رد: فشلت في انقاض زواجي
الموضوع نوعا من القنوط لماذا لانجلس ونتفكر ونتامل ونتدبر لماذا هذا التغير ونرجع الى هذه الحقيقة لان هذه الاحداث والتغيرات راجع الى اللهَ عزّ وجلّ لانه يختصُّ بفضلِه مَن يشاء، ويتصرّف في الكَوْنِ بحكمةٍ عظيمةٍ، فيُمِدُّ في عُمرِ مَن يشاء، ويقبِضُ إليه مَن يشاء ويبتلي ما يشاء الله ويمتحنهم ويفعل ما يشاء سبحانه وتعالى ..
يبتلي عباده الطيبين بالمصائب لحكم عظيمة ليكفر عنهم سيئاتهم ولأجل ان يحاسبو انفسهم عما فعلو ويصححو اعمالهم . وينعم اعدائه ويعطيهم ويعطيهم من باب الاستدراج
وقد قالها الله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ/ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) لنتدبر جزء الاول فقد فسرها الامام العَلم أبو العالية : من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض; لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة; ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود : " لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا " . والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت ، انكف الناس - أو أكثرهم ، أو كثير منهم - عن تعاطي المحرمات ، وإذا ارتكبت المعاصي كان سببا في محاق البركات من السماء والأرض; ولهذا إذا نزل عيسى [ ابن مريم ] عليه السلام ، في آخر الزمان فحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت ، من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية ، وهو تركها - فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف ، فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج ، قيل للأرض : أخرجي بركاتك . فيأكل من الرمانة الفئام من الناس ، ويستظلون بقحفها ، ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس . وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير; [ ولهذا ] ثبت في الصحيح : " إن الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد ، والشجر والدواب " .
ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل : وجد رجل في زمان زياد - أو ابن زياد - صرة فيها حب ، يعني من بر أمثال النوى ، عليه مكتوب : هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل .اه
على الانسان ان يراجع نفسه فإن الله إذا أحب عبدا عصمه من الفتن، وأحاطه بعنايته فأنى له أن يفتتن، وقربه إليه، وطرد عنه عدوه حتى لا يتسلط عليه، ووفقه لكل عمل صالح، وسدد قلبه وعقله وما فيه من الجوارح، والدليل على ذلك ما جاء في صحيح الإمام البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ"[30].
ونلاحظ أن هذه المحبة التي تورث هذه الفضائل والخيرات، إنما تنال بكثرة الطاعات والقربات، فليكن جهادك يا أخي في تحصيل هذه المحبة، لتستقيم لك جوارحك فتسلم من الحوبة.
واما الجزء الثاني فقد اشار اليها الامام المفسر الطبري وقوله: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) يقول جل ثناؤه: ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوا، ومعصيتهم التي عصوا(لَعَلَّهُمْ يَرجِعُونَ) يقول: كي ينيبوا إلى الحقّ، ويرجعوا إلى التوبة، ويتركوا معاصي الله. اه
ومما يعين على ترك المعاصي بأكملها وترك هذه المعصية بعينها: الدعاء، فإن الدعاء من أقوى الأسباب وأعظمها، وأنفعها في تحصيل كل خير، والسلامة من كل شر، قال الله تعالى:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)"سورة غافر. وقال تعالى:" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)"سورة البقرة.
فما على الإنسان إلا الحرص على الدعاء والإكثار منه، وبخاصة طلب الثبات على الدين، والسير على سبيل سيد الأنبياء والمرسلين، وطلب العصمة من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وطلب مغفرة جميع الذنوب والآثام، استنانا بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فعَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" رواه البخاري رحمه الله في صحيحه تحت باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ من كتاب الدعوات، ورواه مسلم تحت باب التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ مَا عُمِلَ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ يُعْمَلْ من كتاب الذكر والدعاء والتوبة.
واعلم أن الله عز وجل يستجيب دعاء من دعاه، إذا أخلص فيه لله، وأظهر حاجته وفاقته لمولاه، وقدم أسباب الاستجابة التي بينها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهي معلومة لمن طلبها، وميسرة يمكن الإتيان بها، ومن أسهلها وأعظمها ما جربه وتحقق ثمرته أحد أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهو جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حيث روى الإمام أحمد والبزار وغيرهما عن جابر يعني ابن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم:" دعا في مسجد الفتح ثلاثا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرف البشر في وجهه" قال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة" قلت: حسنه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب رقم 1185 وفي غيره.
قال المناوي رحمه الله في فيض القدير[31] ج 3 ص 541 وهو يعدد المواطن التي يستجاب فيها الدعاء:"... وبين صلاة الظهر والعصر من يوم الأربعاء...".
فاحرص أخي بارك الله فيك على الدعاء في هذه الساعة، وستجد ثمرة ذلك بإذن الله تعالى.
- ومما يعين على ترك المعاصي بأكملها وترك هذه المعصية بعينها: العناية بأمور ثلاثة تعين الإنسان على كثرة الإحسان، وعلى تجنب الذنوب والعصيان، وهي كثرة قراءة القرآن مع التدبر فيه والتفكر في معانيه، والإكثار من الصيام فرضه ونفله، ولزوم الصالحين من عباد الله، وقد جاء ذكر هذه الأمور الثلاثة في حديث واحد رواه البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ"[32].
فدليل الصيام من الأثر قوله:"وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ".
ودليل قراءة القرآن بتدبر قوله:"وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ".
ودليل صحبة الصالحين ولزومهم قوله:"فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ".
والدليل على أن هذه الأمور تعين على كثرة الإحسان، وعلى مجانبة الذنوب والآثام والعصيان قوله:" وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ"، وقوله:"فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ".اه
والله اعلم