[FONT=MD_Naskh_10]خطة البحث[/FONT]
مقدمـة
-I مفاهيـم عامـة
-1-I البيئـة
-1-1-I مفهوم البيئـة
2-1-I أنواع البيئـة
-2-I المحيـط
-1-2-I مفهوم المحيـط
-2-2-I الفرق بين المحيـط و البيئـة
-3-I نظام الإبـداع التكنولوجـي
-1-3-I مفهوم نظام الإبداع التكنولوجـي
-2-3-I شروط تطوير الإبداع التكنولوجي في المؤسسـة
-3-3-I شروط تطوير قدرات البحث في الإبداع التكنولوجي في الدولة
-II المؤشرات البيئية للإبداع التكنولوجـي
تمهيـد
-1-II الظروف و المحيـط
-1-1-II العوامل الاجتماعية و الثقافية و الاقتصاديـة
-2-1-II البيئة التكنولوجيـة
-2-II الإعلام و التسيير الفعـال
-1-2-II الإعلام و نظام المعلومات
-2-2-II الإدارة الفعالة
-3-II الحوافز و أنواعهـا
-1-3-II الحوافز العامـة
-2-3-II الحوافز الخاصـة
-3-3-II الحوافز المباشرة
-III الأمثلـة الواقعيـة
الخاتـمـة
[FONT=MD_Naskh_10]المقدمة:[/FONT]
يتحدد اقتصاد دولة ما بالتنمية, و تتحدد التنمية بالنمو و التطور التقني, و هذا راجع إلى بيئة المجتمعات, و بيئة أي مجتمع تتحدد بمدى قابليتها للتطوير داخليا و خارجيا, و مدى تأثيرها و تأثرها بالتقدم و التطور.
و على ضوء ذلك, فإن تنمية المجتمع ترجع أولاً و أخيراً إلى البيئة التي يعيش بداخلها, و لذلك فإن حالة البيئة تتحدد نتيجة لمدى اكتشافات و إبداعات الإنسان, و مدى تنميته و تقدمه في جميع العلوم المعرفة و استخداماته لموارد البيئة.
هذه الإبداعات المتطورة تفيد الإنسان و تؤثر عليه, و تكسبه معارف جديدة تمكنه من تحكم في بيئته, و تجعله يتأثر و يؤثر فيها. و من بين هذه الإبداعات نميز الإبداعات التكنولوجية, و التي تأخذ شكل منتجات جديدة و طرق إنتاجية جديدة, و استغلالها يكون عبر ممارسة نشاط البحث و التطوير وتطبيق الإبداع التكنولوجي في المؤسسات مهما كانت حجمها, و ذلك برصد و جمع الأفكار والمعارف المتاحة, و استغلالها في تطوير المجال الإنتاجي للمؤسسة, و كسب مزايا تنافسية مستمرة و كذا التأقلم و التكيف مع متغيرات البيئة.
و من هذا المنطلق نطرح الإشكالية التالية: "مـا هي المؤشـرات البيئية للإبـداع التكنولوجـي"؟
من هذه الإشكالية ننطلق إلى طرح بعض التساؤلات:
· ما هي أنواع البيئة ؟
· ما هي شروط تطوير الإبداع التكنولوجي في المؤسسة ؟
· ما هو دور الحوافز في تنمية قدرات الأفراد على الإبداع ؟
كما يمكننا طرح الفرضيات التالية:
· الطلب على الإبداعات التكنولوجية هو الدافع لخلقها.
· ليس لنظام المعلومات دور في خلق الإبداع التكنولوجي.
· الإبداع التكنولوجي هو نتيجة تظافر عدة عوامل في البيئة.
و للإجابة على هذه التساؤلات و إثبات صحة الفرضيات, قسمنا بحثنا هذا إلى ثلاث أقسام, بحيث نتطرق في القسم الأول إلى مفاهيم عامة, نستعرض من خلالها مفهوم البيئة و المحيط و نظام الإبداع التكنولوجي مع تحديد شروط تطوير هذا الأخير داخل المؤسسة و داخل الدولة على حدّ سواء.
أما في القسم الثاني, فنتطرق إلى المؤشرات البيئية للإبداع التكنولوجي و التي قسمناها إلى ثلاث عناصر: الظروف و المحيط, الإعلام و التسيير الفعال, الحوافز.
أما في القسم الأخير نستعرض بعض الأمثلة الواقعية عن تأثير المؤشرات البيئية و الإبداع التكنولوجي.
[FONT=MD_Naskh_10]I[FONT=MD_Naskh_10]مفاهيم عامة:[/FONT][/FONT]
[FONT=MD_Naskh_10]تمهيد:[/FONT]
سنتناول في هذا الجزء الأول من البحث بعض المفردات و المصطلحات شائعة الاستعمال, و التي يجب تحديد مفهومها بدقة لتسيير فهم مضمونها و استعماله فيما بعد.
[FONT=MD_Naskh_10]-1-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] البيئـة:[/FONT]
[FONT=MD_Naskh_10]-1-1-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] مفهوم البيئـة:[/FONT]
كان ينظر إلى البيئة فيما مضى, من جوانبها الفيزيائية و البيولوجية, و لكن أصبح ينظر إليها الآن من جوانبها الاجتماعية و الإنسانية و الإقتصادية و الثقافية, فإذا كانت الجوانب البيولوجية و الفيزيائية تشكل الأساس الطبيعي للبيئة البشرية, فإن جوانبها الاجتماعية و الثقافية هي التي تحدد ما يحتاج إليه الإنسان من توجيهات و وسائل فكرية و تكنولوجية لفهم الموارد الطبيعية و استخدامها. [1]
[FONT=MD_Naskh_10]-2-1-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] أنواع البيئـة:[/FONT]
يمكن التمييز بين أنواع البيئة, نذكر منها ما يلي:
-[FONT=MD_Naskh_10]1[/FONT][FONT=MD_Naskh_10]عند الإداريين[/FONT]: [2]
ينظر إلى البيئة على أنها المنظمة, و تؤدي أدوارها في محيط من البيئة تلتزم بنطاقها و تتقيد بحدودها, و تنقسم البيئة إلى نوعين أساسيين:
أ- البيئـة الداخلية: و تشمل النواحي التالية:
· الناحية الفنية و التكنولوجية: و تضم طرق العمل و الآلات المستخدمة في أدائه.
· التنظيم الرسمـي: و هو مجموعة القواعد و اللوائح و القوانين و التعليمات التي تضعها إدارة المنظمة, و التي تهدف إلى وضع نظام موحد يسير العمل بموجبه و يلتزم بحدوده.
ب- البيئة الخارجية: تنقسم البيئـة الخارجية إلى عدة أنواع:
· البيئة السياسية و الاقتصادية: بحيث لكل دولة نظام سياسي يحكمها, و يحدد هذا النظام السياسي نوع النظام الاقتصادي الذي يحكم ثروات المجتمع و يسيرها.
· البيئة الطبيعية أو المادية: تضم الخصائص الجغرافية لدولة ما بالإضافة إلى الثروات التي تمتلكها من ذهب و فحم و بترول ... الخ.
· البيئة الفنية أو التكنولوجيـة: و هي مجموعة الخبرات التي تبحث و تضيف إلى حصيلة المجتمع ما يمكن أن يستخدمه من اختراعات و إبداعات.
· البيئة التعليميـة: تتكون من مختلف المنشآت التعليمية التي تهدف إلى تعليم الفرد و تنمية مهاراته.
· البيئة النفسيـة: تضم الأفكار لدى الفرد ووجهات نظره وآماله و طموحه و عواطفه.
· البيئة الاجتماعيـة: و تمثل ثقافة مجتمع ما و تضم لغته, عاداته, تقاليده, و أنماط سلوكه.
[FONT=MD_Naskh_10]-2[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] عند الاقتصادييـن:[/FONT]
لا يمكن تحديد البيئة إلا بالتحديد المسبق للنظام المعني ببحث بيئته, كذلك ينبغي أن نلاحظ أن البيئة و عناصرها تختلف باختلاف المستوى التجميعي الذي تنظر منه إلى النظام المراد دراسته (فرد, أسرة, دولة, مدينة, ...الخ). و كذلك باختلاف البعد الزمني. [3]
و البيئة هي مجموعة العوامل المادية و غير المادية, الديناميكية, أو الستاتيكية التي تؤثر و تأثر بالنظام إيجابياً أو سلباً. ومن المنظور الاقتصادي نميز الأنواع التالية من البيئة:
أ- البيئـة الحيوية: و تضم كل من الغلاف الجوي, الغلاف المائي و الغلاف اليابس.
ب- البيئة الاجتماعية: و فيها تبرز مجموعة النظم الاجتماعية, السياسية, الثقافية, و الإدارية التي وضعها الإنسان لينظم بها سير مجتمعه, و يدير منها خلالها حياة عشيرته و علاقتها بالبيئة الحيوية.
ج- البيئة التكنولوجية: تتألف من كل ما أنشأه أو صنعه الإنسان و أقامه في حيز البيئة الحيوية: المدن, الطرق, المزارع, المصانع, وسائل المواصلات و غيرها. و هذه البيئة هي من صنع الإنسان و تقع تحت إدارته و تحكمه.[4]
مما سبق يتضح أن البيئة بصفة عامة تنقسم إلى عنصريـن:
· [FONT=MD_Naskh_10]العنصر الطبيعي[/FONT]: يقصد به الجوانب الفيزيقية و البيولوجية للبيئة و تفاعلاتها المتداخلة و ظواهرها الكلية, كما تشمل الثروات الطبيعية المتجددة (الزراعية, الغابات...) و غير المتجددة (المعادن والبترول).
· [FONT=MD_Naskh_10]عنصر البيئة[/FONT]: و هو مفهوم أشمل, إذ يشمل العناصر البيولوجية و المادية للبيئة, بالإضافة إلى العنصر الصناعي أو المستحدث, و يشمل العوامل الإجتماعية حيث تبرز مجموعة النظم الاجتماعية, السياسية, الاقتصادية, الثقافية و الإدارية التي وضعها الإنسان لينظم حياته و يدير من خلالها نشاطه و علاقته الإجتماعية بمجموعة العناصر التي يتكون منها الوسط الطبيعي, كما يشمل الاختراعات و الابتكارات التي وضعها الإنسان للسيطرة على الطبيعة و كذا كافة نشاطات الإنسان التي يمارسها في بيئته.
[FONT=MD_Naskh_10]-2-I[FONT=MD_Naskh_10] المحيـط [/FONT][FONT=MD_Naskh_10]Contexte :[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] البيئـة:[/FONT][FONT=MD_Naskh_10]Environnement [/FONT][/FONT]
[FONT=MD_Naskh_10]-1-2-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] تعريف المحيـط:[/FONT]
هي مجموعة من الظروف التي لها علاقة بظاهرة ما, و هو مجموعة شروط توافرها لتواجد أمر أو ظاهرة معينة (منظمة ما, إنسان ما ... )
[FONT=MD_Naskh_10]-2-1-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] الفرق بين المحيط و البيئة:[/FONT]
إن البيئة هي مفهوم أشمل من المحيط, بحيث أن المحيط هو شروط تواجد ظاهرة ما في حين البيئة مجموعة من المؤثرات و العوامل التي تؤثر على الفرد و نشاطاته.
[FONT=MD_Naskh_10]-3-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] نظام الإبداع التكنولوجي:[/FONT]
[FONT=MD_Naskh_10]-1-3-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] مفهوم نظام الإبداع التكنولوجي:[/FONT]
يمكن تمثيل نظام الإبداع التكنولوجي كنظام مفتوح على البيئة التقنية (العلم و التكنولوجيا), الاجتماعية, الثقافية, الاقتصادية, و السياسية, ليتغذى من مواردها المختلفة قصد تحويلها –الموارد والمعلومات- إلى إبداعات في شكل منتجات أو أساليب محسنة أو جديدة. [5]
و يقاس الإبداع من خلال آثاره على البيئة, و هذا ما أكده بيتر دروكر :" الإبداع يعمل على إنشاء مستقبل مغاير أو مختلف". [6]
و يمكن تعريف نظام الإبداع التكنولوجي بأنه مجموعة النشاطات أو الوظائف المعدة لتحويل فكرة منتوج أو أسلوب إنتاج, إلى غاية إنجازها و تجسيدها في شكل ملموس. [7]
و هذا ما يسمح بالمرور من الإبداع الفكري القائم على الذكاء و الأفكار إلى الإبداع التطبيقي أو الصناعي و التي تتبلور من خلالها هذه الإبداعات الفكرية إلى حين الوجود.
و في واقع الأمر,إن الإبداعات التكنولوجية ليست دوماً نتيجة لاختراع معين, بل تنتج أحياناً عن حل المشاكل الإنتاجية التي تعترض العمال.
فنقطة البداية لنظام الإبداع التكنولوجي تنطلق من الإمكانيات المتاحة أو المركبة و المتواجدة في بيئة المؤسسة, و على هذه الأخيرة الاستفادة لأقصى حدّ من الطاقات و الإمكانيات الإبداعية المتاحة, من أجل تكوين نظام إبداعي متكامل مفرداته في تشابك إيجابي يسهم في تحقيق و تحسين الإنتاجية. [8]
ففي السبعينات أدت أزمة البترول إلى البحث عن مصادر طاقوية أخرى من قبل الباحثين الذين كرسوا جهودهم و معارفهم لإيجاد هذه المصادر, و قد أسفرت دراساتهم على اكتشاف الطاقة الشمسية, و تطوير مجال الطاقة الذرية و المدنية.
و يقاس نجاح نظام الإبداع التكنولوجي عند نشر النتيجة المحققة في بيئة أوسع من البيئة التي تنشأ فيها هذا الإبداع, و هو ما يعرف بنقل التكنولوجيا, و الذي ينشأ من طلب من الطرف الذي يريد تطبيق هذه الإبداعات التكنولوجية و الناتج عن حالة هذه الطرق لذلك. إذن الطلب هو الدافع و المحرك للإبداع.
و لقد حدد Schmooller الدور الفعال للطلب في إنشاء الإبداع التكنولوجي:" إن البحث و الدافع للإبداع محرك عن طريق تواجد مشاكله تجابه العملية الإنتاجية و تم حلها, أو فرص اقتصادية متاحة رصدت و تم تحقيقها بشكل تقني أو فرص متاحة". [9]
إنه من الصعب على الباحثين اكتشاف كافة تطبيقات الإبداع التكنولوجي, خاصة التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية الحالية, في حين يمكن للمؤسسة من خلال قدراتها المتاحة حل المشاكل الفنية التي تواجهها, و كذا من خلال معرفتها لاحتياجات الزبون و متطلباته و باستغلالها للخبرة التكنولوجية المتراكمة في رأس المال و اليد العاملة المؤهلة, قادرة على إحداث الإبداعات التكنولوجية.
[FONT=MD_Naskh_10]-2-3-I[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] شروط تطوير الإبداع التكنولوجي داخل المؤسسة:[/FONT]
لتطوير نظام الإبداع التكنولوجي بشكل إيجابي داخل المؤسسة يجب توفر عدة عوامل أهمها:
· طاقات و إمكانيات مالية و تسييرية (فرق تسييرية كفأة على جميع المستويات) و تجارية (قنوات توزيع أو شبكة توزيع جيدة) و خبرات تكنولوجية.
· امتلاك معارف و معلومات كافية عن السوق (أو دراسته).
· قدرات تسييرية كفأة و مؤهلة قادرين على إحداث البحث التطبيقي.
[FONT=MD_Naskh_10]-3-3-I[FONT=MD_Naskh_10] شروط تطوير قفزات البحث في الإبداع التكنولوجي في الدولة:[/FONT][/FONT]
نميز خمسة (05) مقومات أساسية لأي نشاط ناجح في مجال البحوث التكنولوجية, و لا يحدد النجاح هنا من حيث التفوق الأكاديمي, بل من حيث القدرة على التفاعل مع واضعي السياسات والتأثير عليهم, و هذه المقومات هـي: [10]
1- مجموعة من واضعي السياسات التي تدرك جيداً أهمية الحاجة إلى الفهم العميق لقضية التكنولوجيا نظرا لعلاقتها بعملية اتخاذ القرارات. و بدون هذه المجموعة لن يكون هناك طلب على نتائج البحوث و الدراسات التي تم إجراؤها.
2- قاعدة مؤسسية يمكن إجراء البحوث من خلالها و منه خصائص بحوث السياسة التكنولوجية أنها نشاط متعدد الاختصاصات, و يتطلب تظافر مهارات العلماء, و توفر مصادر المعلومات, و تمييز المؤسسات متعددة للبحث في هذا المجال مثل الجامعات والمراكز العلمية, و المهم هنا هو توفير مكان و تخصصه للباحثين في اختصاصات مختلفة, و منحهم الوسائل اللازمة لإجراء بحوثهم.
3- مجموعة إطارات من الباحثين المتدربين, أياً كانت اختصاصاتهم, و تدريبهم لاكتساب جوانب متعددة الاختصاصات لبحوث السياسة التكنولوجية.
4- برنامج للبحث يوضع بعد عملية استشارية بين الباحثين واضعي السياسات, بحيث يعكس هذا البرنامج الأولوية المحلية, أي ما يحتاجه إلى السوق الوطني من إبداعات تكنولوجية.
5- الموارد المالية, بحيث يعتبر أهم هذه المقومات, لأنه بدونه كل القرارات و الدراسات والبحوث تبقى حبراً على ورق و لا يمكن تحقيقها ولا وضعها حيز التطبيق. وقد تأتي هذه الموارد المالية من مصادر وطنية أو من مصادر خارجية كقروض المنظمات الدولية المالية.
[FONT=MD_Naskh_10]-II[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] المؤشرات البيئية للإبداع التكنولوجي:[/FONT]
[FONT=MD_Naskh_10]تمهيد:[/FONT]
في ظل البيئة التنافسية و المتغيرات الاقتصادية المعقدة التي تحكمها, تتسابق المؤسسات و تسعى كل منها للإرتقاء بمنتجاتها و لاحتلال موقع تنافسي في السوق العالمية, لهذا الغرض تسعى المؤسسات إلى تطوير وظيفة البحث و التطوير بهدف خلق منتجات جديدة و إنتاج معارف علمية تكنولوجية تحقق ميزة تنافسية للمؤسسة, و لتحقيق ما تصبوا إليه, تبحث المؤسسات على الفرص في بيئتها و اقتناص هذه الفرص و تطويرها, فما هي هذه العوامل أو المؤشرات البيئية التي تسمح بخلق الإبداع التكنولوجي و تطويره.
[FONT=MD_Naskh_10]-1-II[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] الظروف و المحيط:[/FONT]
إن إنجاز أي عمل عادي يمكن أن يتم حتى لو كانت الظروف قاسية و تحت إدارة مشددة, هذا معناه أن المثالية بالنسبة لمكان العمل و التجهيزات اللازمة, ليست ضرورة مطلقة, إلا أن عاملين أساسيين اثنين لهما دور جدّ هام على مستوى الأداء و هما: حد أدنى من الوسائل, و حدّ أدنى من الاعتبار الشخصي.
و إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للأعمال العادية, فإن نشاطات البحث و التطوير أو الإبداع التكنولوجي يستلزم, بالإضافة إلى كل ذلك, علاقة من نوع خاص مع الإدارة. [11]
إن العوامل الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و البيئية تؤثر و تأثر بهذا النوع من الإبداعات التكنولوجية, فطرح منتوج جديد مثلا له تأثير على ثقافة الفرد و المجتمع و عاداتهم, كما أن المتلقين لهذه الإبداعات التكنولوجية لهم تأثير على الابتكارات الجديدة, و حتى على خلق هذه الإبداعات التكنولوجية. [12]
[FONT=MD_Naskh_10]-1-1-II[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] العوامل الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية:[/FONT]
هناك ثلاث أبعاد رئيسية تتحكم في نجاح أو فشل عملية الإبداع التكنولوجي و هي:
[FONT=MD_Naskh_10]-1[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] الحاجات الاقتصادية و الاجتماعية: التقويم والتكلفة[/FONT]
تقويم الاحتياجات أمر له الأولوية في تقدير متطلبات كل دولة و ما تحتاج إليه من إبداعات تكنولوجية, فإن معرفة هذه الاحتياجات الضرورية للمجتمع تخلق الفكرة للإبداعات التكنولوجية المختلفة, و مع تزايد ظهور الاختراعات و الإبداعات التكنولوجية السريع تزايدت حاجة الأفراد إلى إبداعات أخرى, و بالتالي وجب تخطيط احتياجاتهم على المدى القصير, بحيث يجب الاهتمام بالحاجة الاجتماعية كمحرك أساسي و محور رئيسي لعملية الإبداع, فالمجتمع هو الذي يسمح بتطوير الإبداعات التكنولوجية كما يمكنه أن يتخذ موقفا سلبياً منها.
[FONT=MD_Naskh_10]-2[/FONT][FONT=MD_Naskh_10] الموارد الاجتماعية و الاقتصادية:[/FONT]
نميز بين أربع (04) عناصر مادية و بشرية رئيسية تشكلها في مجملها الموارد الاجتماعية والاقتصادية اللازمة لخلق الإبداع التكنولوجي , و هي: [13]
· الموارد الماليـة: إن الموارد المالية هام جداً لتحقيق الأبحاث و خلق المنتجات الجديدة أو تحسينها, و يجب حساب تكلفة هذه الإبداعات و معرفة مدى مردوديتها.
· العمالـة المدربـة: في كثير من الأحيان يتوصل العامل إلى حل مشاكل فنية على مستوى العملية الإنتاجية للمؤسسة, مما يسمح له بخلق أسلوب جديد في الإنتاج أو تحسين هذه العملية الإنتاجية, و بالتالي خلق إبداع تكنولوجي.
· المـواد الخـام: إن توفر المواد الأولية و بالجودة المطلوبة يمكننا من تطوير ميادين العلوم التكنولوجية و مختلف أشكال الصناعة المرتبطة بها.
· المنشآت و البنى التحتيـة: تشمل المواصلات و خدمات الإسكان, المدارس, الكليات, مراكز البحوث و العلوم التقنية, و التي تساهم في تخريج الإطارات و الكفاءات الوطنية سواءا كانت فنية, متخصصة أو حتى إدارية.
[FONT=MD_Naskh_10]3[FONT=MD_Naskh_10]- المناخ الاجتماعي و الاقتصادي الملائم:[/FONT][/FONT]
إذا كانت العوامل الاجتماعية و الثقافية أو البيئية تؤثر على التكنولوجيا و تتأثر بها, فإن معتقدات و سلوك المجتمع المستقبل للتكنولوجيا الجديدة يلعب دوراً حاسماً في قبولها أو نبذها, فمن الملاحظ أن الاحتياجات الاقتصادية و السياسية العاجلة الآنية كانت في العديد من الحالات هي المحرك الرئيسي لخلق هذه التكنولوجيا الجديدة, و لكي تنجح الإبداعات التكنولوجية و تأخذ مكاناً في السوق الوطنية و العالمية يجب مراعاة المناخ الاقتصادي و الثقافي و الذي يتضمن:
· توقيت إدخال التكنولوجيا الجديدة: إن للبعد الزمني دور هام في نجاح الإبداعات التكنولوجية, بحيث أنه في ظل حدة المنافسة يجب على المؤسسات أن تواكب تسارع ظهور الإبداعات التكنولوجية, فعند طرح منتج جديد في السوق في زمن متأخر أو غير مناسب, فهذا يؤدي إلى فشل هذا المنتج.
· قنـوات الاتصـال: و هنا يدخل مفهوم التسويق للإبداع التكنولوجي, بحيث يجب إبراز أهمية هذا الإبداع من خلال قنوات التوزيع و أساليب التسويق المختلفة.
· الفئـة المستهدفـة: أي تحديد طبيعة الأفراد المراد تلبية حاجاتهم و من خلال الإبداعات التكنولوجية المحققة, مما يسمح لنا بمعرفة متطلباتهم و الخصائص الواجب توافرها في هذه الإبداعات.
· الحكومـة والسياسـات: إن للسياسة الحكومية دور مركزي في عملية خلق الإبداعات التكنولوجية, ذلك أنها تأثر و تتحكم في المؤسسات و الأفراد على حدّ سواء. و فيما يخص السياسة الحكومية و أدواتها المشجعة على الإبداع التكنولوجي و الصناعي تحديداً نذكر ما يلي:
- [FONT=MD_Naskh_10]التشجيع الضريبي[/FONT] [14]: إن التخفيضات الضريبية هي نوع من أنواع المساعدات الحكومية, و التي بدونها المؤسسات لن تتمتع بقدرات مالية كافية لممارسة جميع نشاطاتها التي تهدف للإبداع التكنولوجي, خاصة مع التحولات الحالية, هذه الإجراءات تهدف أيضا لرفع القدرات التكنولوجية للمؤسسات من خلال ممارسة عملية البحث و التطوير أكثر من سعيها لتحسين قدرة الاستيعاب و التأقلم مع التكنولوجيا الجديدة, و ذلك بتشجيعها على الاستثمار. و بالتالي فإن هدف هذه التخفيضات الضريبية هو تشجيع المؤسسات لتخصيص أفضل لمواردها المتاحة في نشاطات الإبداع, و هو ما يطبق على شكل ضرائب على أرباح الشركات و التي تصنف نسبها وفق طبيعة نشاط الشركة.
- [FONT=MD_Naskh_10]المساعدات المالية المباشرة[/FONT] [15]: تضم هذه المساعدات جميع الإجراءات التي ينتج عنها تحويل رؤوس أموال الحكومة نحو المؤسسات بهدف تسهيل مزاولة نشاطات هذه الأخيرة, و التي لن يتم تحقيقها دون عنصر المال. بحيث تهدف هذه الإجراءات إلى تنمية الإبداعات و كذا توفير قاعدة الاستثمارات التي تؤثره هذه الإبداعات, إن هذه البرامج لدعم الاستثمارات التي موجهة عادة للمؤسسات الصغيرة, للتنمية الجهوية و للتكنولوجيات الخاصة الدقيقة (Technologie de pointe), و تكون هذه المساعدات على شكل أموال ممنوحة من قبل الحكومة Subvention, تدعيم الاستثمارات الخطرة و القروض. إن المنح الحكومية هي الأفضل بالنسبة للمؤسسات و الأكثر تكليفاً للحكومات بعكس القروض, في حين أن المساعدات في استثمارات المخاطرة في الإبداع تضم مختلف القروض التي يتوقف تسديدها على نجاح المشروع, أو على مشاركة الدولة في الأرباح المستقبلية, كما يمكن للدولة أن تضمن القروض الممنوحة للمؤسسة من قبل المنشآت الخاصة.
العديد من الدول تبنت في السنوات الأخيرة إجراءات مساعدة لسيرورة الإبداع التكنولوجي والمتماشية مع سياسة البحث و التطوير, بما في ذلك هندسة التصنيع, تسويق و إدخال وسائل وأساليب جديدة للإنتاج, مما يضطر هذه الدول لترشيد برنامجها المساعد على الإبداع التكنولوجي, بما في ذلك برنامج البحث و التطوير الموضوع من قبل الصناعة إلى ظهور القروض و المنح الموجهة لنشاطات البحث و التطوير تعتبر من أهم أوجه التطور من وجهة نظر السياسة, بحيث تهدف هذه الإجراءات إلى إحداث التكنولوجية العالية أو الدقيقة في الصناعات التقليدية.
· سياسة الإبداع الجهوي [16]: إن السياسة الجهوية المحفزة للإبداع التكنولوجي يمكن أن تأخذ أشكالاً مختلفة, فمثلا يمكن للسلطات الجهوية أن تخصص منظومة مالية للإبداع و لنشاطات البحث و التطوير, و أن تطبق نفس السياسة التي تطبقها الحكومة المركزية للدولة. كما يمكن لهذه السياسة الجهوية للإبداع أن تمثل للحكومة المركزية لتحقيق وتيرة نمو متفاوتة بين المناطق لتقليص الفوارق الاقتصادية و الاجتماعية غير المرغوب فيها, و الوسيلة لتحقيق ذلك هي ترقية الصناعات الجديدة و مجال البحث و التطوير المحلي.
إن المساعدات المباشرة التي تقدم للمؤسسات بهدف تنمية مجال البحث و التطوير و الإبداع من خلال السياسات الجهوية تأخذ شكل نصائح المؤسسات الفردية, نشر المعلومات اللازمة إلى خلق مراكز ز منشآت جديدة للبحث و التطوير.
· المؤسسات الصغيرة التكنولوجيات الدقيقة أو العالية[17]: خلال عدة سنوات, وضعت حكومات عدة دول برامج لتنمية خلق و تطوير هذه المؤسسات, و لازالت مطبقة حاليا, بحيث تتضمن هذه السياسة مجموعة من الإجراءات منها: الأسواق العامة, المنح, المساعدات الضريبية, القروض, المساعدات المالية للبحث و التطوير و الإبداع, الدعم الموجه لتنمية القاعدة الهيكلية من منشآت علمية و تكنولوجية, و توفير الخدمات التقنية, برامج التدريب, و التسهيلات للحصول على رؤوس الأموال مع المخاطرة.
و فيما يخص تمويل البحث و التطوير و الإبداع فإن أهم برنامج تم تنبيه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية (1982), هو " برنامج البحث في الإبداع في المؤسسات الصغيرة, بحيث تخصص الوكالات الحكومية رؤوس أموال باهضة في هذا المجال.
· التكنولوجيـا الجديـدة [18]: في الوقت الراهن, تمثل التكنولوجيا الجديدة مركز اهتمام السياسة العلمية و التكنولوجية: نظرة على المدى البعيد تحدد من خلالها مجموعة من الأهداف المتكلفة العالية, درجة تطبيق و تطوير التكنولوجيا و النشاطات الناتجة عن الصناعة.
إن العديد من الدول وضعت أو هي بصدد وضع سياسة و استراتيجية مسبقة للتكنولوجيات الجديدة, بحيث هذه البرامج الخاصة تمنح مساعدات مالية تكنولوجية الجديدة.
· التعاون الدولي و السياسة الحكومية [19]: في حين تقوم بعض الدول بالتركيز على ترقية و تطوير برامجها الوطنية, كثيراً منها قامت بتوسيع نطاقها في التعاون في النشاطات الدولية الخاصة بالتكنولوجيا الدقيقة, ومن أمثلة ذلك مشروع PACE و هي البحث و التطوير في التكنولوجيا الاتصال المتطورة في أوروبا.
[1] محمد علي سيد امبابي, "الإقتصاد و البيئة", المكتبة الأكاديمية, القاهرة, 1998, ص 54.
[2] نفس المرجع أعلاه, ص 58.
[3] نفس المرجع السابق, ص 61.
[4] نفس المرجع السابق, ص 62.
[5] بن نذير نصر الدين, الإبداع التكنولوجي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة, مذكرة ماجستير, جامعة الجزائر, 2001, ص 54.
[6]J.C. Tacondeau, « Recherche et Développement », Paris, Vibert, 1994, P 41.
[7]Ibid ; P 41.
[8] بن نذير نصر الدين, مرجع سبق ذكره, ص 57.
[9]J. Schmookler, « Invention and economic growth”, USA : Harverd University Press , 1996, cite par J.C. Taromdeau; Op cit, P 42.
[10] مركز دراسات الوحدة العربية, " السياسات التكنولوجية في الأقطار العربية" مركز دراسات الوحدة العربية للنشر, 1997, ص 91.
[11] أوكيل محمد سعيد, " اقتصاد و تسيير الإبداع التكنولوجي", ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1994, ص 91.
[12] منى بنت راشد الغامدي, " رؤية في قضية نقل التكنولوجيا إلى العالم النامي:, مكتب التربية العربي لدول الخليج , الرياض, 2001, ص 29,
[13] نفس المرجع السابق, ص 34.
[14]OCDE, « Présentation de politiques scientifiques et technologiques » ; Paris, 1985 ; P 80.
[15]Ibid, P 84.
[16]Ibid ; P 86 .17]Ibid ; P 90.[18]Ibid ; P 95.[19]Ibid , P 99.