجنة بل جنان".
لماذا نستغل العشر؟
إن المؤمن يعلم أن هذه المواسم عظيمة، والنفحات فيها كريمة؛ ولذا فهو يغتنمها، ويرى أن من الغبن البين تضييع هذه المواسم، وتفويت هذه الأيام، وليت شعري إن لم نغتنم هذه الأيام، فأي موسم نغتنم؟! وإن لم نفرغ الوقت الآن للعبادة، فأي وقت نفرغه لها؟!
أيها الصائمون:
تذكروا أنها عشر ليال فقط تمر كطيف زائر في المنام، تنقضي سريعًا، وتغادرنا كلمح البصر، فليكن استقصاركم المدة معينًا لكم على اغتنامها. - تذكروا أنها لن تعود إلا بعد عام كامل، لا ندري ما الله صانع فيه، وعلى من تعود، وكلنا يعلم يقينًا أن من أهل هذه العشر من لا يكون من أهلها في العام القادم، أطال الله في أعمارنا على طاعته. وهذه سنة الله في خلقه ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]. وكم أهلكنا الشيطان بالتسويف وتأجيل العمل الصالح! فها هي العشر قد نزلت بنا، أبعد هذا نسوِّف ونُؤجل؟! - تذكروا أن غدًا تُوَفَّى النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساءوا فبئس ما صنعوا. تذكروا أن فيها ليلة القدر التي عظّمها الله، وأنزل فيها كتابه، وأعلى شأن العبادة فيها، فـ"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه الشيخان). والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]. قال الإمام النخعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها" فلو قُدِر لعابد أن يعبد ربه أكثر من ثلاث وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، وقام موفَّق هذه الليلة وقُبلت منه، لكان عمل هذا الموفَّق خير من ذاك العابد، فما أعلى قدر هذه الليلة! وما أشد تفرطنا فيها! وكم يتألم المرء لحاله وحال إخوانه وهم يفرطون في هذه الليالي وقد أضاعوها باللهو واللعب والتسكع في الأسواق، أو في توافه الأمور!! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم) رواه النسائي وابن ماجة وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي قال: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه) وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان؛ لقول النبي: (تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان). متفق عليه.
فيا نائمًا متى تستيقظ؟! ويا غافلاً متى تنتبه؟! ويا مجتهدًا اعلم أنك بحاجة إلى مزيد اجتهاد، ولا أظنك تجهل هذه الآية ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ﴾ [التوبة: 105]. فماذا سيرى الله منكم في هذه العشر أيها المؤمنون؟! من رحمة الله بالعباد وهو الغني عنهم أن جعل أفضل أيام رمضان آخره؛ إذ النفوس تنشط عند قرب النهاية، وتستدرك ما فاتها رغبةً في التعويض، والعشر الأواخر هي خاتمة مسك رمضان، وهي كواسطة العقد للشهر لما لها من المزايا والفضائل التي ليست لغيرها.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.