وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
قوله عز وجل "وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً"، الآية، أعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فثار الناس إلا اثني عشر رجلاً فأنزل الله: "وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها".
ويحتج بهاذ الحديث من يرى إقامة الجمعة باثني عشر رجلاً، وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة حتى يكون حجة، لاشتراط هذا العدد. وقال ابن عباس في رواية الكلبي: لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط. وقال الحسن وأبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة الكلبي بتجارة زيت من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً". وقال مقاتل: بينا / رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة، وكان إذا قدم لم تبق بالمدينة عاتق إلا أتته، وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق وبر وغيره.
فينزل عند أحجار الزيت، وهو مكان في سوق المدينة، ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس ليبتاعوا منه، فقدم ذات جمعة، وكان ذلك قبل أن يسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب، فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم بقي في المسجد؟ فقالوا: اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء، فأنزل الله هذه الآية. وأراد باللهو الطبل. وقيل: كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفيق.
وقوله: "انفضوا إليها"، رد الكناية إلى التجارة لأنها أهم. وقال علقمة: سئل عبد الله بن عمر: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً أو قاعداً؟ قال: أما تقرأ "وتركوك قائماً". عن جابر بن عبد الله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلوس.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، عن سماك عن جابر بن سمرة قال: "كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس". وبهذا الإسناد عن جابر بن سمرة قال: "كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً". والخطبة فريضة في صلاة الجمعة، ويجب أن يخطب قائماً خطبتين، وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة: أن يحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصي بتقوى الله، هذه الثلاثة فرض في الخطبتين جميعاً، ويجب أن يقرأ في الأولى آية من القرآن، ويدعو للمؤمنين في الثانية، فلو ترك واحدة من هذه الخمس لا تصح جمعته عند الشافعي، وذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه. وهذا القدر لا يقع عليه اسم الخطبة، وهو مأمور بالخطبة.
عن عبيد الله بن أبي رافع أن مروان استخلف أبا هريرة على المدينة، فصلى بهم أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية: "إذا جاءك المنافقون" (المنافقون- 1) فقال عبيد الله: فلما انصرفنا مشيت إلى جنبه فقلت له: لقد قرأت بسورتين سمعت علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الصلاة؟ فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما. أخبرنا أبو الحسن السرخسي.
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة "أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة؟ فقال: كان يقرأ بـ "هل أتاك حديث الغاشية"". أخبرنا أبو عثمان الضبي، عن النعمان بن بشير قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة "سبح اسم ربك الأعلى"، و "هل أتاك حديث الغاشية"، وربما اجتمع في يوم واحد فيقرأ بهما". ولجواز الجمعة خمس شرائط: الوقت وهو: وقت الظهر ما بين زوال الشمس إلى دخول وقت العصر، والعدد، والإمام، والخطبة، ودار الإقامة، فإذا فقد شرط من هذه الخمسة يجب أن يصلوها ظهراً. ولا يجوز للإمام أن يبتدئ الخطبة قبل اجتماع العدد، وهو عدد الأربعين عند الشافعي.
فلو اجتمعوا وخطب بهم ثم انفضوا قبل افتتاح الصلاة أو انتقص واحد من العدد لا يجوز أن يصلي بهم الجمعة، بل يصلي الظهر، ولو افتتح بهم الصلاة ثم انفضوا، فأصح أقوال الشافعي: أن بقاء الأربعين شرط إلى آخر الصلاة، كما أن بقاء الوقت شرط إلى آخر الصلاة فلو انتقص واحد منهم قبل أن يسلم الإمام يجب على الباقين أن يصلوها أربعاً. وفيه قول آخر: إن بقي معه اثنان أتمها جمعة. وقيل: إن بقي معه واحد أتمها جمعة، وعند المزني إن نقصوا بعد ما صلى الإمام بهم ركعة أتمها جمعة، وإن بقي وحده فإن كان في الركعة الأولى يتمها أربعاً وإن انتقص من العدد واحد، وبه قال أبو حنيفة في العدد الذي شرطه كالمسبوق إذا أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فإذا سلم الإمام أتمها جمعة وإن أدرك أقل من ركعة أتمها أربعاً.
قوله عز وجل: "قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة"، أي ما عند الله من الثواب على الصلاة والثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من اللهو ومن التجارة، "والله خير الرازقين"، لأنه موجد الأرزاق فإياه فاسألوا ومنه فاطلبوا.
قوله عز وجل "وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً"، الآية، أعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فثار الناس إلا اثني عشر رجلاً فأنزل الله: "وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها".
ويحتج بهاذ الحديث من يرى إقامة الجمعة باثني عشر رجلاً، وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة حتى يكون حجة، لاشتراط هذا العدد. وقال ابن عباس في رواية الكلبي: لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط. وقال الحسن وأبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة الكلبي بتجارة زيت من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً". وقال مقاتل: بينا / رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة، وكان إذا قدم لم تبق بالمدينة عاتق إلا أتته، وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق وبر وغيره.
فينزل عند أحجار الزيت، وهو مكان في سوق المدينة، ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس ليبتاعوا منه، فقدم ذات جمعة، وكان ذلك قبل أن يسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب، فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم بقي في المسجد؟ فقالوا: اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء، فأنزل الله هذه الآية. وأراد باللهو الطبل. وقيل: كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفيق.
وقوله: "انفضوا إليها"، رد الكناية إلى التجارة لأنها أهم. وقال علقمة: سئل عبد الله بن عمر: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً أو قاعداً؟ قال: أما تقرأ "وتركوك قائماً". عن جابر بن عبد الله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلوس.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، عن سماك عن جابر بن سمرة قال: "كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس". وبهذا الإسناد عن جابر بن سمرة قال: "كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً". والخطبة فريضة في صلاة الجمعة، ويجب أن يخطب قائماً خطبتين، وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة: أن يحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصي بتقوى الله، هذه الثلاثة فرض في الخطبتين جميعاً، ويجب أن يقرأ في الأولى آية من القرآن، ويدعو للمؤمنين في الثانية، فلو ترك واحدة من هذه الخمس لا تصح جمعته عند الشافعي، وذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه. وهذا القدر لا يقع عليه اسم الخطبة، وهو مأمور بالخطبة.
عن عبيد الله بن أبي رافع أن مروان استخلف أبا هريرة على المدينة، فصلى بهم أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية: "إذا جاءك المنافقون" (المنافقون- 1) فقال عبيد الله: فلما انصرفنا مشيت إلى جنبه فقلت له: لقد قرأت بسورتين سمعت علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الصلاة؟ فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما. أخبرنا أبو الحسن السرخسي.
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة "أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة؟ فقال: كان يقرأ بـ "هل أتاك حديث الغاشية"". أخبرنا أبو عثمان الضبي، عن النعمان بن بشير قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة "سبح اسم ربك الأعلى"، و "هل أتاك حديث الغاشية"، وربما اجتمع في يوم واحد فيقرأ بهما". ولجواز الجمعة خمس شرائط: الوقت وهو: وقت الظهر ما بين زوال الشمس إلى دخول وقت العصر، والعدد، والإمام، والخطبة، ودار الإقامة، فإذا فقد شرط من هذه الخمسة يجب أن يصلوها ظهراً. ولا يجوز للإمام أن يبتدئ الخطبة قبل اجتماع العدد، وهو عدد الأربعين عند الشافعي.
فلو اجتمعوا وخطب بهم ثم انفضوا قبل افتتاح الصلاة أو انتقص واحد من العدد لا يجوز أن يصلي بهم الجمعة، بل يصلي الظهر، ولو افتتح بهم الصلاة ثم انفضوا، فأصح أقوال الشافعي: أن بقاء الأربعين شرط إلى آخر الصلاة، كما أن بقاء الوقت شرط إلى آخر الصلاة فلو انتقص واحد منهم قبل أن يسلم الإمام يجب على الباقين أن يصلوها أربعاً. وفيه قول آخر: إن بقي معه اثنان أتمها جمعة. وقيل: إن بقي معه واحد أتمها جمعة، وعند المزني إن نقصوا بعد ما صلى الإمام بهم ركعة أتمها جمعة، وإن بقي وحده فإن كان في الركعة الأولى يتمها أربعاً وإن انتقص من العدد واحد، وبه قال أبو حنيفة في العدد الذي شرطه كالمسبوق إذا أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فإذا سلم الإمام أتمها جمعة وإن أدرك أقل من ركعة أتمها أربعاً.
قوله عز وجل: "قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة"، أي ما عند الله من الثواب على الصلاة والثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من اللهو ومن التجارة، "والله خير الرازقين"، لأنه موجد الأرزاق فإياه فاسألوا ومنه فاطلبوا.