أنا والوزير ...
توصلت باستدعاء جميل الكتابة والخط، بديع الحلة والإخراج.. لم أكن أتصور يوما أن أتوصل باستدعاء من طرف وزير محترم.. ذهبت في الموعد المحدد.. كنت أرتدي بذلة رمادية وربطة عنق لا أذكر لونها لأنها ليست لي وإنما لصديق لم أعد اذكر اسمه.. ولجت باب مقر الوزارة ونبضات قلبي تتصاعد.. جلت بناظري في بهوها كمن يخشى سقوط نيزك من السماء على رأسه.. أعلم أن سعادة الوزير لا يريدني إلا في خير إن شاء الله، لكن الوسواس من طبعي... تساءلت: أين يكون مكتب الوزير!.. لا شك في الطابق العلوي يستقر فخامته.. سألني حراس الأمن عن سبب الزيارة فأخرجت من جيب معطفي ورقة الاستدعاء الأنيق، فوثبوا وثبة رجل واحد مرحبين مهللين: "يا أهلا يا مرحبا بالمدعو الكريم.". عدلت من ربطة عنقي وأنا مزهو بنفسي.. حسبت أنهم سيقدمون لي تمرا وحليبا تقديراً لي، ولم يخب حدسي فقد ناولني مسؤول كبير في هذه الوزارة كأس قهوة وبعض الحلوى.. حسدت نفسي على هذا الكرم الحاتمي الذي شملني والجود الذي أحاط بي من كل مكان.. وأنا أصعد السلالم، تمنيت لو أن الزمن توقف فأمكث قليلا في هذا المبنى الفخم.. يقولون إن الوزير ما يزال شابا وسيما.. وصلت أخيرا إلى مكتبه حيث دلفت الباب فوجدت الرجل واقفا ينتظرني.. سألته بعد أن حييته عن سبب استدعائي: هل خير أراد بي أم شر مستطير؟!.. رحب بي الوزير بنفسه أيما ترحيب، وقال: "خير.. خير بحول الله.. لا تفزع يا رجل.. سبق لك أن قدمت لنا طلبا للشغل لدينا في هذه الوزارة الكبيرة. أليس كذلك؟" أومأت برأسي أي نعم، فرد علي مبتسما: "إذن، اطمئن أيها الشاب اللطيف، لقد استدعيتك شخصيا للحضور لأنني قبلت طلبك وستعمل مديرا لديوان الوزارة كلها.. هه: ما رأيك؟" .. فرحت حتى تراقصت عيناي الزائغتان فسقطت مغشيا علي.. أصابني ألم في ظهري وأنا أسقط من الفراش.. كنت أحلم!..