الحمد لله يسر لنا الدين وأتم علينا النعمة ، وبلغنا رمضان ورزقنا صيامه وقيامه ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ، أما بعد ... فهذه كلمات يسيرة حول العيد وما يتعلق به من أحكام راجياً الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن تسهم في التوعية والتوجيه للمسلمين في كل مكان . آمين . قف بالمصلى فهذا اليوم مشهود *** واسمع حديث الهدى فالقول محمود عيد أتيت وشهر الخير منسلخ *** من بعد أن كان للقرآن ترديد أتيت تحمل للصوام تهنئة *** ففيك جائزة الصوام ياعـيد أتيت يا عيد والأرواح مشرقة *** فللبلابل ألحان وتغريد أخي المسلم : العيد عبادة من العبادات الجليلة ، ومظهر من مظاهر الدين الحنيف التي يعيش فرحتها الصغير والكبير ..... فما هو العيد : العيد مأخوذ من العود وهو الرجوع والتكرار ، قال النووي رحمه الله : وسُمي العيد عيدًا لعوده وتكرره, وقيل: لعود السرور فيه, وقيل: تفاؤلا بعوده على من أدركه، كما سميت القافلة حين خروجها تفاؤلا لقفولها سالمة, وهو رجوعها. [ شرح صحيح مسلم للنووي: 6/149]. حكم صلاة العيد : مذهب الكثير من العلماء أنها فرض كفاية . والذي رجحه المحققون من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وغيره أن صلاة العيد واجبة ولا تسقط إلا بعذر ، وقت صلاة العيد وكيفيتها : وقت صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح ، ويستمر إلى الزوال ، ولا يشرع لها أذان ولا إقامة ما يـقرأ فيها : يسن أن يقرأ الإمام فيها جهراً بعد الفاتحة سورة ( الأعلى ) في الركعة الأولى و( الغاشية ) في الثانية ، أو سورة (ق) في الأولى و ( القمر ) في الثانية . حكم الاغتسال والتجمل في العيد : يستحب للمسلم التجمل في يوم العيد وقال الإمام مالك: سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد . [ المرجع السابق ] حكم صيام يوم العيد لا يجوز صيام يومي العيد ؛ لما رواه أبو سعيد الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ََلا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى. [ صحيح البخاري، 1197]. حكم الأكل قبل الخروج للمصلى في عيد الفطر : يسن للمسلم أن يأكل تمرات وتراً قبل خروجه للمصلى حكم خروج جميع النساء للمصلى : يجوز للنساء الخروج لصلاة العيد وحضور الخطبة والاستفادة منها بشرط الالتزام بالحجاب الشرعي وعدم التزين والتطيب وأن يكن منفردات عن الرجال ؛ لما روته أُمِّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى: الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ. فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصََّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِحْدَانَا َلا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا . متفق عليه . -حكم المشي إلى المصلى وحكم مخالفة الطريق : من السنن التي تركها الكثير في يوم العيد الذهاب للعيد ماشياً ومخالفة الطريق ، في الذهاب والإياب، إذا كان ذلك سهلا على الإنسان وليس فيه مشقة حكم التكبير أيام العيد ذهب جمهور العلماء إلى أنه سنة مؤكدة للرجال والنساء، قال تعالى: ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [ البقرة: 185 ]. وعن الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير. [ السلسلة الصحيحة 171]. ويبدأ التكبير من غروب ليلة العيد حتى يحضر الإمام إلى المصلى . ومن صـيغ التكبير : 1- ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) . رواه ابن أبي شيبة بإسناد صححه الألباني عن ابن مسعود رضى الله عنه . 2- ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ).عن ابن مسعود وابن عباس بسند صحيح . 3- ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا ) رواه عبد الرزق بسند صحيح عن سلمان . حكم التهنئة بالعيد : لا بأس بالتهنئة بالعيد كأن يقول : ( تقبل الله منا ومنكم ) وغير ذلك . قال شيخ الإسلام : " أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد: تقبل الله منا ومنكم، وأحاله الله عليك، ونحو ذلك، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره . لكن قال أحمد : أنا لا ابتدئ أحدا، فإن ابتدأني أحد ، أجبته. وذلك لأن جواب التحية واجب . وأما الابتداء بالتهنئة، فليس سنة مأمورا بها، ولا هو أيضا مما نهي عنه. فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة " [ مجموع الفتاوى 24/253] الحكم إذا وافق يوم العيد يوم جمعة : إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد سقطت الجمعة عمن صلى العيد ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اجتمع في يومكم هذا عيدان ؟ فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون " رواه أبو داود . وينبغي للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء ، ومن لم يشهد العيد ، ومن لم يصل الجمعة فإنه يصليها ظهرا . حكم زكاة الفطر : واجبة لحديث ابن عمر قال : (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ) رواه مسلم ، ويسن إخراجها عن الجنين لفعل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومقدارها : صاع من قوت البلد . ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد ، ولا يجوز إخراجها نقودا على القول الصحيح من أقوال أهل العلم ، لأن ذلك مخالف لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويجب تحري الفقراء والمساكين لدفعها إليهم . ووقت إخراجها الفاضل يوم العيد قبل الصلاة ، ويجوز تقديمها قبل ذلك بيوم أو يومين . تنبيهات مهمة : * على المسلم أن يحمد الله تعالى أن أتم عليه النعمة بصيام هذا الشهر وقيامه ، وأن يكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منه الصيام والقيام . * يستحب للمسلم الفرح والسرور بالعيد: ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء فاضطجع على الفراش وحول وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فاقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "دعهما" فلما غفل غمزتهما فخرجتا) رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : " تغنيان بدف " * يشرع للمسلم التوسعة على أهله في أيام العيد بأنواع ما يحصل لهم من بسط النفس ، والترويح عنهم ، وأخذهم للرحلات الترفيهية الخالية من المحاذير الشرعية * التكبير الجماعي بصوت واحد ، أو الترديد خلف شخص كل ذلك من المخالفات والتي لم يرد عليها دليل . * ليلة العيد تحيى بالتكبير والتهليل ولا يجوز إحياؤها بما يخالف ذلك من الأقوال التي لم تثبت شرعاً . * زيارة المقابر للرجال أمر مشروع في غير أيام العيد ، وتخصيص يوم العيد لزيارة المقابر والسلام على الأموات . أمر مخالف للشريعة . * لا يجوز السهر على المعصية كمتابعة الأفلام والمسلسلات والغناء الماجن وضياع الأوقات في الأسواق واللهث وراء حطام الدنيا الزائل . * لا يجوز للمسلمة التبرج والسفور ومخالطة الرجال في الأسواق والمساجد والمنتزهات وغيرها . * لا يجوز الإسراف في الملبس والمأكل والمشرب * لا يجوز للمسلم حلق لحيته أو التزين بذلك لا في يوم العيد ولا غيره . * لا يجوز مصافحة النساء من غير المحارم فعن أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها قالت : جئت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه فقال لنا فِيمَا استَطَعتُنَّ وأَطقْتُنَّ إِنِّي لا أُصَافِحُ النِّسَاء) رواه ابن ماجه والنسائي وصححه الألباني . وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ما مَست يَدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَدَ امرأةٍ قَطُ. * اجعل من يوم العيد يوم فرح وسرور وزيارة للوالدين والأقارب والأرحام ، والأصدقاء ، واجعل صدرك واسعاً مسامحا لكل أحد . * بادر بعد العيد بقضاء ما فاتك من رمضان ، ولا تنس صيام الست من شوال ، فإنها مع رمضان تعدل صيام سنة كاملة . نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال وأن يبارك لنا في أعمارنا ، وأن يزيدنا علماً وعملاً ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم